عزوف عن شراء الأضحيات

2013-10-09 20:33:38 تقرير/ نبيل الشرعبي

لم يكن سهلاً على أرباب الأسر، خاصة الذين يقطنون في إطار تجمعات سكانية مترفة، أن يستقبل عيد الأضحى بنزر قليل من المستلزمات العيدية، وفي مقدمتها الأضحية، والتي يقُاس بها مكانة الفرد في كثير من المناطق، ويشكل إقتناء الأضحية لكثير من اليمنين هماً كبيراً، في إطار تعاظم المتطلبات وتدني مستوى الدخل، وانعدام ثقافة التدبير والاقتصاد المنزلي..

ومع بدء العد التنازلي للعيد, تزداد الضغوط على المواطن اليمني، والموظف - سواءً الحكومي أو في القطاع الخاص- لا يختلف في الوضع، خاصة أن الحكومة لم تقر ـ حتى الآن ـ أي مشاريع لصرف إكراميات للموظفين أو حتى تقديمهم نصف راتب من مستحقات شهر أكتوبر الجاري، ولذا يبدو أن فرص الحصول على سيولة نقدية لمواجهة نفقات عيد الأضحى في غاية التعقيد, هذا العام, خاصة وأنه لم يتبق على موعد العيد سوى ستة أيام من اليوم، فيما لا تبدو هناك أي نوايا لدى الحكومة أو غيرها لضخ معونات أو تقديم نصف راتب على الأقل للموظفين محدودي الدخل لمكافحة (الحُراف) المستشري بقوة.
الإنفاق

 ومن خلال جولة في السوق، تأكد أن هذا يقود إلى إضعاف مستوى نفقات الأسر من ناحية وتفشي الركود في السوق من ناحية أخرى وبروز حالات واسعة من التعاسة والحزن في أيام عيد الأضحى، وتكمن المشكلة في أن الآلاف من الأسر اليمنية تعيش حالة مزرية من –الفقر- نتيجة تفاقم الأعباء المعيشية، وتوالي المناسبات, فمن شهر رمضان إلى عيد الفطر إلى عام دراسي جديد إلى عيد الأضحى، وعلى مدى ثلاثة أشهر مضت جرى استنزاف موازنات الأسر وانحسار لم يسبق له مثيل نتيجة تتابع المناسبات.

ويذهب مختصون إلى القول بأن الوضع السياسي الهش وعدم الاستقرار جلب مأساة للوضع الاقتصادي وبالذات على مستوى معيشة الناس، فالحكومة لم تعد قادرة على زيادة الرواتب أو تحسين المعيشة, نتيجة لتفاقم عجز موازنتها وتوالي تخريب أنابيب النفط والاعتداء على الكهرباء والأعمال الإرهابية وهذه تكبدها الكثير من الدخل..

 وهنا يستوجب عليها توطين الاستقرار وبعد ذلك يمكنها استغلال ثرواتها, وهذا سوف يسهم في تنمية المجتمع اليمني اقتصادياً وثقافياً والانتقال بالاقتصاد الوطني إلى مصاف الدول الغنية، ولكن سوء استغلال الموارد الاقتصادية في ظل إدارة اقتصادية تقليدية ومتخلفة، والتوزيع غير العادل للثروة بين السكان، والاستيلاء على عائداتها من قبل فئات صغيرة وحرمان الجزء الأكبر من خيرات البلد, سبّب العجز المتنامي للموازنة العامة، وفشل الحكومات المتعاقبة في مكافحة الفقر، وتخلف الاقتصاد اليمني وانتشار الفقر وتدني مستويات الدخل.
سبب الفقر

وتفيد تقارير أن سبب الفقر في اليمن والحياة التعيسة للأسرة يعود ـ في الأساس ـ لتدني الدخل, حيث تعيش الأسرة اليمنية بدخل شهري لا يزيد عن 40 ألف ريال في المتوسط، وهذا يجعلها تعيش حالة بائسة، ويذكر خبراء اقتصاد أن أسباب الفقر في اليمن لا تعود لندرة الموارد الاقتصادية الطبيعية، فاليمن تمتلك موارد اقتصادية كبيرة في مختلف المجالات الاقتصادية الطبيعية، المعدنية والنفطية والزراعية والسمكية، إلى جانب موقعها الاستراتيجي الهام ووجود موارد بشرية كبيرة، وإنما يعود إلى سوء استغلال الموارد من قبل الدولة وتفشي عدم الاستقرار والانفلات الأمني والذي أدى لعزوف الاستثمارات الأجنبية على الاستمرار في اليمن, فضلاً عن هجرة المستثمرين المحليين وهذا أثر على مستوى توفير فرص عمل تدر دخلا للأسر.

