مديرية باجل.. موقع تاريخي وجغرافي يسوده النسيان والإهمال

2014-01-20 06:32:28 تقرير/ خاص

هي إحدى أكبر المديريات في محافظة الحديدة.. فهي تقع على الخط الرئيسي الحديدة – صنعاء كما أنها تقع بالمحاذة مع العديد مع المحافظات الأخرى كما هو الحال مع مديرية خميس بن سعد التابعة لمحافظة المحافظة المحويت.

هذه مديرية باجل التي تعد من أكثر المديريات في محافظة الحديدة رفدا للإيرادات لخزينة الدولة حسب الإحصائيات من مكتب المالية بمحافظة الحديدة .. إلا أنه ومع تلك الأهمية فما تزال المديرية تعاني من إهمال الدولة و غياب للخدمات الأساسية، فبالإضافة إلى الفقر المدقع الذي يعيشه أبناء مديرية باجل فهم يعانون من تردي خدمة الكهرباء وكذلك خدمة الصحة فكل القرى الريفية في مديرية باجل تعيش في ظلام دامس كما أن المدينة لا يتم تغطيتها بشكل كامل من قبل الجهات المسئولة في الكهرباء ..

باجل النشأة

في بدايات القرن المنصرم وبالتحديد في القرن الحادي عشر الهجري وعلى بعد 55 كيلواً متر من عاصمة المحافظة (الحديدة) أنشأت مديرية باجل كي تكون نقطة لربط الحديدة مع صنعاء وبقية المناطق الجبلية ..

كما تمتلك مديرية باجل أهمية بالغة بسبب موقعها الجغرافي كونها تقع على الخط الرئيسي الذي يربط الحديدة – بصنعاء ففيها كان يستريح المسافرين ويأخذون مأنهم وحاجياتهم للتزود للسفر الطويل قبل أن توجد السيارات وقبل أن يسفلت الطريق..

يبلغ عدد سكان مديرية باجل ما يقارب من 200 الف نسمه حسب إحصاءات رسمية ويتركز جزء كبير منهم في مدينة باجل عاصمة المديرية بين يتوزع الباقي على قراها والبالغ عددها (290 قرية).

كما توجد العديد من المعالم التاريخية المهمة في مديرية باجل باتت اليوم تشكوا الإهمال وعدم الاهتمام من قبل الدولة والجهات المعنية فيها بل أن بعض تلك المعالم التاريخية أصبحت اليوم تعاني جراء الطمس المتعمد والتعدي الغير مقبول في ظل غياب كامل للدولة ..

فقلعة الشريف والتي تعود نسبتها على بانيها وهو الشريف حسين ابن محمد (أحد حكام تهامة في القرن الثاني عشر الميلادي).

وقلعة الضامر وهو موقع أثري قديم يقع في جبل الضامر في جنوب شرق مدينة باجل على بعد 25 كيلوا متر وعلى ارتفاع 800 متر ..

قمامة تملئ السوق

اعتاد أبناء مديريات محافظة الحديدة على إقامة أسواق أسبوعية في بعض المديريات بحيث تأخذ كل مديرية يوم يتم فيه توافد المواطنين من مختلف مديريات المحافظة بهدف التسوق في هذه الأسواق الكبيرة والتي تمتلئ في يوم السوق المعروف بالعديد من البضائع والحاجيات التي يطلبها الشراة ..

ومع الأهمية الاقتصادية لهذا السوق لأبناء مديرية باجل ولكل الوافدين إليه من مختلف المناطق إلا أنه (السوق) يعيش وضع مأساوي وحال مزري نتيجة لطفح مياه الصرف الصحي بداخله (المجاري) بشكل كبير وبصورة تبعث على التقزز والقرف ناهيك عن انتشار بقايا الأسماك ومخالفات القمامة المنتشرة بين جوانبه والتي تملئ المكان بشكل كبير ..

وبالرغم من المبالغ المالية التي يفرضها المجلس المحلي في المديرية مقابل نظافة السوق على الباعة المتجولين وعلى أصحاب المحلات التجارية وكذا على أصحاب المواشي والبضائع إلا أن ذلك لم يحل المشكلة, فما يزال السوق يعاني مشكلة القاذورات ويشكو معه كل القادمين أو المتجولين وكذا الوافدين من الذين يرغبون في شراء حاجياتهم من سوق يوم الأربعاء..

ويقول بسام الزريقي أحد أبناء المنطقة ( لقد سئمنا من متابعة المجلس المحلي في المديرية وصندوق النظافة لوضع حلول جادة لنظافة هذا السوق خاصة وأنه يعتبر واجهة باجل وإليه يقبل الآلاف أسبوعياً من مختلف المديريات إلا المجلس المحلي يتعذر بعدم وجود الإمكانات ..

من جهته أكد مدير النظافة في مديرية باجل خالد الصلوي بأن مشكلة النظافة في مديرية باجل ناتجة عن قلة الإمكانات المالية والبشرية فما يتم تحصيله (حسب ما قال) من المواطنين أصحاب المحلات التجاري وأصحاب البضائع ليوم الأربعاء لا يغطي التزامات نقل القمامة بواسطة سيارات النقل ناهيك عن أجور العمال والذين يعمل أغلبهم في إطار التعاقد ولا نستطيع الإيفاء بأجورهم في الغالب (حسب إفادته)

وطالب الصلوي من السلطة المحلية في المحافظة القيام بدعم وتوفير الإمكانات المالية والبشرية وكذا المعدات ليتم القيام بعملية النظافة في مدينة باجل وسوقها المركزي بالشكل الذي يتمناه الجميع ..

