اليمن.. 290 ساعة إرباك

2015-02-03 14:34:00 أخبار اليوم/تقرير

يكتنف المشهد السياسي اليمني قدر كبير من الارتباك والشعور بالسقوط في مأزق اختيار الحل الأنسب لإنهاء حالة الفراغ الذي سببته استقالة الرئيس هادي وحكومة الكفاءات في 22 يناير الماضي..

يأتي ذلك في ظل التباينات الواضحة بين القوى السياسية التي تخوض جولات يومية من المفاوضات التي لا تلبث أن تبدأ حتى تنتهي بجملة دأبت وسائل الإعلام اليمنية على استخدامها عقب فشل كل جولة حوار مفادها "عدم التوصل الى أي اتفاق".. هكذا يصف تقرير لمرصد البرلمان اليمني الوضع الراهن في اليمن من خلال قراءته لمواقف الأطراف المختلفة تجاه أزمة الحكم في البلد..


وبحسب التقرير تتأرجح مواقف الأطراف السياسية وخياراتهم لحسم أزمة استقالة الرئيس وملء الفراغ السياسي القائم في البلاد منذ 12 يوماً بين مجلس رئاسي يتشكل بالتوافق من المكونات التي تقف على طاولة الحوار، بعيداً عن المؤسسة الشرعية الوحيدة في البلاد (البرلمان).

وبين خيار المجلس الرئاسي ولكن عبر الأطر الدستورية ومؤسسة البرلمان بوصفه السلطة الممثلة للشعب والمعبرة عن إرادته. وبعيداً عن هذا وذاك يقف طرف ثالث يتَّسم بالرفض القاطع لكافة الإجراءات التالية لاستقالة الرئيس هادي.

مأزق حوثي

وبرؤية مراقبين للشأن اليمني يجد الطرف الأقوى المتمثل في جماعة أنصار الله (الحوثيين)، التي تسيطر على عاصمة الدولة ومؤسساتها وتفرض حصاراً على منزل الرئيس المستقيل، نفسه أمام مأزق عدم القدرة على حسم الموقف في الاتجاه الذي يريد وتحمُّل مسؤولية إدارة شؤون الدولة والخروج بالبلاد من أزمتها الراهنة لا سيما في ظل وجود حالة من الرفض الشعبي المتجسد بالمسيرات اليومية التي تشهدها صنعاء وعدد من المحافظات الرافضة والمنددة بـ" الانقلاب الحوثي" على " الشرعية" والمطالبة بخروج مسلحي الحوثي من العاصمة والمدن.. هذا بحسب التقرير..

غير أن المستجدات الأخيرة على الأرض وما تمخَّض عنه الاجتماع الموسَّع الذي شهدته صنعاء خلال الأيام الثلاثة الماضية بدعوة من عبدالملك الحوثي، من إمهال للأطراف المتحاورة مدة ثلاثة أيام للخروج بحل يسد الفراغ القائم يؤكد أن الحوثي عازم على المُضي نحو تنفيذ مخططه باتخاذ الإجراءات الكفيلة بترتيب أوضاع سلطات الدولة وفقاً لرؤيته.

تحالفات وممانعة

وفي حين يتجه الحوثيون نحو تشكيل المجلس الرئاسي بقرار ممَّا أسموه "القيادة الثورية" ترددت مواقف الأحزاب والجماعات السياسية الأخرى بين التزام الرفض التام وبين المشاركة في مفاوضات "موفنبيك" التي يديرها المفوض الأممي بنعمر وبين الانخراط في تحالفات براجماتية مع الحوثيين.

ويفصِّل التقرير الاتجاهات الثلاثة, بدءاً باتجاه الممانعة التامة لكل إجراءات ما بعد 21 يناير, ويتصدر هذا الاتجاه الفصائل الجنوبية الحراكية ومعها تلك القريبة من الرئيس هادي بما فيها الكتلة البرلمانية الجنوبية وإلى جانبها يقف حزب الرشاد السلفي الذي أعلن رفضه المشاركة في جلسات الحوار مع الحوثي الرامي الى الخروج من أزمة الاستقالة.

وبالنظر الى موقف حزب التنظيم الوحدوي الناصري وخصوصاً بعد إعلان انسحابه وبشكل نهائي من المفاوضات عقب صدور البيان الختامي للمؤتمر الوطني لجماعة الحوثي الذي أمهل الأطراف المتحاورة ثلاثة أيام للخروج بحل للأزمة الحالية، يمكن وضع الحزب في هذا الاتجاه الذي يتناغم الى حد كبير مع صوت حركة الاحتجاجات الشبابية والطلابية المناهضة للحوثي.

انسحاب المصلحة

وفي الاتجاه ذاته أعلن مكون الحراك الجنوبي في 29 يناير انسحابه من الحوار "وذلك من أجل الحفاظ على المصالح الوطنية؛ لأن الاستمرار في هذا الحوار العبثي سيقود البلاد إلى المجهول والذي يجري تحت التهديد والحصار لقيادات الدولة الشرعية والسياسية والذي جعل كل اليمنين مرهونين لقوة التسلُّط والهيمنة"

المطالب ذاتها كانت قد طرحتها الكتلة البرلمانية الجنوبية بعد اجتماعها في مدينة عدن الأسبوع الفائت كشرط لإنهاء مقاطعتها للبرلمان والمشاركة في أي جلسة يتقرر انعقادها لمناقشة أزمة استقالة الرئيس هادي.

