القضاء هو الركيزة الأساسية لتحقيق العدل وتطبيق القانون وإذا ما وجد قضاء مستقل وعادل ونزيه تمتع المجتمع بالأمن والاستقرار والرخاء وشعر الإنسان بالاطمئنان في المجتمع وأمن الناس على أموالهم وحقوقهم وهذا يوجد ازدهار اقتصادي واجتماعي .
وترسيخ دولة القانون و المواطنة المتساوية يحتاج لقضاء مستقل نزيه وهذا مالم يجده المواطن اليمني طوال خمسين عام مضت فقد عمد المتسلطين وأصحاب النفوذ في الفترة الماضية إلى إضعاف هذه السلطة عن طريق عدم توفير شروط استقلالها مالياً وإدارياً وخلطها بالسلطة لتنفيذية بل وربطها بالتبعية لها من حيث التعيين والترفيع والتقييم, فقد ظل رئيس مجلس القضاء الأعلى هو رئيس الدولة لفترة طويلة وحتى عندما تم التعديل في قانون السلطة القضائية ليصبح رئيس المحكمة العليا هو رئيس مجلس القضاء الأعلى ثم تم الفصل بين رئيس المحكمة العليا ورئيس مجلس القضاء لكن ظلت سلطة التعيين في يد رئس الجمهورية وظل مجلس القضاء خليط من السلطة التنفيذية والقضائية, وظل التفتيش القضائي يتبع وزارة العدل.
وقد حاول التعديل الأخير لقانون السلطة القضائية إعادة كل ما يخص التفتيش القضائي إلى مجلس القضاء الأعلى ولكن كل التعديلات كانت تعديلات جزئية لم ينظر فيها إلى أهمية هذه السلطة في ترسيخ العدل ودولة القانون ولم يبحث في كيفية ضمان الاستقلال المالي والإداري وكفاية الموارد لتقديم الخدمة القضائية المتميزة, وكذلك كيف يمكن أن يعزز الاستقلال الذاتي للقاضي .
يعاني القضاء من النقص الشديد في الموارد المالية وفي الكوادر القضائية المؤهلة والمدربة برغم اتساع مساحة الجمهورية اليمنية وتزايد عدد السكان فإن عدد القضاة العاملين في الجمهورية اليمنية لم يتجاوز 3000قاضي مقابل 25 مليون مواطن وبالتالي فإن عدد القضاة لا يسمح بتغطية جميع المناطق بالخدمة القضائية كما أن قلة الموازنة المالية جعل تقديم الخدمة محدود فقد ذكر أحد أعضاء مجلس القضاء الأعلى أن الموازنة العامة لسلطة القضائية تعادل ميزانية أحد مكاتب التربية والتعليم في محافظة ما, وحتى اليوم فإن معظم المحاكم لا تملك مباني حكومية بل تمارس أعمالها في مباني إيجار وهي غير معدة للمحاكم بل عبارة عن مساكن خاصة يتم استئجارها بل إن بعضها لا يليق بالقضاء و لا هيبة القضاء وهذا يوضح أن السلطة القضائية لم يُنظر لها كسلطة ثالثة يجب أن تحصل على الموازنة التي تؤهلها للقيام بدورها .
