قامة وقيمة.. عزوة وعزيمة.. علم وفضيلة.. حزم وشكيمة وسياسة شرعية أصيلة هذا سمته وتلك صفته اكاديمي يحمل أعلى المراتب من جامعات الخارج محبوباً من الأقارب والأباعد يحمل بين جناحيه هموم أمة وأمنيات وطن كثيراً ما دمعت عيناه أمام نوح الطيور المهاجرة عند شفق المغيب المحمر آيبة إلى اوكارها إلى الوطن الغالي المصفر التقيناه قبل رحيله مع الطيور المغادرة إلى سطلنة بروناي فسكب عبير الأمنيات المتعثرة واحتراقات الآمال المبعثرة م بين الوطن الأول الأم والوطن الثاني ذلكم هو د. صادق شايف نعمان-أستاذ الدراسات الإسلامية في جامعة السلطان الحاج الشريف علي بسلطنة بروناي فإلى الحوار.
حوار د. صادق الروحاني- شهاب الدين المحمدي
> بداية دكتور صادق نود منك ان تحدثنا عن أسباب ودواعي رحلتكم إلى بروناي والعمل هناك؟.
- بسم الله الرحمن الرحيم أود في البداية أن اشكر لكم هذا اللقاء معنا والتحاور معكم وأشكر صحيفة «أخبار اليوم» التي أتاحت لنا هذه الفرصة للحوار من خلالها، وأما عن الأسباب والكيفية التي أدت بي إلى سلطنة بروناي فيقول الشاعر:
مشيناها خطاً كتبت علينا ومن كتبت عليه خطاً مشاها
ومن كانت مشيئته بأرض فليس يموت في أرض سواها
وفي الحقيقة أن الأقدار هي التي صنعت ذلك حيث أني لم أكن أعلم أنه وفي يوم ما سأكون مدرساً في بروناي وقد كان لي زميل يدرس في جامعة بروناي وكان لا يزال حديث عهد بالجامعة فطرح لي موضوع السفر إلى هناك وبالفعل قمت باعداد ملف يتناول السيرة الذاتية والمؤهلات والأعمال وسلمته له وهذا هو السبب الظاهري أما الرزق فقد كان موجوداً وقبل الزميل الملف الذي أعطيته إياه، وأكن له بهذا كثيراً من الاحترام والمودة حيث قدم الملف وزكاني لديهم هناك جزاه الله خيراً وذهبت في البداية كأستاذ زائر لمدة ستة أشهر قابلة للتجديد وبعدها ظلوا يجددون لي عقد أستاذ زائر ومن ثم تحولت إلى أستاذ متعاقد ومدة هذا العقد ثلاث سنوات وظلت الجامعة ولا تزال تجدد تعاقدي حتى اليوم وقد امضيت «12» سنة إلى الآن وهذا بفضل الله.
> بصفتك من الأكاديميين الذين يعملون في احدى جامعات سلطنة بروناي -دار السلام- هل بإمكانك ان تعطينا لمحة موجزة عن تلك البلاد؟!.
- بالنسبة لسلطنة بروناي فانها تقع جنوب شرق آسيا وهي دولة إسلامية عريقة وتحيط بها ماليزيا تقريباً من ثلاث جهات تطل على بحر الصين الجنوبي وهي جزيرة صغيرة وتبلغ مساحتها خمسة آلاف وسبعمائة كيلو متر مربع وعدد سكانها يعد عدداً متواضع في حدود «322» ألف نسمة وهي دولة إسلامية وفيها بعض العرقيات الأخرى لكن العرق الملاَّوي يمثل «69%» والصينيون «18%» وبقية الأعراف يتوزعون بقية النسبة كالهنود وغيرهم ونسبة المسلمين فيها «70%» و«30%» تتوزع الديانات الأخرى من بوذية ومسيحية ووثنية ..... الخ، وللعلم هي كانت مستعمرة بريطانية حتى سنة 1984 وهو العام الذي حصلت فيه على الاستقلال ولكنها طلبت حق الحماية من بريطانيا ولا تزال تحت الحماية البريطانية.
> لماذا؟!
