مسؤول الأنشطة وتنمية الموارد بنقابة المهندسين اليمنيين فرع صنعاء..

الفساد في المشاريع يبدأ من تحديد الموازنة وتجميد قانون البناء يزيد من حدته

2014-01-28 13:30:47 حاوره/ الشرعبي أبو اسينات


التشوه الحاصل في التخطيط العمراني والجمالي في المدن اليمنية، يعكس واقع عمل منتسبي المهنة الهندسية عموماً، هذه المهنة التي يُنفق على ما تنتجه ما بين 70 إلى 80% من الموازنات سواءً العامة للدولة أو الفردية.

وفي ظل الوضع الراهن الذي يعيشه العمل الهندسي عامة، والكيانات الهندسية اليمنية التي تتسم بالركاكة، سيزداد الوضع سوءاً، ولا يمكن انتشال المهنة من الوضع الذي يسيطر عليها إلا من خلال الاهتمام اللازم بالعمل الهندسي بكل تفرعاته ومنتسبيه، وتخويلهم بالدور الذي يجب أن يضطلعوا به، إضافة إلى منحهم كافة حقوقهم.. وقضايا أخرى في هذا الجانب، تحدث عنها في حوار خاص مع "أخبار اليوم الاقتصادي" مسؤول الأنشطة وتنمية الموارد في المكتب التنفيذي لنقابة المهندسين اليمنيين ـ فرع صنعاء، النقابي وصاحب كثير من المبادرات الرامية إلى تحسين العمل الهندسي، وتفعيل الكيانات الهندسية، المهندس/ عبد الله حسين الغيلي.. مقتطفات من الحوار.

*المهندس/ عبد الله الغيلي، هل لك أن تضعنا أمام رؤية واقعية عن حال العمل والمهنة الهندسية ومنتسبيها.؟


ـ بكل شفافية حال وواقع العمل والمهنة الهندسية ومنتسبيها في اليمن ليس على ما يرام، ابتداءً من التعليم الهندسي الذي يعتمد على التلقين النظري بنسبة كبيرة وعُقم المقررات الهندسية وعدم الاهتمام بالتطبيق وحتى التخرج، حيث يتخرج طالب الهندسة وهو غير مدرك لأبجديات العمل الهندسي ويبدأ معه في البحث عن وظيفة، دون جدوى، إلا من كان يملك الوساطة والمال، وللتوضيح أقول هذه المخرجات لا تواكب احتياجات سوق العمل.

*هذا في جانب التحصيل العلمي.. والجوانب الأخرى؟


ـ أيضاً في الجوانب التي يسري ذلك عليها نفس الحال، فلا يوجد اهتمام لا من الحكومة ولا من القطاع الخاص بالمهندس بكل تخصصاته والعمل الاستشاري يليه قطاع المقاولات الذي يغلب عليه طابع الضعف وعدم الاهتمام بالتخصصات وعدم إتاحة المجال للعمل وفق الكفاءة والخبرة والتخصص، حيث يجري إيكال المهام إلى غير أصحابها وبشكل عشوائي مما ينتج عنه أعمال مشوهة وفيها الكثير من العيوب الهندسية والتخطيطية والفنية وغيرها، هذا غير التلاعب بمواصفات ومقاييس المواد والكميات... إلخ.

*هل يعني أن قطاع المقاولات لا يعمل وفق أسس العمل المؤسسي...؟


ـ ليس قطاع المقاولات فحسب، بل إدارة المشاريع كافة وعلى كل المستويات؛ تستطيع القول إنها ـ أي إدارة المشاريع ـ يغلب عليها طابع البدائية وغياب العمل المؤسسي إلا نسبة متواضعة تعتمد على الإدارة الحديثة بمفهومها الشامل.

*وفيما يخص الدراسات والتصاميم الإنشائية وغيرها..؟

ـ للأسف الشديد يتم الاعتماد بشكل كبير على دراسات الجدوى والاستشارية والفنية خارجية، على حساب أبناء المهنة من البلد.

*في اعتقادكم أليس ذلك مرجعه أن الخارجية أضمن أو أفضل؟


ـ نحن لا نقلل من شأن القادم أو المستورد، لكن نؤكد أن هناك من الخبرات والكفاءات المحلية ما توازي أو أفضل ما لدى الخارج.

*طيب وما السبب؟


ـ السبب تغيب وتهميش الخبرات والكفاءات المحلية والتعامل معها بدونية وانتقاص وعدم إنصافها بالحقوق وحقل العمل وأداء المهام.

*لكن ألا يوجد ما يستدعي الثقة بالأجنبي أكثر؟


ـ للإنصاف وليس من باب المدافعة عن الكفاءات اليمنية، كثير من الدراسات والأعمال المستوردة من الخارج، لن ترتقي إلى مستوى ما سيقدمه الكادر اليمني إذا أتيح له الفرصة، وهناك كثير من الشواهد، وللقارئ الكريم أن يتأكد من ذلك عبر معرفة الكوادر اليمنية التي تنتشر في أنحاء العالم في هذا المجال.