وفي ظل ذلك الوضع لعبت معظم الأحزاب السياسية دور كبير في الإفساد السياسي لهذه السلطة فقد سعت جاهدة إلى استقطاب عدداً كبير من القضاة لأحزابها ولم ترع أهمية استقلال القاضي من التحيز أو التعصب لحزب معين أو مذهب معين أو قبيلة معينة ولم تلتزم بقانون الأحزاب والتنظيمات السياسية الذي يحظر على القضاة الانتماء السياسي, ولم تقدم مصلحة الوطن والناس بوجود قضاء بعيد عن الأحزاب السياسية والصراعات السياسية حتى أن معظم الناس أصبح يخشى الالتجاء إلى القضاء للمطالبة بحق أو الطالبة بحماية حقوقه من الانتهاك بسبب الفساد السياسي والتطويل وعدم الإنصاف وقد عملت نفس الدور في نقابة المحامين
كما عمد النظام السابق إلى "أمننة" القضاء فقد زج برجال الأمن إلى هذه السلطة حتى أن أمنيين معروفين أصبحوا يتولون مراكز عليا في السلطة القضائية ممّا أهدر الاستقلال الذاتي للقاضي وأصبح القضاة المستقلون يُهمَّشون ويُستبعَدون من الترفيع والترقية وأصبح يُتعمّد تعيينهم في المناطق النائية في كل حركة قضائية عقاباً على استقلالهم الذاتي
خلال الخمسين سنةً الماضية لم تكن هناك قواعد ثابته للترقية والترفيع والمحاسبة ولم يُعمَل بالأقدمية للانتقال من درجة قضائية إلى درجة قضائية أعلى بل اعتمد التعيين والترفيع على القرب من السلطة الحاكمة والقُرب من الحزب وأصحاب النفوذ وهذا ما جعل السلطة القضائية ضعيفة غير قادرة على القيام بمهامها.
تقرير
وأصبح النظام القضائي في اليمن يواجه تُهماً تمس نزاهته وعدالته بعد أن تسلل الفساد إلى أروقة المحاكم، ما دفع بعض اليمنيين إلى اللجوء إلى المرجعية التقليدية القبلية للبت في قضاياهم بعيداً عن محاكم البلد التي تستغرق أعواماً قبل إصدار الحكم القضائي التي لا يُنفّذ بعضها.
وبحسب تقارير أعدتها منظمات حقوقية محلية ودولية عن النظام القضائي في اليمن أفادت فيه أن الفساد في السلطة القضائية أضعف قُدرةً المجتمع الدولي على ملاحقة الجريمة والوصول إلى العدالة ممّا أدى إلى تزايد انتهاكات حقوق الإنسان وفقدان الثقة.
وذكرت التقارير أن الهيئات القضائية تعاني من الفساد المنظم والذي بات يتفشى في المجتمعات عبر القطاعات الحكومية، ومن خلال مسح استقصائي قامت به منظمة الشفافية الدولية قبل سبع سنوات حول مواقف الفساد في أكثر من خمسةً وعشرين بلداً, منها بلادنا وُجِد أن على الأقل واحد من كل عشرة( 10%) اضطروا إلى دفع رشوة للحصول على العدالة!! وفي أكثر من عشرين دولة قال من شملهم المسح إن الرشوة كانت الوسيلة لتأمين الوصول إلى العدالة أو لحكم عادل في المحكمة ما نسبته(30%)من كل عشرة, وهو ما يؤكده محامون وحقوقيون في استمراريته حتى الوقت الحاضر.
وكما ورد في التقارير بأنه لا يمكن المبالَغة في أهمية وجود قضاء مستقل. عندما تكون العدالة فاسدة ،والتدخل السياسي في العملية القضائية والرشوة، كلاهما يضعفان السلطة القضائية وأجهزتها ، وبأن الرشوة لا تجعل العدالة باهظة الثمن فقط ، لكنها تخرّب قدرة النظام القضائي على مكافحة الفساد، وتمنعه من أن يكون منارة الاستقلال والالتزام.
ورأت التقارير ومنها تقرير منظمة الشفافية أنه وبرغم تصرُّف العديد من القُضاة في أنحاء العالم بنزاهة إلا أن الضغوط على الأحكام ما زالت كثيفة لأسباب أو مصالح سياسية ، وأن الفشل في تعيين مسؤولي القضاء على أساس الجدارة يؤدي إلى اختيار أشخاص سهل التأثير عليهم وإفسادهم كما يسهل حينها للسياسيين أو المسؤولين التدخل لشراء الغطاء " القانوني " لتغطية الاختلاس والمحسوبية والمحاباة والقرارات السياسية غير المشروعة ، سواءً تدخلاً سافراً بالإيذاء البدني والتهديدات وتدخلاً غير مباشر عن طريق التلاعب في التعيينات القضائية والرواتب وشروط الخدمة.