لأنها محط اطماع الدول المجاورة كونها دولة فيها نسبة كبيرة من احتياطي البترول وغنية بالغاز الطبيعي أيضاً ولذا دولة بروناي دار السلام تعتبر ثالث دولة في انتاج البترول في جنوب آسيا ورابع دولة في انتاج الغاز الطبيعي في العالم وفيما يتعلق بالأسرة الحاكمة في بروناي فهي اسرة عريقة ذات أصول عربية بل استطيع ان اقول ان هذه الأسرة عربية يمنية حضرمية ولها قصة عن الكيفية التي سلمت بها الحكم من الجنس الملاوي حيث يقال ان احد الدعاة الحضر ميينن خرج من مدينة تريم في حضرموت ويدعى بالشريف على من الاشراف من آل البيت وهناك خلاف هل هو حسني أم حسيني؟.
والرأي الغالب والسائد عندهم انه حسيني وهناك رأي يقول بأنه حسني ما يهمنا ان هذا الرجل كان عالماً وتاجراً وداعية إسلامي خرج من حضرموت إلى الطائف، من ثم إلى بروناي اي ان المحطة الأولى له كانت الطائف ومنها إلى بروناي وكما عرفنا ان الحضارمة من التجار اليمنيين كان لهم الفضل في نشر الإسلام في جنوب دول شرق آسيا وذلك لسلوكهم واخلاقهم وامانتهم وصدقهم في التعامل مع الآخرين... الخ وذلك هذا كان نموذجاً فريداً ومشرفاً حيث أنه وعندما وصل بروناي وبدأ الناس يرون تعامله وأخلاقه وصدقه وقيل أنه كان حكيماً في عرض دعوته إذ يقال ان السلطان عندما سمع به وكان قد اتخذ له مكاناً قريباً من قصره دعاه واستمع إليه فأعجب بطرح الرجل وقوة حجته فأدناه منه واتاح له المجال لنشر الإسلام في بلاده ومع مرور الأيام ازداد السلطان تعرفاً به وتوثقت العلاقة بينهما أكثر وأكثر حتى انه اهتدى على يديه اي انه كان له الفضل في ذلك ويقال ان هذا السلطان كان نسله من الاناث فزوجه أحدى بناته وهكذا بدأت المسألة بالتدرج ليصبح جزءً من الأسرة المالكة وبعد ذلك اسند إليه ولاية العهد ومعروف ان ولي العهد اذا مات الملك هو الذي يخلفه فلما مات السلطان خلفه الشريف علي وهكذا انتقل الملك إليه ومنذ ذلك اليوم انتقل الحكم من العرق الملاَّوي أو البروناي إلى الجنس العربي وظل يتناقل في عقبة حتى اليوم والسلطان حسن هو من احفاد الشريف علي وهو رجل فاضل متدين متحمس للإسلام فضلاً على أنه يشجع الدعاة والعلماء وكل من يدخل في الإسلام يعطيه ويجد مزيداً من التشجيع، انه حقاً رجل فاضل واسرته تعتبر اسرة كريمة ومتواضعة ولا تكاد تفرق بين الحاكم والمحكوم في تلك البلاد ويستطيع ان يصل إلى السلطان اي فرد كان من رعايا الدولة، زد على هذا أنه محبوب بين رعاياه حباً صادقاً وليس مصطنعاً هذا من باب الحقيقة وبالنسبة للمذهب السائد هناك المذهب الشافعي لأن الشريف علي كان حضرمياً وباعتبار حضرموت شافعية فقد جاء يحمل إليهم المذهب الشافعي حتى انهم ينصون في دستورهم، ان المذهب الشافعي دين الدولة ومعنى هذا انهم لا يسمحون بتجاوزه أو الانتقاص منه أو الخروج عليه أو ما شابه ذلك وأيضاً كذلك كما هو معروف ان أهل حضرموت ينتشر عندهم التصوف فقد انتقلت الصوفية إلى تلك البلاد فتجد فيها الشعائر الإسلامية حية والناس عاطفتهم الدينية عاطفة جياشة وكل مناسباتها تقوم على أساس الاذكار حتى اليوم الوطن عندهم لا بد ان تسبقه ليلة يقرأ فيها الناس سورة ياسين والتهليل والادعية والاذكار وكذلك يوم المولد النبوي الشريف يعتبر من الأعياد الرسمية عندهم يحضره السلطان وكل الحاشية وتطلق المدفعية احدى وعشرين طلقة في الميدان امام مشهد بهيج.