*مهندس عبد الله؛ شيء هام يجب الوقوف عليه وهو الكيانات الهندسية؛ ماذا عنها؟


ـ الكيانات الهندسية اليمنية تعيش مرحلة جمود وإن قامت بنشاط فيكون في النادر، ولا يهدف كثير منها إلى مناقشة ودراسة حالة وواقع المهنة ومنتسبيها والقطاعات ذات الصلة، بل يكون من أجل تحقيق مصالح وهذا يزيد من سوء الوضع.

*هناك أربعة كيانات هندسية وكيان خامس يذكر بعض أنه جرى تفريخه لأغراض سياسية وبعض يذكر أنه احتجاج على جمود الكيانات الأربعة وهذه الكيانات قد لا يعرفها إلا المنتسبون إليها ـ حد قول كثير؟


ـ المشكلة هنا ليس في من يعرفها أو لا يعرفها، بل في ماذا قدمت وحققت، وهنا تكمن المشكلة، حيث يبدأ الكيان من خلال ما يُطرح ليكون البديل ثم لا يلبث أن يتحول مثل سابقيه، مقر ولوحة ضوئية، وقبول طلبات العضوية وجلسات مقيل والمشاكل تزداد.

*لكن البرامج التي تعلن عنها بداية تكوينها تكون قوية؟

ـ دعك من البرامج التي ينتهي بها المطاف بعد إعلان تدشين الانطلاقة ثم يصبح مصيرها الأدراج، العمل والمهنة الهندسية ومنتسبوها لا يحتاجون إلى مزيد من تلك البرامج، بل يحتاجون قولاً وفعلاً على أرض الواقع وما عدا ذلك كالزبد الذي يذهب جُفاءً.

*المهندسون من أهم المكونات في العالم أجمع ولديهم كيان جامع يحويهم.. وفي اليمن تعداد المهندسين يقارب حوالي 60 ألفاً من كل التخصصات، وحتى الآن ليس لهم نقابة عامة.. هذا يثير الاستغراب؟


ـ منتسبو المهنة الهندسية عامة مشتتون، كلٌ يجري وراء البحث عن مصدر رزق وتأمين لقمة العيش، والذين يسعون إلى لمّ الشمل قليلون جداً وصوتهم غير مسموع، وما يفعلوه في ظل الوضع المتردي، قد لا يبرز، لأنه كالإبرة في كومة قش، لكن مع الإصرار سيحدث استجابة ولا ننكر أن هناك استجابات وكل وقت تزداد شيئاً فشيئاً.

*معذرة؛ للمقاطعة أواخر عام2009م، جرى إعلان سعيكم نحو إقامة المؤتمر العام الأول وتشكيل نقابة عامة وإلى الآن لم يتحقق شيء؟

ـ نعم في ذلك الوقت كنا تفاءلنا كثيراً، لكن لم يتحقق ذلك الحلم وهذا معيب بحق المهندسين اليمنيين وكل منتسبي العمل الهندسي الشامل.

*وما المانع من ذلك؟


ـ هناك نفسيات مريضة ليس من مصلحتها لمّ الشمل، وتعمل جاهدةً ومن خلف الكواليس لإعاقة أية جهود لتوحيد وجمع منتسبي المهنة تحت كيان ومظلة واحدة.. وهؤلاء يعرفون أنفسهم جيداً، ونقول لهم: كفى ما قد حصل وتعالوا الآن نضع يدنا بأيديكم ونبدأ من أجل الوطن أولاً والمهنة ومنتسبيها ثانياً.

*لا يخفى عليكم أن التخطيط الحضري ومشاريع البنية التحتية وكذلك الخاصة والفردية تحوز على موازنات كبيرة، صرف هذه الموازنات، هل يجري وفق المعايير المطلوبة أو..؟

ـ عند النظر إلى موازنات المشاريع أولاً في مجال البنية التحتية التي يجري الإنفاق عليها من الموازنة العامة للدولة، تكون الموازنة السنوية حوالي ستين ملياراً وهذا العام تم رفعها إلى ثمانين مليار ريال في الموازنة وهذا مبلغ كبير، لكنه في الجزء الأكبر منه يذهب هدراً على مشاريع بدون مواصفات وبدون أعمال استشارية هندسية ودراسات جدوى، والتنفيذ يكون فيه عيوب والمواد تكاد تنعدم في كثير منها الجودة، وللعلم الشرائح الهندسية في العالم أجمع تكون معنية بالحفاظ على ما نسبته من 70 إلى 80% من النفقات الاستثمارية، الموجهة إلى المشاريع الحكومية، ومثلها موازنات بُنى المشاريع الخاصة والفردية والتي هي الأخرى في اليمن يذهب معظمها هدراً.

*ومن المسؤول عن هذا؟

ـ الجهات الرسمية المعنية والكيانات الهندسية والأجهزة الرقابية.

