التفاعل معها يمهد الطريق نحو الدولة المدنية ..

المنظمات معنية بإيجاد أرضية حقيقية تحترم حقوق الإنسان

2013-10-10 11:53:00 هموم الناس / خاص


ربما اعتادت المنظمات الحقوقية عبر العالم الدفاع عن حقوق الشعوب المحرومة من العيش الكريم في أوطانها، ووقفت سداً منيعاً في كثير من الأحيان في وجه الأنظمة المستبدة والسلطات الدكتاتورية لحماية الإنسان، حتى بات هذا الأمر من أهم الأعراف الحقوقية في عالمنا الحديث.
إن اختلاط السياسي بالحقوقي، خصوصاً بعد الربيع العربي، جعل الفصل بين العملين صعباً للغاية، بل أصبحت المنظمات الحقوقية الدولية تواجه حرجاً شديداً في التمييز بين ما هو سياسي وما هو عمل حقوقي خالص، خصوصاً أن الكثير من الحقوقيين بدأوا يشتغلون بالسياسة.
من الطبيعي أن تصطف المنظمات الحقوقية اصطفافاً قوياً مع حقوق الشعوب، ومع كافة المواثيق الدولية التي دعت إلى احترام الإنسان أينما وجد، لكنها بدأت تواجه منعطفاً جديداً في قيام كثير من المنظمات السياسية التي تحولت وانقلبت بفعل الظروف القلقة والضاغطة التي يواجهها العالمان العربي والإسلامي، من منظمات سياسية إلى تنظيمات عسكرية مسلحة تحمل كثيراً من التطرف الشرس في السلوك والممارسات، وكأنها أصبحت مرادفة للأنظمة الدكتاتورية.