وشهدت أسعار المواشي ارتفاعات وصلت إلى20% ولازالت مرشحة للارتفاع بصورة أكبر مع اقتراب العيد، فقرار تحديد السعر في يد تجار المواشي دون منازع فهم يجيدون لعبة اصطياد الفرص التي لا يدخرون جهدا في استغلالها، فالجشع وحده هو الذي يتحكم في عملية تسويق الماشية وبالثمن والكيفية التي يراها المضارب مناسبة وكفيلة بربحه على حساب خصوصية العيد المبارك وكذا جيب المواطن، الذي اكتوى بلهيب الأسعار, مستفيدا من غياب الرقابة الحكومية التي ربما تخضع لقانون الخدمة المدنية المتعلق بالإجازات والعطل ولعل المانع خير، والخبراء يطالبون بضرورة وضع سياسة زراعية تشجع المزارعين على الإنتاج سواء التسمين أو التربية من خلال منحهم القروض الميسرة بفائدة مناسبة تشجيعا وتوفير الأعلاف بأسعار معقولة.
الصدارة

ومع أن المواشي البلدية رغم أسعارها الخالية، لازالت الأكثر طلبا وتتربع عرش الصدارة على منافستها المستوردة من دول القرن الأفريقي, حيث تجاوز سعر الماشية من الأبقار 250 ألف ريال، فيما ماشية المناطق الجبلية تتفوق على نظيرتها الساحلية والمستوردة من ناحية الجودة وهو ما يفسر ارتفاع سعره بنسب كبيرة، وبدأت أسعار المواشي تشهد ارتفاعاً، جراء تزايد الطلب وتدني العرض وموجة الجفاف التي ضربت الدول الإفريقية خاصة الصومال وإثيوبيا المصدرين الأساسيين للمواشي إلى اليمن، وتراوحت أسعار الخروف البلدي ما بين 30-50 ألف ريال فيما يباع نظيره المستورد بـ 20 و30 ألف ريال، أيضا أسعار المواشي المستوردة هي الأخرى شهدت ارتفاعا تراوح بين 20 و30% مقارنة بالعام الماضي, حيث كان يباع الخروف المستورد بـ 30 ألف ريال مقارنة مع 20 ألف ريال العام الماضي 180 ألف ريال للأضحية من الأبقار مقارنة بـ 120و150ألف ريال في السابق.
استيراد

وبلغ ما استوردته اليمن لمواجهة طلبات العيد، من الضأن الحي نحو 600 ألف رأس بقيمة 3 مليارات و352 مليون ريال من دول القرن الأفريقي وتصدرت الصومال المرتبة الأولى وبلغت الكميات المستوردة منها 592 ألف رأس بقيمة 3 مليارات و301 مليون ريال فيما استوردت من أثيوبيا 7000 رأس بقيمة 45 مليون ريال ومن جيبوتي 805 رأس بقيمة 4ملايين و475 ألف ريال ومن أريتريا تم استيراد 96 رأساً بقيمة 731 ألف ريال، والأبقار الحية 182 ألفا و357 رأساً بقيمة 7 مليارات و721 مليون ريال وجاءت الواردات من الصومال في المرتبة الأولى بعدد 151و878 رأساً بقيمة 6 مليارات و403 ملايين ريال يليها الواردات من أثيوبيا وبلغت 26219 رأسا بقيمة مليار و180 مليون ريال ثم جيبوتي 4260 رأسا بقيمة 138 مليونا و343 ألف ريال، كما تم استيراد ذبائح كاملة وأنصاف ذبائح من فصيلة الأبقار طازجة أو مبردة بقيمة 584 مليون ريال من الهند والبرازيل وأستراليا وتعد الهند المصدر الأول لها.
الكهرباء

وفي مثل هذا الوضع ينظر الكثير إلى الكهرباء بأنها إحدى أهم الأزمات التي يعيشها المواطن اليمني، وتسبب له قلقا متزايدا من عدم جدوى شراء الأضحية، وتأتي ضمن سلسلة من الأزمات التي ألحقت أضراراً بالغة بالحياة المعيشية للمواطنين مع تأرجح حركة الأعمال وتوقف العديد من المشاريع والأنشطة المختلفة، ويشكو المواطنون ـ بمرارة ـ من الأعباء التي تخلفها انقطاعات الكهرباء من وقت لآخر وزيادة الإنفاق على العديد من المتطلبات الضرورية كتوفير المياه والأهم شراء وسائل الإضاءة البديلة، وتتجسد المعاناة بشكل أكبر في انطفاءات الكهرباء لساعات طويلة وما تخلفه من خسائر متعددة في الحياة المعيشية اليومية والممتلكات والأعمال والأشغال والمهن.