> ما هي اللغة الرسمية للسلطنة؟.
- بالنسبة للغتهم الرسمية هناك اللغة الملايوية وتأتي اللغة الانجليزية في المرتبة الثانية كرديفة لها انتم تدرسون بأي لغة؟ نحن ندرس الدراسات الإسلامية باللغة العربية وهناك بعض المواد باللغة الملاوية يدرسّها اساتذة ملايويون وحقيقة هم يحبون العرب ويحترمونهم إلى درجة كبيرة جداً تمجيداً واجلالاً وتقديراً على اعتبار ان الرسول صلى الله عليه وسلم منهم وان هؤلاء قوم النبي صلى الله عليه وسلم وان العربي عندهم يعني المسلم.
> د. صادق السياسية الشرعية ميدان تخصصكم الأول أين واقع الأمة من الشرع والسياسة الشرعية حيث أنه تأتي أحياناً ولا يميز الإنسان بين كثير من الأمور فهل للسياسية الشرعية دور في صناعة فتاوى الحرمان والإباحة أم ان الواقع بعيد عن هذا؟.
العنوان نفسه له ايحاءين ويوحي بشيء معين نحن نتكلم عن شيء اسمه سياسة شرعية والعبارة مكونة من شطرين فاذا تكلمنا عن الشطر الأول من هذا العنوان «السياسة» فانه يشمل كل انواع السياسات على وجه الأرض أياً كان منشأها أو مصدرها أو منبعها سواء كانت أرضية أم سماوية ولكن عندما اتينا بالشطر الثاني من العنوان وقلنا الشرعية كان هذا بمثابة قيد اخراج سائر السياسات التي لا تمت إلى الشرعية بأدنى صلة بمعنى ان هذه سياسة شرعية ومعنى انها سياسية يعني أنها تستوحي احكامها من روح الشريعة ومن مقاصد الشرع وقواعده ومبادئه وأهدافه وغاياته وهي بهذا سميت شرعية واذا لم تكن بهذه المواصفات لا يمكن ان يصدق عليها صفة شرعية حتى وان ادعى اصحابها انهم يمارسون سياسة شرعية نحن ننظر من أين تستمد اصولها وأين تنتهي جذورها وما هي أسسها والقواعد التي تقوم عليها وما هو مستندها فاذا كان استمداد هذه الأشياء من الشرع تسمى عند ذلك سياسة شرعية ومن هنا نستطيع ان نحكم على واقعنا سواء الإسلامي أو العربي أو الوطني يجب ان ننظر إلى السياسة التي تمارسها هل هذه السياسة مرجعها الشرع وهل تستند إلى الشرع في احكامها السياسية يعني هل الشرع هوسقفها ام لا؟ اذا لم يكن الشرع هو سقف هذه السياسات لا يمكن ان نسميها سياسة شرعية بل سياسة أهواء ونزوات وشهوات وما شابه ذلك وهذه السياسة الوضعية، ثم ان السياسة الشرعية تمثل جانباً من جوانب المنظومة الإسلامية المتكاملة فانا لا اعتبر السياسية الشرعية شيئاً منفصلاً عن بقية احكام الإسلام والشريعة الإسلامية كما اسلفت فالحياة الشرعية جاءت لتغطي جانباً لم تأت النصوص بتغطيته تفصيلاً والعلماء يقولون ان النصوص الشرعية متناهية سواء كانت في الكتاب أو السنة يعني ان النصوص التي جاءت كأحكام نهائية لقضايا المجتمع ومشاكله محصورة فمثلاً لو نظرنا إلى آيات الاحكام فالعلماء يختلفون في عددها فمنهم من يقول انها «150» اية ومنهم من يقول انها «500» اية ومنهم من أوصلها إلى مائة وخمسين آية ومنهم من اوصلها إلى سبعمائة آية كحد اقصى فماذا تعني سبعمائة آية؟.
