الحوثيون وأنصار الشريعة في قائمة منتهكي حقوق الطفل في اليمن..

تجنيد الأطفال وصمة عار بحق الإنسانية

2014-02-20 11:09:07 هموم الناس/ خاص


لا شك أن الحروب والصراعات السياسية تلقي بظلالها القاتمة والأليمة على كافة مناحي الحياة في البلاد التي تشهد مثل هذه الحروب والنزاعات وتعتبر اليمن من أكثر البلدان التي شهدت الصراعات السياسية والحروب بمختلف أنواعها في العصر الحديث وصولاً إلى الاحتجاجات الشعبية والثورة الشبابية السلمية في 2011م التي ذهب ضحيتها مئات من الشهداء والجرحى والمعاقين رجالاً ونساءً شيباً وشباناً ومن مختلف الأعمار ولم يكن الطفل اليمني بمنأى عن هذه الصراعات والآلام والانتهاكات المرتكبة بحق الأطفال بما أنهم الحلقة الأضعف في هذه النزاعات والأكثر عرضة للاعتداءات الجسدية و المعنوية.


مما له دلالة فقد رصدت المنظمات الحقوقية خلال الأحداث الأخيرة «2011» فقط ما يزيد عن 500طفل تعرضوا للقتل والإصابة والإعاقة في حين قتل ما يقارب 142 طفلاً تتراوح أعمارهم ما بين 9 سنوات إلى 16 سنة بالإضافة إلى تجنيد مئات الأطفال من قبل الأطراف المتنازعة والجماعات المسلحة وإجبارهم على الانخراط في الأعمال القتالية والمسلحة بما يترتب على ذلك من انتهاكات جراء تجنيد الأطفال واستخدامهم لأغراض عسكرية ولاسيما في مدينتي صنعاء وتعز إبان الأزمة السياسية وكذا زيادة الخسائر البشرية في صفوف الأطفال وبسبب الألغام والذخائر غير المتفجرة ومخلفات الحروب والمتفجرات التي شهدتها مناطق النزاع في محافظتي أبين وصعدة والتي بلغت ذروتها في الربع الثالث من عام 2012م..

فيما كشفت إحصائية الأمم المتحدة ممثلة بمنظمة اليونيسف في تقرير أعلنته في لقاء ضم عديداً من الإعلاميين والمهتمين وأعضاء منظمات حقوقية عديدة أن حقوق الطفل في اليمن ماتزال عرضة للانتهاكات الجسيمة..

وفي اللقاء الذي عقد مؤخراً بصنعاء بتنظيم من مكتب الأمم المتحدة في اليمن قالت السيدة يوكواساوا ممثلة اليونيسف في اليمن أن التقرير الأممي رصد تجنيد 69 طفلاً تتراوح أعمارهم ما بين 7-10 سنوات خلال الفترة يوليو 2011مارس 2013م من قبل قوات الجيش والجماعات المسلحة الأخرى..

واستعرضت السيدة اساوا تقرير الأمين العام للأمم المتحدة عن الأطفال والنزاع المسلح في اليمن الذي يعتبر أول تقرير يتناول بصفة خاصة حالة الأطفال والنزاع المسلح الذي شمل الفترة من يوليو 2011- مارس 2013م ويتضمن معلومات تفصيلية عن الأحداث التي تندرج ضمن الأصناف الستة للانتهاكات الجسيمة التي ارتكبت بحق الأطفال في اليمن من قبل القوات والجماعات المسلحة، حيث تشمل تلك الانتهاكات تجنيد الأطفال واستخدامهم وتعرضهم للقتل والتشويه والاغتصاب وغيرها من أعمال العنف الجنسي وأعمال الاختطاف ومهاجمة المدارس والمستشفيات ومنع وصول المساعدات الإنسانية إلى المحتاجين..

قائمة العار

مشيرة إلى أنه في عام 2011م أدرج في التقرير السنوي للأمين العام حول الأطفال والنزاع المسلح أسماء الميليشيات القبلية الموالية للحكومة وجماعة الحوثيين المسلحة ضمن قائمة الأطراف التي تجند الأطفال وتستخدمهم في النزاع المسلح «قائمة وصمة العار» وفي تقرير عام 2012م تم إدراج «أيضاً» القوات المسلحة اليمنية وفي العام 2013 أضيفت جماعة أنصار الشريعة إلى تلك القائمة.

قتل واغتصاب

ولفت التقرير الأممي إلى أن اليمن تعد من أفقر البلدان في العالم وفيها أعلى معدل للولادات وثاني أعلى نسبة سوء تغذية للأطفال ويسكن في اليمن مليون طفل دون سن الخامسة ويعانون من سوء التغذية الحاد منهم 250 ألفاً ممن يعانون من سوء التغذية الشديد..

