خبير اقتصادي واجتماعي ينبه من مخاطر الانحباس الحراري..

إنكم تفقدون مصدر بقاءكم

2014-05-18 16:03:06 الاقتصادي/ وليد عبد الواسع

إرث حيوي وزراعي متنوع تمتلكه اليمن في كثير من مناطق توارثته الأجيال، وظل يشكل أهمية كبيرة لدى اليمنيين، لكنه اليوم يتجه نحو الاندثار، وفق تحذيرات خبراء وباحثين من كارثية مستقبل الأراضي الزراعية في البلد، وبدا قطاع كبير منها بما عليها من أنماط وأنظمة زراعية ـ عرضة للتدهور.. والسبب تغيرات مناخية، ناجمة عن ظاهرة الانحباس الحراري، بدأت علاماتها تتكشف يوماً بعد يوم..



ما سبق كشفه الخبير الاقتصادي والاجتماعي/ عبد الحافظ حمود الحكيمي، مؤكداً أن ظاهرة الانحباس الحراري، التي بدأت تنكشف كارثيتها في عدة مناطق يمنية، أدت إلى إحداث تغيرات مناخية، صارت تمثل تهديداً للأراضي الزراعية في اليمن.

شاهدات

يوضح الحكيمي أن سبب هذا التهديد يرجع إلى ما ينتج عن التغيرات المناخية من تأثيرات عكسية، تتمثل في ارتفاع درجات الحرارة، وفي قلة وتذبذب معدل سقوط الأمطار أو سقوطها في غير موعدها وأحياناً بكميات غزيرة جداً قد تكون كارثية.

ويورد الحكيمي حادثتين لانعكاس التغيرات المناخية على معدل سقوط الأمطار، أكانت بشكل كارثي كتلك التي حدثت بوادي حضرموت عام 2008م، أو الأمطار الغزيرة التي أدت إلى انجراف كبير في التربة في بعض مديريات (تعز، إب، والمحويت) العام2010م..

انعكاسات

ويشير الخبير الاقتصادي والاجتماعي إلى نتائج أخرى للتغيرات المناخية التي أحدثتها ظاهرة الانحباس الحراري، أهمها زيادة الجفاف والفيضانات.

الأمر الذي بات يشكل تهديداً على الأراضي الزراعية والمحاصيل الإنتاجية وبالتالي على الوضع المعيشي للمواطن اليمني الذي يعتمد أكثر من ثلثيه في مدخوله على الزراعة.

يأتي ذلك في ظل ـ ما وصفه الحكيمي ـ بالتدخلات الجائرة وعبث المنتجين الزراعيين، من خلال التحول من الزراعة النمطية إلى زراعة السوق، لتلبية الطلب المتزايد الذي أرجعه إلى زيادة السكان.

تغيرات أدت بالتالي إلى تدهور كبير في كل من التربة والمدرجات الزراعية ومستوى المياه الجوفية والنمط المحصولي، إذ تدهورت زراعة كثير من الأنواع المحصولية والأصناف المحلية، إضافة إلى تدهور السلالات المحلية التي ظلت مع المزارعين يتوارثونها منذ آلاف السنين.

تأثيرات مباشرة

في دراسة ميدانية عن مخاطر التغيرات المناخية الناجمة عن ظاهرة الانحباس الحراري بينت أن هناك تغيراً في المناخ بدأ منذ سنوات ولمسه المزارعون من خلال شحة الأمطار وتغير مواسم هطولها وارتفاع وانخفاض الحرارة وجفاف الينابيع.

وأكدت الدراسة ـ التي استهدفت مزارعين مديريات بلاد الروس وبني مطر ـ محافظة صنعاء، الرجم والمحويت في محافظة المحويت، السدة وبعدان محافظة إب، وصبر والمواسط في محافظة تعز ـ أكدت حدوث عدد من أنواع التأثيرات على الإنتاج الزراعي والمحصولي في هذه المناطق، تمثلت في تدني مستوى الإنتاجية، تغير النمط المحصولي، تدهور المدرجات الزراعية، وانخفاض المزروعة.

كما انخفضت مياه عشرات الآبار وجفت أخرى ـ حد إيضاحات المستهدفين، ترافقت مع انخفاض الأمطار في مناطق وغزارتها وسيولها الجارفة في مناطق أخرى، وبالتالي تأثر حياة السكان سلباً بهذه العوامل.

المعرفة ومصادرها

الدراسة تقيم أوضاع الفئات المعرضة للمخاطر وإعداد استراتيجية للتكيف مع (المناخ) أفادت بمعرفة كبيرة جداً لدى مزارعين المناطق المستهدفة عن التغيرات المناخية، إذ بينت نتائجها أن 85.7 قالوا بأن لديهم معرفة عن ذلك، مقابل 14.3 لا يعرفون.

واحتلت القنوات التلفزيونية رأس قائمة مصادر المعرفة والمعلومات عن التغيرات المناخية لدى عينة الدراسة بواقع 26 في حين شكل الأقارب والأصدقاء المرتبة الثانية ضمن التوزيع النسبي للمصادر 21، تلاهما الإذاعات المحلية 15، ثم الندوات واللقاءات الجماهيرية 13 فالمهندسين والمرشدين الزراعيين.

