بعد الحوار الوطني ..

مستقبل اليمن تحت الطائرات بدون طيار

2013-10-08 10:41:29 صنعاء ـ فاروق الشعراني

عقدت منظمة "ريبريف" لحقوق الإنسان مؤتمراً صحفياً، تحت شعار "مستقبل اليمن تحت الطائرات بدون طيار" بعد الحوار الوطني أمس بالعاصمة صنعاء.
وتحدثت المديرة القانونية للمنظمة التي تزور اليمن حالياً السيدة "كات كريج" عن الضربات الأخيرة والانتهاكات التي يتعرض لها المدنيون في اليمن نتيجة الضربات والأخطاء الفادحة.
واستنكرت " كريغ " الانتهاكات المستمرة للقانون الدولي لحقوق الإنسان التي اتخذتها الحكومة الأميركية واليمنية, وتجاهل الجهات المعنية لأسر الضحايا, وأعربت عن قلقها الشديد حول تصريحات الرئيس اليمني/ عبدربه منصور هادي التي تثني وتشيد بدور الطائرات بدون طيار، ودقتها وأدائها.

المحامي عبدالرحمن برمان قال "إن الهيئة الوطنية للدفاع عن الحقوق والحريات" تقدمت بشكوى إلى النائب العام للتحقيق في مقتل عدنان القاضي وعلي القاولي وسليم القاولي، بالإضافة الى ضحايا مجزرة رداع التي وقعت في محافظة البيضاء في أغسطس من العام الماضي, مما أسفر عن مقتل 12 مدنيا، ولكن النائب العام لم يفتح ملف القضية منذ العام الماضي.
وقال ممثل ريبريف في اليمن إن ريبريف ستستمر جهودها مع نشطاء حقوق الإنسان في اليمن، لمتابعة محاكمة مثل هذه الجرائم، وإجراء جلسات المحاكمة داخل اليمن وخارجها.
ورصدت منظمة "ريبريف" لحقوق الإنسان ضربات الطائرات بدون طيار ووضعت مشروعا لوضع نهاية للاستخدام غير القانوني للطائرات بدون طيار وهذا نصه:
غارات بدون طيار
الطائرات بدون طيار أصبحت الخيار المفضل لدى إدارة أوباما في هذه الحرب اللانهائية بل المتفاقمة على الإرهاب, فمنذ عام 2002 شنت الولايات المتحدة الأمريكية 415 غارة بالطائرات بدون طيار خارج المناطق التي كانت قد أعلنتها مناطق حرب، وقتلت ما يقارب 4700 شخص خارقة بشكل صارخ القوانين الدولية المعمول بها منذ نهاية الحرب العالمية الثانية.
خلال الأشهر الماضية ارتفع بشكل كبير عدد ضحايا هجمات الطائرات بدون طيار، ووضع اليمن على طريق يتجاوز باكستان كمركز لاستخدام الطائرات الأمريكية بدون طيار.
أنواع الضربات
في مطلع 2012 , بالإضافة إلى الضربات المستهدفة التي تشن على أشخاص معروفين, وافق الرئيس أوباما على شن غارات في اليمن يطلق عليها أسم الغارات "الموقعة" وتعتمد على استهداف مجموعات حسب أنماط السلوك، أكثر من اعتمادها على معلومات دقيقة عن هوية هؤلاء الأشخاص, وهذا يعني أن الولايات المتحدة يمكن أن تقتل شخصا دون أن تعرف اسمه، مثلاً, وهذا يعد تطور خطير جداً، لأنه يزيد من الخطر على أولئك الذين قد يقومون ببراءة ودونما قصد بتصرفات تتطابق مع تلك الأنماط الغامضة التي تعتقد الولايات المتحدة أنها أنماط سلوك إرهابي, ففي باكستان يعتقد الكثيرون أن هذا النمط قد يكون ببساطة تجمعا لبعض الأشخاص أو شخص يحمل سلاحاً.  
التأثير المدني
إن طبيعة تكنولوجيا الطائرات بدون طيار تعني أن الضرر الناجم عنها قد يتجاوز الذين يقتلون أو يتشوَّهون جسديا نتيجة الهجمات.
مؤخرا فقط بدأ الاهتمام بالتأثير النفسي الناجم عن ضربات الطائرات بدون طيار، وهو يأخذ بعداً إنسانيا جدياً كبيراً، وذلك بسبب آثاره المدمرة على السكان.
الخسائر
حتى الآن، هناك على الأقل 225 قتيلاً يمنياً ضحية غارات الطائرات الأمريكية بدون طيار, على الرغم من أن البعض يعتقدون أن العدد قد يصل إلى 751 بينما تعلن الولايات المتحدة الأمريكية أن الضربات دقيقة وموجهة إلى أفراد معينين, إلا أن الواقع مختلف كثيراً, فعلى سبيل المثال، لقد نتج عن ضربة على مركز شرطة مديرية الوضيع في عام 2011 وفاة 30 مدنيا, وقد طمست الصواريخ كل شيء على مسافة 16 ياردة من مركز الضربة، مما تسبب في إلحاق أضرارٍ جسيمة بالمارة والبنية التحتية في المكان. 
الأثر النفسي
إن الأثر النفسي على السكان المدنيين هو مصدر قلق متزايد, ذلك أن الطائرات بدون طيار لا تزال منتشرة في كل مكان ولفترات طويلة من الزمن، مما يشكل تهديدا مستمرا بالفناء، وبتهديد لا يعطي إنذار مسبق، وبالتالي لا يمكن التخفيف من آثاره, وهناك دراسة أعدتها جامعتي ستانفورد ونيويورك تحت عنوان "من يعيشون تحت الطائرات بدون طيار"، أظهرت أن المدنيين المحليين كانوا يعانون من صدمة نفسية حادة، بما في ذلك اضطرابات ما بعد الصدمة، وكذلك القلق والاكتئاب بسبب وجود الطائرات بدون طيار, وقد كانت لذلك آثار كبيرة على حياة وثقافة المجتمعات, فالناس مرعوبين من الخروج إلى الشارع، والسير في جنائز جماعية، أو التجمع في المناسبات الدينية أو إرسال أطفالهم إلى المدرسة، وذلك ببساطة بسبب التهديد المستمر الذي يشكله وجود الطائرات بدون طيار فوق رؤوسهم.
وقدم الدكتور بيتر شابفيلد، وهو طبيب نفساني سريري وطبيب الشرعي في الوقت نفسه، النتائج التي توصل إليها من رحلته إلى اليمن في فبراير/ شباط 2013، قيَّم فيها الأثر النفسي للضربات على المجتمعات المتضررة، إلى البرلمانيين البريطانيين.