وأوضح أنه في عام 2009م أخرج نحو 280 ألف إنسان من ديارهم بسبب الحروب الستة التي آلت إلى سيطرة جماعة الحوثي المسلحة على محافظة صعدة ولا يزال توسع الحوثيين مستمراً في محافظات الجوف وعمران وحجة الأمر الذي يؤدي بين الحين والآخر إلى نشوب نزاعات مسلحة مع القوات الحكومية والسلفيين والجماعات القبلية المسلحة الأخرى، فيما قام تنظيم القاعدة «جماعة أنصار الشريعة» في 2011م بإخراج ما يزيد عن 100 ألف شخص من ديارهم في أبين حتى يونيو 2012م حين تمكنت الحكومة من استعادة المناطق التي سيطرت عليها جماعة أنصار الشريعة وأعادت النازحين إلى مدنهم وقراهم.

ووفقاً للتقرير فقد تمكنت فرق العمل القطرية للرصد والإبلاغ من التحقق من أربع حالات مبلغ عنها لتجنيد جماعة الحوثيين لأطفال واستخدامهم في محافظة حجة كما تم التحقق من حالات ابلغ عنها في الميليشيات المسلحة الموالية للحكومة تتعلق بتجنيد ثلاثة أطفال تتراوح أعمارهم ما بين 13-16و17 من قبل لجنة المقاومة الشعبية في محافظة أبين.

فيما تم التحقق من قبل الأمم المتحدة عن حالات أبلغ عنها تتعلق بعدد 21 طفلاً جندتهم جماعة أنصار الشريعة في أبين تتراوح أعمارهم ما بين 14و17 سنة عام 2011م وفي عام 2012م تم التحقق من عدة حالات لتجنيد واستخدام الأطفال في صفوف جماعة أنصار الشريعة في أبين لنحو %30 من مجموع الأطفال البالغ عددهم 21 طفلاً لقي اثنان منهم حتفهما قتلاً وتعرض ثلاثة للتشويه وعاد اثنان كل إلى أسرته فيما لا يزال الباقون مرتبطين بجماعة انصار الشريعة..

وفيما يتعلق بحالات الاغتصاب ذكر التقرير أنه تم رصد نحو «100» بنت في أبين زوجن قسراً لقادة أو أعضاء في جماعة أنصار الشريعة في العام 2012م غير أن الأمم المتحدة لم تستطع التحقق سوى من سبع حالات تتعلق بسبع بنات تتراوح أعمارهن ما بين 12 و17 سنة تم تزويجهن بمهور تصل أحياناً إلى 5000 دولار كما تم التحقق من حالتين تتراوح أعمارهن ما بين 15-17 سنة كانت البنات عبارة عن هبات من إخوانهن الذين سمح لهم بالانضمام إلى الجماعة المسلحة «جماعة الحوثي».

كما تلقت الأمم المتحدة بلاغات بمئات الاعتداءات على المدارس والمستشفيات ومنع إيصال المساعدات الإنسانية إلى الأطفال والقيام باختطاف العاملين في المجال الإنساني في أكثر من مكان وأكثر من محافظة.

إلى ذلك أكدت إحصائية حماية الأطفال بمنظمة اليونيسف في اليمن أنه تم التحقق من قتل وتشويه نحو 290 طفلاً خلال الفترة يوليو 2011م- مارس 2013م منها 79 حالة قتل لأطفال و210 تعرضوا للتشويه وأن نسبة القتل والتشويه بين الأولاد أعلى من الفتيات بسبب أن الأولاد أكثر تحركاً وتجنيداً وأن 90% من ضحايا الألغام من الأولاد متوقعة أن تصل نسبة الانتهاكات في صفوف الأطفال المجندين في الحرب الأخيرة التي دارت بين الحوثيين والسلفيين والقبائل المسلحة إلى 58% بالإضافة إلى استمرار تجنيد الأطفال من قبل القوات المسلحة واستخدامهم في أعمال عسكرية..

صعوبات

ورغم ما توجهه منظمات المجتمع المدني من صعوبات في رصد الانتهاكات المرتكبة بحق الأطفال المجندين نظراً لعدم توفر شهادات الميلاد وغيرها من السجلات والوثائق ذات الصلة إلا أن العديد من التقارير والدراسات الميدانية التي نفذتها بعض المنظمات غير الحكومية تشير إلى أن القوات الحكومية والحوثيين وأنصار الشريعة قاموا بتجنيد أطفال للمشاركة في عمليات قتالية في عدد من النزاعات المسلحة..