بالنسبة لقضايا الأمة الإسلامية بأكملها ولمستجداتها ولأحداثها ولما يطرأ عليها كل يوم لذلك قالوا نصوص الشرع متناهية ومستجدات الحياة ونوازلها واحداثها غير متناهية والمتناهي لا يمكن ان يحيط بغير المتناهي فكيف يمكن ان نأتي باحكام وحلول ومعالجات لهذه الأشياء الجديدة التي تطرأ ولم يوجد دليل بخصوصها لا في كتاب ولا في سنة فالذي تكفل بهذا الجانب هو السياسية الشرعية على اعتبار انه لا بد من اجتهاد معاصر ولذلك فانا على سبيل المثال ادرس في جامعة بروناي مادة اسمها مسائل فقهية معاصرة تتناول هذا الجانب اي الاشياء التي لا يوجد عليها دليل بخصوصها ولم يتحدث عنها السلف الصالح لا جيل الصحابة ولا التابعين لانها لم تكن موجودة في عصرهم مثل انظمة المرور وانظمة الحجر الصحي ومثل التأمين والحق المعنوي وما شابه ذلك لكن نحن عندما نبحث عن جوهر الشريعة وروح الإسلام وقواعده العامة ومبادئه ومقاصده نجد ان لها مستنداً وأصلاً والفقه السياسي هو الذي يتعلق بأمور الحكم والعلاقة بين الحاكم والمحكوم، وخاصة الأشياء التي لا يوجد عليها دليل بخصوصها لا من الكتاب ولا من السنة ولا من الإجماع.
.. يعني تندرج تحت إطار الاجتهاد؟ نعم هذا كلام صحيح يندرج تحت إطار الاجتهاد بضوابطه وشروطه.
> ..لو اردنا انزال السياسة الشرعية واقعاً فمن اين نبدأ هل السياسة الشرعية نظام أو ادارة نضعها في اي مؤسسة من مؤسسات السلطة أو الحكم أم ان السياسة الشرعية لها المعنى أو المدلول الأبعد تبدأ من التنشئة إلى اقصى شيءفي هرم السلطة عقل الحاكم المسلم والمجتمع كيف نبدأ ومن اين نبدأ؟.
- سؤالكم جيد وقد تضمن شطراً كبيراً من الجواب وهذا يدل على ثقافتكم الشرعية والإسلامية والذي يعني في هذا المضمار هو الشطر الأخير فالسياسة الشرعية اعمق وأبعد واشمل مما يتصور كثير من الناس فهي كما قلت منظومة متكاملة وهي جزءلا يتجزء من الشريعة والدين وما دامت المسألة بهذا الشكل فهي فعلاً تبدأ من النشئ لأن الأسلوب تربوي تثقيفي تعليمي منهجي وينتهي بأعلى قمة في هرم السلطة وهذا لا بد من التشبع والتشرب بهذا الفكر وهذا الفقه السياسي العميق.
> ..قلت أن التنشأة السياسية للأسرة من البداية وبالنظر إلى واقعنا الآن هل تجد ان الأمة بحاجة إلى دروس في فقه الحكم وأين الحركة الإسلامية من هذه المسؤولية وأين تجد نفسها؟ وهل هي معنية بهذا أم لا؟.
- انا لا اقول ان الأمة بحاجة ماسة لفهمه واستيعابه وتثقيف الناس به وأرى انه لا فرق بين الحاكم والمحكوم فيما يتعلق بهذا الجانب ولو ان الامة وفي هذا الجانب لكلفها كثيراً من المعاناة وكثيراً من المشاكل وكثيراً من الإشكاليات والخلافات الداخلية ففي الإطار السياسي مثلاً وفي ظل الديمقراطية والتعددية الحزبية والسياسية تجد ان هناك نوعاً من الخلط بين الأوراق وعدم وضوح في الرؤية لدى كثير ممن يخوضون غمار هذا الجانب فالبعض لا يدري ماذا يريد ولا يدري من أين يبدأ وأين ينتهي وهناك ممارسات في هذا الجانب تتم بالارتجالية والعشوائية وعدم ترتيب الأوليات والحقيقة ان الإسلاميين أهملوا هذا الجانب فقد أولو جل اهتمامهم ولهم بحوث وكتابات قيمة فيه تغني عن كثير وتجيب عن كثير من التساؤلات وفيها حلول لكثير من المشاكل وهذا الأمر ليس مقصوراً على الحركة الإسلامية وحدها فهو امانة في اعناق جميع العلماء والدعاة والعاملين في الحقل الإسلامي.