انعدام الخدمات

فالعديد من مواطني باجل يستغربون أن يتم حرمانهم من خدمة الكهرباء بالرغم من الإيرادات المالية الكبيرة التي ترفد بها باجل خزينة الدولة سواء منها الضرائب والجمارك أو غيرها ..

وفيما يتعلق بخدمة المياه فالوضع مؤلم نظرا لأن أغلب قرى مديرية باجل تعاني من غياب مشاريع المياه فيها الأمر الذي يلجأ المواطنين إلى تحمل تكاليف نقل المياه من المدينة إلى قراهم ممن لديه القدرة وأما الغالبية العظمى من أبناء قرى مديرية باجل فهم يعانون جراء نقل المياه على رؤوس النساء والأطفال ولمسافات تقدر بالكيلومترات ..

عبده حسن طاهر من أبناء قرية دير دبج تحدث إلينا عن مشكلة افتقار قريته والقرى القريبة للمياه فقال (أحنا في قريتنا والقرى اللي قريبه مننا نتعب كثيرا من أجل توفير المياه والتي يذهب لها الأطفال والنساء ولمسافات طويلة .. وهذا الماء الذي يتم التحصل عليه يستخدم في الغالب للشرب بينما يلجأ المواطنين في قريتنا والقرى الأخرى لأخذ مياه الأودية المتسخة للاستخدام المنزلي ..

وعلى صعيد التعليم فالوضع مخيف وينذر بكارثة قادمة إن لم يتم تدارك الوضع .. فأغلب القرى الريفية في مديرية باجل لا يوجد بها مرافق تعليمية (مدراس) الأمر الذي يجعل المواطنين بين خيارين أما أن يجعلوا أبناءهم يلجئون للدراسة في مدارس بعيدة عن قراهم أو يتركوهم للامية وهو الأمر الحاصل في الغالب ..

حيث تشير الإحصاءات الحكومية في مكتب التربية والتعليم في مديرية باجل إلى أن المديرية لا يوجد بها سوى 84 مدرسة أساسية موزعة بين المدينة وكل المناطق الريفية ومدرستين ثانوية وهو عدد يؤكد القائمون في المديرية (التربية) على أنه لا يمكن أن يغطي التوزع السكاني لا من حيث العدد ولا من حيث المساحة .. ومع ذلك فإن بعض ما يطلق عليه مدراس لا يتعدى أن يكون عبارة عن عشش من القش يدرس فيها الطلاب دون توفر أي معدات تعليمية.. ناهيك من أن بعض القرى يضطر الطلاب فيها للدراسة في المساجد.. هذا الأمر تسبب في تسرب الكثير من الطلاب من الدراسة ليضافوا إلى رصيد الأمية..

هذا الأمر دفع بمنظمة اليونسيف إلى تبني مشروع هو عبارة" إلحاق أمي بالدراسة" مقابل 6 طلاب إسهاماً منها في معالجة هذا الوضع المخيف..

سجن كرم التاريخي
وفي مديرية باجل أيضا يوجد سجن ما يعرف (بسجن كرم) وهو عبارة عن سجن يتم فيه إرسال النساء من إدارة أمن المديرية أو من النيابة للتوقيف على خلفية قضايا.. لكن هذا السجن لا يتبع مصلحة السجون ولا حتى الداخلية وإنما يتبع امرأة تسمى كرم وهي تدير السجن وتشرف عليه منذ عقود من الزمن والسجن عبارة عن منزل تابعة لأسرة هذه المرأة..

هذا يأتي وسط زيارات حقوقية وصحفية لسجن كرم في باجل وتحذيرات من وجود سجون خارج سيطرة الدولة وتخضع لأشخاص أيضا ليسوا موظفين في الجهات ذات العلاقة ..

وفي الأخير تظل مديرية باجل حاضرة المدن التهامية من حيث الحضور التاريخي والتداخل الاجتماعي والنهضة العمرانية والوعي الثقافي والفكري الذي يتمتع به أبناء باجل والذي قلما تجده في مديرية أخرى .. لكنها اليوم بحاجة إلى اهتمام الدولة ورعايته وبما يجعلها في موقعها الصحيح ويرتقي بوضع أبناءها التعليمي والصحي.. كما أن على الدولة اليوم أن تعمل جاهدة لتوفير الخدمات الأساسية واتخاذ إجراءات جادة للاهتمام بالمعالم الأثرية بما يحفظ لأبناء هذه المنطقة تاريخية ونضال آبائهم وأجدادهم.

الأكثر قراءة

المقالات

تحقيقات

dailog-img
كيف تحوّلت مؤسسات صنعاء إلى “فقَّاسة صراع” الأجنحة داخل جماعة الحوثي؟ (تحقيق حصري)

حوّل خلاف موالين لجناحين (متشددين) متعارضين داخل جماعة الحوثي المسلحة “جلسة مقيّل” خاصة- بالعاصمة اليمنية صنعاء خلال عيد الأضحى المبارك- إلى توتر كاد يوصل إلى “اقتتال” في “مجلس” مليء بالأسلحة والقنابل ا مشاهدة المزيد

حوارات

dailog-img
وزير الدفاع يتحدث عن الحرب العسكرية ضد ميليشيا الحوثي ويكشف سر سقوط جبهة نهم والجوف ومحاولة اغتياله في تعز ولقائه بطارق صالح وتخادم الحوثيين والقاعدة وداعش

كشف وزير الدفاع الفريق ركن محسن محمد الداعري، ملف سقوط جبهتي نهم والجوف، بقبضة ميليشيا الحوثي، للمرة الأولى منذ تعيينه في منصبه. وأشاد الداعري، في حوار مع صحيفة "عكاظ" بالدعم بالدور المحوري والرئيسي الذي لعبته السعودية مشاهدة المزيد