الجفاف وشحة المياه يقودان مديرية العدين للاحتضار

2013-07-08 17:57:11 هموم الناس/ مطيع عبدالعزيز

المياه أساس الحياة ولا غنى لنا عنها في حياتنا اليومية، وبدونها تتعطل سير حركة الزمن أو حتى تتحول الحياة الطبيعية إلى فصول من العذاب والجحيم عند تحصيله ويتعكر كل شيء, ليس لأن أبناء فرع العدين يخرجون من منازلهم متجندين للحصول على قطرات الماء فقط, ولكن لأنهم يقطعون الفيافي والقفار ليل نهار ويحولون الطرق إلى خلايا من البشر بحثاً عن المياه الجوفية ويحملون على ظهورهم دباب المياه ويحملون في قلوبهم خيبة أمل في مسؤوليهم, خصوصاً وهم لا يعرفون منهم سوى الوعود الزائفة وأحلام لم تر النور بعد.
الجفاف وشحة المياه يقودان مديرية فرع العدين للاحتضار

ومهما تعددت المعاناة فإن للمعاناة في مديرية فرع العدين لوناً آخر، امتزج فيه العذاب باليأس، وقد يتساءل القارئ كيف ذلك والفرع تنعم بغزارة الأمطار طوال فصل الصيف وتتحول الطبيعة إلى جنة من جنات الدنيا؟!, والسبب هو عدم استغلال تلك الأمطار بتشييد السدود وبناء الحواجز المائية.. فإليكم أعزائي القراء المعاناة في هذه السطور:

مياه وعراقيل:
منطقة بني أحمد الثلث هي إحدى المناطق المتأثرة بفيروس, هذه المعاناة وعنها تحدث المواطن/ مهيوب محمد علي، بالقول: «شحة المياه في عزلة بني أحمد أتعبت الأهالي وخلقت الهموم والعراقيل.. الأولاد والنساء يقطعون حوالي سبعة كيلو مترات حتى يصلوا إلى الآبار وهذه المعاناة لا تقتصر على قرية أو عزلة فقط وإنما غطت رقعة المديرية كاملة، والعطش قد اكتسح جميع المواطنين وأصبحت هذه المشكلة حجرة عثرة أمام سيرنا, لأننا انشغلنا بتوفير المياه وتركنا إنجاز الكثير من أعمالنا في الوقت الذي نعاني فيه من ضيق الحال والفقر».
وأضاف: «لا نستطيع أن نتحمل المزيد ونحن نتعذب تحت وطأة الإهمال.. عقود مضت وجراحاتنا تنزف وتتوسع ومصيرنا ما يزال مجهولاً، ولا نعلم ماذا سيحمل لنا المستقبل، ولهذا فقد ضاق بنا الحال وسئمنا من مكابدة العيش بعد مقاومة شرسة لتقلبات ومتغيرات الحياة الصعبة».
واستطرد قائلاً: «إنها صورة واقعية للمعاناة.. عندنا من يمتلك حمارا وكأن العالم كله بين يديه، لأن الحمار رمز لتحمل الأعباء والمتاعب، وله فضل كبير في نقل المياه عبر هذه الهضاب، وتزداد أهمية الحمار هذه الأيام أكثر بكثير من الأيام الأخرى خصوصاً بعد انقطاع المواصلات بسبب وعورة الطريق».
واختتم حديثه بالقول: أشكر "هموم الناس" على نزولها إلينا لنقل معاناتنا للسلطة المحلية وإلى كل مسؤول وإلى كل قارئ، وهذا إن دل فإنما يدل على حرصها الدائم لنقل معاناة الناس في ربوع اليمن.

