تعز..كارثة إنسانية تدق الأجراس

2016-01-07 10:43:26 تقرير خاص/ وليد عبد الواسع

قرابة التسعة أشهر مرت ومحافظة تعز تلملم جراحاتها وهي تقاوم القصف والقتل والحصار والدمار الذي تخلفه مليشيا الحوثي وقوات صالح في حربها التي تشنهاعلى المدينة وأبنائها..
فيما منظمات دولية- تدعي أنها معنية بالإنسانية وحقوقها- تقف موقف المتخاذل والمبرر لجرائم وحشية لاتسقط بالتقادم..
تعز المحاصرة اليوم.. جرس إنذار يدق بقوة من مواجهة المدينة كارثة إنسانية وسط صمت دولي مريب ومنظمات لايراوح موقفها أكثر من بيان شجب.. والمتحاورون في مشاورات جنيف مازالوا يتخذون من الوضع الإنساني الكارثي في تعز ورقة تفاوض..

يزداد الوضع الإنساني في تعز سوءاً يوماً بعد يوم، بسبب الحصار والقصف من قبل مليشيات الحوثي وقوات المخلوع علي عبد الله صالح.. معاناةٌ تتجدد وقصفٌ يتكرر وحصارٌ يشتد.. حتى بَلَغَ الوضع الانساني في المدينة حداً كارثياً..
حصار وقصف وتجويع
الوضع الإنساني في تعز مع مرور الوقت يزداد سوءا وكارثية في ظل استمرار ميليشيات الحوثي وقوات المخلوع صالح في شن حربها على المدينة و فرض حصار مطبق على قرابة مليوني مواطن منذ ما يزيد عن ثمانية أشهر, وحرمانهم من أدنى مقومات الحياة الإنسانية..
يأتي ذلك بعد أن أحكمت إغلاقها لجميع المنافذ المؤدية إلى المدينة أمام المواطنين وعدم السماح بإدخال المواد الغذائية والطبية ومياه الشرب إليها في مشهد يعكس حجم الحقد الذي يصب على المدينة التي يتعرض أبناؤها اليوم لعقاب سياسي ممنهج وانتهاكات يومية بحقهم.

حصار خانق تسبب في انعدام المواد الأساسية والمشتقات النفطية داخل أسواق المدينة وارتفاع أسعارها بشكل جنوني, ما اضطر المواطنين إلى اللجوء لاستخدام الوسائل البدائية كالحطب والحمير والجمال, فضلا عن كون المدينة تغرق في ظلام دامس منذ أشهر لتعود تعز في زمن الميليشيات إلى العصور الحجرية القديمة وعصر ماقبل النور.
كما أجبرت مستشفيات المدينة على إغلاق أبوابها تباعا أمام المرضى والمصابين بسبب نفاذ المستلزمات الطبية واسطوانات الأكسجين وعدم سماح الميليشيات المحاصرة للمدينة من إدخال تلك الاحتياجات الطبية الضرورية إلى المستشفيات التي تكتظ بالجرحى والحالات الحرجة.
تفاقم المأساة
وتتفاقم المأساة مع استمرار مسلسل الإبادة الجماعية بحق المدنيين العزل حيث تواصل ميليشيات الحوثي والمخلوع قصفها للأحياء السكنية بالمدفعية الثقيلة من جميع مواقع تمركزها في أطراف المدينة وهو ما يسفر عن سقوط العديد من الضحايا الأبرياء بشكل يومي.
الأمر الذي أوصل الوضع إلى كارثة إنسانية داخل المدينة, بحسب ما تشير إليه تقارير صادرة عن عدد من مراكز حقوق الانسان.

وتقوم ميليشيات الحوثي بنهب الإغاثة المخصصة لمدينة تعز المقدمة من برنامج الغذاء العالمي وغيره من الجهات الإغاثية ,بعد أن يتم احتجازها عند مداخل المدينة ومنع إدخالها إلى المناطق المحاصرة , وتوزيعها على المناطق الخاضعة لسيطرتهم دون أن يصل منها أي شيء إلى أهالي المدينة الذين يرزحون تحت وطأة القصف الجنوني والحصار الوحشي في ظل صمت إقليمي ودولي يصفه الكثيرون بالمريب.
ويحذر مراقبون من تدهور الأوضاع داخل المدينة المحاصرة من قبل مليشيا الحوثي وصالح خصوصاً الصحية منها.. مبديين مخاوفهم من وقوع كارثة صحية
قلق أممي
ولايزيد مكتب الأمم المتحدة لحقوق الإنسان أكثر من الإعراب عن القلق الكبير بشكل خاص إزاء الوضع الإنساني في تعز التي تشهد اشتباكات عنيفة منذ أكثر من ثمانية أشهر.
وأكد أن السيطرة المشددة على جميع نقاط الدخول إلى مدينة تعز من قبل الحوثيين أدت إلى الحد من توصيل المواد الأساسية بما فيها الغذاء مما جعل الظروف صعبة للغاية بالنسبة للسكان المدنيين.
وقال روبرت كولفيل- المتحدث باسم المكتب أن السيطرة المشددة على جميع نقاط الدخول إلى مدينة تعز من قبل مليشيا الحوثي أدت إلى الحد من توصيل المواد الأساسية بما فيها الغذاء مما جعل الظروف صعبة للغاية بالنسبة للسكان المدنيين.

