رمضان تطهير للنفس وتصفية للقلب ونصرة للحق، وطريق للإعداد للجهاد في سبيل الله ووسيلة لإعلاء كلمة الحق ورفع راية الإسلام، إن التربية الراشدة وضبط النفس، وإصلاح القلوب، جوانب لا غنى عنها للبشرية، ما دامت تريد فلاحا ونجاحا وما من عاقل إلا وهو يدرك أنه لو أطلق العنان لهواه في كل مجال، فإن الحياة تصبح فوضى لا تطاق، بل ينزل بها الدمار والهلاك.. إن الضوابط الشرعية التي جاء بها الإسلام لصلاح الفرد والمجتمع، هي الصيغة النهائية الدقيقة التي تضبط الحياة، وهى المنهج القويم، والصراط المستقيم الذى يجب عليهم أن يسلكوه.
والتدريب العملى لضبط النفس في الإسلام هو الصوم وهو الذي يصل بصاحبه إلى مرتبة التقوى، وإن خمسة عشر قرنًا لخير شاهد على صدق ما نقول، إذا أحسن المسلمون تطبيقهم لهذه الطاعات، إن المسلمين في رمضان يختلفون في فهمهم وقيامهم بحق هذه الفريضة:
1- فمنهم من لا يفقه من الصيام إلا تجهيز الطعام والشراب والتفنن في إعداد الألوان منها ولوازم السحور والإفطار وما يفتح الشهية ويوفر الراحة؛ لأن رمضان كريم، وهذا من شيم الكرام!
2- وهناك من فهموا أن الصيام فترة إجازة وراحة، فيترك أعماله، ويعطل نشاطه، ثم يقضى رمضان في السهر والتسلية واللهو، وتقسيم الوقت على الزيارات والحفلات، وفى النهار يغطون في نومهم ويتكاسلون في عملهم، إن كان هناك عمل.
وهذان النوعان من المسلمين خسروا رمضان، وهجرهم وهو شهيد على تقصيرهم وسوء تقديرهم.
3- وهناك صنف ثالث: صلوا وصاموا، وتعبدوا وأقبلوا على المساجد والطاعات يرجون رحمة الله، ويخافون عذابه، وأولئك لهم أجرهم وثواب صيامهم، وجزاء أعمالهم.
4- وبقى بعد هذا: الصنف الكريم الوفي لدينه، إنهم يؤدون كل ما أمروا به، ثم ينظرون إلى الهدف الأكبر الذي لا ينبغي أن يغيب عن قلب المسلم، لقد عرفوا لرمضان معاني فوق هذا، فاكتسبوا منه تطهير النفس وتصفية القلب.