البنك المركزي يُحاكم القات والتبغ!!

2013-10-06 12:26:25 تقرير خاص/ نبيل الشرعبي

في شكل يعكس تخبط كبير يعيشه البنك المركزي، برز محافظه ليقول: إن البنك سيراقب التضخم قبل اتخاذ قرار جديد بخفض تكلفة الاقتراض مرة أخرى، متوقعا انخفاض معدل التضخم الكلي إلى ما بين 6% و8% بحلول نهاية العام الحالي، وتوقع صندوق النقد الدولي في أبريل/نيسان الماضي أن يبلغ متوسط معدل التضخم باليمن 7.5% في 2013 بعد أن كان في حدود 10.2% في 2012.
 وأظهرت بيانات هذا البنك الاسبوع الماضي، تراجع إجمالي الاحتياطي من النقد الأجنبي إلى أقل مستوى له في 11 شهرا ليصل إلى 5.6 مليارات دولار في يوليو/تموز الماضي، وهو ما يغطي واردات ستة أشهر، بالمقابل بلغ الاحتياطي النقدي 5.7 مليارات في يونيو/حزيران الماضي، ويعتمد اليمن على صادرات النفط الخام كثيرا في دعم الاحتياطي النقدي، وتشكل عائدات هذه الصادرات 70% من موارد الموازنة العامة، وقد أضرت الهجمات المتكررة على أنابيب النفط في الأشهر الماضية إيرادات الحكومة، وهكذا ومن خلال هذا التقرير يبرز العجز الكبير والتخبط الأكبر الذي وصل إليه هذا البنك وحكومته الوفاق.
القات متهم
كل مظاهر الفساد غابت عن المشهد، ولم تجد حكومة الوفاق، غير أن ترمي بفشلها على نبتة القات والتبغ، وهذا هو البنك المركزي اليمني، الذي فقد وظيفته حد وصف كثير من خبراء الاقتصاد، في مقدمتهم د/ سيف العسلي، ود/ علي محمد جبران، والباحث الاقتصادي السلامي، في دراسة له حول دور البنك المركزي والبنوك التجارية في التنمية.
ووصف خبراء الاقتصاد هؤلاء، البنك المركزي بأنه فقد وضيفته ودوره في المجال التنموي، وتحول إلى خزينة لتمويل العجز المتنامي في الموازنة العامة، والتي بلغت مستويات قياسية خطرة، وسجلت السياسة المالية فشلاً ذريعاً، وكذلك السياسة العامة للبلد، وتعالت الأصوات المحذرة من حدوث كارثة انهيار اقتصادي وشيك.
سفيه يُبدد الأموال
ومع توالي الركلات الموجهة إلى سياسة حكومة الوفاق، ونعتها بالفاشلة والمبدد للأموال والثروات، والعاجزة عن احداث أي تغير في مسار التنمية الشاملة، لجأت هذه الحكومة إلى الاستخفاف باليمنين من خلال تحميل القات والتبغ مسؤولية فشلها، وعبر تقارير رسمية تبعث على الخجل، وهو ما يستدعي من الشعب عدم الصمت حيال هذه الإساءة والاستمرار في كيل إساءات اخرى، دون تورع أو احترام للمواطن.
ورغم التعاطف الكبير وسوق التبريرات، وايجاد الاعذار لما يسمى حكومة الوفاق، إلا أنها لم تُقدر ذلك وتمادت أكثر، حتى وصل بها الامر حد كبير من الاستخفاف بالمواطن، ورمي الحمل عن كاهلها إلى كواهل الغير، بشكل ينم عن عدم تقدير ودراية حتى بأدنى بتبعات المسؤولية، والأمانة الملقاة على عاتقها، كما لم تُقدر ما قطعته على نفسها للخارج، حتى صار ينظر إليها بدونية ولا يثق فيها البتة.
وفي توصيف لوزير المالية الأسبق وخبير الاقتصاد د/ سيف العسلي، أوضح فيه أن العالم الخارجي -المانحين ورعاة المبادرة الخليجية وآليتها التنفيذية- يقول انا لا أعطي مالي لسفيه يبدد الأموال، وحكومة الوفاق سفيه يبدد المال ويغذي بؤر الفساد بما يقدمه الخارج للشعب اليمني، ويقول وزير الصناعة التجارة الأسبق واستاذ الاقتصاد بجامعة صنعاء ورئيس مركز الأمناء للدراسات د/يحيى بن يحيى المتوكل، لا أريد أن أكون قاسياً على حكومة الوفاق، في تقييمي لها، إذ مرت بظروف مغايرة لسابقاتها، لكن وللإنصاف هذه الحكومة بلغت في الفشل حدِ لم تصل إليه حكومة سابقة، وربما تجاوزت سابقاتها في الفساد.
المركزي يُحاكم القات
وبحسب بيانات حديثة للبنك المركزي اليمني، ارتفع معدل التضخم السنوي في اليمن في يونيو/حزيران الماضي إلى أعلى مستوى له في 16 شهرا عند 14.5% بفعل زيادة أسعار التبغ ونبتة القات، ويأتي ذلك في وقت انخفض فيه احتياطي البلاد من النقد الأجنبي لأدنى مستوى له خلال عام، ولم يجد فيه هذا البنك الفاشل مبرراً لفشله في الحفاظ على احتياطي اليمن من النقد الاجنبي، غير تحميل القات والتبغ مسؤولية فشله الذريع هذا.
وهل يُعقل أن يقوم بنك البنوك بإخلاء مسؤوليته، حيال الوضع الكارثي الذي أوصل البلد إليه، في السياسة وإدارة المالية العامة، من خلال القول بأن السبب في تراجع الاحتياطي الاجنبي القات والتبغ، وعبر تقرير رسمي أكد فيه أن معدل التضخم السنوي لأسعار التبغ والسجائر والقات ارتفع بشكل حاد لأعلى مستوى له في 16 شهرا ليبلغ 32.8% في يونيو/حزيران مقارنة بنسبة 27.1% في الشهر السابق، وإذا استبعد التغير في أسعار المواد الغذائية والقات فإن معدل التضخم السنوي لأسعار المستهلكين بلغ 7.2% في يونيو/حزيران الماضي، وهو أعلى مستوى منذ نوفمبر/تشرين الثاني 2012 بعد أن استقر لثلاثة أشهر متتالية.
أعلى مستوى
فيما كانت تراجعت نسبة التضخم من 25% في أكتوبر/تشرين الأول 2011 إلى 5.5% في نوفمبر/تشرين الثاني الماضي، وذلك نتيجة بدء تعافي الاقتصاد اليمني من الاضطرابات السياسية التي عرفتها البلاد على مدار عامين، ولكن الأسعار عاودت الارتفاع لتبلغ نسبة التضخم 14.2% في مايو/أيار 2013، ونزل معدل تضخم أسعار الغذاء في اليمن إلى 15.1% في يونيو/حزيران الماضي على أساس سنوي (أي مقارنة بالشهر نفسه من 2012) مقارنة مع 16.6% في مايو/أيار 2013، وهو أعلى مستوى منذ يناير/كانون الثاني 2012.
ومن يمعن في تفاصيل تقرير هذا البنك، يجد حقيقة واحدة لا ثاني لها البتة، والحقيقة هي أن لا هذا البنك ولا حكومة الوفاق، مدركين أنهم وصلوا مرحلة خطيرة ومتقدمة، من الاصابة بمرض الزهايمر أو فقدان الاحساس، وإلا هل يصدق بشر أن بنك مركزي يصعد ليصرخ وبصوت عال، القات والتبغ سبب فشلنا وتراجع الاحتياطي الاجنبي، وانتشار الفساد وانهيار اليمن، مع العلم أن القات منتج يمني مائة في المائة، وغير مستورد ولا يقدم له لا البنك المركزي ولا البنوك التجارية، قروضا وتمويلات أو أي دعم، وأنه قد يتسبب في رفع التضخم، فهو لا يحتاج إلى أي عملة أجنبية للقيام بعملية استيراده أو تخزينه أو ...إلخ.

