تزامناً مع احتفاء جامعة صنعاء بتخرج «9662» طالب وطالبة «بكالوريوس- ماجستير-دكتوراة-ليسانس».. اختلافات في الرؤى والأفكار والجميع يؤكد جهله بمصير الخريجين

2007-07-30 11:58:53

بعد سنوات كثيرة من الدراسة الجامعية والتحصيل العلمي بداية من البكالوريوس ومروراً بالماجستير وصولاً لدرجة الدكتوراة في مختلف التخصصات والأقسام في جامعة صنعاء «9662» طالب وطالبة يحتفلون اليوم بتخرجهم من هذه الجامعة يفترض ان هذا العدد من الطلاب والطالبات يخرجون اليوم إلى الحياة العملية وميادين العمل إلا ان هناك الكثير من المتاعب والعقبات تحول دون تمكنهم من الانخراط في العمل بحسب تخصصاتهم ومجال دراستهم إلا ان الواقع ينبئ بغير ذلك في ظل ما نعيشه من معطيات تشير إلى ان اغلب هؤلاء الخريجين سوف ينخرطون في سلك البطالة المقنعة ليزيدوا من اعداد العاطلين عن العمل «9662» طالب وطالبة يملؤهم النشاط والنشوة بهذا التخرج ولكن سرعان ما يخبوا هذا النشاط وتفتر النشوة عندما لا يحصلون على وظائف أو اعمال بعد كل هذه السنوات من الدراسة والجد والاجتهاد في التحصيل العلمي تخرجوا من مختلف كليات جامعة صنعاء ومن اقسامها المختلفة بمعنى انهم يشملون كافة المجالات في حياة المجتمع.

ومنها اين سيذهب هؤلاء الخريجون؟ واين يكمن الخلل في عدم استيعابهم في سوق العمل؟ وغيرها من الاسئلة التي تبحث عن اجابات لها خاصة وان مثل هؤلاء يتخرجون من مختلف الجامعات اليمنية والجميع لا يعرف ما ستحمله له قادم الأيام.

وبحثاً عن اجابات لتلك التساؤلات توجهنا بها إلى عدد من الأكاديميين المتخصصين وشخصيات ثقافية وبرلمانية وسياسية علنا نحصل على اجابات وحلول لمثل هذه المواضيع الهامة وإلى محصلة هذه الأحاديث والتصريحات التي ادلى بها ل«أخبار اليوم» العديد من اساتذة الجامعة وشخصيات برلمانية وسياسية وثقافية. .

استطلاع/ سامي عبد الدائم-معمر البتول

> البداية كانت مع الدكتور حسن الكحلاني -نائب عميد كلية الآداب بجامعة صنعاء والذي قال هذه هي مشكلة بالفعل يعاني منها المجتمع اليمني ولكنه يطرح رؤية مغايرة ومختلفة عما يطرحه البعض حيث يؤكد ان مخرجات التعليم الجامعي مهما زاد عددها فإن ذلك لا يمثل مشكلة على الاطلاق، مضيفاً ان عدم اعداد الانسان وتعليمه هو المشكلة.

هذا ويقول الدكتور الكحلاني انه من الخطأ ربط مخرجات التعليم بالوظيفة أو بسوق العمل وهذا الأمر هو مرفوض عند الدكتور حسن الكحلاني، واعتبر ان هذا الربط يعتبر اهانة للإنسان وللتعليم على حد سواء، مشيراً إلى اهداف التعليم الجامعي الثلاثة وهي الجانب المعرفي التنويري والثاني هو البحث العلمي وثالث هذه الاهداف الجامعية هو خدمة المجتمع ويشير الدكتور الكحلاني هنا إلى ان السياسة القائمة تمسكت بالهدف الثالث فقط بل وحولوه إلى كلمة سيئة وهي خدمة السوق.

وأشار الكحلاني إلى ان هذا ليس كلاماً نظرياً فقط مستدلاً بالقول ان الأشخاص الذين لا يتعلمون يشكلون خطراً اكبر بحيث يصبح امي وعاطل وغير مؤهل ولكن اذا وجد الشخص المؤهل فهو يستطيع ان يفتح له طريق في اليمن أو خارجها.