واُعتُبِرت الرشوة بأنها الجانب المظلم للفساد القضائي ،حيث اتّضح من خلال الدراسة التي أُجرِيت في 32 دولة ومنها بلادنا ،أن القُضاة قد يقبلون الرشوة لإبطاء أو تسريع النظر في القضايا وقبول أو رفض الاستئناف والتأثير في قُضاة آخرين للحكم بطريقة معينة، بالإضافة إلى سعي موظفي المحاكم للحصول على الرشاوى مقابل الخدمات التي ينبغي أن تكون مجاناً، وأشارت التقارير إلى أن المحامين أصبح لديهم خبرة عن القُضاة المرتشين بحيث يوجهون عملاءهم و القضايا إلى القُضاة المعروفين بقبول للرشاوى.
وقالت التقارير بأن ضعف الرواتب وعدم وجود أمان وظيفي وظروف وشروط العمل وعدم العدالة في الترقية والنقل وغياب التدريبات المستمرة كلها أسباب تجعل القُضاة وموظفي المحاكم عُرضة للرشوة.
وربطت التقارير تعزيز إجراءات المحاكمات التي تُمنَع فيها وسائل الإعلام والمجتمع المدني من رصد جلساتها بوجود عمليات رشوة ما يتطلّب منع كل ما من شأنه كشف وفضح الفساد القضائي , وهوما أفادت به التقارير حيث وضعت القضاء ومنها اليمني خلف القضبان, حيث لا يثق الكثير من اليمنيين في السلطات القضائية باعتبارها حصناً منيعا لحماية الحقوق والحريات, لتفشي ظاهرة الرشوة والمماطلة وعدم البت في القضايا الجنائية والحقوقية، إلى جوار غياب مبدأ الاستقلالية في القضاء اليمني.
وبحسب تقرير أصدرته منظمة الشفافية الدولية منتصف العام المنصرم، فقد بلغت نسبة تلقّي الرشاوى في القضاء اليمني 62%، محتلةً المرتبة الثالثة بعد المؤسستين العسكرية والصحية.
ففي أحد تصريحاته يقول رئيس محكمة استئناف عدن القاضي فهيم عبد الله الحضرمي : إن هناك ممارسات تتم في القضاء قد تعرّضه للاهتزاز، ولا بد أن يقوم القضاء بدوره في ضخ الأساليب الصحيحة والقيم النبيلة والراقية وإعادة الثقة للمواطن، وهذا يحتاج إلى جهود كبيرة وحثيثة لإخراجه من المحنة التي يعاني منها، فالقضاء يجب أن يتحول إلى قضاء للشرفاء، لا يُقبل فيه غير المتميزين.
وقد كشف الإعلام المحلي مؤخراً عن رشوة مالية تُقدر بمئات الآلاف من الدولارات تلقاها أحد قضاة المحكمة العليا التي تُعد أعلى هيئة في السلطة القضائية بالبلد، مقابل إصدار حكمٍ لصالح شركة أجنبية تعمل في اليمن.
ووفقاً لما تم تناوله فإن رئيس إحدى الدوائر في المحكمة تلقّى الرشوة خلال العامين الماضيين أثناء النظر في القضية، عبر وساطة نجل أحد قُضاة المحكمة العليا، وتمكّن من تزوير محررات رسمية وإخفاء مستندات عزّزت موقفه في إصدار الحكم لصالح تلك الشركة.
ويعاقب القانون اليمني الموظف العام في حال تلقّيه رشوة بالحبس لمدة لا تزيد عن عشر سنوات وفقاً للمادة "151" من قانون العقوبات، بينما الوسيط المشارك في الرشوة يعاقب عليها القانون طبقاً لنص المادة "154 "عقوبات ونص المادة "155"عقوبات بالحبس مدة لا تزيد عن ثلاث سنوات.