وجد الدكتور شابفيلد أن كل الذين أجرى معهم مقابلات مباشرة يعانون من ظروف نفسية غير طبيعية موصّفة رسمياً, وقد وجد أن الغالبية منهم (71٪) يعانون من اضطراب ما بعد الصدمة، وظروف نفسية شديدة غير طبيعية مثل القلق، والاكتئاب، وحالات فصامية، وحالات من الهلع ، وردود الفعل الهستيرية-الجسدية، واستجابات رعب مبالغ فيها و حالات من الحزن غير الطبيعي. 
الآثار الاقتصادية والاجتماعية
مع ما يقرب من 50٪ من المواد الغذائية غير المتوفرة للسكان، ومع نسبة 42% من السكان يعيشون تحت خط الفقر فإن اليمن دون شك تواجه أزمة إنسانية, وقد ساهمت هجمات الطائرات بدون طيار في تفاقم الوضع، حيث تسببت بفقدان المزيد من الأسر لمعيلها الوحيد، و في حالات أخرى، شُرِّدتهم من منازلهم وجرّدتهم من سبل العيش, ويزيد في سوء الوضع هذا حقيقة أن الناس لا تتلقى أية تعويضات مالية عن هذه الأضرار الجسيمة التي تلحق بهم. 
في عام 2011، صرح أحمد خلاني الذي ترأس "لجنة المراقبة للمساعدة في إخلاء السكان"، أنه في محافظة أبين الجنوبية وحدها، غادر أربعين ألف نسمة بسبب الخوف من هجمات الطائرات بدون طيار, وعلاوة على ذلك، إن ضربات الإنقاذ منتشرة في باكستان بكثرة الآن ولها تأثير بالغ في منع الإنقاذ, في حين لم يصب اليمن منها إلا عدداً قليلاً حتى الآن، لكن هناك قلق متزايد من أن هذا التكتيك قد يبدأ أيضا تطبيقه في اليمن، وبنتائج مماثلة.
نتائج عكسية
لضربات الطائرات بدون طيار نتائج عكسية, إذ تفيد التقارير الأخيرة من اليمن بأنه مع كل ضحية تسقط جرّاء الهجمات، يزداد عدد الناس الذين يلتحقون بصفوف تنظيم القاعدة في جزيرة العرب, وقد حذر محام يمني من حضرموت في وقت سابق قائلا " أضمن لكم أنه عندما تقتل صواريخ الطائرات الأمريكية بدون طيار الأطفال في اليمن، فإن آباءهم سوف يحملون السلاح ليقاتلونكم, ولا علاقة للقاعدة بالأمر".
إن هجمات الطائرات بدون طيار هي أداة تجنيد للمتشددين المفضلة, لقد كتب سودارسان راغافان في تقريره إلى صحيفة واشنطن بوست، أن الضربات هي التي "تغضب القبائل القوية التي يمكن أن تمنع ازدياد قوة تنظيم القاعدة في جزيرة العرب".
وأضاف جيريمي سكاهيل، كاتب بارز مقيم في اليمن، أن الضربات "زادت في دعم تنظيم أنصار الشريعة، وسمحت له بتنفيذ مزاعمه بأنه هو المدافع عن الشعب في مواجهة الهجمات المدعومة من قبل أمريكا".
المسائل القانونية
لا يمكن لحكومة أن توافق على قتل مواطنيها, لكل شخص حق أساسي في الحياة، وهو حق مكفول له بموجب العهد الدولي الخاص بالحقوق المدنية والسياسية, وقد صادقت اليمن على العهد في عام 1987، وبالتالي لا بد من أن تمنع هذا الحرمان التعسفي من الحياة الذي يتعرض له مواطنيها.
إن موافقة اليمن على هجمات الطائرات بدون طيار لا يجعلها قانونية بموجب القانون الدولي, لا بل إنه يجعل الحكومة اليمنية شريكا في قتل مواطنيها وحرمانهم من المحاكمة العادلة.
بموجب القانون الدولي، هناك استثناء محدود للحق في الحياة عندما تنخرط دولة في نزاع مسلح أو تتعرض لهجوم مسلح كبير يدفعها إلى التصرف دفاعا عن النفس. لكن ولا واحد من هذين الشرطين ينطبق على استخدام الولايات المتحدة للقوة في اليمن.
بموجب القانون الدولي، فإن الحرب أو النزاع المسلح يوجد فقط عندما يكون هناك قتال شديد بين جماعات مسلحة منظمة . لكن لا وجود لمثل هذا القتال المنظم أو هذه أو الجماعات المسلحة في اليمن، وإن وُجِدت، فليس هناك أي دليل على تورطهم في القتال العنيف مع الولايات المتحدة أو الحكومة اليمنية.
لا الولايات المتحدة ولا الحكومة اليمنية تواجهان هجوما مسلحا كبيرا يتطلب منهما العمل في الدفاع عن النفس, فمن أجل التصرف دفاعا عن النفس، يقضي القانون الدولي أن يكون الهجوم وشيكاً. في حين أن وجود الناس في بيوتهم، ذهابهم إلى السوق أو قيادة السيارة إلى منزل أحد الأقارب لا يشكل تهديدا وشيكا. بناءً عليه، لا بد من إلقاء القبض على أولئك الناس لا قتلهم. هذا ممكن؛ على سبيل المثال، القاضي، الذي قتل في هجوم طائرة بدون طيار عندما كان يعمل داخل مدينة فيها شرطة قادرة على اعتقاله بسهولة .
حتى لو أمكن أن تكون الولايات المتحدة متورطة في نزاع مسلح، أي القتال بين الجماعات مكثفة بقيادة جماعات مسلحة منظمة، لا بد من التفريق بين المدنيين والمقاتلين، والتأكد من ضرورة أي هجوم، وبما يتناسب مع الخطر المتوقع. إن تزايد عدد القتلى المدنيين يشهد على فشل الولايات المتحدة في القيام بذلك.
إن هجمات الولايات المتحدة بالطائرات بدون طيار غير قانونية وتهدد بتقويض نظام القانون الدولي الذي ساد منذ نهاية الحرب العالمية الثانية.
كريستوف هينز، المقرر الخاص للأمم المتحدة بشأن عمليات القتل خارج نطاق القضاء، وبن ايمرسون المقرر الخاص للأمم المتحدة لمكافحة الإرهاب وحقوق الإنسان، اقترحا أن ضربات الطائرات بلا طيار قد ترقى حتى إلى مستوى جرائم الحرب .. إذا كان هذا هو الحال، فإن الأفراد، سواء أولئك الذين يقومون بالضربات وأولئك الذين يدعمونها، يمكن أن يواجهوا اتهامات جنائية.