وأكد أن الوضع الصحي في المحافظة يواصل تدهوره، وقد أجبر مستشفى الروضة وهو أحد أكبر المستشفيات العاملة هناك، على عدم قبول استقبال المرضى. بسبب نفاذ الادوية والاوضاع الامنية.
وأشار الى أن السجون في اليمن تأثرت بشدة بسبب الصراع اذ قتل أكثر من 40 سجينا بسبب القصف العشوائي وفر حوالي 4300 سجين من منشأت الاحتجاز بأنحاء اليمن بسبب القصف و الاشتباكات المسلحة.
وتأخر نظر قضايا السجناء بسبب تعطل العمل في معظم المحاكم في اليمن. في الوقت الذى تعاني الكثير من منشأت الاحتجاز من شح الغذاء والمياه والوقود وتفشي الأمراض المعدية مثل الجرب.
تحذيرات
وتتوالى الصرخات والنداءات الانسانية حول ما يتعرض له المدنيون في مدينة تعز من قتل وحصار ودمار.
وتحذر منظمات حقوقية وناشطون من خطورة استمرار هذا الوضع غير الإنساني منذ تسعة أشهر، واستمرار الحصار والقصف على المدنيين فى تعز ومنع الميليشيات وصول مياه الشرب والمواد الغذائية والأدوية والمستلزمات الطبية وأي معونات إغاثية إلى المدينة وسكانها،
بالإضافة إلى منعهم وصول أي مشتقات نفطية، ووضع حواجز أمنية وترابية في المدخل الشرقي والغربي للمدينة لمنع حركة التنقل للمركبات وسيارات النقل للركاب وإجبار المدنيين على المشي لمسافات طويلة، معرضين حياتهم للخطر نتيجة تمركز القناصة في هذه المناطق ويسقط بطلقاتهم العديد منهم يوميا بين قتيل وجريح أثناء مرورهم.

وأكدت أن استمرار حصار المدينة وقتل سكانها المدنيين يمثل انتهاكا خطيرا وجسيما لحقوق الإنسان وفقا لقواعد القانون الإنساني الدولي ومواثيق حقوق الإنسان.
وطالبت بتوفير الحماية لهم ومحاسبة ومعاقبة مرتكبي هذه الجرائم والانتهاكات لأنها جرائم لا تسقط بالتقادم ولا يجوز أن يفلت مرتكبوها من العقاب تحت أي مبرر.
وقالت أنه ليس من العدالة أن تتم مكافأة المشاركين بارتكاب هذه الجرائم والانتهاكات في محادثات السلام.
نداء الاستغاثة العاشر
أطلق ائتلاف إغاثة مدينة تعز جنوب غربى اليمن نداءه العاشر لفك الحصار المفروض على المدينة من قبل ميليشيات الحوثيين وصالح للشهر التاسع على التوالى، والذى أدى إلى تزايد معاناة المدنيين نتيجة رفض هذه المليشيات السماح بدخول المواد الغذائية والوقود والدواء، إضافة إلى استمرار قصف المناطق السكنية .
وقد أدى قصف الميليشيات للمدينة إلى مقتل عشرات المدنيين وإصابة المئات منهم وعجز المستشفيات، التي لا تزال تعمل، عن علاجهم وعن إجراء عمليات عاجلة لإنقاذ حياتهم لنفاد الأوكسجين مما أدى إلى مقتل حوالي 20 مدنيا.
وأوضح المركز الإعلامي للمجلس العسكري اليمنى بتعز أن قصف الميليشيات العشوائى المستمر على الأحياء السكنية أول من أمس أدى إلى مقتل مدنيين اثنين وإصابة 13 بجروح.

