دراسة حديثة تقترح تقسيم اليمن إلى ستة أقاليم..

الفدرلة المركبة

2013-10-12 07:57:01 عرض خاص/ أخبار اليوم

ضعف الدولة وهشاشة النظام السياسي والاقتصادي وغياب الأمن وتفشي الفساد والافتقار إلى مؤسسة عسكرية وطنية قوية وموحدة.. كلها مظاهر أدت إلى ظهور تحدي الانفصال للجنوب وتقسيم اليمن وتنامي الدعوات المناطقية.. في دراسته البحثية عن الدولة الفيدرالية اليمنية المقترحة, التي تضمنت مقترحاً بالتقسيم الإداري والسياسي للأقاليم المكونة للدولة الفيدرالية أورد الباحث المتخصص في إدارة التنمية المحلية/ عمر علي عبد الوهاب ما سبق.

وهي الدراسة التي بحث فيها عن ماهية شكل الدولة الاتحادية وطبيعة النظام السياسي المناسبين للواقع والخصوصية اليمنية, وخيارات نظام الحكم الممكنة. والتي يمكن من خلالها مواجهة تحدي الانفصال ودعوات التقسيم وتحقيق العدالة في تقسيم السلطة والثروة, وحل الإشكاليات, وإقامة دولة قوية قادرة على بسط سلطتها على كامل التراب اليمني وتحقيق الكفاءة الاقتصادية وتمكين الشعب اليمني من النهوض والتقدم. يقول علي عمر عبد الوهاب: كان مشروع توحيد اليمن في 22مايو 90م هو المشروع السياسي الوحيد الذي كان من المؤمل أن يقوم بإقامة الدولة اليمنية الحديثة. إلا أن هذا المشروع قد فشل فشلا ذريعا ولم يستطع الصمود لأكثر من عام, حيث بدأت مظاهر التفكك والانهيار وهو ما حدث في صيف 94 حيث قامت الحرب بين الشمال والجنوب وما تلا تلك الحرب من كل أنواع التكسير والتحطيم لمفاصل وركائز ومقومات مشروع الدولة اليمنية الحديثة التي كان اليمنيون يحلمون بقيامها. حيث تم تفتيت وإنهاء كل المؤسسات الحكومية والتعاونية التي كانت قائمة في الجنوب الأمر الذي يؤكد أن نظام الحكم الذي تولى حكم دولة الوحدة لم يستطيع أن يقيم دولة حقيقية قادرة على السيطرة على كل أجزاء الوطن وبناء دولة قائمة على المؤسسات وحسب بل أن هذا النظام قد قام بالقضاء على شكل الدولة الوحيد الذي ظهر في اليمن منذ قرون. وبحسب الباحث فإن كثير من الكتاب والمفكرين يرون إن قيام تلك الدولة المركزية كان من الأخطاء التي أدت إلى فشل دولة الجنوب في تقديم نموذج للدولة القادرة على البقاء وتقديم نموذج للدولة العصرية الحديثة على الرغم من الإرث الإداري المتطور. وقد أفرزت فترة ما بعد حرب 94م الكثير من الإخفاقات إذ جرى العبث في الأرض وثروات الجنوب ومؤسساته ومصانعه ومقدراته بشكل علني وواضح. ومن ثمة إقصاء أبناء الجنوب وتغييبهم عن المشهد السياسي والاقتصادي والثقافي والعلمي الأمر الذي أدى إلى تقوقع دور الدولة. وبالتالي فان الحديث عن الدولة أو شكلها في إطار الوحدة اليمنية خلال العقدين الماضيين ظل حديث عن فترة تحول فيها الشعب اليمني من شعب موحد في دولتين قبل الوحدة اليمنية إلى شعبين في دولة واحدة وهي دولة وهمية لا تملك أدنى مقومات الدولة الحقيقية. "وإذا كان الوضع قد وصل إلى نقطة حرجة أو نقطة عدم العودة فان البحث عن الحلول والمعالجات قد أصبحت من الضرورة": قال عمر علي عبد الوهاب في دراسته التي اجتاز بها برنامج الماجستير الوظيفي في إدارة التنمية البشرية- وحصلت أخبار اليوم على نسخة منها. لافتاً إلى أن غالبية النخبة المثقفة من سياسيين ورجال الاقتصاد والمفكرين وأساتذة الجامعات والناشطين في مختلف المجالات يكادون يجمعون على أن إصرار السلطة المركزية الهشة والمتهالكة على السير في نهج النظام السابق سيؤدي إلى تفكك الدولة المفترضة حاليا رغم ضعفها وهشاشتها ليس إلى دولتين جنوبية وشمالية وإنما إلى عدد من الدويلات بل أن هؤلاء النخبة يخشون أن تسعى كل قبيلة أن تصبح دولة مستقلة بذاتها. ويشير الباحث إلى خيارات نظام الحكم الممكنة في اليمن, الأول: نظام حكم فدرالي مكون من إقليمين, وهو المقترح الذي يلقى صدى بين عدد من القادة السياسيين من أبناء المناطق الجنوبية وخاصة معارضة الخارج بالإضافة إلى عدد من الأحزاب والشخصيات السياسية- حد تعبيره- رغم ما يلقاه هذا النموذج من معارضة كبيرة من قبل السلطة الحاكمة وعدد من الأحزاب السياسية, ممن يرون في عملية تطبيق نظام حكم فدرالي بإقليمين شمالي وجنوبي, إنما هي مرحلة تحضيرية