*والجانب التشريعي؟


ـ هذا الجانب يعاني خلالاً كبيراً، فقانون البناء غير مفعَّل، وهناك من يحرص على بقاءه غير مفعَّل لأنه مستفيد، أيضاً عدم وجود قانون ينظم المهنة ويفرض احترام التخصص والتجريم جراء أي تلاعب، فلا يوجد قانون ينظم المهنة حتى الآن وكان قد بدأ فرع صنعاء بالتعاون مع الفروع الأخرى باستصدار قانون وتم إعاقته.

*فيما يتعلق بقانون البناء أين تكمن المشكلة، هل في القانون أم..؟


ـ بالنسبة لقانون البناء اليمني ولائحته التنفيذية يمثل ثورة في إحداث نهضة تخطيطية حضارية، أي المشكلة ليست فيه، بل في المتعاقبين والقائمين على تنفيذه، الذين يرعبهم هذا القانون، ولذا الجميع يتهرب من الخوض في تنفيذ هذا القانون، لأنه سيغلق الأبواب أمام المصالح الخاصة والارتزاق على حساب واجهة البلد الحضارية.

*تفعيل هذا القانون سيوقف زحف مثل العشوائية والتشوه الحاصل؟

ـ تنفيذ القانون بإيكال المهمة إلى كوادر وخبرات فنية مؤهلة وشريفة سيوقف هذا الزحف وسيفتح المجال لتوظيف كل الأيادي والخبرات الهندسية العاطلة بل وملايين الأيادي العاملة، وسيمنع أو يقضي على الفساد الكبير في مجال منح تراخيص البناء والتلاعب بالمخططات وإعاقة توصيل الخدمات العامة لحساب أشخاص مقابل رشاوٍ تُمنح للمخولين بمهام منح التراخيص ورقابة الالتزام بالمخططات وغيرها.

*بعد كل هذه العشوائية التي يغرق فيها البلد، تنفيذ قانون البناء؛ ما الذي سيقدمه حيال الحاصل وليس المستقبل؟

ـ تنفيذه مع إنفاذ سيادة القانون وعدم المحاباة والمجاملة والمعاملة بالتساوي سيفضي إلى إزالة كل ذلك، لأن البلد أهم من مصالح الأشخاص التي تعوض، أما البلد فلا يعوض.

*تؤكد تقارير رسمية وجود فساد كبير في الأشغال العامة والتخطيط الحضري والمناقصات.. كنقابي كيف تفسر ذلك؟


ـ الفساد في هذه المجالات يبدأ من تحديد موازنة كل مشروع ثم التلاعب بإرساء المناقصات وهلم جر وصولاً إلى التنفيذ والتلاعب بمواصفات ومقاييس وجودة المواد.

*بعض التناولات والأحاديث تفيد أن مهندس المشروع يسهم في ذلك؟

ـ الوضع المعيشي والمتطلبات الحياتية وارتفاع غلاء المعيشة وعدم وجود عمل يجعل بعض المهندسين ـ ضعاف النفوس ـ يمدون أيديهم، ولا يمكن القضاء على هذه الظاهرة إلا بتفعيل مبدأ الثواب والعقاب وقبل هذا إيجاد قانون ينظم مزاولة المهنة وتفعيل قانون البناء، واللوائح والتشريعات التي تحدد مهام كل كادر في أي مشروع، واحترام التخصص وإيكال المهام إلى التخصصات وليس ترك الأمر مثل الحاصل، حيث لا يجد المهندس أو المشرف، غير القبول بأي مساومات والرضوخ مقابل عمولة زهيدة، للتقاضي عن أخطاء كبيرة وإهدار لموازنة المشروع أو ذهابها لصالح المقاول والمنفذ.

*أشكركم جزيل الشكر مهندس.


ـ وكل الشكر والتقدير لكم لطرقكم هذا المجال شبه المغيب عن التناولات الإعلامية.

المقالات

تحقيقات

dailog-img
كيف تحوّلت مؤسسات صنعاء إلى “فقَّاسة صراع” الأجنحة داخل جماعة الحوثي؟ (تحقيق حصري)

حوّل خلاف موالين لجناحين (متشددين) متعارضين داخل جماعة الحوثي المسلحة “جلسة مقيّل” خاصة- بالعاصمة اليمنية صنعاء خلال عيد الأضحى المبارك- إلى توتر كاد يوصل إلى “اقتتال” في “مجلس” مليء بالأسلحة والقنابل ا مشاهدة المزيد

حوارات

dailog-img
وزير الدفاع يتحدث عن الحرب العسكرية ضد ميليشيا الحوثي ويكشف سر سقوط جبهة نهم والجوف ومحاولة اغتياله في تعز ولقائه بطارق صالح وتخادم الحوثيين والقاعدة وداعش

كشف وزير الدفاع الفريق ركن محسن محمد الداعري، ملف سقوط جبهتي نهم والجوف، بقبضة ميليشيا الحوثي، للمرة الأولى منذ تعيينه في منصبه. وأشاد الداعري، في حوار مع صحيفة "عكاظ" بالدعم بالدور المحوري والرئيسي الذي لعبته السعودية مشاهدة المزيد