لماذا تخلى رئيس مصلحة الضرائب عن دوره في مواجهة التهرب الضريبي إلى المطالبة برفع دعم المشتقات النفطية

2014-05-11 19:00:48 الاقتصادي/ نبيل الشرعبي

في الوقت الذي يعترف فيه رئيس مصلحة الضرائب أحمد بن أحمد غالب، بأن الوعاء الضريبي في اليمن كبير لكن ما يجري تحصيله ضئيل، لم يتوانِ عن المطالبة برفع الدعم عن المشتقات النفطية، وهو ما عده خبراء اقتصاد، تهرب من رئيس مصلحة الضرائب، من الاسهام في حل المشكلة القائمة، والناتجة عن بلوغ عجز الموازنة العامة مستويات خطرة.

وفي حين كان يتوجب عليه، مواجهة المسئولية بشجاعة، والتأكيد على تحمل مصلحته الجزء الأكبر من سد العجز، وذلك من الفاقد الضريبي، الذي يقدره خبراء اقتصاد بأنه يفوق العجز الحاصل في الموازنة بكثير، إذ يقدر العجز بحوالي 700مليار ريال، والتهرب الضريبي يتراوح ما بين 700مليار إلى تريليون ريال.

وحسب تقرير حديث للجهاز المركزي للرقابة والمحاسبة، بلغت الضرائب المتأخرة على الشركات النفطية حتى أواخر العام قبل الماضي، أكثر 3مليارات دولار، والتهرب الضريبي وفق تقرير أخر للجهاز بلغ خلال العام قبل الماضي ما يقارب 750مليار ريال.

وفيما يرجع أحمد غالب تدنى الحصيلة الضريبية، إلى عدة أسباب: كالتهرب الواسع من الضرائب دون أي مكافحة، وعدم الصرامة في تطبيق القوانين، وبشكل خاص من قبل بعض مؤسسات الدولة وأجهزتها، وبقاء البعض خارج نطاق الخضوع للنظام الضريبي، يؤكد خبراء اقتصاد أن السبب هو ضعف الإجراءات المتبعة في عمليات التحصيل، ويدعم ذلك الجهاز المركزي في تقرير بيان الرقابة السنوي، الصادر مطلع عامنا الجاري.

وحسب تقرير الجهاز المركزي بلغت المستحقات الضريبية والجمركية المتأخر، حتى نهاية العام قبل الماضي، كالتالي: 24.7مليار ريال ضرائب مستحقة على عدد 312 مكلفاً لم يتم انجاز ملفاتهم وتسوية المبالغ وتحصيلها، 59.214.5 مليار ضرائب مستحقة على عدد 195 من كبار مكلفي الضرائب لم تقم الوحدة التنفيذية للضرائب بإنجاز ملفاتهم الضريبية وتحصيل المبالغ، و47.1 إجمالي قيمة بيانات جمركية عمدت مصلحة الضرائب إلى توقيف أرقامهم الضريبية جراء عدم التزامهم ضريبياً.

أيضاً 25.680 مليار أرصدة مستحقة على عدد من كبار مكلفي الضرائب لم يتم توريدها، و314.8 مليار قيمة بيانات جمركية لم يجرِ معالجتها، وهذا بدوره يساعد على التهرب الضريبي، و38.2 مليار إجمالي بيانات وبوالص شحن بضائع تم تجييرها لصالح أشخاص يتمتعون بإعفاءات جمركية وضريبية مما يؤدى إلى التهرب الضريبي، و547.5 مليار إعفاءات جمركية وضريبية والتي تتزايد من عام إلى آخر.

إضافة إلى 30 مليار رسوم جمركية وعوائد أخرى معلقة دون تصفية خاصة بشركات نفطية، و32.9 مليار رسوم وعوائد أخرى على واردات من السلع لم يتم تسديها وتم الإخراج عنها في المنافذ والدوائر الجمركية، و274.7 مليار مستحقات على بيانات جمركية معلقة على شركة مصافي عدن جراء استيرادها مشتقات نفطية.