شماعة الدستورية

أما الاتجاه الثاني, بحسب التقرير فيتمثل في اتجاه القوى المتمسكة بالحل عبر المؤسسات الدستورية, ويأتي في طليعة هذا الاتجاه ويدفع ناحيته ويؤكد تمسُّكه به يوماً بعد يوم حزب المؤتمر الشعبي العام ( حزب الرئيس السابق علي عبد الله صالح) بما يتمتع به من أغلبية برلمانية مريحة تتجاوز نصف أعضاء المجلس. وهو ما يجعله على النقيض من حليفه الحوثي الذي يرفض الحل عن طريق البرلمان.

ومنذ انطلاق سجالات الحوار في "موفنبيك" وحتى اليوم ما يزال المؤتمر مصر على موقفه التمسُّك بما يسميه " الشرعية الدستورية" الرافض لأي إجراءات تخص نقل السلطة بما في ذلك إنشاء مجلس رئاسي دون الرجوع إلى مجلس النواب.

وبالوقوف عند حديث الرئيس المستقيل عبدربه منصور هادي خلال زيارته الى منزله من قيادات أحزاب الاشتراكي، الناصري، والعدالة والبناء، السبت الماضي الذي شدَّد على أن "أي توافق على حلول يجب أن تكون عبر المؤسسات الدستورية.. بما فيها خيار التوافق على مجلس رئاسة".

وإلى جانب المؤتمر وحلفائه يأتي حزب العدالة والبناء في موقفه المؤيد لحل الأزمة عبر البرلمان وهو الموقف الذي أكده أمين عام الحزب وعضو البرلمان عبد العزيز جباري في تصريح سابق لـ" مرصد البرلمان" حينما شدد على أنه "لا يمكن تجاوز مجلس النواب والدستور بأي حال من الأحوال وأن أي اتفاق بين الأطراف المتحاورة بشأن أزمة استقالة الرئيس وفي مقدمتها حزب العدالة والبناء لن يكون منطلقاً إلا من نصوص الدستور "وهو الأمر الذي يجب أن يدركه الجميع".

توجهات متوافقة

الاتجاه الثالث يصنِّفه التقرير بالقوى المتجهة نحو تشكيل مجلس عسكري, ويمثل هذا الاتجاه جماعة الحوثي القادرة على فرض خياراتها بما تمتلكه من قوة وسلاح وبما تشكله من هيمنة كاملة على مؤسسات ومرافق الدولة؛ الأمر الذي قد يُغريها على المُضي نحو فرض سياسية الأمر الواقع وإجبار الآخرين على القبول بهذا الخيار. وقريباً من هذا التوجه يتفق مع خيار إنشاء مجلس رئاسي بعيداً عن سلطة البرلمان جناح من التجمع اليمني للإصلاح وهو الجناح الذي يقوده رئيس الحزب محمد اليدومي في وقت يعلن فيه قطاعٌ كبير من قيادات وأفراد الحزب رفضه المطلق لهذا التوجه " المُذعِن".

وبذلك ومن خلال هذه الاتجاهات وأخذاً لما رَشَح من مواقف دولية وإقليمية تراوحت بين الصمت والقبول بالحوثي يتضح أن المشهد سيتمخض عن هيمنة للحوثيين في إدارة المشهد القادم بما يختزنه من تعقيدات وفُرَص للحل أو للصراع.

الأكثر قراءة

المقالات

تحقيقات

dailog-img
كيف تحوّلت مؤسسات صنعاء إلى “فقَّاسة صراع” الأجنحة داخل جماعة الحوثي؟ (تحقيق حصري)

حوّل خلاف موالين لجناحين (متشددين) متعارضين داخل جماعة الحوثي المسلحة “جلسة مقيّل” خاصة- بالعاصمة اليمنية صنعاء خلال عيد الأضحى المبارك- إلى توتر كاد يوصل إلى “اقتتال” في “مجلس” مليء بالأسلحة والقنابل ا مشاهدة المزيد

حوارات

dailog-img
وزير الدفاع يتحدث عن الحرب العسكرية ضد ميليشيا الحوثي ويكشف سر سقوط جبهة نهم والجوف ومحاولة اغتياله في تعز ولقائه بطارق صالح وتخادم الحوثيين والقاعدة وداعش

كشف وزير الدفاع الفريق ركن محسن محمد الداعري، ملف سقوط جبهتي نهم والجوف، بقبضة ميليشيا الحوثي، للمرة الأولى منذ تعيينه في منصبه. وأشاد الداعري، في حوار مع صحيفة "عكاظ" بالدعم بالدور المحوري والرئيسي الذي لعبته السعودية مشاهدة المزيد