لعملية الانفصال التام للجنوب وتكوين دولة مستقلة ذات سيادة, وهو المطلب الذي يتبناه الحراك الجنوبي الذي يطالب بفك الارتباط الفوري عن السلطة المركزية في صنعاء وإعادة قيام دولة جمهورية اليمن الديمقراطية وإعادة الوضع إلى ما قبل 22 مايو 90م. فيما الخيار الآخر يتمثل بنظام حكم فدرالي متعدد الأقاليم: وهو الرأي الذي تتفق عليه غالبية الأحزاب السياسية والشخصيات الاجتماعية والمفكرين والمثقفين وكذلك بعض من أطراف السلطة الحاكمة وبعض من أطياف المجتمع المدني. بالمقابل يصطدم هذا المقترح بواقع رفض أبناء الجنوب لأي حل أو مقترح قد يؤدي إلى محو أو تغيير لمعالم وحدود وجغرافيا إقليمهم الجنوبي الذي كان يمثل دولة مستقلة ذات سيادة ولديها حدود معروفة واضحة المعالم. ويعتقد الباحث إن أفضل حل يمكن الوصول به إلى معالجة الوضع اليمني وحل إشكالية نوع وطبيعة نظام الحكم وشكل الدولة المقترح يجب أن يأخذ بالاعتبار وفي الأساس رغبة وتوافق أبناء الأقاليم التي يقترح إقامتها أو تكوينها, خاصة ونحن نتحدث عن إيجاد حلول جذرية فعالة ودائمة والتي من أساسياتها إقامة دولة ديمقراطية تضمن مشاركة المواطن العادي في السلطة والثروة. وبالتالي فمن الأولى أن يتم استفتاء المواطن في شكل ونوع وطبيعة الدولة والنظام السياسي الذي سيتولى إدارة أمور حياته, أو على الأقل أن يتم العمل على إجراء استطلاعات للرأي رسمية وغير رسمية من جهات محايدة تساعد صانع القرار وأطراف الحوار في اتخاذ القرارات المناسبة والقابلة للتطبيق. ويورد عبد الوهاب عدد من الصعوبات والمعوقات التي تواجه تطبيق الحكم الفدرالي في اليمن والتي تعد القضية الجنوبية وقضية صعده والمنظومة التشريعية والدستورية الحالية على رأسها. إلى جانب ضعف الثقافة والوعي المجتمعي وانتشار الأمية وتعاظم دور القبيلة. ويرى أن إفساح هذا النظام المجال للاتحاد الاختياري بشروط متكافئة قائمة على التكامل الاقتصادي بين الأقاليم. واحدة من الأسباب والمبررات للأخذ بخيار الفيدرالية, وهو الأمثل لحل الكثير من المشاكل والقضايا العالقة على قاعدة الأرض والإنسان. ومن الأسباب أيضاً تأهيل الأرض وأعمارها والاستفادة من خيراتها, وإزالة التباين والاختلال في التركيبة الاجتماعية, وإعادة تشكيل الخارطة السياسية والعمل الحزبي, وتحقيق نهضة تعليمية والارتقاء بمستوى الكفاءات وتتنوع الاختصاصات تبعاً للاحتياج, واستغلال الكفاءات والقدرات لبناء الوطن واعتمادها كمعيار لإدارة الدولة هي أهم الأسباب والمبررات للأخذ بخيار الفيدرالية. على اعتبار أن سيطرة الحكومة الفيدرالية المركزية على المصالح العامة وترك المسائل المحلية لتحلها المناطق المحلية نفسها، يؤدي إلى قوة ناتجة عن الترابط بين الأجزاء الناتجة عن التفاعل بين هذه الأجزاء، فإتباع الأقاليم سياسة موحدة في كل من الشؤون الخارجية والقضايا الوطنية العامة، مقابل وجود حرية تشريع قوانين ملائمة وخاصة لكل إقليم حسب ظروف كل وحدة يفسح المجال لحل المشكلات على أساس الحاجة المحلية مقدماً الأهم على المهم. كما أنه يسمح إتباع النظام الفيدرالي للأقاليم إجراء تجاربها وسياساتها الخاصة التي ترتئيها مناسبة لها على نطاق محلي، والتي ربما ستكون خطرة لو طبقت على الصعيد الوطني, ويساعد إتباع النظام الفيدرالي على منع حدوث ما يهدد كيان الدولة من جراء المنازعات التي قد تنشب بين المكونات المختلفة في الدولة, ويخفف إتباع النظام الفيدرالي الواجبات الكثيرة المرهقة الملقاة على عاتق الحكومة المركزية. كونه نظام سياسي ينظم شؤون البلاد الشاسعة والمكونات الاجتماعية المختلفة بما يجعل من العيش المشترك أكثر أماناً ويفسح المجال لكل فئة إظهار خصوصياتها والعمل بها دون التضارب مع الآخرين وخلق التنافس بين أبناء الأقاليم للنهوض بالمستوى الاقتصادي والتجاري وفي كافة المستويات. وأنه يعمل على الجمع بين عاطفتي الاتحاد والاستقلال معاً، وهو من ناحية يحقق عاطفة الاتحاد بالحفاظ على وحدة الدولة بأسرها بالنسبة لمظاهر السيادة الخارجية والمسائل العامة في المجال الداخلي، ومن ناحية أخرى يحقق عاطفة الاستقلال بوجود الاستقلال الذاتي الداخلي لجميع الأقاليم.