وفي المقابل يقول أحمد غالب: إن حجم المتأخرات الضريبية، بلغت (232 مليون دولار)، ومتنازع عليها لدى المحاكم، وحول ما يتردد من أن الحكومة منحت إعفاءات ضريبية، لبعض الشركات، قال غالب "لا ضريبة ولا إعفاء إلا بقانون، نحن في مصلحة الضرائب، لم تصلنا مثل هذه الاعفاءات، وحتى إذا وصلتنا فلن نتعامل معها، ولن نقبل بها".

وأضيف: بأن اليمن مقدمة على كارثة اقتصادية حقيقية إذا لم يرفع الدعم، متسائلاً "هل ستصمد احتياطيات البنك المركزي، لنهاية العام الحالي، في حال استمرار الوضع على هذا الحال من التدهور، ولذلك رفع الدعم عن المشتقات النفطية سريعاً، وفق أحمد غالب أمر لا بد منه، كما أفاد في تصريحات نقتلها صحيفة الحياه اللندنية.

وأشار إلى أن البلاد غير قادرة على الاستمرار في تحمل تكلفته، ولذلك علينا أن نعلم أن كميات استهلاك المشتقات المدعومة تتزايد بصورة مهولة، تفوق قدرة البلد على الاحتمال بسبب الإسراف في الاستهلاك، وكذلك بسبب تهريب هذه المواد للفارق الكبير بين الأسعار المدعومة داخل اليمن، والأسعار في الدول المجاورة".

وأوضح أن اليمن لا يمكن أن تستمر على هذا الوضع، لأنها لم تعد قادرة على تحمل الدعم وتوفير السلع المدعمة، وهو ما يفسر الاختناقات وانعدام المشتقات النفطية، وتوقف الأنشطة الزراعية الكبرى، والمصانع ووسائل النقل، بل وصل الأمر إلى توقف محطات الكهرباء، وما قد يتبع ذلك من ركود اقتصادي، وزيادة في معدلات البطالة والفقر.

وقال أحمد غالب عن تراج حصة الحكومة من الصادرات النفطية: بات من الواضح أن استمرار هذا الاختلال، يأتي على حساب التنمية ومصالح عامة الشعب، لصالح مجموعة مستفيدة، ومن الأفضل أن نُعالج هذا الوضع، قبل أن نجد أنفسنا غير قادرين على توفير هذه المواد، بالأسعار المحررة، بل لن نكون قادرين على توفير الأساسيات من الغذاء والدواء".

كشف الجهاز المركزي للرقابة والمحاسبة عن امتناع العديد من الجهات الخاضعة للرقابة عن تمكين الجهاز من ممارسة اختصاصاته في مراجعة حساباتها وأنشطتها منها سبع وحدات مشمولة بالموازنة العامة للدولة والبالغ استخداماتها الفعلية لعام 2012 «432.8» مليار ريال وأربع وحدات اقتصادية.

وأظهر «بيان الرقابة السنوي عن مراجعة الحسابات الختامية للموازنات العامة للسنة المالية 2012» المقدّم إلى مجلس النوّاب، التدني الكبير في مستوى الإنجازات الفنية لدى الوحدة التنفيذية للضرائب على كبار المكلّفين والمكاتب الضريبية بأمانة العاصمة والمحافظات، حيث بلغ عدد الملفات الضريبية غير المنجزة فيها 409349 ملفاً بنسبة 94% من المخطّط إنجازه.

 بالإضافة إلى استمرار تراكم الملفات الضريبية غير المنجزة لدى مجموعات الإدارة الضريبية «لجان التسوية» ولجان الطعن الضريبية دون قيام مصلحة الضرائب باتخاذ الإجراءات القانونية اللازمة تجاه تلك اللجان، ما ترتب عليه حرمان الخزينة العامة من إيرادات ضريبية كبيرة ومستحقة، منها 312 ملفاً غير منجز من قبل لجان التسوية بالوحدة التنفيذية للضرائب على كبار المكلفين بمبلغ إجمالي 24.7 مليار ريال، و195 ملفاً لدى الوحدة التنفيذية للضرائب على كبار المكلّفين غير منجز من قبل لجان الطعن بمبلغ إجمالي وقدره 31.2 مليار ريال ومبلغ 130.3 مليون دولار.