غياب المسؤولية:
وخلال الاستطلاع حاولت «هموم الناس» أن تتجول في معظم العزل والمناطق لكي نحصل على صورة مكتملة المعالم, فاستوقفتنا هذه المحطة بعزلة الوزير وبالتحديد في منطقة المستوصف، فالتقينا علي عبدالله غالب الذي أخذ يروي لنا معاناة أهالي العزلة في شحة المياه، فقال «ها هي الصورة أمامكم تعبر عن نفسها ولست مبالغاً إن قلت هذه المشكلة تشكل لنا كابوسا مزعجا، لأنها جداً متعبة ولا نستطيع أن نتخذ البدائل للتخفيف من شدتها والسبب المسؤولون بشكل عام، لأنهم وحوش ناهشة لأجسادنا وثعالب غادرة ولا نعرف منهم غير مشاريع كلامية لا تتعدى الشخط على الورق، وعند ما نستغيث بهم بما نحن فيه من العذاب والآلام يمنحونا مشاريع وهمية وكأنهم يقبلون واقع مآسينا».
واستطرد: «نطالب بحواجز مائية وسدود لنستغل مياه أمطار الصيف ولكي نخرج من هذا الوضع، لكن لا حياة لمن تنادي، فلا سلطة تحرك مشاعر المسؤولية تجاه المواطن، لا مسؤول يعمل بضمير الأمانة ولا نعلم أين سيهربون من عقاب الله في الأمانة الملتوية على أعناقهم فينا». وأضاف: «لا نريد منهم المزيد من استعراض البيانات والخطابات والوعود والأكاذيب، بل نريد منهم أن نلامس واقعا يضيء بالإنجاز، أما أن ينعموا بالفلوس والنعيم ونحن نعاني ويلات العذاب فهذا لا يقبله أي واحد من أبناء مديرية الفرع، ولا نريد أن يعاملونا بالكذب والخداع».

طريق للحمير:
واختتم: «نريد من مسؤولينا مراجعة حساباتهم فينا وأن يدركوا حجم الفضائح التي يضعونها فإننا نموت عطشاً وتزهق أرواحنا وهم المسؤولون علينا يوم العرض على جبار السموات والأرض، فنحن قد سئمنا المناشدة منذ الأزل ونقدم استغاثاتنا ومناشداتنا عبر "هموم الناس" وندعو رجال الأعمال وفاعلي الخير بعد أن تقطعت بنا السبل وأهملنا المسؤولين عنا».

مشكلة تولد المشاكل:
حتى الطلاب والأطفال تشكل شحة المياه مشاكل متعددة، لأن مهام إيصال دبب المياه توكل إليهم فيذوقون مرارة العذاب ويعيشون أيام مأساوية، «هموم الناس» حاولت أن تقترب من هذه الشريحة وتتلمس أوضاعهم، وعلى لسان الطالب ياسين ، من أهالي عزلة المسيل مديرية الفرع أخذنا منه معاناة الطلاب, فقال لنا: «تشكل لنا شحة المياه كابوساً مزعجاً أيام الدراسة بالذات ولا نستطيع أن نؤدي واجباتنا المدرسية بالشكل المطلوب، فنحن نقوم بعد صلاة الفجر ونذهب نأتي بالمياه ونعود لنأخذ الطعام على عجل ثم نذهب إلى المدرسة حاملين أيضا دبب المياه ونعود بها بعد انتهاء اليوم الدراسي خصوصا وأن كان مكان استخراج المياه غير قريب من المدرسة، وهذا كله لا يكفي لتوفير احتياجات اليوم من الماء، بل نذهب بعد العصر وننهي مهامنا في المساء وهذا أعاقنا من تأدية واجباتنا الدراسية ومراجعة دروسنا بالشكل المناسب، ونحن لا نجد الوقت الكافي بعدما أخذت منا هذه المهمة معظم أوقاتنا».
واختتم: «نناشد المسؤولين ببناء خزان وسدود وأن يعملوا لنا حل لكل ما نواجهه من مشاكل يومية هم أكثر إدراكاً بها ولا نريد كما حدث في أكثر من مرة.. اكتفوا فقط بالوعود والكتابة على الأحجار أوهمونا بأنها مشاريع مياه قادمة لكنها لم تلامس الواقع المعاش».

