الاستهتار بأرواح البشر في المستشفيات اليمنية إلى متى سيستمر؟

الحاضري فقد عين ابنه في مستشفى عام بالعاصمة

2014-05-22 12:20:29 هموم الناس/ خاص

 
تتجه مهنة الطب في بلادنا باتجاه مزيدٍ من الأخطاء التي بدورها تؤدي إلى العاهة المستديمة أو الموت لمرضى وقعوا ضحايا بأيدي أناس امتهنوا الطب كوسيلة لكسب المال يُطلَق عليه عليهم "ملائكة الرحمة!!!" وعندما يقعون في الأخطاء الطبية يتنكّرون للمسؤولية، فيذهب أهالي الضحايا إلى المجلس الطبي, الذي لا يُنصِف أحداً من الضحايا في ظل غياب الرقابة الصارمة من قِبل وزارة الصحة والمجلس الأعلى للصحة الذي أثر فيهما دُخَلاء المهنة من القائمين عليهما.

المتضررون من المستشفيات والأطباء في اليمن كثيرون وإن وجدت وسائل أحد هؤلاء ممّن يكتشفون بأن هناك مجلساً طبياً أعلى يحاسب كل طبيب أخطأ؛ فيذهب إليه أهالي الضحايا لرفع شكاواهم إليه إلا أنهم يتفاجؤون بأن هذا المجلس لا يعدو عن كونه أكثر من جمعية يساهم فيها كل طبيب للدفاع عنه لا لإنصاف ضحاياه من أخطائه التي تتكرر كل مرة في المستشفيات التي يعملون فيها..



نجد العديد من المرضى الذين تُوفوا أو غادروا المستشفيات إمّا إلى (المقابر) أو غادروها معاقين بسبب الإهمال والأخطاء الطبية التي تمر في بلادنا بدون عقاب وإذا ما اتجهت إلى الصحة أو المجلس الطبي فستجد الكثير من المعاناة لمتضررين لا ينصفهم أحد وضحايا في تصاعد مستمر لا يُعرَف مسؤولوها.. ويفضل الكثيرون من المرضى الموت في البيوت إن كانت لا تتوفر لديهم إمكانيات ومن كان لديه إمكانيات فإنه يفضّل السفر خارج البلد؛ فقضية الأخطاء الطبية ستتناولها هموم الناس في أعدادها القادمة بعد أن أصبحت قضيةً خارج نطاق التحكُّم والسيطرة.. وفيما يلي قضيتان نعرضهما اليوم:

في آخر ليلة من شهر رمضان الفائت كان الطفل/ إبراهيم أحمد مصلح الحاضري يلعب مع أطفال قريته "بيت حاضر" بمديرية سنحان ابتهاجاً بقدوم العيد الذي سيحل عليهم صباح اليوم التالي إلا أن شظية ألعاب نارية أصابت عينه اليمنى فأُسعف على إثرها إلى مستشفى الثورة العام في العاصمة صنعاء.

في يوم العيد خضع الطفل إبراهيم البالغ من العمر حينها 11 عاماً, في مستشفى الثورة لعملية جراحية تم بموجبها خياطة وإقفال العين دون أن يتم إزالة شظية الألعاب النارية منها, ما تسبب في تلفها حسب التقارير الطبية الصادرة من مركز دار العيون التخصصي في جمهورية مصر.

أحمد مصلح الحاضري "والد الطفل" زار الشارع مساء أمس الأول مصطحباً معه عدداً من التقارير, منها تقرير قال إنه صادر عن الطبيب المعالج الذي قام بإجراء العملية الجراحية لعين ابنه إبراهيم داخل مستشفى الثورة في صنعاء بطريقة خاطئة وتسبب في تلَفها.