لا يخفى على كل ذي لب أن الأحداث السياسية التي شهدتها المنطقة, أبرزت دور المنظمات غير الحكومية كشريك أساسي في وضع الرؤى التي ترسم معالم المستقبل, وأكد عزالدين الأصبحي ـ رئيس مركز المعلومات والتأهيل لحقوق الإنسان في الندوة «رؤى المجتمع المدني حول الإصلاحات الدستورية القادمة في اليمن» أكد على أن التحولات الكبيرة في اليمن والمنطقة العربية أظهرت الدور المتميز الذي لعبه المجتمع المدني فيما يخص تعزيز المسار نحو التحولات الديمقراطية، كما أبرزت الأحداث السياسية الهامة ـ التي شهدتها المنطقة ـ دور المنظمات غير الحكومية كشريك أساسي في وضع الرؤى التي ترسم معالم المستقبل.
 وأشار إلى أن كثيراً من القوى تعلق الآمال الكبيرة على المجتمع المدني، وتطالبه بأدوار ربما تكون أحياناً أعلى من قدرات المجتمع المدني.
الدكتور/ أحمد الحميدي ـ عميد كلية الحقوق بجامعة تعز ـ من جانبه شدد على أن مسألة التأسيس لإعادة بناء الدولة اليمنية, يعد أهم موضوعات الحوار الوطني الذي جاء كواحدة من أهم الخطوات التنفيذية للمبادرة الخليجية التي أخرجت اليمن من أزمته الخانقة التي كادت أن تعصف به عقب الثورة الشبابية.
ونوه إلى أن منظمات المجتمع المدني أدركت دورها ضمن الفاعلين، وبالذات فيما يخص دستور الدولة الجديدة، حيث تعددت أنشطتها فيما يخص الدستور القادم في اليمن، وذلك باستهدافها أغلب فئات المجتمع.
وفي سياق متصل دعا الأصبحي ـ وهو نائب رئيس الفيدرالية الدولية لحقوق الإنسان ـ لدى افتتاحه ورشة « أولويات حقوق الإنسان في المسارات الانتقالية في اليمن « نظمتها ي على مدى يومين مؤسسة تمكين للتنمية بالتعاون مع مشروع دعم حقوق الإنسان التابع للبرنامج الإنمائي للأمم المتحدة ـ دعا منظمات المجتمع المدني إلى العمل بجدية لإيجاد أرضية حقيقية تحترم حقوق الإنسان اليمني ومراجعة وترتيب الأولويات الخاصة بحقوق الإنسان والتي من أهمها واقع منظمات المجتمع المدني ومعرفة التحديات التي تواجهها والقوانين التي تسهل سير أعمالها.
وأشار إلى إننا في مرحلة صعبة عجزت الأحزاب والحكومات المتعاقبة فيها عن تقديم رؤية حقيقية لإنقاذ الواقع وبالتالي يقع على عاتق منظمات المجتمع المدني هذا الدور الهام خلال المرحلة الراهنة وخصوصا ما يهم الكرامة والمشاركة والمساواة.
فيما أكد نبيل عبد الحفيظ ـ ممثل المنظمة العربية لحقوق الإنسان ـ على أن التفاعل مع قضايا حقوق الإنسان يمهد الطريق للوصول إلى الدولة المدنية الحديثة المنشودة التي تتوفر فيها العدالة المتساوية الممهدة لبناء دولة مدنية ديمقراطية حقيقية.. وأشار إلى أن المواطنة المتساوية موجودة في شكلها النظري فقط بينما تغيب تماما حتى اليوم على الواقع العملي وهذا هو المحفز الأساسي لعمل المنظمات وهي صاحبة الدور الأكبر خلال المرحلة المقبلة إذا ما وعت الدور المناط بها..
ليوكد الدكتور بجامعة صنعاء/ فؤاد الصلاحي على ضرورة احتلال منظمات وناشطي المجتمع المدني وحقوق الإنسان الفضاءات الثقافية بدلاً عن احتلالها من قبل الدولة، منتقداً غياب التشبيك بين جميع المنظمات والناشطين في البلاد العربية من المغرب حتى مصر واليمن.
وقال الصلاحي: «الدولة أصبحت تزايد على المجتمع المدني، وإلا فما هو الدور الذي يمكن أن تلعبه وزارة حقوق الإنسان مثلاً في ظل منظومة سلطوية تنتهك حقوق الإنسان بما في ذلك وزارتي التربية والتعليم والثقافة..
فيما ترى دينا المأمون- مديرة مشروع دعم حقوق الإنسان في المرحلة الانتقالية ببرنامج الأمم المتحدة، رئيسة فريق منظمة العفو الدولية ـ بأن المنظمات الحقوقية في اليمن ناشطة وفاعلة جداً لكن هم أنفسهم يطلبون مزيداً من التأهيل والتدريب على أشياء مثل الرصد والتوثيق والمناصرة لجهودهم المبذولة وتوحيدها ويجب عليهم العمل مع بعض حتى يمكن أو يتم تحقيق أهدافهم.. وهو ما يجب أن تركز عليه هذه المنظمات..
أما من خلال التقارير تكمن الفجوة - بالنسبة للمأمون تقول" رأينا الوضع من منحنى حقوقي في نظر المجتمع المدني وتجد حملات المناصرة قد لا تكون بالقوة المطلوبة في هذه المرحلة.. وممكن إنجاز أشياء في هذه المرحلة ولكن يجب أن تكون المطالبات قوية من أجل أن تكون مطالبهم قوية, يجب أن تكون حملات مناصرتهم قوية أيضاً، وهذه أشياء تراها المأمون ناقصة.
وتؤكد بأن المنظمات فاعلة من عدة سنين وكل مرحلة تتطلب جهودا مختلفة.. وترى دينا المأمون بأنها تحتاج إلى تأهيل استعدادا وإعدادا لهذه المرحلة للعمل عليها..
* الحوار ورؤى المنظمات؟
- قالت قراءتي للمستقبل أن هناك بعض فرق في مؤتمر الحوار أبدت تعاونا واستعدادا لسماع ما تريد منظمات المجتمع أن تفرضه عليهم.. وبالتالي نأمل أن يأخذوا متطلبات المجتمع المدني بعين الاعتبار..