> بالنسبة لما تدرسونه في الجامعة ما هي النظرة الشرعية لسائق السيارة عند اشارة المرور ويقوم بمخالفتها ما هي وجهة نظر الشرع والحكم الشرعي لمن يقوم بهذه المخالفة؟.
- لا يجوز ان يخالف السائق اشارة المرور ذلك حرام لأن الشريعة الإسلامية الغراء جاءت لحفظ الكليات الخمس والتي منها حفظ النفس وحفظ المال فحفظ النفس والمال واجب وكل ما يؤدي إلى حفظ هذه الكليات يصبح واجباً من باب ما لا يتم الواجب إلا به فهو واجب لأن عدم التقيد بهذه القواعد المنظمة لحركة السير يؤدي إلى حدوث الكثير من الصدامات وموت الأبرياء واتلاف الممتلكات المتمثلة فيما ينقل ووسيلة النقل نفسها.
> الأخ الدكتور صالح سميع -وزير شؤون المغتربين هو من الشخصيات الثقافية التي نعتز بها كثيراً كما انه من الشخصيات الجادة وبصفتكم قد جمعتم ما بين الاغتراب والعودة إلى الوطن اي عندكم معرفة باحتياجات المغترب والمهاجر من الوطن وحاجة الوطن من المغترب فهل من اقتراحات أو برامج تقترحونها بهذا الخصوص؟.
- الدكتور صالح سميع هو كما ذكرت واتمنى له العون والتوفيق من الله تعالى واذا كان من توصيات أو نصائح نقدمها للوزارة فانا اعتقد ان الوزارة يلزمها آلية عمل جادة وخطة واضحة ومعلومات حقيقية من الميدان.
لا بد من دراسة لحالة الهجرة والاغتراب في الخارج وفهمها فهماً صحيحاً ولا بد ان يكون هناك بنك معلومات عن جميع المهاجرين اليمنيين في دول العالم وتصنيفهم كلا بحسب تخصصه ومجاله سواء في الاقتصاد أو السياسة أو في العلوم أو....و.... الخ، لأننا واذا ما امتلكنا هذه المعلومات نستطيع تلبية ما يحتاج إليه المغترب من وطنه وما يحتاج الوطن من مواطنه المغترب أو المهاجر كما ان الوزارة تستطيع ان تختار وتحدد دولتين فيهما اكبر تجمع للجاليات اليمنية ثم ترسل خبراء لدراسة الحالتين رقمياً وتصنيفياً عند ذلك يكون باستطاعتها ان تقدم للاقتصاديين والراغبين بالاستثمار من اصحاب رؤوس الأموال والمصانع والشركات حاجات اليمن في مجالات عملهم المختلفة ونشاطهم الاقتصادي وانصح باقامة نوع من الشراكة أو التحالف مع مؤسسات القطاع الخاص في الداخل حتى نتفادى بيروقراطية المعاملات في الدوائر الحكومية والرسمية لنضمن للمغترب حقه وحتى يستمر ويعطي بلاده اكثر وكذلك الحال في المجالات الأخرى وبغير هذا اعتقد ان عمل الوزارة لن يكون إلا جهداً ضعيفاً حتى لو حلت مشاكل فستكون مشاكل شخصية لأفراد هنا أو هناك أو مظلوميات فردية فقط؟.
> هل تواجهون مشكلة ما، تود رفعها إلى وزارة شؤون المغتربين وإلى د. سميع؟.
