مديرية حيفان في رحلة مع الضمأ والصراع مع الزمن..وعورة الطريق وشحة المياه وأسراب من الحمير تحكي مأساة المنطقة

2009-02-15 05:40:32


استطلاع/جميل العريقي

تعد قرية رهب واحدة من قرى عزلة مساهر أعروق في مديرية حيفان بمحافظة تعز وهي واحدة من القرى التي ضربها الجفاف في الآونة الأخيرة حيث قلت الأمطار في المنطقة بشكل غير مسبوق حتى جعل مخزون المياه ينفذ من الآبار والسقايات والخزانات التي تحفظ المياه لفصل الشتاء، فهذا العام يعتبر عام الحزن كما يسميه بعض المزارعين والفلاحين الذين أصبحوا يتناقلون قضية الجفاف باستمرار حتى أصبحت محور حديثهم لا تفارقهم أين ما وجدوا فمنطقة رهب كانت تعتبر من أجمل المناطق وأخصبها في مديرية حيفان كونها تقع على مقربة من الجبال التي تحيط بها من جميع الجهات وتعد هذه الجبال هي الخزانات الخاصة لحفظ المياه التي تضل تنبع منها طوال العام فتجري الأنهار والغيول والينابيع التي كانت قديماً تجعل المنطقة خضراء وخصبة، لكن في السنوات الخمس الأخيرة قلت الأمطار وشحت المياه، فمنطقة رهب تعيش هذه الأيام في حالة من الجفاف الذي لم تشهد له المنطقة مثيلاً من قبل.

"أخبار اليوم" زارت هذه المنطقة ووجدت أطفالاً يبكون ونساء يشكين وشباباً يعانون وشيوخاً يطلقون زفرات من الآهات المتتالية تكاد تحرق صدورهم من شدة الحزن أقتربنا أكثر منهم فوجدنا كل الإجابات متشابهة وكأن المتحدث واحد فكلهم يشكون من الجفاف ووعورة الطريق فأحببنا أن ندخل في تفاصيل المنطقة ونتناول بعض أوجه النشاط فيها وأنواع المزروعات التي تعتمد عليها المنطقة منذ قديم الزمان فإلى التفاصيل.

الموقع الجغرافي

رهب هي عبارة عن قرية تتناثر على وادي رهب الشهير وتتربع بعض منازلها على الجزء الأول من جبل الصيرة والهوب والحيفة والمنزل وتقع في عمق عزلة مساهر أعروق وتحيط بها الجبال الشاهقة من كل جانب، فمن الشرق جبل النقوب والحيفة، ومن الجنوب عرر، ومن الغرب جبل الصيرة، ومن الشمال جبل المخدوش والمنزل، فهي عبارة عن أرض منخفضة جداً كما قال عنها المواطنون أنها المنطقة الوحيدة التي تشرق عليها الشمس ساعتين في اليوم من شدة ارتفاع الجبال الشاهقة التي تحيط بها من جميع الجهات.

وعورة الطريق

تحدث إلينا عدد من المواطنين عن الطريق وقصتها فقالوا: "إن لهذه الطريق قصص كثيرة تناقلها الناس على مدار السنوات الماضية، فقد كانت هذه الطريق عبارة عن سائلة كانت تمر فيها السيول المنحدرة من أعالي الجبال المحيطة بالمنطقة، ومع ظهور الدراجات النارية والسيارات تطورت وقام المواطنون بتوسيعها بأياديهم واستغرقوا شهوراً في عملية التوسعة اليدوية التي استخدم فيها المواطنون الحجن والمجاريف والعتلات والمطارق والخيش في تكسير الصخور وجرف التراب من الاتجاه المعاكس لا تستطيع المرور بجانب الأخرى فتضطر واحدة منها إلى التراجع إلى الخلف مسافة خيالية تقدر بنحو أكثر من خمسين متراً حتى تتيح الفرصة للأخرى في المرور، وإذا كانت تحمل مريضاً أو حالة متعسرة أو ما شابه ذلك فتظل تتأرجح بين الصخور حتى تصل إلى الخط الرئيسي وقد تضاعفت حالة المريض وازدادات سوءً من شدة وعورة الطريق الذي يعتبر طريقهم الوحيد.