والسماح بتمرير محررات مزوّرة واستخدامها في الخصومة يُعد ذلك جريمة يعاقب عليها القانون حسب المادة"184" من قانون العقوبات بالحبس لا تزيد ست سنوات أو بالغرامة ، فضلًا عن أنها تمثّل جريمةً أخرى, إنكار العدالة وعقوبتها وفق نص المادة" 186" من القانون ذاته بالعزل أو الغرامة.
وكان تقرير سابق للبرنامج الإنمائي للأمم المتحدة وصف النظام القضائي في اليمن بالهشّ, نتيجة نقص المؤهلات لبعض القضاة، وافتقارهم إلى التدريب القضائي وعدم توفُّر الحماية الكافية للقضاة.
وهو ما جعل المحامي والناشط الحقوقي أكرم الشاطري يؤكد أن مشكلة القضاء اليمني ليست وليدة فترة قصيرة، بل تمتد إلى قرابة 20 عاماً ماضية، وقال: إن المحسوبية والرشوة وارتباط السلطة القضائية ارتباطاً لا يقبل التجزئة بيد السلطة التنفيذية، هو جوهر المشكلة الرئيسية.
وأشار إلى أنه من الطبيعي ألاّ يثق المواطن البسيط بهذه السلطة، لأن القضاء في هذه الدولة سلطته غير موجودة، ولا تتوفر فيه العدالة بأدنى مستوياتها، فانعدام الرقابة منح الكثير من القضاة فرصة التلاعب بقضايا الناس.
وقال الشاطري: إن الفضيحة التي أُثِيرت مؤخرًا وصلت إلى وسائل الإعلام لأنها أتت من أعلى سلطة قضائية في البلد، بينما هناك الكثير من الفضائح الأخرى لقضاة يمثلون أعلى الهرم القضائي، لدرجة أنها وصلت إلى وزير عدل سابق، ولم تجد طريقها إلى التناول الإعلامي.
وأضاف: "حينما يحكم القُضاة من منازلهم، ويأخذ المواطنون حقوقهم بأيديهم، وسُلطات القضاء لا تصل إلى مستوى الصرامة، فإن ذلك يدفع المجتمع نحو الانحلال، وعندما تستقيم العدالة يستقيم المجتمع".
ويعوّل اليمنيون على الدستور الجديد للبلاد بعد أن توصل مؤتمر الحوار الوطني إلى الدولة الاتحادية كشكل جديد لليمن، آملين أن يحقق مكاسبَ دستورية تضمن استقلال القضاء ماليا وإداريا وقضائيا.
وسبق أن قال رئيس مجلس القضاء الأعلى الدكتور علي ناصر سالم: إن بناء الدولة المدنية الحديثة لن يتأتى إلا بنظام قضائي مستقل, نزيه ومحايد، بعيداً عن كافة المؤثرات الحزبية والولاءات الشخصية والمناطقية وغيرها من العيوب.