التقسيم الإداري والسياسي لأقاليم الدولة المقترحة
لقد أظهرت الإحصاءات السكانية التباين الواضح في توزيع السكان الإداري والانتخابي بالمقارنة مع العدد الكلي للسكان والمساحة الكلية للجمهورية, هذا بحسب الدراسة وأن باحثين يرون أن هذه التقسيمات تدل على عدد من الحقائق, أهمها: طغيان الجانب السياسي على التقسيم الإداري, وإعادة توزيع السكان سياسيا, وأنه لم يتم مراعاة الكثافة السكانية, وإلحاق المديريات والعزل بمراكز قوى مؤثرة في طغيان وبروز الحزب الحاكم, مقابل تعجيز القرى والمناطق غير الموالية للنظام الحاكم من المشاركة في العمل السياسي. كذا عدم رغبة النظام السياسي على تحول مجتمعي نحو المدنية فعمد تفريقهم إداريا وتجمعهم سياسيا, وإيجاد فرص عمل لذوي النفوذ من خلال التقسيم الإداري كمدراء مديريات وسلطة غير رسمية في التقسيم الانتخابي لمراكز القوى في مراكز الانتخابات وربطها بخدمات الدولة, ولأن الفئة الناخبة في زيادة مستمرة وعليه فالدوائر الانتخابية ستضل كما هي بينما تزداد عدد المراكز الانتخابية. وتماشياً مع الربيع العربي الذي تعيشه الدول العربية ومنها ثورة الشباب اليمنية والذي يتطلب تغييراً في واقع النظام السياسي والاقتصادي والاجتماعي والثقافي للخروج من أزمات اليمن لمنع انفجاره والذي قد يهدد كيانه الواحد والدعوة إلى انفصال الجنوب , وتقسيم اليمن إلى دويلات. يقدم عمر علي عبد الوهاب مقترحاً لشكل الدولة الاتحادية وطبيعة النظام السياسي مستقبلاً يعتمد على تقسيم اليمن إلى أقاليم ولكل إقليم منفذ بحري على أن يجري التقسيم وتحديد الوحدات اللامركزية الإقليمية وفقاً لدراسة علمية ميدانية تأخذ بالاعتبار المعايير الموضوعية والأبعاد السياسية والاقتصادية والاجتماعية وفي المقدمة منها ما يلي:
1- البعد الوطني والسياسي: ويستهدف تعزيز مقومات الشراكة المجتمعية في الوحدة الوطنية وخلق التكامل في المصالح والمنافع المتبادلة بما في ذلك الروابط والصلات الضرورية للاندماج الاجتماعي والوطني.
2- البعد الاقتصادي: ويتعلق بتوازن مقومات الحياة الاقتصادية والمعيشية للسكان من الموارد والثروات الطبيعية والبشرية المتوافرة لكل إقليم وبحسب ما توضحه لنا الخرائط الجيولوجية وخرائط الموارد الطبيعية لضمان توفر الموارد الذاتية لكل إقليم وبما يحقق التوزيع العادل للموارد والثروات.
3- البعد الجغرافي: ويتعلق بمراعاة الترابط والامتداد المكاني الجغرافي والمناخي الملائم ومقومات البنية التحتية المطلوبة والميسرة للإيصال والتواصل التي ستعزز من القدرة على إدارة الأقاليم بشكل فعال وكفؤ وإيجاد نوع من التنافس يضمن الكفاءة والعدالة والتوازن في تقديم الخدمات للمواطنين.
4- مراعاة التوازن السكاني والثقل الديمغرافيبين الأقاليم الجديدة بما يؤدي إلى التوازن في سير الأقاليم في التنمية العادلة.
5- أن يكون لكل إقليم منفذ بحرييسهل له تنشيط حركته التجارية استيرادا وتصديراً فضلاً عن ما يقدمه ذلك الساحل من موارد اقتصادية في المجال السياحي والسمكي وغيرها من الموارد التي تسهم في دفع عجلة التنمية في الأقاليم بشكل متوازن. وأوضح الباحث شكل الدولة بدولة فدرالية مركبه, يكون طبيعة الحكم فيها جمهورياً, ونظام الحكم برلماني, ونظام الإدارة المحلية كاملة الصلاحيات. فيما النظام الاقتصادي رأسمالي. كما حدد سلطات الدولة بتشريعية وقضائية وتنفيذية. تتكون الأولى من البرلمان ويتكون من مجلس النواب الذي يتم انتخابه مباشره من الشعب ويكون التمثيل متساوي بغض النظر عن المساحة والسكان للأقاليم, ومجلس الشورى ويتم التمثيل فيه عشرة أعضاء عن كل إقليم بغض النظر عن المساحة والسكان ( التجربة الأمريكية ). أما السلطة القضائية فهي عباره عن قضاء موحد اعتيادي وتتمثل في المحكمة العلياء على المستوى القومي بحيث يتم انتخاب رئيس المحكمة العلياء من قبل مجلس القضاء ’ وفقا لمعيار الكفاءة ، بحيث تكون محاكم استئنافيه على مستوى الأقاليم وابتدائية على مستوى المحافظات والمديريات. في حين تتكون السلطة التنفيذية من الحكومة الفيدرالية ولتي تتكون من سته أقاليم ويتولى رئاستها رئيس الحكومة (النظام البرلماني )وحيث يحدد الدستور والقوانين المعدلة صلاحياتها , ويجب أن تكون اختصاصات السلطة المحلية حصريا واختصاصات الأقاليم عامة. كما قسمت الدراسة شكل وملامح الإدارة المحلية في الدولة بالمستويات التنظيمية للوحدات المحلية التالية: الحكومة المركزية, وحكومة محليه مقاطعات, والمحافظات. حيث يتم تقسيم الجمهورية اليمنية تقسيماً إدارياً جديداً(جغرافياً وسياسياً) إلى حكومتين وكل حكومة تنقسم إلى ثلاث مقاطعات. وتتكون الدولة من ستة أقاليم...