أهمية المحاصيل الزراعية

إن قرية رهب لن تنفرد بمحصول جديد يميزها عن باقي المديريات والمناطق الأخرى، فكل المزروعات اعتاد المواطنون على زراعتها منذ قديم الزمان وأصبحوا يعتمدون عليها اعتماداً كلياً في حياتهم اليومية وما زال يعتمد أغلبية المواطنين على زراعة الحبوب بأنواعها مثل "الذرة الشامية الذرة الحمراء الغرب الدخن الدجر الكشري اللوز السمسم الكشري الهند" وغيرها من المزروعات التي يعتمد عليها أغلبية المواطنين في معيشتهم اليومية طوال العام، كما يستفيدون من أعلافها كطعام للحيوانات المختلفة، وتعتمد الزراعة في وادي رهب على مياه الأمطار والسيول المنحدرة من أعالي الجبال والتي شحت في الآونة الأخيرة وجعلت معظم المواطنين يلجؤون إلى بيع مواشيهم بأسعار بخسة ورخيصة لعدم قدرتهم على شراء قصب الذرة من الأسواق بعدما وصل سعر الحزمة الواحدة "العقده" الوجيم ما بين "100" إلى "150" ريال في الأسواق، فيما بعض المواطنين ما زالوا يأخذونها بهذه الأسعار إلى جانب شراء القمح الخارجي بأسعار تقصم الظهور وهذا كله بسبب تردي مستوى الزراعة الذي كان سببه الرئيسي الجفاف الذي ضرب المديرية برمتها.

الجفاف وأسبابه

فأما أسباب الجفاف الذي ضرب المديرية برمتها تعود لعدة مصادر كما ذكرها لنا عاقل المنطقة وكثير من المواطنين حيث قالوا: "عدم وجود حواجز مياه كبيرة تستوعب مياه الأمطار في وقت الصيف لكي يستفيد منها المواطن في أوقات الشتاء.

كما أشاروا في حديثهم إلى سد السويدية الذي ذكرناه في الحلقات الماضية والذي يعتبر المنقذ الوحيد من أزمة الجفاف كانت سوف تستفيد منه ثلاث مديريات مثل الصلو وحيفان وخدير لذلك لأنه يقع في مكان إستراتيجي هام للمديريات والمناطق التي بجواره ولكن ما زال هذا المشروع متعثراً منذ الثمانينات حتى هذه اللحظة لأسباب غير معروفة، لكن ماذا يفيد الندم والمشروع متوقف والجفاف يزداد عاماً بعد عام؟ ولولا وجود بئر السوق التي تزود أكثر من خمسين قرية من حيفان والصلو لكان الحال أصعب للغاية، فهذه البئر غاز الماء منها هذا العام في وقت مبكر وأصبحت شبه جافة تلفظ أنفاسها الأخيرة بلترات من المياه الغير صالحة للشرب والمخلوطة بالقش والطين فترى النساء تتزاحم عليها طوال اليوم "ليلاً نهاراً" أيضاً وبعضهم يقطعون مسافات خيالية للمديريات المجاورة للحصول على لترات من المياه أطفال وصبايا ونساء تحمل دبات المياه خلف أسراب الحمير من الأماكن البعيدة ولن يقع نصيب المنطقة من قواطر المياه التي أوهبهم إياها بيت هايل سعيد لقرى المديرية المتضررة من الجفاف وذلك أولاً لوعورة الطريق العام وضيقها ولوقوع الطريق بين الأشجار والحقول.

الاستفادة من الأشجار

تكثر الأشجار المختلفة والتي يقوم بزراعتها المواطنون من أجل الاستفادة منها في عمل الوقود كحطب، ومن هذه الأشجار "العسق الإتئاب السمر السقام القرض الكافور العوسج البلس العلقق العلب الخدام وغيرها من الأشجار التي تستخدم للطهو وخاصة بعدما ارتفعت أسعار اسطوانات الغاز في المنطقة حيث وصل سعر الأسطوانة الواحدة ما بين "8000 إلى 10000" ريال ويمكن أن يزيد في الأيام القادمة ويلجأ الناس إلى الأشجار وتربيتها في المنطقة.

المقالات

تحقيقات

dailog-img
كيف تحوّلت مؤسسات صنعاء إلى “فقَّاسة صراع” الأجنحة داخل جماعة الحوثي؟ (تحقيق حصري)

حوّل خلاف موالين لجناحين (متشددين) متعارضين داخل جماعة الحوثي المسلحة “جلسة مقيّل” خاصة- بالعاصمة اليمنية صنعاء خلال عيد الأضحى المبارك- إلى توتر كاد يوصل إلى “اقتتال” في “مجلس” مليء بالأسلحة والقنابل ا مشاهدة المزيد

حوارات

dailog-img
وزير الدفاع يتحدث عن الحرب العسكرية ضد ميليشيا الحوثي ويكشف سر سقوط جبهة نهم والجوف ومحاولة اغتياله في تعز ولقائه بطارق صالح وتخادم الحوثيين والقاعدة وداعش

كشف وزير الدفاع الفريق ركن محسن محمد الداعري، ملف سقوط جبهتي نهم والجوف، بقبضة ميليشيا الحوثي، للمرة الأولى منذ تعيينه في منصبه. وأشاد الداعري، في حوار مع صحيفة "عكاظ" بالدعم بالدور المحوري والرئيسي الذي لعبته السعودية مشاهدة المزيد