وجاءت الصحف في المرتبة السادسة في قائمة التوزيع النسبي لمصادر المعرفة والمعلومات عن التغيرات المناخية بواقع 5، والمدارس 4، والأنترنت 3، وأخيراً الإذاعات الخارجية 2، ومثلها البروشورات والكتيبات، وهي مستويات معرفة إيجابية مقارنة بالمستوى التعليمي للمبحوثين ـ حسب نتائج الدراسة التي أوضحت أن نسبة 25.8% أميين، 32.3 يقرأ ويكتب، أما المتعلمين فكان 10.9% تعليم أساسي، 15.7% ثانوي، و15.3 جامعي فأعلى.

تشير الدراسة ـ التي أعدها الخبير الاقتصادي والاجتماعي/ عبد الحافظ حمود الحكمي إلى عدد من الآبار التي انخفضت أو جفت مياهها ضمن المديريات المشمولة بالدراسة، إذ بلغت الآبار التي انخفضت مياهها خلال 2004م عدد 29 بئراً موزعة على: المواسط 4، صبر الموادم 2، السدة 3، بعدان 4، بني مطر 4، بلاد الروس 6، الرجم 3، والمحويت 3. فيما عدد الآبار التي جفت مياهها 30 بأراً حصدت منها بلاد الروس على النصيب الأوفر 12 بئراً، والمواسط 5 آبار، في حين بلغت في كلٍ من السدة، بعدان، وبني مطر، ثلاثة آبار لكل مديرية، وأثنان في المحويت، وبئر واحدة في صبر الموادم، وخلصت الدراسة إلى أربعة أنواع رئيسية من تأثير التغير المناخي على الإنتاج الزراعي والمحصولي في المديريات الثمان، تنوعت بين تدني مستوى الإنتاجية بنسبة 39%، وانخفاض المساحة المزروعة 26%، وتدهور المدرجات الزراعية 20%، وتغير النمط المحصولي 15%.

انخفاض

وعن مقدار الانخفاض في الإنتاجية بينت نتائج الدراسة مستوى الانخفاض بلغت مستويات متوسطة. إذ أفاد 53.1% أن نسبة الانخفاض في الإنتاجية وصلت 50%، و30.8% قالوا أنها بلغت 25%، و15.2% قالوا إنها 75%، في حين ارتفعت نسبة الانخفاض إلى أكثر من 75% في نظر 0.9%

النتائج أكدت انخفاض مساحة المحاصيل المطرية المزروعة بشكل كبير في السنوات الأخيرة فقد أجاب 85.9% على حدوث هذا الانخفاض بنعم مقابل 14.1% بـ(لا). وفي نظر 58.5% بدت نسبة الانخفاض في المساحة عند 25%، وقال 35.9% أنها بلغت 50%، ووصلت 75% وفق 5.6% من المجيبين.

وجاءت شحة الأمطار في المرتبة الأولى من بين أسباب انخفاض المساحة المزروعة بالمحاصيل بنسبة 25.8%، تلاها ارتفاع تكاليف الإنتاج 21.2%، ثم منافسة السلع المستوردة 14.6%، ورابعاً انجراف التربة 11.7%، والسبب رقم خمسة كان التمويل 9.7، ثم زراعة القات 8.8%، وأخيراً التوسع العمراني 8.1% ما يؤكد أن تأثير التغيرات المناخية كان العامل الأكبر في هذا الانخفاض.

دلالات وبدائل

كان لانخفاض مستوى الإنتاج الزراعي أثره البالغ والوضاح على حياة السكان وفق استنتاجات الخبير الاقتصادي والاجتماعي/ عبد الحافظ الحكيمي من مبحوثية الذين أكد 98.2%م منهم على هذا التأثير ونسبة من نفوا ذلك 1.8% فقط.

وبرزت دلالات تأثير الأسر الريفية بانخفاض مستوى الإنتاج الزراعي من خلال عدد من المظاهر تصدرتها ارتفاع معدلات الفقر في الريف وبنسبة 29.4%، ومن تدهور الوضع الغذائي للأسر بواقع 24.5%، وزيادة أعداد المهاجرين إلى المدن 23.9%، وأخيراً تزايد اعتماد الأسر على المستورد 22.2% تأثيرات أخرى لانخفاض الأمطار بوردها الباحث، أهمها تدهور مناطق الرعي بنسبة 26.4%، تراجع أعداد الثروة الحيوانية 25.9%، انخفاض كمية الأعلاف الجافة 25.1%، وانخفاض فرص العمل في الريف 22.6%.

كيفية المواجهة

وعن كيفية مواجهة ظاهرة انخفاض الأمطار يذكر الحكمي عدد من السبل التي استخلصها من إجابات المزارعين، أولها بالاستفادة من مصادر الأمطار والتي أيدها 23.4%، وثانيها إيجاد نشاطات بديلة مدرة للدخل 22.4، وقال 20.2% أنها تكمن بتوفير أصناف مقاومة للجفاف و15.2% بتوفير أصناف تناسب قصر الموسم، فيما بلغت نسبة التوسع بالزراعة المحمية كبديل لمواجهة ظاهرة انخفاض الأمطار 11.6%، وتغير النمط المحصولي 7.2%.