هذا التقرير ذكر أن إبراهيم أحمد مصلح دخل المستشفى في 7/8/2013م وغادره في اليوم الثاني بعد إجراء العملية, وأن ملخص حالته المرضية تمثل في "بروز السائل الزجاجي مع قطع في قرنية العين, وجود قطع أو جرح مؤلم مع تكوُّن مياه بيضاء, وأورد التقرير أيضاً ثلاث نقاط هي:

وجود صعوبة في التنفُّس, ثم عمل حقنة مضاد حيوي وتم خياطة الجرح أو القطع ولم يتم تنظيف الجرح, لم يستخدم الخيط الحريري 10/0 ذا الجودة الجيدة, ولكن بالمقابل تم استخدم الخيط المتاح 8/0

في 20/8/2013 أصدرت هيئة مستشفى الثورة العام بصنعاء تقريراً جاء فيه أن "إبراهيم أحمد الحاضري" يعاني من التهاب صديدي في العين اليمني, إثر تعرض لها من عمل يده, وقد أجريت له عملية ترقيع الجرح قطعي في القرنية, ويحتاج إلى حُقن مضادات حيوية للجسم الزجاجي مع مضادات حيوية مقوية.

يقول أحمد مصلح الحاضري إنه ظل يتردد على مستشفى الثورة مع ابنه إبراهيم لمتابعة إصابة عينه اليمني, وعندما يلمس أي تحسُّن بل إن الضرر بدأ يمتد إلى عينه اليسرى, لم يكن أمامه من حل إلا نقله للعلاج خارج الوطن.

وفي بداية 8/2013 غادر أحمد الحاضري مع ابنه "إبراهيم" إلى القاهرة في جمهورية مصر, وبعد أن عرضه هناك على مركز دار العيون التخصصي فوجئ بأن الطبيب في مستشفى الثورة بصنعاء لم يقم بإخراج الشظية من عين ابنه, الأمر الذي تسبب في إفساد شبكية العين بالكامل وتسبب في ضمورها.

تقرير الطبيب في مركز دار العيون التخصصي بالقاهرة الذي كشف في 7/9/2013 على الطفل إبراهيم أحمد مصلح قال : تبين أنه مصاب بانفصال شبكي كامل ومياه بيضاء في العين اليمنى, وبعد الاطلاع على رسم العصب البصري الكهربي ورسم الشبكية الكهربي تبيّن إصابتهما بضعف شديد وقصور وظيفي كامل ينبئ بنتيجة ضعيفة جداً لإصلاح البصر.

وفي 15/9/2013 أجرى مركز دار العيون التخصصي لإبراهيم عملية تفريغ للعين اليمنى واستخرج جسماً غريباً من تجويفها, وزرع كورة مرجانية وغطاء من الإكربليك في التجويف الملتحم, لحين تركيب عين صناعية.

وبعد أن تم تركيب عين صناعية للطفل إبراهيم, خرج تقرير مركز دار العيون التخصصي الصادر في 2/10/2013م والمعمَّد من سفارة بلادنا في القاهرة, ليتهم طبيب مستشفى الثورة في صنعاء, الذي أجرى العملية الأولى للطفل, بالتقصير في أداء عمله المهني, وأوضح التقرير أن تقصير طبيب مستشفى الثورة تمثل في نسيان شظية داخل العين اليمني لإبراهيم, الأمر الذي تسبب في تليفها, مشيراً إلى أنه نتيجة هذا التقصير تم استئصال التليف والمياه البيضاء وتفريغ العين.

بعد أن عاد أحمد مصلح الحاضري مع طفله "إبراهيم" إلى اليمن قام في 10/11/2013 برفع قضية لدى محكمة جنوب الأمانة ضد هيئة مستشفى الثورة والدكتور/ أحمد عبدالله الشبوطي الذي قام بإجراء العملية الجراحية لعين الطفل, إلا أن المحكمة رفضت قبول القضية بحجة أن عليه أن يقدم في البداية شكوى إلى المجلس الطبي الأعلى.

بعد ذلك قدم أحمد الحاضري شكوى إلى المجلس الطبي الأعلى طالب فيها بالتحقيق مع هيئة مستشفى الثورة, والدكتور أحمد الشبوطي الذي قام بإجراء العملية الجراحية بشكل مخالف للأصول الطبية العلمية والقواعد التي تحكم مهنة الطب, الأمر الذي تسبب في إتلاف عين الطفل نتيجة ذلك.