ومع تكرر انطفاء الكهرباء تبرز التحفظات عن الإقدام على شراء الأضاحي، وتتركز في جوانب عديدة لعدم التأكد من استمرار الكهرباء والذي يمكن أن يتسبب بحدوث أزمة بيئية واقتصادية كبيرة للأسر في حال غيابها خلال أيام العيد، ولم يعد المواطنون يهتمون حالياً بالاستعداد لعيد الأضحى وتلبية متطلباته واحتياجاته الاستهلاكية والغذائية وكذا من كسوة العيد والأضحية بل يتركز أغلب اهتماماتهم بشكل كلي على توفير الإضاءة لمنازلهم وأعمالهم وأنشطتهم، ولم تلق الأضاحي أي اهتمام لدى كثير من الأسر اليمنية التي ارتفع إنفاقها على الشموع ووسائل الإضاءة البديلة خلال الأسابيع الماضية إلى ملايين الريالات نتيجة الإقبال الكبير على هذه السلع والإنفاق اليومي عليها من قبل المواطنين لمعاودة الكهرباء انطفاءها أياماً بسبب الأعمال التخريبية التي تتعرض لها باستمرار.
حذر كبير

ونتيجة لذلك يشوب الحذر أسواق الأضاحي لهذا العام وهناك تردد كبير من قبل المواطنين على الشراء بسبب الانقطاعات المتواصلة للكهرباء من حين لآخر، وتبرهن الحركة الضعيفة في أسواق المواشي، بأن الإقبال ضعيف جداً في هذا الموسم من قبل المواطنين لشراء الأضاحي مقارنة بالأعوام الماضية التي كانت فيها حركة الشراء تبدأ بالارتفاع مع نهاية شهر ذي القعدة.

ويشكو أصحاب المحال التجارية من حالة الركود الحاد الذي تشهده السوق المحلية هذه الأيام نظراً لانعدام السيولة المالية لدى أرباب الأسر والتراجع المستمر للقوة الشرائية للمواطن اليمني وهو ما انعكس سلباً على الحركة التجارية بشكل عام، وتعود الأسباب ـ كما يقول أصحاب المحلات ـ إلى أن آثار الأحداث الأخيرة ـ التي مرت بها البلاد خلال السنوات الأخيرة ـ أثرت سلباً على مستوى دخل المواطن, الأمر الذي انعكس سلبا أيضا على حركة الأسواق المحلية، وفي الأعوام السابقة كانت العشر الأيام الأولى من شهر ذي الحجة تشهد فيها الأسواق المحلية ازدهاراً وتكون الحركة التجارية في ذروتها لأن المواطنين ينزلون الأسواق لاقتناء احتياجاتهم العيدية من كسوة ومواد غذائية ومكسرات وملابس وغيرها، ولكن هذا العام خفت الحركة بشكل كبير جداً.
خسائر وشكاوي

ويشكو تجار ـ بمرارة ـ مشكلة انقطاع التيار الكهربائي, خصوصا محلات الخياطة التي تعتمد اعتمادا كاملا على التيار الكهربائي، خاصة هذه الأيام التي تعتبر الموسم الوحيد باعتبار أن المواطنين يذهبون إلى محلات الخياطة لاقتناء الأثواب، إلا أن انقطاع الكهرباء يكون عائقا أمام تلبية رغبات الزبائن، وشراء مولدات الكهرباء تضاعف من المشكلة, حيث تعمل على البنزين أو الديزل لتغطية عجز الكهرباء وإدارة ماكينات الخياطة، مما يشكل عبئاً إضافيا عليه ويصرف على الماطور في الشهر ما بين خمسين إلى ستين ألف ريال.

ولذلك فإن انقطاع الكهرباء شكّل أزمة ليس على القطاع التجاري فقط وإنما على المواطن العادي، فالمواطن يصرف مبالغ إضافية على مواطير الكهرباء وأجهزة الإضاءة الأخرى مما شكل عبئا إضافيا عليه أيضا، وما يواجهه القطاع الخاص خصوصا وان الكهرباء تكون جزءاً أساسياً لتحريك أعمالهم كمحلات الخياطة والمصانع من خسائ

الأكثر قراءة

المقالات

تحقيقات

dailog-img
كيف تحوّلت مؤسسات صنعاء إلى “فقَّاسة صراع” الأجنحة داخل جماعة الحوثي؟ (تحقيق حصري)

حوّل خلاف موالين لجناحين (متشددين) متعارضين داخل جماعة الحوثي المسلحة “جلسة مقيّل” خاصة- بالعاصمة اليمنية صنعاء خلال عيد الأضحى المبارك- إلى توتر كاد يوصل إلى “اقتتال” في “مجلس” مليء بالأسلحة والقنابل ا مشاهدة المزيد

حوارات

dailog-img
وزير الدفاع يتحدث عن الحرب العسكرية ضد ميليشيا الحوثي ويكشف سر سقوط جبهة نهم والجوف ومحاولة اغتياله في تعز ولقائه بطارق صالح وتخادم الحوثيين والقاعدة وداعش

كشف وزير الدفاع الفريق ركن محسن محمد الداعري، ملف سقوط جبهتي نهم والجوف، بقبضة ميليشيا الحوثي، للمرة الأولى منذ تعيينه في منصبه. وأشاد الداعري، في حوار مع صحيفة "عكاظ" بالدعم بالدور المحوري والرئيسي الذي لعبته السعودية مشاهدة المزيد