وقد أطلق ائتلاف الإغاثة الإنسانية بتعز نداء استغاثة هو العاشر من نوعه طالب فيه المجتمع الدولي بفرض مزيد من الضغط على الميليشيات للإسراع بفك الحصار عن مدينة تعز لإنقاذ المدنيين وتجنب كارثة محققة.
وأكد الائتلاف في ندائه أن الوضع الإنسانى في المدينة وصل إلى حد الكارثة بسبب تشديد الحصار عليها والتمادي في خنقها وقتلها بوسائل عديدة ممثلة بالقصف والتجويع ومنع دخول اسطوانات الأوكسجين في ظل صمت المجتمع الدولي إزاء ما حدث مكتفيا ببيان باهت صادر عن برنامج الغذاء العالمي لم يذكر من المتسبب الفعلي في حصار المدينة.
وحث ائتلاف الإغاثة الأمم المتحدة على إرسال لجان للتأكد من حقيقة وصول مساعدات أممية إلى المناطق المحاصرة في مدينة تعز وتقييم الأوضاع الإنسانية الكارثية التي يعيشها سكان المدينة بسبب الحرب والحصار.
وأكد ضرورة وجود إجراءات لتجنب المجاعة من قبل برنامج الغذاء العالمى وألا يكتفوا بسرد البيانات والمؤشرات الكارثية دون التحرك الجاد لوقفها وإجراء اللازم حيالها.
دعوة الغذاء العالمي
وكان برنامج الغذاء العالمي التابع للأمم المتحدة قد دعا مؤخرا إلى سرعة إدخال المساعدات للمدينة المحاصرة والتنسيق مع منظمات المجتمع المدني في المحافظة كما طالب المجتمع الدولى ومنظماته بالوقوف بحزم أمام التجاوزات المتمثلة بمنع دخول المساعدات أو نهبها من قبل الميليشيات وتعريف الرأي العام بالمتسبب وأن يكون موقفهم واضحا محايدا وألا يبرروا عجزهم عن إنقاذ تعز بأعذار غير مقبولة.
وأعرب برنامج الأغذية العالمي عن القلق البالغ إزاء التدهور السريع للوضع الإنساني في مدينة تعز اليمنية حيث يعاني السكان من الجوع لفترة تمتد لأسابيع، فيما يواجه البرنامج صعوبات في الوصول إلى الأسر الضعيفة في المدينة التي مزقتها الحرب.

وناشد مهند هادي المدير الإقليمي للبرنامج جميع أطراف الصراع السماح بالوصول الآمن للغذاء لكل المدنيين المحتاجين في أنحاء تعز.
وقال هادي إن الأوضاع الصعبة في تعز عرقلت جهود البرنامج في الوصول إلى السكان الفقراء، وخاصة في الأجزاء المحاصرة في المدينة، الذين لم تتوفر لهم المساعدات الغذائية منذ أسابيع.
وقال أن توصيل المساعدات إلى كثير من المناطق في المحافظة، يهدد صعوبة الحصول على التصاريح من مختلف الأطراف واستمرار القتال وانعدام الأمن.
ويشير البرنامج إلى أن تعز، مع تسع محافظات يمنية أخرى، سوء التغذية الحاد على مستوى الطوارئ الذي يقل بدرجة واحدة عن المجاعة.
وبحسب البرنامج العالمي لا يتوفر لنحو سبعة ملايين وستمئة ألف شخص في اليمن ما يكفيهم من الغذاء، مع فقدان سبل كسب رزقهم فيما يواجهون معدلات خطيرة تهدد الحياة من سوء التغذية.
مطالبه حقوقية
وسبق لـ"عز الدين الأصبحي"، وزير حقوق الإنسان، القول إن مليشيات الحوثيين وصالح ترتكب مجازر وحشية بحق المدنيين بمحافظة تعز منذ فترة طويلة، وتقوم بقصف المناطق السكنية بصورة عشوائية، مما أدى إلى مقتل وإصابة العديد من المواطنين، ومعظمهم من الأطفال والنساء.

وأكد الوزير، أن عمليات القصف استهدفت مناطق آهلة بالسكان وهي تصل إلى حد جرائم ضد الإنسانية.
وأوضح أن المليشيات الانقلابية تكثف أعمال القتل بالقنص المباشر للمدنيين، الذي طال الأحياء الرئيسية في قلب مدينة تعز، وتستمر في إحكام الحصار المفروض على المدنيين، وتمنع وصول الخدمات الأساسية والإغاثية والمواد الغذائية والطبية.
الأمر الذي زاد من أوضاع الجرحى والمرضى، بسبب عدم توفر الأدوية والمستلزمات الطبية الضرورية للمستشفيات والمراكز والوحدات الصحية- حد قوله.