المقالات

تحقيقات

dailog-img
كيف تحوّلت مؤسسات صنعاء إلى “فقَّاسة صراع” الأجنحة داخل جماعة الحوثي؟ (تحقيق حصري)

حوّل خلاف موالين لجناحين (متشددين) متعارضين داخل جماعة الحوثي المسلحة “جلسة مقيّل” خاصة- بالعاصمة اليمنية صنعاء خلال عيد الأضحى المبارك- إلى توتر كاد يوصل إلى “اقتتال” في “مجلس” مليء بالأسلحة والقنابل ا مشاهدة المزيد

حوارات

dailog-img
وزير الدفاع يتحدث عن الحرب العسكرية ضد ميليشيا الحوثي ويكشف سر سقوط جبهة نهم والجوف ومحاولة اغتياله في تعز ولقائه بطارق صالح وتخادم الحوثيين والقاعدة وداعش

كشف وزير الدفاع الفريق ركن محسن محمد الداعري، ملف سقوط جبهتي نهم والجوف، بقبضة ميليشيا الحوثي، للمرة الأولى منذ تعيينه في منصبه. وأشاد الداعري، في حوار مع صحيفة "عكاظ" بالدعم بالدور المحوري والرئيسي الذي لعبته السعودية مشاهدة المزيد