وأكّد التقرير ظهور العديد من البيانات الجمركية لمكلّفين تم توقيف أرقامهم الضريبية من قبل مصلحة الضرائب لعدم التزامهم ضريبياً خلال عام 2010، ومن ذلك 6515 بياناً جمركياً بقيمة إجمالية بلغت 47.1 مليار ريال، وظهور العديد من الأرصدة الضريبية المستحقة على عدد من المكلّفين في نهاية 2012 بمبلغ وقدره 24.9 مليار ريال و3.3 مليون دولار.

وأوضح أن البيانات الجمركية التي لم يتم معالجتها للفترة 2001- 2010 بلغت 156068 بياناً بمبلغ إجمالي 314.8 مليار ريال الأمر الذي يساعد على التهرّب الضريبي.

كما استمرت عمليات تجيير بوالص الشحن والبضائع في المنافذ الجمركية وهو ما يؤثّر سلباً على الإيرادات الضريبية ويسهّل علميات التجارة المشبوهة وغسيل الأموال، حيث بلغ إجمالي البيانات المجيّرة على ذلك النحو خلال الفترة 2010- 2013 «916» بياناً بمبلغ 38.2 مليار ريال منها 561 بياناً بمبلغ 24.8 مليار ريال تم تجييرها في إطار مكلّفي القطاع الخاص و355 بياناً بمبلغ 13.4 مليار ريال تم تجييرها من مكلّفي القطاع الخاص إلى قطاع عام.

علماً بأن المجيّر بأسمائهم تلك البيانات قد يتمتعون بإعفاءات ضريبية وجمركية، وهو ما يترتب عليه تهرّب ضريبي وجمركي ويحرم الخزينة العامة من موارد ضريبية وجمركية كبيرة، وهو ما يكشف وفق التقرير عن ضعف وقصور في إجراءات التحقق من القيمة الجمركية والكميات والأوزان وخصوصاً في المنافذ البرية والتي أصبحت ملاذاً للتهريب الآمن.

وكشف تقرير جهاز الرقابة والمحاسبة بأنه رغم صدور عدد من القوانين الاقتصادية خلال الربع الأخير من العام 2010 والتي تضمنت في جانب منها أحكاماً تحد من الإعفاءات الجمركية والضريبية..

 إلا أن ظاهرة الإعفاءات الجمركية للواردات المعفاة وتحت نظام السماح المؤقت لا زالت مستمرة وتتصاعد قيمتها سنة إثر أخرى حيث بلغت قيمتها خلال عام 2012 «547.5» مليار ريال وإجمالي قيمة الرسوم الجمركية الخاصة بها 30.6 مليار ريال والتي تمثّل نسبة 35% من إجمالي الرسوم الجمركية المستوفاة خلال ذات العام.

وأكد التقرير استمرار الاختلالات الجوهرية في إجراءات التصفية لبيانات الإدخال المؤقت، لما يخص مدخلات الشركات العاملة في مجال النفط والغاز، في ظل غياب قاعدة البيانات السليمة والمتكاملة لبيانات الإدخال المؤقت، علاوة على التداخل الظاهر في صلاحيات ومسئوليات هيئة استكشاف وإنتاج النفط مع الصلاحيات القانونية لمصلحة الجمارك في إلزام مقاولي الباطن بتصفية بيانات الإدخال المؤقت عبر الشركات الأم.

 وكذلك عدم وضع إطار مكتوب فيما بين الهيئة والمصلحة لتنظيم تنفيذ التسهيلات القانونية للاستثمارات النفطية المنظمة بموجب اتفاقيات صادرة بقوانين تضمن الالتزام بالتصفية وفقاً للقانون..

 وحسب التقرير مثّل مجمل ذلك إشكالية مزمنة في تنفيذ أعمال التصفية للبيانات الجمركية المعلقة وفي متابعة المتخلفين وتحصيل الغرامات المستحقة قانوناً، وهو ما ترتب عليه وفقاً لبيانات الإدخال المؤقت للشركات النفطية للأعوام من 2004- 2012 بقاء مبلغ 30 مليار ريال مقابل رسوم جمركية وعوائد أخرى معلقة دون تصفية أو سداد.