وهناك كان تحفظ من كيفية التشكيل وما إلى ذلك، ولكن ما يهمنا الآن نحن في واقع موجود يجب علينا التعامل مع هذا الواقع الموجود بحيث أنه نستطيع أن نضغط من خلال فرق الحوار في المسار الذي يخدم توجهنا كمنظمات مجتمع مدني.
*ومن خلال التقسيم والمواقع؟
- أكدت أن في المنظمات تحفظ في كيفية التشكيل كتقسيم،ولكن هناك من آثر أن لا يتعامل مع مؤتمر الحوار الوطني.. فيما البعض قال "لا" برغم القصور الذي يعانونه ويرونه في تشكيلهم في اللجان آثروا بالتعامل مع الحوار الوطني.. ونحن في برنامج الأمم المتحدة لدعم حقوق الإنسان ـ مثلاَ ـ تعاملنا مع هذه اللجان يعني مثلاً في مسألة الهيئة الوطنية لحقوق الإنسان.. عرضنا عليهم مبادئ باريس, عرضنا عليهم مشروع قانون.. ووجدنا منهم قبولا ومناصرة في هذا الشأن.. ونأمل أن يكون ذلك في أكثر من مجال. وهناك دعم دولي كبير في حقوق الإنسان في اليمن، وبالنسبة لقضايا الحقوق كل هذه القضايا يدعمها المجتمع الدولي وهناك إصلاح مؤسسي على أساس أن لا تتكرر مسائل كالمعتقلين..
وهناك مسألة أخرى الآن هي العدالة الانتقالية هي مشروع من قبل "اليون تفي" على هذا الشيء لضمان عدم التكرار في المستقبل أيضاً والمحاسبة وهناك انتظار للقانون إقراره وإذا أقر القانون يمكن أن تكون هناك محاسبة وها على كيفية القانون وإقراره.
إلا أن الأستاذ/ مراد الغاراتي- رئيس مؤسسة تمكين للتنمية ـ يقول:
نحن في مؤسسة تمكين قابلنا بعضا من صناع القرار- قابلنا أكثر من خمس شخصيات محلية صانعة قرار وثلاث أو أربع شخصيات من الفاعلين الدوليين ووجدنا بأن هناك ـ بالنسبة للفاعلين المحليين ـ لديهم كثير من الإشكاليات والمشاكل والصعوبات والتحديات خلال المرحلة الانتقالية التي تواجههم، وقال بأن هذه الصعوبات كثيرة منها بقاء واستمرار فلول النظام السابق ـ مثلاً ـ من يسعون لمنعهم من العمل بشكل جيد، وكذلك المشاكل التي تحصل في إطار الساحة العامة الساحة اليمنية، أما بالنسبة للفاعلين الدوليين فليس لديهم أي صعوبات أو مشاكل ولكنهم لا يريدون أن يتدخلوا في الشئون الداخلية ويقولون بأنهم سيدعمون أي قرار سيتوصل إليه الشعب اليمني بشكل عام، وأكد بأن منظمته اختارت ذلك التوقيت مع بدابة الجلسة الختامية لمؤتمر الحوار الوطني بشكل عام أولاً وبعد صدور عدد من القرارات الأخيرة التي أصدرها هادي بخصوص لجان إعادة الأراضي..
وأشار بأن المرحلة ـ التي مرت ـ يرونها مرحلة تمهيدية وليست مرحلة انتقالية ولا يستطيعون تسميتها انتقالية، وإنما مرحلة تمهيدية تؤسس لمرحلة الانتقال، والمرحلة الانتقالية الحقيقية ـ وفق ما يرى الغاراتي ـ وتراها منظمات المجتمع المدني.. بعد انتهاء هذه المرحلة، أو بعد انتخاب رئيس جديد وبعد صدور الدستور الجديد، ستكون المرحلة الانتقالية الحقيقية.
 ويؤكد رئيس تمكين للتنمية الأستاذ/ مراد الغاراتي أن هناك فجوة حقيقية بيت صناع القرار والمجتمع، فالمجتمع ـ حد قول الغاراتي ـ مستوعب لمنظمات المجتمع المدني وعملها، ولكن صناع القرار لم يستوعبوا بعد بالشكل الكافي لمنظمات المجتمع المدني وما تقوم به من دور..
وأن الفجوة الحقيقية التي ستؤثر على العملية الانتقالية هي وجود فجوة كبيرة بين صانعي القرار والفاعلين السياسيين المحليين وبين المجتمع، وهناك فجوة أخرى ما بين مؤتمر الحوار ومابين المجتمع أو الشارع اليمني..
وحول التمثيل للمنظمات الحقوقية في مؤتمر الحوار، أفاد الغاراتي بأن هناك عددا كبيرا وكثيرا من الحقوقيين في مؤتمر الحوار، ولكن كمنظمات مجتمع مدني تم اختيار عدد لا بأس فيه من النقابات وفقاً لمعيار الشمال والجنوب، وهناك حوالي خمسن إلى ثمان نقابات أو منظمات حقيقية قد لا تكون فاعلة بالشكل المطلوب ولكنها غير حكومية بما نستطيع تسميتها ولكن دورها محدود لأنها وحيدة في إطار مؤتمر الحوار، فتمثيلها مقارنة بـ 565 عضوا يمثل فارقا كبيرا وغير عادل، وأفاد بأنهم كمنظمات حقوقية يقفون فيها مسافة متساوية مع كل الأطراف والقضايا.. وأشار إلى أن قضايا المجتمع كثيرة وهناك قضايا أساسية في اليمن لا بد معالجتها كقضايا المعتقلين والاختفاء القسري وموضوع العدالة الانتقالية والقضايا القانونية والمسائل القانونية التي يجب معالجتها وإعادة النظر فيها, هناك كثير من القضايا الداخلية ذات الأهمية قبل الوصول إلى القضايا الخارجية المتعلقة باليمنيين خارج اليمن.. يعدها الغاراتي قضايا إجرائية بسيطة أو جنائية يمكن حلها بسهولة، لكن هناك قضايا أساسية مرتبطة بالمرحلة الانتقالية يجب على منظمات المجتمع المدني أن تتعامل معها بجدية.