وطالب وزير حقوق الانسان الأمم المتحدة بتحمل مسئوليتها الأخلاقية والقانونية في حماية المدنيين والمناطق والمنشآت المدنية، بموجب القانون الإنساني والقانون الدولي الإنساني لحقوق الإنسان. من أجل وقف هذه الكارثة الانسانية.
كما طالب الأمم المتحدة والمجتمع الدولي، تقديم مساعدات الإغاثة بشكل عاجل والضغط مع المجتمع الدولي لوقف مثل هذه الاعتداءات، التي لم تسبق لها مثيل.
مفاوضات عدمية
وقال عضو الفريق الاستشاري في مشاورات جنيف د/معين عبدالملك إن النقاشات التي تدور حول الوضع الإنساني المتردي بمدينة تعز «نقاشاً عدمياً» لأن الحوثيين وحزب صالح ينكرون المأساة في المدينة.
وقال بأن مفاوضي جماعة الحوثيين يتحججون بأن محافظتي صعدة وحجة وبقية المدن محاصرة، غير إن مسؤولي ملف الإغاثة قالوا بأن حركة قوافل الإغاثة مستمرة ولم تتعرض للقصف حسبما يروج له الحوثيون.
واتهم عبد الملك بعض القوى في المجتمع الدولي بالتبرير لانتهاكات وجرائم مسلحي جماعة الحوثيين وقوات صالح.

وقال «تبرر ذلك بدوافعهم في الشراكة السياسية ولا أدري كيف يمكن تبرير أعمال لا إنسانية كتعبير عن رغبة سياسية في السلطة بعد تدميرهم لبنية النظام السياسي ومؤسسات الدولة لكنها دوافع لم تعد خفية بخلق نظام سياسي طائفي». وأضاف إن ذلك يأتي وفقاً لمحاصصات هشة تُدفع إليه اليمن.
وأشار عضو الفريق الاستشاري في مشاورات جنيف، إلى حجم التدليس في موضوع إدخال الإغاثة لمدينة تعز. وقال:" الأمم المتحدة وعدت بمتابعة تنفيذ القضايا التي تتعلق بتحسين الوضع الإنساني حتى موعد الجولة القادمة من المشاورات بعد أن اتضح حجم التدليس في موضوع إدخال الإغاثة لمدينة تعز لكني وبكل أسف أشك في ذلك بسبب ممارسات هذه المليشيات على الأرض حتى الان".
جريمة ضد الإنسانية
وتصف صحيفة الشرق القطرية الحصار الذي يفرضه الحوثيون وقوات حليفهم علي عبدالله صالح على سكان مدينة تعز، غرب اليمن، بأنه عملٌ مخزٍ يستلزم تدخلاً فورياً من جانب الأمم المتحدة لإرغام هذه الميليشيات على فكِّه لأن تجويع المدنيين الممنهج الممارَس على نطاقٍ واسع جريمةٌ ضد الإنسانية.
وقالت الصحيفة أن هؤلاء المتمردون لا يكتفون بتدمير المنازل وقصف الأسواق في المدينة بالمدفعية ولا بفرض قيودٍ غير قانونية على حركة التنقُّل، بل يمنعون المواد الإغاثية الأساسية من الدخول إلى الأحياء، ما يصعِّب الوضع الإنساني للسكان.

وبحسب رأي الشرق فإن معسكر الانقلاب اعترف خلال محادثات سويسرا الأخيرة، التي جرت بوساطةٍ أممية، بمسؤوليته عن هذا الحصار، وحاول استخدامه ورقة تفاوضٍ لجني مكاسب سياسية، وهو تصرفٌ أقل ما يوصف به أنه غير مسؤول.
وأكدت أن الوضع الإنساني لليمنيين المحاصرين في تعز ليس ورقة تفاوض، وأن هذا ما يجب على الانقلابيين فهمه.

الأكثر قراءة

المقالات

تحقيقات

dailog-img
كيف تحوّلت مؤسسات صنعاء إلى “فقَّاسة صراع” الأجنحة داخل جماعة الحوثي؟ (تحقيق حصري)

حوّل خلاف موالين لجناحين (متشددين) متعارضين داخل جماعة الحوثي المسلحة “جلسة مقيّل” خاصة- بالعاصمة اليمنية صنعاء خلال عيد الأضحى المبارك- إلى توتر كاد يوصل إلى “اقتتال” في “مجلس” مليء بالأسلحة والقنابل ا مشاهدة المزيد

حوارات

dailog-img
وزير الدفاع يتحدث عن الحرب العسكرية ضد ميليشيا الحوثي ويكشف سر سقوط جبهة نهم والجوف ومحاولة اغتياله في تعز ولقائه بطارق صالح وتخادم الحوثيين والقاعدة وداعش

كشف وزير الدفاع الفريق ركن محسن محمد الداعري، ملف سقوط جبهتي نهم والجوف، بقبضة ميليشيا الحوثي، للمرة الأولى منذ تعيينه في منصبه. وأشاد الداعري، في حوار مع صحيفة "عكاظ" بالدعم بالدور المحوري والرئيسي الذي لعبته السعودية مشاهدة المزيد