الواقع التشريعي
لقد أفرد الدستور الحالي الباب الثالث منه لتنظيم سلطات الدولة وجعل الفصل الثالث منه يخص تنظيم السلطة القضائية وقد شمل 6 مواد من المادة 149 – 154 وقد جعل الدستور جميع المبادئ المتعلقة بالسلطة القضائية مبادئ عامة وأحال الى القانون معالجتها وهنا يجب أن نقف عند إرادة المشرع لو كان الدستور بالفعل يريد تحقيق مبدأ الاستقلال الحقيقي مالياُ وإدارياً والاستقلال الذاتي للقاضي لقام بالتفصيل لكيفية ضمان الاستقلال بنصوص واضحة ملزمة دستورياً وأوجد الضمانات الدستورية لاستقلال القاضي وحمايته من التدخُّل بنصٍ دستوري قابل للتطبيق خصوصاً وأن من وضع الدستور كان يدرك أن المجلس التشريعي (البرلمان ) هو عبارة عن خليط من القبائل والمتنفذين وأصحاب المصالح وبالتالي فإن الإحالة الى القانون في مواضيع جوهرية كان المقصود منه عدم وجود قضاء مستقل قادر على تحقيق العدل والإنصاف وترسيخ دولة القانون, وحده القضاء وعدم وجود قضاء إداري متخصص يعمل على الرقابة على قرارات الادارة أضعف دور القضاء في الرقابة على القرارات الادارية وعزز من سلطة المتنفذين وجعل الادارة بعيدة عن الدور المؤسسي , لم يعالج الدستور الحالي سلطة التحقيق والادعاء العام فقد جعلها تابعة للقضاء ولم يدرك أن النيابة العامة في مراحل الدعوى تقوم بدور الادّعاء العام وهناك مبدأ قضائي راسخ يقتضي المساواة بين الخصوم ولأيمكن ان يتحقق هذا المبدأ مادام الادّعاء العام جزءاً من السلطة القضائية ، الجهاز المعاون للقضاء وهذا الجهاز الأكثر فساداً والسبب الحقيقي في تطويل التقاضي وهو يتبع وزارة العدل مالياً وادارياً كما ان هذا الجهاز بعيد عن التأهيل والتدريب حتى يتمكن من القيام بمهامه الوظيفية .
واعتبرت التقارير أن سوء استخدام ميزانيات المحاكم أو السلطة القضائية ، كقيام القاضي أو المسؤول فيها بتعيين أفراد من أسرته أو معارفه في وظائف المحكمة جزءاً من الفساد القضائي ولم تستثنِ التقارير عملية توزيع القضايا بانحياز وتحديد الكتبة وأمناء السر قبل الإجراءات السابقة للمحاكمة وكل ما من شأنه التأثير غير السليم على نزاهة الإجراءات القضائية والأحكام والتي قد تمتد إلى رشوة القُضاة لإصدار حكم معين، هو أحد وجوه الفساد القضائي.
وقبل بضعة أيام اشتكى ما يسمى نادي قضاة الجنوب من الفساد المالي في بنيان وهرم السلطة القضائية في رسالتين وجههما مكتبه التنفيذي الى "هادي" ومكافحة الفساد يكشف فيهما النادي عن رقم مهول في حجم الفساد المالي في هرم وبنيان السلطة القضائية في الجمهورية اليمنية من خلال توزيع الميزانية المالية السنوية المهولة في بنود قال بأنها لا تمت في عملية الارتقاء بالسلطة القضائية وحقوق القضاة بشيء وإنما هي تكريس لتسهيل الاستيلاء على المال العام في حالة من الفساد المالي ، حسبما جاء في رسالتيه اللتين بعث بهما نادي القضاة الجنوبي إلى كلٍ من رئيس الجمهورية ورئيس الهيئة العليا لمكافحة الفساد.
وقال المكتب التنفيذي لنادي القضاة الجنوبي في رسالتيه: إن " ما يعانيه أعضاء السلطة القضائية والكادر الإداري العاملين في الميدان من الفساد المالي قد بلغ أوجه في الثلاث السنوات الأخيرة " .
وأشار النادي الى ما رفده رئيس الجمهورية من مضاعفة ميزانية السلطة القضائية خلال السنتين الأخيرتين بالقول " وأن فخامتكم قد ضاعفتم ميزانية السلطة القضائية في العامين الأخيرين حتى بلغت مبلغ ( واحد وثلاثين مليار ريال ) ، بدلاً من ( ثمانية عشر مليار ريال) وأن الهدف من تلك الزيادة صرف جميع مستحقات القضاة المالية وجميع متطلبات المرافق القضائية من خدمات وإمكانيات حتى يتسنّى تحقيق العدالة بيُسر وسرعة ، وهو الأمر الذي لم يحدث بل زادت معاناة المحاكم والنيابات وكادرها من القضاة والموظفين الإداريين فيها الى الحد الذي وصلت فيه الى إنقاص مرتبات وأجور القضاة المستحقة قانوناً وتوزيع الميزانية المهولة في بنود تسهل في عملية الفساد " حسب ما جاء في مضمون الرسالتين" .