المقالات

تحقيقات

dailog-img
كيف تحوّلت مؤسسات صنعاء إلى “فقَّاسة صراع” الأجنحة داخل جماعة الحوثي؟ (تحقيق حصري)

حوّل خلاف موالين لجناحين (متشددين) متعارضين داخل جماعة الحوثي المسلحة “جلسة مقيّل” خاصة- بالعاصمة اليمنية صنعاء خلال عيد الأضحى المبارك- إلى توتر كاد يوصل إلى “اقتتال” في “مجلس” مليء بالأسلحة والقنابل ا مشاهدة المزيد

حوارات

dailog-img
وزير الدفاع يتحدث عن الحرب العسكرية ضد ميليشيا الحوثي ويكشف سر سقوط جبهة نهم والجوف ومحاولة اغتياله في تعز ولقائه بطارق صالح وتخادم الحوثيين والقاعدة وداعش

كشف وزير الدفاع الفريق ركن محسن محمد الداعري، ملف سقوط جبهتي نهم والجوف، بقبضة ميليشيا الحوثي، للمرة الأولى منذ تعيينه في منصبه. وأشاد الداعري، في حوار مع صحيفة "عكاظ" بالدعم بالدور المحوري والرئيسي الذي لعبته السعودية مشاهدة المزيد