وبين 64% بأن مصدر البذور التي يستخدمونها في زراعة أراضيهم هي الانتخاب من نفس المحصول، في حين 16% مصدرها مؤسسة إكثار البذور، و20% يشترونها من السوق.

تقلبات وكوارث

التقلبات الجوية (جفاف وفيضانات) هي واحدة من نتائج التغيرات المناخية، تؤثر على الإنتاج الزراعي أيضاً وفق الدراسة التي يوافق 98.7 من عينتها على ذلك التأثير مقابل 0.4% لا يوافقون، 0.9% لا يعلمون هذا الأثر.

كما يبدي 63.1% موافقته على تعرض بعض الأراضي الزراعية للانجراف بسبب الأمطار الغزيرة والسيول الجارفة، مقارنة بـ36.9% يقولون أنهم غير موافقين.

وبشأن جفاف التربة وزيادة فترات هبوب الرياح كانت النتيجة 17.5% غير موافق، و2.7% لا يعلم. فيما انجراف التربة الزراعية بسبب الرياح والفيضانات الموسمية الناتجة عن الأمطار والسيول فقد توزعت النتيجة بين 54% موافق، و45% غير موافق، و1% لا أعلم. ووافق 77.1% على تدهور المدرجات وارتفاع مستوى الوديان، مقابل 21.5% غير موافق، و0.9% لا أعلم.

تسع روشتات

لمواجهة آثار التغيرات المناخية والحد من مخاطرها يقترح الخبير اليمني تسعة حلول يعدها أهم المعالجات التي يبدي المزارعون إزاءها قبولاً كبيراً وبنسب موافقة عالية تعدت الـ(90%) وتتمثل تلك المقترحات في: إدخال أصناف جديدة تتناسب مع الظروف المناخية والبيئة، إجراء التجارب لتحديد التأثيرات المناخية المختلفة على النباتات والحيوانات، إعداد تقويم زراعي للمنطقة يتناسب مع تقلبات المناخ وفترات الأمطار ترشيد استخدام المياه والأساليب المختلفة لحصاد مياه الأمطار، زراعة المساحات غير المزروعة لحماية التربة من الانجرافات، كذا نشر العمل الجماعي بين المزارعين بإنشاء مجموعات وجمعيات تعاونية إنتاجية وتسويقية وخدماتية، توفير وتبادل المعلومات بين المزارعين والمجتمعات الريفية لمواجهة التغيرات المناخية، وتزويدهم بالمعلومات عن التقلبات الجوية واحتمال ظهور الأمراض والآفات الزراعية المرتبطة بالظروف الجوية، وتفعيل دور الإرشاد الزراعي وإعداد برامج إرشادية وإصدار نشرات توعوية حول التأثيرات السلبية للتغيرات المناخية.

أهداف

تهدف الدراسة الصادرة عن مشروع التنوع الحيوي والتكيف المناخي بوزارة الزراعة والرعي إلى تحديد التأثيرات الناجمة عن التغيرات في درجات الحرارة والأمطار وفقدان التربة والتزايد المتكرر لإحداث التقلبات المناخية، التأثيرات على إنتاجية المحاصيل والنمط المحصولي وإنتاج الغذاء، وعلى فرص العمل في الريف اليمني، وغيرها من المؤثرات الاقتصادية الاجتماعية.

ومن ثمة تزويد صناع القرار بتصور إزاء الخسائر المحتملة لعدم مواجهة الأضرار المناخية على الزراعة المطرية، وبالمقابل المردود الذي سيحقق للبلد عند إعداد استراتيجية مواجهة.

المقالات

تحقيقات

dailog-img
كيف تحوّلت مؤسسات صنعاء إلى “فقَّاسة صراع” الأجنحة داخل جماعة الحوثي؟ (تحقيق حصري)

حوّل خلاف موالين لجناحين (متشددين) متعارضين داخل جماعة الحوثي المسلحة “جلسة مقيّل” خاصة- بالعاصمة اليمنية صنعاء خلال عيد الأضحى المبارك- إلى توتر كاد يوصل إلى “اقتتال” في “مجلس” مليء بالأسلحة والقنابل ا مشاهدة المزيد

حوارات

dailog-img
وزير الدفاع يتحدث عن الحرب العسكرية ضد ميليشيا الحوثي ويكشف سر سقوط جبهة نهم والجوف ومحاولة اغتياله في تعز ولقائه بطارق صالح وتخادم الحوثيين والقاعدة وداعش

كشف وزير الدفاع الفريق ركن محسن محمد الداعري، ملف سقوط جبهتي نهم والجوف، بقبضة ميليشيا الحوثي، للمرة الأولى منذ تعيينه في منصبه. وأشاد الداعري، في حوار مع صحيفة "عكاظ" بالدعم بالدور المحوري والرئيسي الذي لعبته السعودية مشاهدة المزيد