وحول سؤال من المسؤول عن هذا واين يكمن الخلل اجاب الدكتور حسن الكحلاني انه يجب على الدولة ان تضع خطة موازية للتعليم وتسمى استراتيجية التنمية، مؤكداً على ان دور الجامعة هو التأهيل والإعداد فقط وبعد ذلك تلقى المسؤولية على الدولة والقطاع الخاص الذي يفترض بهم ان يوفروا فرص ومجالات عمل جديدة تستوعب هؤلاء الشباب، مؤكداً على ان الخطأ ليس في مخرجات التعليم وانما الخطأ يكمن في سوق العمل.

ونبه الدكتور الكحلاني إلى عدم وجود سوق حقيقية ولا فرص عمل جديدة، مشير إلى ان تبقى الجامعة مستمرة في اداء رسالتها في اعداد الإنسان وما تبقى فهو على الدولة والقطاع الخاص، منبه إلى ان عدم الاستفادة من طاقات الشباب الذين هم عماد الامة فإن ذلك سيعود باثر سلبي على المجتمع بأكمله، واشار الدكتور الكحلاني في سياق هذا الحديث إلى ان الاحصائيات تذكر ان «75%» من السكان هم من فئة الشباب الأمر الذي يحتم على الدولة القيام بدورها بشكل سليم.

وفي سياق هذا التصريح الذي ادلى به الدكتور الكحلاني ل«أخبار اليوم» حول مستقبل خريجي الجامعة شدد على ضرورة ان تفتح الدولة فرص العمل كما ان المسؤولية تلقى على القطاع الخاص ويقول ان الدولة ليست فقيرة والقطاع الخاص ليس فقير الأمر الذي يتوجب عليهم فتح فرص عمل جديدة لهؤلاء الخريجين.

وضرب الدكتور الكحلاني امثلة على ما يجب ان تقوم به الدولة والقطاع الخاص مشيراً إلى ان هناك اموالاً مجمدة ومكدسة في صندوق التنمية وصندوق التقاعد وهذه بالمليارات فلو تم استثمارها لفتح آلاف من فرص العمل ولحلت هذه الإشكاليات كلها.

اما القطاع الخاص فقد عاب الدكتور الكحلاني عليه انه لا يوجد استثمارات بشكل حقيقي وسليم، مشيراً إلى ان الأموال التي في البنوك يتم نقلها من بنك إلى آخر وتكديسها في هذه البنوك بدون فائدة، مضيفاً انه من المفترض ان يقوم البنوك باستثمار هذه الاموال في المحاولات التجارية وبذلك نستطيع الوصول إلى حل جذري لهذه الاشكالية والمعضلة التي تؤرق المجتمع اليمني بأكمله بحسب الدكتور الكحلاني.

وفي ختام حديثه ل«أخبار اليوم» يكرر الدكتور حسن الكحلاني-نائب عميد كلية الاداب جامعة صنعاء التأكيد على ان الخطأ ليس في مخرجات التعليم وانما الخطأ يكمن في عدم وجود خطة واستراتيجية توازي بين مخرجات التعليم وسوق العمل مقترحاً على السلطة في بلادنا ان تقوم بإبرام اتفاقيات يتم من خلالها توفير فرص عمل للشباب في بعض الدول العربية والأجنبية.

ما طرحه الدكتور حسن الكحلاني قد يكون مختلفاً بعض الشيء مع ما ادلى به احمد ناجي احمد-الأمين العام المساعد لإتحاد الأدباء والكتاب اليمنيين حيث يرى الأستاذ أحمد ناجي ان المسألة مرتبطة بدرجة اساسية بالعلاقة بين سياسة القبول في الجامعة واحتياجات سوق العمل، متطرقاً إلى ما يسمى بالتعليم الموازي والذي اعتبره احمد ناجي احمد انه يعطل سياسة قبول تلبي احتياجات سوق العمل.

واعتبر ان الطلب على دخول التخصصات العلمية اصبح اكثر مما يحتاجه السوق الأمر الذي يبرز هذه المشكلة بوضوح واكد احمد ناجي احمد هذه المخرجات لا بد ان تساعد في تحريك العملية التنموية.

> وهنا يتفق الأستاذ احمد ناجي مع الدكتور الكحلاني على ضرورة ان يتم التنسيق والربط بين مخرجات التعليم واحتياجات السوق اضافة إلى التخطيط للتطور الاقتصادي في البلاد.

