الفساد في اليمن.. القصة التي لم تنتهِ بعد!

2014-05-17 06:57:03 أخبار اليوم / احمد الضحياني

إن الفساد مشكلة سياسية في المقام الأول فالاستبداد والتخلف السياسي وغياب القيادة السياسية الراشدة يؤدي إلى نشر القيم المنحرفة وضعف سيادة القانون والنظام لصالح المتنفذين وأصحاب المصالح غير المشروعة.. فعلى صعيد توزيع الثروة والدخل في المجتمع تزداد الفوارق في الدخل وتحتكر الثروة بيد القلة على حساب الأغلبية المسحوقة.. كما أن الفساد يؤدي إلى ضياع المال العام وسرقته بطرق مختلفة مما يؤثر على إمكانات الدولة المالية وهو ما ينعكس سلباً على أدائها العام وتدني مستوى الخدمات العام المقدمة للمواطنين وضعف الإنفاق على التنمية وعلى مشاريع البنية التحتية.

إن مشكلة الفساد في اليمن ترجع بدرجة رئيسية إلى إتباع نظام صالح في الفترات السابقة في إدارته للدولة سياسات إدارية ومالية تساعد على زيادة الانحرافات المنتظمة الممنهجة والمنسجمة مع الأوضاع العامة المؤيدة بالإقصاء السياسي المغيب لدولة النظام والقانون (مكنهم من السلطة والثروة)فاصبح الفساد منتجاً رئيسياً للفقر ومعيقا للتنمية الشاملة والمستدامة ولا نبالغ اذا قلنا إن منظومة الفساد التي زرعها صالح تنذر بكوارث حقيقية تهدد البلد في ضوء الملامح الذي تشهده اليمن حالياً.

مهددات حقيقية

أصدرت مؤسسة كارينجي للسلام دراسة تحت عنوان "اليمن كيف يمكن تجنب الانهيار المطرد؟" والتي اعدها كريتوفريوتشيك حيث حددت هذه الدراسة ثلاثة تحديات رئيسية متشابكة يواجهها اليمن هي:

1- الصعوبات الاقتصادية

2- التحديات الديموغرافية

3-وتحديات الأمن الداخلي

كما ذكرت الدراسة تحت بند التحديات الاقتصادية احتمال انخفاض كميات منسوب النفط وأشارت إلى أسباب ذلك من ضعف الصيانة والقدرة المحدودة لقطاع النفط-وعدم التنقيب الجديد عن حقول نفطية، وعدم وجود خطة طويلة الأجل لقطاع الطاقة وعدم تنظيم وتحديث أقسام الإنتاج.

كما أن القطاع النفطي من اهم الموارد السيادية للدولة ويضم العديد من الوحدات التالية التي تدار بطريقة غير شفافة واكثر عرضة للفساد وهي:

1- المؤسسة اليمنية للنفط والغاز 2- الهيئة العامة لاستكشاف وإنتاج النفط 3- المؤسسة العامة للمسح الجيولوجي والثروات المعدنية،4- شركة صافر،5- الشركة اليمنية لتكرير النفط العام،6-شركة النفط اليمنية،7-الشركة اليمنية للغاز،8-شركة مصافي عدن،9-مصافي مأرب.

حيث لا زال الكثير من الغموض يكتنف هذا القطاع ومن الخطوط الحمراء الذي لا يجوز لأحد السؤال عنه ويعاني الكثير من الاختلالات وخارج سيطرة الجهاز الرسمي للدولة وارتبط بصالح وشبكة النافذين التابعة له وقد تم بيع القطاع رقم( 53)في منطقة شرم سار بمحافظة حضرموت.

منظومة الفساد التي زرعها صالح وراء أزمة المشتقات النفطية

الذين يتحججون برفع الدعم عن المشتقات النفطية لمواجهة عجز الموازنة هم انفسهم غارقون في الفساد.. مازالت حتى اللحظة مافيا الفساد التي أوصدها صالح في مؤسسات الدولة هي التي تقود اليمن إلى الهاوية مفتعلة الأزمات واحدة تلو الأخرى خاصة القطاع النفطي الذي كان يعده صالح في حدود ملكيته الخاصة. فمواجهة كارثة الأزمات المفتعلة والتي قد تؤدي باليمن إلى كارثة كبرى يتطلب ضغطاً قوياً من القوى الوطني وقراراً حاسماً يزيح مافيا الفساد ويستعيد الأموال المهدورة والمبددة.. عبر:

1-وقف المخالفات المالية في كافة أجهزة الدولة، فقد بلغ إجمالي المخالفات المالية لعامي 95-2001م فقط في عهد صالح 41مليار ريال بمعدل 10%منه الناتج القومي.