الأكثر قراءة

المقالات

تحقيقات

dailog-img
كيف تحوّلت مؤسسات صنعاء إلى “فقَّاسة صراع” الأجنحة داخل جماعة الحوثي؟ (تحقيق حصري)

حوّل خلاف موالين لجناحين (متشددين) متعارضين داخل جماعة الحوثي المسلحة “جلسة مقيّل” خاصة- بالعاصمة اليمنية صنعاء خلال عيد الأضحى المبارك- إلى توتر كاد يوصل إلى “اقتتال” في “مجلس” مليء بالأسلحة والقنابل ا مشاهدة المزيد

حوارات

dailog-img
وزير الدفاع يتحدث عن الحرب العسكرية ضد ميليشيا الحوثي ويكشف سر سقوط جبهة نهم والجوف ومحاولة اغتياله في تعز ولقائه بطارق صالح وتخادم الحوثيين والقاعدة وداعش

كشف وزير الدفاع الفريق ركن محسن محمد الداعري، ملف سقوط جبهتي نهم والجوف، بقبضة ميليشيا الحوثي، للمرة الأولى منذ تعيينه في منصبه. وأشاد الداعري، في حوار مع صحيفة "عكاظ" بالدعم بالدور المحوري والرئيسي الذي لعبته السعودية مشاهدة المزيد