وأكد احمد ناجي ان هذا الفخ الهائل للجامعات لا يرتبط بتخطيط استراتيجي واسع على المستوى الوطني، موضحاً ان ما يتلقاه هؤلاء الخريجون من مناهج اصبحت بعيدة عن الواقع ومختلفة عنه تماماً، واشار احمد ناجي ان عنصر التجربة يتجاوز عنصر التأهيل، متطرقاً إلى وجود خلل في المناهج الدراسية في الجامعة الأمر الذي يتطلب إعادة النظر فيها.

مشيراً إلى ان هذه المسألة معقدة للغاية واكد ناجي ان هذا الكم الهائل من الخريجين لن يجدون فرص عمل بسهولة ويسر ومكرراً الاشارة إلى ضعف المناهج الدراسية والتعليمية وضرورة مراجعتها.

وفي ختام حديثه ل«أخبار اليوم» حول مستقبل خريجي الجامعة اشار احمد ناجي احمد -الأمين العام المساعد لاتحاد الادباء والكتاب اليمنيين إلى ضرورة الاتجاه إلى المعاهد الفنية والمهنية وما تكتسبه هذه المعاهد من اهمية في تطور المجتمع ولاهمية هذه التخصصات التي لا يوجد عليها اقبال كبير، مختتماً بالتأكيد على ضرورة اعادة النظر في سياسة القبول في الجامعات والمناهج الدراسية.

> من جانب آخر أكد أستاذ القانون بكلية الشريعة والقانون بجامعة صنعاء د. حسن مجلي ان حملة الماجستير من الجامعات اليمنية يتوجهون إلى استكمال دراستهم العليا «الدكتوراة» من اجل تحسين درجاتهم ووضعهم الوظيفي واما خريجي الجامعات اليمنية الحاملين «الليسانس» خصوصاً العاملين في قطاعات الدولة وهم جزء كبير يسعون للحصول على شهادات جامعية لتحسين اوضاعهم الوظيفية أيضاً.

وقال استاذ القانون مجلي في حوار قصير ل«أخبار اليوم» هناك كليات تخرج طلاباً يعملون اعمال حرة بعد التخرج ككلية الشريعة والقانون امثال المحامين والمستشارين القانونيين بعد التدريب وخريجي البكالريوس من كلية التجارة باستطاعتهم العمل بعد التخرج في اعمال حرة أيضاً، مضيفاً بقوله كانت الدول العربية في القدم ومنها اليمن ملزمة بتوظيف الخريجين حتى في غياب القانون ولكن بعد العولمة والتطورات الأخيرة واتساع وظائف الدولة وخصخصة كثير من ممتلكات الدولة لم تعد تعمل على توظيف احد.

وأشار د. مجلي إلى ان عملية الحصول على وظائف في هذه الايام اصبحت بطرق غير مشروعة منها المحسوبية ودفع رشوة وهي ظواهر تؤدي إلى احباط الكثير من الدارسين، مؤكداً في الوقت نفسه ان عدداً كبيراً من خريجي الجامعات اليمنية يذهبون إلى الشارع وان المتسبب في ذلك سياسية القبول في الجامعات وعدم التوسع في مجال التعليم التقني وعدم اعطاء فرص غير منتهية لطلاب في الكليات النظرية مهما بلغت عدد مرات سقوطهم في الدراسة والاستمرار ومواصلة دراستهم.

وتمنى د. مجلي على الدولة ان توجد طرقاً لتفادي مثل تلك الاخطاء التي تؤدي بالكثير من الخريجين إلى الذهاب إلى الشارع، منوهاً إلى وجود ايجابية في التعليم الجامعي يكسب الانسان ثقافة في مختلف المجالات ويزوده بمعارف عديدة تساعده على النجاح في حياة وهي صورة مشرفة.

> من جانبه أوضح عميد كلية الزراعة بجامعة صنعاء د. سالم الرمح ان توجه عدد كبير من خريجي الجامعات اليمنية إلى الشارع وسوق البطالة مسؤولية كافة الجهات من مجتمع وقطاع والأحزاب وليس مسؤولية جامعة صنعاء والحكومة فقط.

