العرب والفرص الضائعة !!

2009-01-13 03:45:43

يوسف الزمزمي

عندما تحدق بالولايات المتحدة أزمة أياً كان نوعها فإنها توجه وجهها نحو العرب لمساعدتها أولاً لابتزازهم من أجل حل أزماتها، لن أغوص في تاريخ أزمات أميركا واستغلال العرب لحل أزماتها المختلفة، لكن لا بد أن نقف عند محطات هامة في تاريخ الأزمات الأميركية في الثمانينات من القرن الماضي واجهت الحكومة الأميركية أزمة شديدة في منطقة الكاريبي وتعذر عليها توفير الأموال اللازمة لمواجهة المد التحرري في تلك المنطقة فكانت قبلتها العالم العربي الذي زودها بالمال الوفير لمواجهة الحركات الوطنية في الكاريبي الهيمنة الأميركية.

في مواجهة الاتحاد السوفيتي ومنذ خمسينات القرن الماضي وحتى انهياره في أواخر ذلك القرن كان المال والإعلام والمجاهدون العرب في خدمة المشروع الأميركي من أفغانستان إلى الصومال.

العرب حاصروا ليبيا التي يحيط بها أربع دول عربية لسنوات طويلة لرغبة أميركية ولم يفك حصار ليبيا سوى الزعماء الأفارقة، العراق حوصر لثلاثة عشر عاماً بموجب قرار أميركي ويحيط به أربع دول عربية كانت مناطق انطلاق القوات الأميركية والبريطانية لغزو العراق واحتلاله، الصومال دولة عربية بحكم عضويتها في الجامعة العربية ومنظمة المؤتمر الإسلامي تعتصرها الأحداث ويعبث بها الأميركان والأحباش والعرب ينظرون ولا يحركون ساكناً لإنقاذ الصومال من الضياع مرضاة لأميركا، والسودان حدث ولا حرج.

غزة فلسطين تصارع من أجل الكرامة والحياة الحرة وهي تعيش بين فكي الكماشة، حصار عربي تفرضه القيادة المصرية وسلطة تعيش في رام الله تريد الانتقام من أهل غزة لأنهم فضلوا حماس عنهم في الانتخابات الماضية، وحصار وعدوان مسلح تشنه القوات الصهيونية على أهل غزة والعرب يتفرجون ولا يتدخلون إرضاء لأميركا أو خوفاً منها لكون أميركا ترفض أي سلطة عربية لها علاقة بالنظام الإسلامي.

الرئيس الأميركي بوش الابن جرجر وزراء خارجية الدول العربية وبعض الدول الإسلامية إلى مؤتمر انابوليس العام الماضي وكان في الحفل ايهود أولمرت ومحمود عباس بالكاد ينظر إلى كاميرات التلفزة العالمية خجلاً مما فعل مكتئباً من نتائج ما حصل، كل هذا جرى ويجري والعرب صامتون خوفاً أو استرضاء لأميركا.

في هذا الإطار تقول كوندوليزا رايس وزيرة الخارجية الأميركية أمام مجلس الأمن الدولي وبحضور كوكبة من عرب الاعتدال "لا يوجد للفلسطينيين" درب آخر غير مسار أنا بوليس يعني لا قبول بمبادرات عربية، ولا بقرارات الأمم المتحدة، ولا قبول إلا بما تقبل به إسرائيل.

ومن حقنا أن نسأل الوزراء العرب الميامين الحاضرين في ذلك المؤتمر أين تعهداتكم واشتراطاتكم لقيام الدولة الفلسطينية بنهاية هذا العام، كلام في الهواء.

العالم يمر بأخطر مرحلة اقتصادية منذ عقود من الزمن، والذي صنع هذه الأزمة العالمية وصدرها إلى بقية العالم هي أميركا، بمعنى آخر الولايات المتحدة والنظام الرأسمالي الشرس الذي تهيمن عليه لم يجد جهة يتجه إليها إلا العالم العربي وبالأخص الدول الخليجية لإنقاذه من الإفلاس، رئيس وزراء بريطانيا زار الدول الخليجية في الأيام الماضية نيابة عن النظام الرأسمالي الأميركي يناشد أو يأمر الدول الخليجية بإنقاذ ما أفسدته الإدارة الأميركية في الاقتصاد العالمي، لا شك بأنه وجد تجاوباً متحفظاً من البعض وتجاوباً إيجابياً من الخائفين المرتعشين من بؤرة الشر العالمي.

بعض الدول الخليجية استجابت لمطالب الإدارة الأميركية الآفل نجمها وتقرباً منها تبرعت بشراء أسلحة مساهمة منها في المساعدة في إنقاذ الاقتصاد الأميركي والحق أن تلك الأسلحة لا ضرورة لها ولا نفع منها إلى جانب ثبوت عدم فعاليتها الحربية، ونسأل ما فائدة القواعد العسكرية الأميركية في المنطقة التي في اعتقادي أننا نتحمل معظم نفقاتها إن لم يكن كلها، والاتفاقات الأمنية طويلة الأجل مع أميركا وغيرها من الدول الغربية.

لا يمكن لولاة الأمر فينا بالأخص أهل الخليج على وجه التحديد أن ينكروا بان استثماراتهم والصناديق السيادية والودائع في خارج الوطن العربي قد تعرضت لخسائر كبيرة، ولا استبعد أن يفرض على دول مجلس التعاون الخليجي عقد صفقات تسليح وهمية بحجة مواجهة القرصنة في جنوب البحر الأحمر بما يزيد عن عشرات المليارات من دولار، أضف إلى ذلك أن مؤسسة كلينتون تبرع لها عرب الخليج بما يزيد عن ثلاثين مليون دولار معلنة فهل السيدة كلينتون سترد الجميل للعرب بتبني قضاياهم العادلة عندما تتسلم مهامها في الخارجية الأميركية.

آخر القول: أميركا في أزمة وكذلك النظام الرأسمالي برمته، ونحن المنقذون، وقد جاؤوا إلينا طالبين النجدة فلماذا لا نستفيد من هذه الفرصة لفرض وجودنا في المؤسسات الدولية وفرض إرادتنا لاسترداد حقوقنا في فلسطين ودحر المحتلين من العراق وحماية السودان من الهلاك وإنقاذ الصومال مما آل إليه الحال.<

المقالات

تحقيقات

dailog-img
كيف تحوّلت مؤسسات صنعاء إلى “فقَّاسة صراع” الأجنحة داخل جماعة الحوثي؟ (تحقيق حصري)

حوّل خلاف موالين لجناحين (متشددين) متعارضين داخل جماعة الحوثي المسلحة “جلسة مقيّل” خاصة- بالعاصمة اليمنية صنعاء خلال عيد الأضحى المبارك- إلى توتر كاد يوصل إلى “اقتتال” في “مجلس” مليء بالأسلحة والقنابل ا مشاهدة المزيد

حوارات

dailog-img
وزير الدفاع يتحدث عن الحرب العسكرية ضد ميليشيا الحوثي ويكشف سر سقوط جبهة نهم والجوف ومحاولة اغتياله في تعز ولقائه بطارق صالح وتخادم الحوثيين والقاعدة وداعش

كشف وزير الدفاع الفريق ركن محسن محمد الداعري، ملف سقوط جبهتي نهم والجوف، بقبضة ميليشيا الحوثي، للمرة الأولى منذ تعيينه في منصبه. وأشاد الداعري، في حوار مع صحيفة "عكاظ" بالدعم بالدور المحوري والرئيسي الذي لعبته السعودية مشاهدة المزيد