2-أيضاً عبر تحصيل الإيرادات الحكومية, فحجم الديون التي لم تسدد للمؤسسة العامة للكهرباء والمياه مئات المليارات ..

3-تصفية العهد المالية في القطاعين الخدمي والعسكري

4-وقف الإعفاءات الجمركية: فهناك الكثير من التجار والنافذين وأصحاب رؤوس الأموال تم إعفاؤهم من الجمارك والضرائب في عهد صالح. فلو تم تحصيل هذه الإعفاءات لكانت كفيلة بمواجهة عجز الموازنة العامة للدولة.

5- وضع حد للتهرب الضريبي: تعتبر الإيرادات الضريبية هي المصدر الثاني للإيرادات العامة بعد النفط في اليمن، فإن هذا المصدر يتعرض للضياع اكثر من 50% من حجم الإيرادات المتوقعة لأنواع الضرائب المطبقة وفقا للقانون.

*كيف تم تبديد الثروة وإفراغ الخزينة العامة للدولة؟

تم تبديد الثروة عبر اعتماد أرقام مهولة للموازنات العامة للدولة خلال حكم صالح، فبالنظر إلى أرقام الموازنة العامة للدولة من 2000-2009م نراها أنها أرقام مهولة جدا وهذه الأرقام إما أنها جبايات وإما عائدات النفط ومشتقاته وإما قروض تحملها المواطن اليمني.. فبلغ حجم مخصصات المشاريع والاعتمادات الإضافية وفوائد أذون الخزانة لهذه الأعوام التسعة أرقام كبيرة جدا بلغت جملتها (460765666400) أربعة تريليون وستمائة وسبعة مليارات وستمائة وستة وخمسون مليون وستمائة وأربعة وستون ألف ريال موزعة كما يلي:

*مخصصات المشاريع(1.772559442000)

*الاعتمادات الإضافية حتى 2008م (2.401593133000)

*فوائد أذون الخزانة حتى 2008م(433504089000)

هذه المبالغ الكبيرة أهدرت ولو وزعت بعدالة بين الدوائر الانتخابية في الجمهورية اليمنية و301دائرة لكان نصيب كل دائرة مبلغ مقداره (15.307822804000) خمسة عشر مليار وزيادة ولو صرفت لكل دائرة نصفها لكانت التنمية اكتملت على مستوى كل دائرة.

من خلال هذا التقرير نجد أن فرصاً كثيرة أهدرت ولم يتم الاستفادة منها اهدرها نظام صالح وأموالاً كثيرة بددت كانت تكفي لتحقيق كل الخدمات لو وزعت توزيعاً عادلاً. وهذا فيض من غيض..

الأكثر قراءة

المقالات

تحقيقات

dailog-img
كيف تحوّلت مؤسسات صنعاء إلى “فقَّاسة صراع” الأجنحة داخل جماعة الحوثي؟ (تحقيق حصري)

حوّل خلاف موالين لجناحين (متشددين) متعارضين داخل جماعة الحوثي المسلحة “جلسة مقيّل” خاصة- بالعاصمة اليمنية صنعاء خلال عيد الأضحى المبارك- إلى توتر كاد يوصل إلى “اقتتال” في “مجلس” مليء بالأسلحة والقنابل ا مشاهدة المزيد

حوارات

dailog-img
وزير الدفاع يتحدث عن الحرب العسكرية ضد ميليشيا الحوثي ويكشف سر سقوط جبهة نهم والجوف ومحاولة اغتياله في تعز ولقائه بطارق صالح وتخادم الحوثيين والقاعدة وداعش

كشف وزير الدفاع الفريق ركن محسن محمد الداعري، ملف سقوط جبهتي نهم والجوف، بقبضة ميليشيا الحوثي، للمرة الأولى منذ تعيينه في منصبه. وأشاد الداعري، في حوار مع صحيفة "عكاظ" بالدعم بالدور المحوري والرئيسي الذي لعبته السعودية مشاهدة المزيد