وأكد د. الرمح على اهمية وجود نهضة صناعية وزراعية ومهنية حقيقية خصوصاً تطوير التعليم الفني وجعله بعد مراحله الثانوية العامة مباشرة سيما وان اليمن تعاني من قلة في الأيادي العاملة الماهرة رغم وجود مهندسين بالآلاف في كل المجالات، وقال د. الرمح القطاع الخاص حالياً يسعى لأخذ الخريجين اصحاب المهارات لتسيير امورهم سواءً في الصناعة أو الزراعة خصوصاً وان اقبال المجتمع على توظيف الخريجين قليل، موضحاً ان نسبة الخصوبة والمواليد في اليمن تبلغ سنوياً «350-400» الف وذلك يؤثر على توزيع الوظائف مستقبلاً خصوصاً مع غياب الخطوط والبرامج، مضيفاً كلية الزراعة بجامعة صنعاء اتخذت اساليب لتطوير معارف الطلاب منها القيام بزيارات إلى المزارع والمصانع قبل ان يتخصص الطلاب وبعد ذلك يتم نقلهم إلى تلك الاماكن بحيث يضلوا شهراً من اجل التطبيق في مجال التخصص.

> وفي نفس السياق وعن وضع خريجي الجامعات اليمنية والبطالة لأولئك الخريجين اكد عضو لجنة التعليم العالي في مجلس النواب صادق البعداني ان لجنة القوى العاملة بالبرلمان نزلت ميدانيين وتم مناقشة تقريرها لتأكد من مدى تطبيق نظام الوظائف فتبين ان ثمان محافظات فيها «52993» مسجل من طلبي الوظائف والدرجات المعتمدة للعام 2006م «9426» وظيفة بنسبة «6. 5%» وعند قسمة عدد المسجلين على عدد الدرجات الوظيفية للعام 2006م بالتأكيد سيكون العدد اكبر وبحاجة إلى «15» سنة حتى يتوظف أولئك المسجلون.

وقال البعداني امر جيد ان يتأهل الشباب ويكون التعليم سلاحهم لكن ينبغي وجود استراتيجية لسوق العمل خصوصاً في ظل غياب الساسيات المدروسة سلفاً ولذلك اكثر ما تعانيه الأيدي العاملة اليمنية خارج الوطن هي الأمية.

> بعد كل ذلك من احاديث وتصريحات لعدد من الأكاديميين والبرلمانيين وشخصيات ثقافية وسياسية نكون قد حصلنا على الكثير من وجهات النظر المتباينة والمتفقة في الآراء الكل يشخصها بحسب فكره ورؤيته الخاصة فنجد البعض يحمل السلطة المسؤولية والبعض الآخر يلقى بالمسؤولية على القطاع الخاص وبين هذا وذلك لا يزال السؤال مطروح وعلامة الاستفهام قائمة ما هو مستقبل هؤلاء الخريجين وبهذا نختتم ملف هذا العدد من حوار في قضية والذي كان حول مستقبل مخرجات جامعة صنعاء بمناسبة تخرج «9662» طالب وطالبة الذين يحملون شهادات مختلفة من كليات واقسام عدة متمنين للجميع الخريجين مستقبل مزدهر.

المقالات

تحقيقات

dailog-img
كيف تحوّلت مؤسسات صنعاء إلى “فقَّاسة صراع” الأجنحة داخل جماعة الحوثي؟ (تحقيق حصري)

حوّل خلاف موالين لجناحين (متشددين) متعارضين داخل جماعة الحوثي المسلحة “جلسة مقيّل” خاصة- بالعاصمة اليمنية صنعاء خلال عيد الأضحى المبارك- إلى توتر كاد يوصل إلى “اقتتال” في “مجلس” مليء بالأسلحة والقنابل ا مشاهدة المزيد

حوارات

dailog-img
وزير الدفاع يتحدث عن الحرب العسكرية ضد ميليشيا الحوثي ويكشف سر سقوط جبهة نهم والجوف ومحاولة اغتياله في تعز ولقائه بطارق صالح وتخادم الحوثيين والقاعدة وداعش

كشف وزير الدفاع الفريق ركن محسن محمد الداعري، ملف سقوط جبهتي نهم والجوف، بقبضة ميليشيا الحوثي، للمرة الأولى منذ تعيينه في منصبه. وأشاد الداعري، في حوار مع صحيفة "عكاظ" بالدعم بالدور المحوري والرئيسي الذي لعبته السعودية مشاهدة المزيد