- «تبسم» قائلاً يا اخي لقد لامست العصب المؤلم وقبل ان اعرض مشكلتي اود ان اقول من الضروري ان يحس المواطن اليمني ان له بلداً بحاجة إليه فهي تسأل عنه في كل وقت وتقف إلى جواره في محنه وهمومه وما يعترضه ليظل هذا الحب للوطن متدفقاً فواراً، اما الاجابة على سؤالك فاقول هناك مجموعة من الأكاديميين المغتربين وانا واحداً منهم اخذت اجازة بلا راتب ونحن سفراء لأوطاننا في الخارج ونحن بحمدم الله امثلة رائعة لبلداننا وقد منحتني جامعة بروناي لقب الأستاذ المتكامل إلا اننا فوجئنا بقرار جامعة صنعاء والذي يقضي بضرورة عودة هؤلاء من الخارج واذا لم يعودوا ستحال ملفاتهم إلى الخدمة المدنية وسيكون المصير الفصل أو التقاعد لماذا هذا التعسف نحن لا نكلف الدولة شيئاً بالعكس يشعر الكثير انهم رافد للوطن من العملات الصعبة، اضافة إلى اعالتهم لأسر ولذا ارجوا من الاخ الوزير ان يضع حلاً لهذه المشاكل أم نعود إلى البطالة المقنعة كي نتشاد على المادة الواحدة ونتزاحم على تدريسها.. اطلب تدخل الاخ الوزير أو يدفع الموضوع إلى فخامة الأخ رئيس الجمهورية فهو الأقدر على تحديد مكمن المصلحة.
> تجربة طالما تشدني هي تجربة الدولة الصهيونية القائمة على معادلتي الداخل والخارج وهي ناجحة جداً وتصنف انها من العالم المتقدم أو الاول حيث تجد ان يهود الخارج هم عامل مساعد وداعم قوي ليهود الداخل وعامل قوة وفي جميع المجالات فلماذا نحن على العكس لا تقدمنا بالداخل ولا نهظنا وتقدمنا بإخواننا في الخارج فأين الخلل؟.
- يا اخي الخلل كبير والبون شاسع فاليهودي في الخارج يحس ان هناك من يسأل عنه ويقف معه في كل لحظة وفي كل دقيقة حتى انهم يحسبون انهم في اسرائيل وليسوا في مواطن الشتات لذلك لم يخلوا ابداً على الداخل وكم يشدني برنامج نوح الطيور فما بالك لو ان هناك اعمالاً وبرامج مختلفة ومتنوعة هل تظن ان اليمني يبخل على بلده لا أظن ذلك ابداً ابداً والبداية تكون من اهتمام الجهات المعنية في الداخل.
> د. صادق من خلال نظرتك الشرعية والأكاديمية وفي ضوء الأحداث التي تمر بها الأمة يا ترى نحن والغرب إلى أين؟.
- الحاصل الآن ان هناك احتلال من قبل الغرب لعدة بلدان عربية وإسلامية وبهذا يكون الغرب قد اختار شكل العلاقة التي يجب ان تسود بيننا وبينه وهي المقاومة المسلحة طالما انه احتل بلادنا بقوة السلاح فما اخذ بالقوة لا يسترد إلا بالقوة ولكن أيضاً ليس الغرب كله حساباً واحداً فهناك من يرفض الغزو والاحتلال داخل اميركا نفسها فمطلوب بل ضروري فتح قنوات الحوار مع الشعوب الغربية والحكومات المعتدلة منها لمحاورتهم وشرح ثقافتنا وديننا وتسامحه وما لحق بنا من ظلم ولا شك ان فيهم العاقل وفيهم الجاهل ومنهم العاطفي ومنهم الوغد فاذا اجدنا واحسنا افهام وتفهيم هؤلاء استطعنا علاج كل حالة على حدة وبالدواء الذي يناسب بغير الفهم والحوار لن يسود إلا صوت من ليس معنا فهو ضدنا ومع هذا الرصاص والمدافع والقصف والعصف.
> كلمة أخيرة توجهها عبر «أخبار اليوم»؟.