وقال التقرير: ساهم الأداء الضريبي بما لا يتفق والتوجهات الاقتصادية، في زيادة الفجوة الاقتصادية بين شريحة الموظفين محدودي الدخل وشريحة التجار ورجال الأعمال، حيث بلغت حصيلة ضريبة المرتبات والأجور لعام 2012 «134» مليار ريال بما نسبته 54.6% وحصيلة ضريبة الأرباح التجارية والصناعية المستوفاة من شركات ومؤسسات القطاع العام والمختلط والتعاوني والقطاع الخاص مبلغ 111.5 مليار ريال بما نسبته 45.4% وهو ما يشير إلى استمرار تحمل الأفراد لمعظم العبء الضريبي مما يعد إخلالاً بقاعدة العدالة الضريبية».

كما تركّزت معظم الحصيلة الضريبية في عدد محدود من المكلّفين مقارنةً بالمجتمع الضريبي، حيث أن ضريبة الأرباح التجارية المحصّلة من شركات الأموال «قطاع خاص» قد تركّزت في 11 مكلّفاً بمبلغ 19.1 مليار ريال بنسبة 68.8% من إجمالي الضريبة المحصّلة من مكلّفي هذا القطاع البالغ عددهم 918 مكلّفاً وانحصرت ضريبة الأرباح التجارية المحصّلة من شركات القطاع العام في 7 شركات في مبلغ 58.3 مليار ريال مع أن عدد مكلّفي هذا القطاع يتجاوز 90 مكلّفاً.

وذكر التقرير أن حصيلة ضريبة المرتبات والأجور على العاملين في القطاع الخاص قد تركّزت في 15 مكلّفاً بمبلغ 8 مليارات ريال بما نسبته 41% إجمالي حصيلة ضريبة المرتبات والأجور الموردة من مكلّفي هذا القطاع البالغ عددهم 140 ألف مكلّف، وعلى مستوى وحدات القطاع العام فقد تركّزت الحصيلة في المحصّل من 14 مكلّفاً في مبلغ 11 مليار ريال وبما نسبته 51% من إجمالي الحصيلة الموردة من مكلّفي هذا القطاع البالغ عددهم 90 مكلّفاً.

ومن حيث مصادر ضريبة الدخل والأرباح فقد بلغت الضريبة المحصّلة من وحدات الجهاز الإداري للدولة والقطاع العام والمختلط والتعاوني خلال عام 2012 «173.5» مليار ريال بما نسبته 70.7% من إجمالي حصيلة الضرائب المباشرة، مقابل 72 مليار ريال إجمالي المحصّل من القطاع الخاص التجاري والصناعي وهو ما يشير إلى اتساع حجم التهرّب الضريبي في الأنشطة التجارية والصناعية للقطاع الخاص.

هذا وكان تزامن مطالبة رئيس مصلحة الضرائب، برفع الدعم عن المشتقات النفطية، مع ضغوط خارجية لرفع الدعم، فيما لم يجرِ الحديث عن ضرورة اسهام الضرائب، بتحمل جزء من العجز القائم في الموازنة، بدلاً من رفع الدعم الذي سيدفع الفاتورة جراء الرفع المواطن من قوته، فيما التوجه نحو تحسين آليات التحصيل الضريبي، لن يتأثر منه الفقراء ولا الأغنياء.

المقالات

تحقيقات

dailog-img
كيف تحوّلت مؤسسات صنعاء إلى “فقَّاسة صراع” الأجنحة داخل جماعة الحوثي؟ (تحقيق حصري)

حوّل خلاف موالين لجناحين (متشددين) متعارضين داخل جماعة الحوثي المسلحة “جلسة مقيّل” خاصة- بالعاصمة اليمنية صنعاء خلال عيد الأضحى المبارك- إلى توتر كاد يوصل إلى “اقتتال” في “مجلس” مليء بالأسلحة والقنابل ا مشاهدة المزيد

حوارات

dailog-img
وزير الدفاع يتحدث عن الحرب العسكرية ضد ميليشيا الحوثي ويكشف سر سقوط جبهة نهم والجوف ومحاولة اغتياله في تعز ولقائه بطارق صالح وتخادم الحوثيين والقاعدة وداعش

كشف وزير الدفاع الفريق ركن محسن محمد الداعري، ملف سقوط جبهتي نهم والجوف، بقبضة ميليشيا الحوثي، للمرة الأولى منذ تعيينه في منصبه. وأشاد الداعري، في حوار مع صحيفة "عكاظ" بالدعم بالدور المحوري والرئيسي الذي لعبته السعودية مشاهدة المزيد