المشروعات القومية الكبرى وتكلفة الفرصة البديلة

2014-10-26 12:29:57 الاقتصادي/ وكالات


لاشك أن الأوضاع الاقتصادية والاجتماعية – بالإضافة للأوضاع السياسية والأمنية – مثلت تحديات حقيقية أمام الاقتصاد المصري خلال الفترة السابقة، ولذلك أولت الحكومة المصرية اهتماماً متزايداً لمواجهة هذا التحديات من خلال أهداف محددة أهمها زيادة معدلات التشغيل من خلال زيادة قوة الاقتصاد ورفع معدلات النمو وتنفيذ الاستثمارات بما يسهم في توفير وظائف.

ومن البديهي أن أي عملية لحفز النمو الاقتصادي المتواصل ترتبط بتيار متجدد ودائم لبناء المشروعات الاقتصادية الجديدة، أي بتحقيق معدل مرتفع للاستثمار، من ذلك أعلنت وزارة المالية المصرية في سياق خطة العمل التي حددتها أنها تحتاج إلى اجراءات اقتصادية هيكلية في حدود 90 – 100 مليار جنيه خلال العام المالي القادم 2014/2015 ، وتضع الحكومة في هذا الشأن هدفاً ببلوغ معدل النمو مستوى 3.2% خلال عام 2014/2015 ، وتخطط الحكومة لتخفيض معدل البطالة من 13.3% إلى 13% خلال العام المالي القادم 2014/2015.

الجدير بالذكر أنه في إطار توجه الحكومة المصرية بدفع مزيد من الاستثمارات إلى مشروعات كبرى بعينها فقد تم الاعلان مؤخرا عن موجة من المشروعات القومية العملاقة إلا أن هذه المشروعات لها تكلفة غير مباشرة وهي تكلفة الفرصة البديلة الناتجة عن توجيه الموارد الاقتصادية المحدودة للمشروعات الجديدة طويلة الأجل.

في هذا الإطار أعلنت الحكومة المصرية مطلع أغسطس من العام 2014 انطلاق مشروع تنمية قناة السويس وذلك بإنشاء قناة جديدة موازية للأصلية، وعدم اقتصار المنطقة على وظيفة المعبر التجاري فقط؛ بحيث تمتد وظيفتها لتكون مركز صناعي ولوجستي لإمداد وتموين النقل والتجارة، ويبلغ طول قناة السويس الأصلية 190 كيلو متر، ويبلغ طول القناة الجديدة 72 كيلو متر منها 35 كيلو متر حفر جاف و37 كيلو متر توسعة وتعميق للقناة الأصلية.

ويتمثل الإسهام الحقيقي للقناة الثانية في الآثار الانتشارية التي سيخلقها مثل هذا المشروع من الناحية الاقتصادية، بصورة مباشرة وغير مباشرة وهي عديدة، حيث ستتحول طبيعة القناة من مجرد مصدر لتحصيل الرسوم على السفن العابرة، إلى لعب دور أعمق في تنمية الاقتصاد المصري. والجدير بالإشارة في هذا السياق أن منطقة القناة ستتحول بالتبعية إلى أهم المناطق الجغرافية في مصر، وأحد أهم مراكز توليد الدخل في الاقتصاد المصري، إذا تم استغلال الفرص الكامنة التي يمكن أن يطرحها المشروع على مصر على نحو كفء.

ومن المتوقع أن يترتب على مشروع توسعة القناة تحقيق مكاسب ضخمة للاقتصاد المصري تسهم في زيادة حصيلة الدولة من النقد الأجنبي، وتساعد على تنويع مصادر الدخل، وتوفير المزيد من الوظائف، فضلا عن استيعاب المزيد من السكان في المنطقة، وتخفيف الضغوط السكانية على مناطق التجمع التقليدية في مصر.

ويمكن تقييم مشروع القناة الجديدة من خلال عرض جانبي الإيرادات والتكاليف ، فمن حيث جانب الإيرادات المتوقعة سيتمثل الأثر المباشر لشق القناة في مضاعفة إيرادات قناة السويس من النقد الأجنبي، التي تعد من أهم مصادر النقد الأجنبي في الدولة - بعد تحويلات المصريين العاملين في الخارج وإيرادات السياحة- ، وهو ما سيعمل على زيادة مستويات الدخل القومي، ورفع متوسط نصيب الفرد من الدخل ، حيث أنه بحسب ما أُعلن ستصل إيرادات القناة إلى 13 مليار دولار سنوياً عند اكتماله.

ويذكر أن معظم الإيرادات ستكون نظير خدمات لوجيستية للسفن وعمليات اصلاح وتموين اضافة الى ايرادات مشروع التنمية والتي تصل الى حوالى 70 الى 80 مليار دولار ومن المفروض أن يُقسم المشروع الى 4 مناطق وهى شمال غرب خليج السويس، وشرق بورسعيد منطقة ترانزيت عالمية، والاسماعيلية، ووادي التكنولوجيا وكل منطقة من هذه المناطق تستطيع تحقيق ايرادات ضخمة.

أما على جانب التكلفة فقد أُثير مؤخراً جدل واسع حول تمويل المشروع ويمكن القول أنه كان على الحكومة المصرية أن تواجه سؤالا حرجا عند تمويل مشروع قناة السويس الجديدة حول كيفية توفر التمويل اللازم لمثل هذا المشروع الضخم، والذى تراه لازما لرفع معدلات التشغيل والنمو وانتشال الاقتصاد من الركود، في وقت تجرى السياسة المالية في اتجاه تقشفي بغرض خفض العجز في الموازنة.

وتبلغ التكلفة الإجمالية لحفر القناة الجديدة 4 مليار دولار ( أو ما يعادل نحو 64 مليار جنيه ) وقد تم التمويل عن طريق طرح شهادات استثمار للشركات والمواطنين؛ وذلك دون حد أقصى وبفئات مختلفة ووفقاً لضوابط معينة، واستثنى الأجانب من القدرة على شراء تلك الشهادات، وتم الاشتراط أيضاً على الشركات المتقدمة للاكتتاب أن تكون مملوكة لمصريين بنسبة 100%، ويذكر أن العائد على شهادة الاستثمار يبلغ 12%، وقد صرح محافظ البنك المركزي المصري بأن دفع الفائدة سيكون من أرباح القناة الأصلية إلى أن تنتهى أعمال التطوير.

المقالات

تحقيقات

dailog-img
كيف تحوّلت مؤسسات صنعاء إلى “فقَّاسة صراع” الأجنحة داخل جماعة الحوثي؟ (تحقيق حصري)

حوّل خلاف موالين لجناحين (متشددين) متعارضين داخل جماعة الحوثي المسلحة “جلسة مقيّل” خاصة- بالعاصمة اليمنية صنعاء خلال عيد الأضحى المبارك- إلى توتر كاد يوصل إلى “اقتتال” في “مجلس” مليء بالأسلحة والقنابل ا مشاهدة المزيد

حوارات

dailog-img
وزير الدفاع يتحدث عن الحرب العسكرية ضد ميليشيا الحوثي ويكشف سر سقوط جبهة نهم والجوف ومحاولة اغتياله في تعز ولقائه بطارق صالح وتخادم الحوثيين والقاعدة وداعش

كشف وزير الدفاع الفريق ركن محسن محمد الداعري، ملف سقوط جبهتي نهم والجوف، بقبضة ميليشيا الحوثي، للمرة الأولى منذ تعيينه في منصبه. وأشاد الداعري، في حوار مع صحيفة "عكاظ" بالدعم بالدور المحوري والرئيسي الذي لعبته السعودية مشاهدة المزيد