-اذا كان لي من كلمة فاقول اننا نمتلك احتياطياً كبيراً رديفاً لثروة النفط ورديفاً للثروة السمكية والزراعية معنا وما هو اغلى من هذا كله معنا الانسان اليمني المهاجر المبدع خارج وطنه والكثير من هؤلاء خاصة في دول جنوب شرق آسيا منهم زعماء مجتمع وقادة أمة ورجال اعمال دوليين ونستطيع ان نجعل من اليمن جنة خضراء في ارض الله لأننا نريد تحريك هذا الوضع الراكد بين الدولة وابنائها المهاجرين ولا ابالغ ان وصفناه بالقطيعة.. يا أخي التجار اليمنيين بنوا الخليج وتقدم بهم الخليج ونحن نعجز عن دعوة هؤلاء لإعمار وطنهم والله انه لقصور معيب وهل تعلم ان في الهند وحدها يوجد «4» مليون يمني تقريباً وفي اندونيسيا «7» مليون على اول تقدير وهؤلاء ليسوا فقراء أو أميين بل هم نخبة المجتمع في مواطنهم ولدينا الكثير في أميركا وفي شمال وجنوب افريقيا واذكر هنا ان اللوبي الصهيوني في الولايات المتحدة ومنذ صباح اليوم الاول الذي فيه يدوام العضو المنتخب أو السياسي المعين يدخل إلى مكتبه فيجد تذكرتي سفر مجانيتين إلى إسرائيل مع الحجز في اضخم الفنادق ليتم ربطه بإسرائيل المنتظرة عطفه وتأييده في عمله الوظيفي ونحن لا نمتلك شيئاً من هذا وكما قلت يشدني وتدمع عيناي وانا اتابع برنامج نوح الطيور فما بالك لو عندنا ابداع آخر مثل غيرنا فأين عمل السفارات والملحقيات مع ان هذا يعد من مهامها الأولى واوجب واجباتها وانا ومن على هذا المنبر ادعو واطالب بأن يكون السفير اليمني يحمل هم امته ومجتمعه ووطنه ودينه لأنه ان لم يكن كذلك فسيكتفي بتحقيق مصالحه الشخصية على حساب وطنه وتكون النتيجة القيام بمجهود سكرتير في مكتب ليس إلا.
كما ادعو لعقد مؤتمر وطني اكاديمي يناقش وضع المغتربين يدعى إليه الأكاديميون اليمنيون من الخارج كما يمكن مشاركة بعض الدول بوفود اكاديمية تكون هذه الدول لها تجربة رائدة في هذا الإطار وادعو الأستاذ الدكتور صالح سميع -وزير شؤون المغتربين لارسال الخبراء إلى الدول التي يقيم ويتواجد فيها مهاجرون يمنيون يكثافة لجمع المعلومات والبيانات عنهم لينتج عن هذا العمل المنظم المخطط له بحكمة ورؤية ودراية وبما يحقق الأهداف التي تسعى لها الجمهورية اليمنية لكي تنهض وتحقق تقدماً وتطوراً يشار إليه ويقتدى به.
الدكتور صادق شائف في سطور:-
- ولد في عام 1952م في محافظة تعز- اليمن متزوج له عشرة أولاد خمسة ذكور وخمس إناث.
- تلقى تعليمه الأولي والأساسي والثانوي في تعز والجامعي في صنعاء حصل على ليسانس في الشريعة والقانون من جامعة صنعاء كلية الشريعة والقانون عام 1976م وتلقى تعليمه العالي بالمملكة العربية السعودية حصل على درجة الماجستير في السياسة الشرعية من جامعة الإمام محمد بن سعود الإسلامية- المعهد العالي للقضاء- قسم السياسة الشرعية عام 1982م وحصل على درجة الدكتوراه مع مرتبة الشرف الأولى في السياسة الشرعية 1989م من الجامعة السالفة الذكر وعين استاذاً مساعداً بجامعة صنعاء كلية الشريعة والقانون قسم الفقه المقارن 1990م ودرَّس بالمعهد العالي للقضاء بصنعاء وفي عدد من الجامعات الأهلية اليمنية، ويعمل حالياً بجامعة السلطان الحاج الشريف علي بسلطنة بروناي دار السلام أستاذاً للدراسات الإسلامية.