المجلس الطبي حقق مع الطبيب أحمد الشبوطي الذي أجرى العملية وشكّل لجنة فنية لفحص جميع التقارير والوثائق الطبية الصادرة من مصر, وفي تاريخ 14/5/2014 أصدر المجلس قراره بتبرئة الطبيب المعالج من ارتكاب الخطأ الطبي.

وقال المجلس في تقريره الذي حصلت "أخبار اليوم" على نسخة منه, إن عملية ترقيع العين في طوارئ مستشفى الثورة كانت صحيحة حتى وإن كان هناك جسم غريب داخل العين فهو بحاجة إلى عملية أخرى لإزالة الجسم الغريب عن طريق أخصائي الماء الزجاجي والشبكة.

وأكد التقرير أن العين كانت متضررة جداً أثناء إسعاف المريض إلى المستشفى, مفيداً بأن وجد الجسم الغريب داخل العين زادها, سواء ما أدى إلى تفريغها في جمهورية مصر, وفيما المجلس الطبي ينفي في تقريره وجود خطأ طبي في العملية الأولى التي كانت عملية إسعافيه لإغلاق عين الطفل إبراهيم, قال إن التقرير الطبي الصادر من مركز دار العيون التخصصي في مصر يعبر عن رأي كاتبه وليس بالضرورة أن يكون صائباً.

والد الطفل الضحية "أحمد الحاضري" وصف تقرير المجلس الطبي بالجائر والظالم, واتهمه بالتحيز للطبيب الذي قام بإجراء عملية جراحية خاطئة لعين الطفل وتسبب في إتلافها.

الحاضري طالب وزير الصحة والنائب العام بتشكيل لجنة محايدة للتحقيق في قضية ابنه "إبراهيم" وفحص جميع التقارير الطبية الصادرة من جمهورية مصر, التي أكدت أن طبيب مستشفى الثورة أجرى العملية الأولى بشكل مخالف للأصول الطبية.

وطالب الحاضري كلاً من رئيس الجمهورية والنائب العام بسرعة محاسبة الطبيب والمجلس الطبي وتعويضه لحيث وهو مطالباً كل تسعة أشهر بتغير عين ابنه الصناعية بـ(3000) آلاف دولار وقد خسر الكثير لكي يتم تدارك عين ابنه الأخرى ولم ينصفه أحد برغم أن تقرير مستشفى الثورة الذي سُلّم له لم يُحدد العين المصابة بشكل صحيح حيث أفاد التقرير أن العين المصابة هي اليسرى, في حين أن العين المصابة هي اليمنى وهو ما يؤكد أن المستشفى قد كَثُرت أخطاؤه حتى في تقاريره التي يعطيها للمرضى المترددين عليه.

المقالات

تحقيقات

dailog-img
كيف تحوّلت مؤسسات صنعاء إلى “فقَّاسة صراع” الأجنحة داخل جماعة الحوثي؟ (تحقيق حصري)

حوّل خلاف موالين لجناحين (متشددين) متعارضين داخل جماعة الحوثي المسلحة “جلسة مقيّل” خاصة- بالعاصمة اليمنية صنعاء خلال عيد الأضحى المبارك- إلى توتر كاد يوصل إلى “اقتتال” في “مجلس” مليء بالأسلحة والقنابل ا مشاهدة المزيد

حوارات

dailog-img
وزير الدفاع يتحدث عن الحرب العسكرية ضد ميليشيا الحوثي ويكشف سر سقوط جبهة نهم والجوف ومحاولة اغتياله في تعز ولقائه بطارق صالح وتخادم الحوثيين والقاعدة وداعش

كشف وزير الدفاع الفريق ركن محسن محمد الداعري، ملف سقوط جبهتي نهم والجوف، بقبضة ميليشيا الحوثي، للمرة الأولى منذ تعيينه في منصبه. وأشاد الداعري، في حوار مع صحيفة "عكاظ" بالدعم بالدور المحوري والرئيسي الذي لعبته السعودية مشاهدة المزيد