وبحسب منظمة سياج لحماية الطفولة فإن تجنيد الأطفال في صفوف الحوثيين يصل إلى 50% مقابل 40% لمجندين أطفال في صفوف القبائل والجيش والجماعات الدينية المسلحة حيث بلغ عدد الأطفال المجندين لدى الحوثيين 402 مقابل 282 من المجندين الأطفال في الجيش الشعبي الموالي للحكومة..

وفي إطار الجهود التي تقوم بها اليونيسف لحماية الأطفال فقد قامت بالتعاون مع وزارة الشؤون الاجتماعية ومنظمات المجتمع المدني بتقديم الدعم النفسي والاجتماعي لعدد 498 ألفاً و387 طفلا في المدارس وفي أماكن أخرى ملائمة للأطفال في المجتمعات المحلية وتبين أن حوالي 13 ألفاً و389 طفلاً من هؤلاء في حالة ضعف شديدة منهم من كانوا ضحايا للعنف الجنسي ومنهم من كانوا ضحايا للإتجار بالبشر ومنهم من لا صحبة لهم حيث قدمت لهم المساعدات اللازمة بما في ذلك الإحالة إلى جهات أخرى والمساعدة القانونية..

وفي المحافظات التي شهدت نزاعات مسلحة مثل عدن وأبين وحجة ولحج وصعدة وصنعاء وتعز فقد تلقى قرابة ستة ألف و126 من المدرسين للتدريبات والمهارات والمعارف اللازمة للقيام بتعليم الأطفال المتضررين وتقديم الدعم النفسي والاجتماعي لهم.

أكثر استجابة

ونظراً لاتساع ظاهرة تجنيد الأطفال وما يترتب عليها من انتهاكات بحقهم فقد عزت بعض الدراسات لانتشار هذه الظاهرة إلى جملة من الأسباب منها أن هذه الفئة تعد أكثر استجابة للتجنيد للتعبير عن إحساسها المكبوت باكتمال الرجولة بالإضافة إلى الثقافة القبلية وعدم وجود سجل المواليد لتحديد السن وعدم وجود قوانين تعاقب وتحرم انخراط الأطفال في الصراعات المسلحة إلى جانب قيام الحكومات المتعاقبة بإدارة صراعاتها مع الخصوم السياسيين بالاستعانة بقبيلة ضد أخرى ومنح حلفائها من القبائل أرقاماً عسكرية يقوم شيخ القبيلة بتوزيعها دون مراعاة عامل السن..

ومن هنا فقد طالب التقرير الأممي السلطات اليمنية ببذل الجهود الكبيرة من أجل القضاء على هذه الظاهرة المشينة والتي تعد انتهاكاً صارخاً للإنسانية وحقوق الطفولة وذلك من خلال إعادة النظر في عدد من القوانين اليمنية وجعلها مواءمة لمعايير قوانين حقوق الإنسان الدولية في نشر الوعي في أوساط المجتمع بخطورة تجنيد الأطفال والزج بهم في صراعات مسلحة لا ناقة لهم فيها ولا جمل بما في ذلك النزاعات القبلية وقضايا الثأر المنتشرة في عديد من محافظات الجمهورية.

وحث التقرير الحكومة اليمنية أن تفي بالتزاماتها في ما يخص تعهدها بوضع خطة عمل تتضمن إجراءات ملموسة ومحددة من خلال جدول زمني لإنهاء ومنع تجنيد الأطفال واستخدامهم في القوات المسلحة كما تضمن توصيات دقيقة تهدف إلى تعزيز التدابير الرامية إلى وضع حد للانتهاكات الجسيمة لحقوق الأطفال في اليمن ومنع ارتكابها..

المقالات

تحقيقات

dailog-img
كيف تحوّلت مؤسسات صنعاء إلى “فقَّاسة صراع” الأجنحة داخل جماعة الحوثي؟ (تحقيق حصري)

حوّل خلاف موالين لجناحين (متشددين) متعارضين داخل جماعة الحوثي المسلحة “جلسة مقيّل” خاصة- بالعاصمة اليمنية صنعاء خلال عيد الأضحى المبارك- إلى توتر كاد يوصل إلى “اقتتال” في “مجلس” مليء بالأسلحة والقنابل ا مشاهدة المزيد

حوارات

dailog-img
وزير الدفاع يتحدث عن الحرب العسكرية ضد ميليشيا الحوثي ويكشف سر سقوط جبهة نهم والجوف ومحاولة اغتياله في تعز ولقائه بطارق صالح وتخادم الحوثيين والقاعدة وداعش

كشف وزير الدفاع الفريق ركن محسن محمد الداعري، ملف سقوط جبهتي نهم والجوف، بقبضة ميليشيا الحوثي، للمرة الأولى منذ تعيينه في منصبه. وأشاد الداعري، في حوار مع صحيفة "عكاظ" بالدعم بالدور المحوري والرئيسي الذي لعبته السعودية مشاهدة المزيد