بسرعة:
صادق الراجحي من أهالي عزلة الأهمول بمديرية الفرع، قال: «قتلتنا هذه المعاناة ولا نستطيع أن نأتي بالبدائل والحلول لها منذ سنوات وفي هذا العام زادت الآلام عندما ظهر الجفاف بالمديرية بشكل غير معهود من قبل والأمور واضحة ولا تحتاج إلى مزيد من التفاصيل برغم وجود مشروع للمياه إلا انه لا يغطي جميع السكان فهناك مناطق يصلها خران المياه على السيارة بمبالغ خيالية وهناك مناطق لا تصلها السيارات ولا المياه».
أما المواطن/ طاهر من أهالي منطقة العرعرة فأوضح بالقول: «وكأننا خارج نطاق هذا الوطن ولسنا محسوبين على السلطة مديرية لها أبسط الاهتمامات والرعاية، فمديرتنا بشكل عام لم تلاق أبسط ما يجب توفيره من خدمات، ولا أعتقد أن يتم تجاهلنا إلى هذه الدرجة.. وأشكر "هموم الناس" على نقل معاناتنا وتبنى نقلها بكل واقعية ونامل من المسؤولين الالتفات لأبناء المديرية ومعاناتهم قبل حدوث الكارثة».
حمار:
الحاج/ قائد الحداد من منطقة السهلة بالمديرية, تحدث عن أهمية الحمار بالقول: «عشنا منذ عقود من الزمن في ظل خدمات الحمار في إيصال الماء ولم يحدث أي تطور منذ ذلك الحين إلى الآن، على الرغم من تعاقب المسؤولين.. اليوم من لديه حمار يعيش على خدماته فهو طوال اليوم مشغول بنقل الماء وهذه المعاناة ورثناها أباً عن جد و أنا أورث أبنائي إياها وهو شيء لم يكن في الحسبان، لكن هذا العام وضعنا لا يطاق في الجفاف".

خاتمة:
مفارقة غريبة لهذه المعاناة بمديرية فرع العدين في هذا الجانب فقط، فالبون شاسع بين فصلي الصيف والشتاء، ففي الصيف يرتوي كل شيء وتطفح المدرجات بالمياه وفي الشتاء تتحول الأوضاع إلى جحيم وعذاب دائم يؤرق حياة أفراد المديرية, إلا أن هذا العام يبدوا أن الصيف مختلف عما كان وتبدلت السنين وزاد الجفاف في المنطقة وأصبحت المديرية وأبناؤها يعانون هم المياه فوق ما يعانون من انعدام الخدمات الأخرى.

المقالات

تحقيقات

dailog-img
كيف تحوّلت مؤسسات صنعاء إلى “فقَّاسة صراع” الأجنحة داخل جماعة الحوثي؟ (تحقيق حصري)

حوّل خلاف موالين لجناحين (متشددين) متعارضين داخل جماعة الحوثي المسلحة “جلسة مقيّل” خاصة- بالعاصمة اليمنية صنعاء خلال عيد الأضحى المبارك- إلى توتر كاد يوصل إلى “اقتتال” في “مجلس” مليء بالأسلحة والقنابل ا مشاهدة المزيد

حوارات

dailog-img
وزير الدفاع يتحدث عن الحرب العسكرية ضد ميليشيا الحوثي ويكشف سر سقوط جبهة نهم والجوف ومحاولة اغتياله في تعز ولقائه بطارق صالح وتخادم الحوثيين والقاعدة وداعش

كشف وزير الدفاع الفريق ركن محسن محمد الداعري، ملف سقوط جبهتي نهم والجوف، بقبضة ميليشيا الحوثي، للمرة الأولى منذ تعيينه في منصبه. وأشاد الداعري، في حوار مع صحيفة "عكاظ" بالدعم بالدور المحوري والرئيسي الذي لعبته السعودية مشاهدة المزيد