و كشف المكتب التنفيذي لنادي القضاة الجنوبي فيما تضمنته الرسالتين عن مصروفات السلطة القضائية شهرياً المقدمة لرئاسة مجلس القضاء الأعلى لميزانية السلطة القضائية لعام 2014م .
مُبدياً استغرابه من حالة الصرف اللامعقول التي أفرغت الهدف الذي من أجله خصصت هذه المبالغ التي تم رفدها في الميزانية هو صرف جميع مستحقات القضاة المالية وجميع متطلبات المرافق القضائية وكادرها الإداري ، متهماً ذهاب هذه المبالغ الى جيوب نافذين في السلطة القضائية الذين يتمركزون في مجلس القضاء الأعلى ويشكلون الضغط على رئاسته لمنحهم تلك المبالغ انطلاقاً من حق التصويت في المجلس والذي ترجح كفتهم لتشكيلهم الغلبة فيه .. بحسب تصريح النادي .
وطالب المكتب التنفيذي لنادي القضاة الجنوبي بفتح تحقيق عاجل ومن ثم المساءلة قائلاً: " إننا كنادي للقضاة ومن واقع حرصنا على حقوق أعضائه والكادر الإداري والمَرافق العامة ، وحرصاً على عدم ضياع المال العام نطالب بفتح تحقيق عاجل مع قيادات السلطة القضائية الحاليين والسابقين وإحالة من تثبت عليه للمحاسبة وإرجاع المبالغ التي تم التصرف بها من قبلهم ، والأمر بوقف الصرف بالميزانية الحالية لعام 2014م باستثناء المرتبات والأجور .
المعالجات
وأوصت تلك التقارير أن تكون التعيينات القضائية مستقلة وعلى أساس الجدارة وبالتشاور مع المجتمع المدني، وأن تكون رواتب القضاة متناسبة مع دور القاضي كما ينبغي وضع معايير لنقل و انتداب القضاة وإحالة القضايا ، واقترحت التقارير أنه يجب توفير حصانة محدودة للقضاة متعلقة بأعمالهم وإنشاء هيئة مستقلة مكلفه بالتحقيق في الشكاوى التي تقدم ضدهم ، كما يجب لضمان المزيد من الشفافية نشر تقرير سنوي عن أنشطة النظام القضائي وإنفاقه ، وأكدت التوصيات على ضرورة أن يكشف القضاة عن ممتلكاتهم والإبلاغ عن حالات تعارض مصالحهم مع القضايا المخولة لهم.
وشددت التقارير على الصحافة ووسائل الإعلام ومنظمات المجتمع المدني من إيجاد وسائل وآليات تمكنهم من رصد ومراقبة القضاء وأسباب حدوث الفساد القضائي .
وقالت التقارير: إن النجاح في مهاجمة الفساد القضائي سيعزز ثقة المواطن والجهود الوطنية الرامية إلى تحقيق الشفافية والمساءلة، باعتبار "أن فساد القضاء هو محور رئيسي لجهود مكافحة الفساد في العالم لأن قوة ونفوذ السلطة القضائية الفاسدة يمكن أن تمارس ضد سيادة القانون وضد المجتمع ككل.
وضرورة أن تكون نصوص الدستور القادم تفصيلية بحيث تفصل كل ما يتعلق بضمان مبدأ الاستقلالية المالية والادارية , كذلك ذكر كل ما يُحظَر على القُضاء ممارسته وتوضيح الاسس التي يجب على القُضاء الالتزام بها حتى لا يترك لأي سلطه قادمه التلاعب بنصوص تخص السلطة القضائية.
وكذا إيجاد قضاء إداري الى جانب القضاء العادي، وانشاء محكمة دستورية, على أن يكون الكوتا النسائية في السلطة القضائية بما لا يقل عن 30%, وجعل الجهاز القضائي المساعد يتبع القضاء مالياُ وادارياُ.