الأكثر قراءة

المقالات

تحقيقات

dailog-img
كيف تحوّلت مؤسسات صنعاء إلى “فقَّاسة صراع” الأجنحة داخل جماعة الحوثي؟ (تحقيق حصري)

حوّل خلاف موالين لجناحين (متشددين) متعارضين داخل جماعة الحوثي المسلحة “جلسة مقيّل” خاصة- بالعاصمة اليمنية صنعاء خلال عيد الأضحى المبارك- إلى توتر كاد يوصل إلى “اقتتال” في “مجلس” مليء بالأسلحة والقنابل ا مشاهدة المزيد

حوارات

dailog-img
وزير الدفاع يتحدث عن الحرب العسكرية ضد ميليشيا الحوثي ويكشف سر سقوط جبهة نهم والجوف ومحاولة اغتياله في تعز ولقائه بطارق صالح وتخادم الحوثيين والقاعدة وداعش

كشف وزير الدفاع الفريق ركن محسن محمد الداعري، ملف سقوط جبهتي نهم والجوف، بقبضة ميليشيا الحوثي، للمرة الأولى منذ تعيينه في منصبه. وأشاد الداعري، في حوار مع صحيفة "عكاظ" بالدعم بالدور المحوري والرئيسي الذي لعبته السعودية مشاهدة المزيد