آثار إنسانية كارثية للحرب

2016-02-06 11:59:41 أخبار اليوم/ تقرير

مرت أكثر من عشرة أشهر منذ اندلعت الحرب الذي طال أمده في اليمن، وتتزايد دومًا صعوبة التنبؤ بمآلاته، ليلقى نحو مايربو عن 5,500 يمني مصرعهم جراءه، ويصاب أكثر من 26,000 آخرين. وتخلف 2.5 مليون نازحون داخليًا، و21.2 مليون محتاجون للمساعدات الإنسانية بحسب مكتب الأمم المتحدة لتنسيق الشؤون الإنسانية.. فضلاً عن تضرر البنية التحتية والخدمات العامة..

ماسبق ذكرته منظمة أوكسفام في نشرتها لشهر يناير التي قالت فيها أن الآثار الإنسانية للحرب كانت كارثية، ولا تلوح نهاية قريبة للحرب في الأفق.

وقالت: لم تنعقد مفاوضات السلام التي كان مقررًا لها أن تعقد في 14 يناير/كانون الأول، وتم تأجيلها إلى تاريخ غير مؤكد. ولم يحترم أيٌ من الأطراف المتحاربة وقف إطلاق النار الذي اقتُرح تطبيقه إبان انعقاد المفاوضات السابقة، ليستمر انتشار العنف، وتتزايد الخسائر البشرية، وتزداد صعوبة وصول الخدمات الإنسانية إلى بعض المناطق المتضررة مثل محافظتي تعز وصعدة.
وأضافت" تعرضت مرافق تقديم الخدمات الإنسانية إلى هجمات. وحث سكرتير عام الأمم المتحدة، بان كي مون جميع الأطراف على التوقف عن استهداف المدنيين، واحترام القانون الدولي الإنساني".

وضع غير آمن
وقد أشارت تقارير برنامج الأغذية العالمي إلى أنه رغم تحسن إمدادات الغذاء في الأسواق المحلية في شهر ديسمبر/كانون الأول، مقارنة بما كان عليه الحال في نوفمبر/تشرين الثاني، بسبب زيادة النشاط التجاري.
بيد أن هذا التحسن لم يكن له صدى على إجمالي الوضع الغذائي غير الآمن في شتى أنحاء البلاد، خاصةً في أوساط المتضررين بشدة من الحرب– بمن فيهم سكان محافظات صعدة، وتعز، وحجة، والبيضاء، الذين يعانون نقصاً في الاستهلاك الغذائي وارتفاعًا في أسعار السلع.

بحسب المنظمة الأممية رغم استمرار تدهور الوضع الإنساني في تعز، فشلت، حتى الآن، كل الجهود الرامية للتوصل إلى وصول آمن للمساعدات إلى داخل المدينة.
فقد علِقت عشرات الشاحنات المحملة بالمساعدات الغذائية المقدمة من برنامج الأغذية العالمي والمنظمة الدولية للهجرة عند مداخل المدينة. وأعلنت منظمة الصحة العالمية أن خمس شاحنات محملة بالمساعدات و500 حاوية أوكسجين منعت من دخول تعز منذ 14 ديسمبر/كانون الأول 2015.
غير أن منظمة أطباء بلا حدود استطاعت إيصال شاحنتي أدوية وإمدادات إلى مستشفيين داخل تعز. كذلك ألقت طائرات سعودية إمدادات غذائية وطبية على تعز.

تزايد الأوضاع سوءاً
وكانت منظمات دولية حذرت من خطورة الوضع الإنساني في اليمن، وأكدت أن البلد مقبل على كارثة إنسانية في ظل النقص الفادح في المساعدات الإنسانية في أغلب مناطق البلد، وأن الوضع يزداد سوءاً وتدهوراً بشكل خطير يوم بعد آخر.
وحذر كلاً من التحالف الدولي للدفاع عن الحقوق والحريات "عدل" ومنظمة أطباء بلا حدود من خطورة الوضع الإنساني في اليمن. وتوقعتا أن اليمن مقبل على كارثة إنسانية في ظل النقص الفادح في المساعدات الإنسانية في أغلب المناطق.

وقال تحالف عدل أن هذه التحذيرات جاءت في لقاء جمع رئيسه مع رئيس منظمة أطباء بلا حدود لمناقشة الوضع الإنساني في اليمن دعا فيه أطراف الحرب في اليمن إلى احترام حقوق الإنسان والقانون الدولي الإنساني وعدم اختراقها أو تجاوزها.

وأشارا كلا" من رئيس منظمة أطباء بلا حدود، "الدكتور /ميجو ترزيان والدكتور- محمد اسماعيل الشامي رئيس التحالف الدولي للدفاع عن الحقوق والحريات "عدل" بفرنسا، في حديثهم ونقاشهم، بأن اليمن شهدت اعنف مواجهات ووضع خطير للغاية ويزداد خطورة يوما بعد آخر.
وطالب كلاً من تريزان والشامي الأمم المتحدة والدول الكبرى بوضع حل عاجل للصراع الدائر باليمن وإيقاف الحرب وإيجاد حل سياسي ينهى لإنهائه لان الشعب هو المتضرر الأكبر والمدنيين هم الضحية الأبرز لهذه الحرب وغالبية الضحايا من النساء والأطفال والشيوخ.
نقص حاد
الصليب الأحمر الدولي أشار إلى أن أكثر من مليونيّ ‫‏يمني‬ نزحوا عن منازلهم خلال عام 2015، الآلاف فقدوا حياتهم وأعداد لا تحصى أصيبت بجروح وإعاقات..
وقال أن هناك نقص حاد في المستلزمات الطبية والمياه والكهرباء والمواد الأساسية الغذائية والمشتقات النفطية، فضلاً عن تضرُر البنية التحتية المدنية مثل المستشفيات والمطارات والطرق والمناطق السكينة.. وكلها عناوين لما أصبحت عليه ‫‏اليمن‬ بعد أكثر من عشرة شهور على اندلاع الحرب.

إنسانية محاصرة
بحسب ممثل منظمة الأمم المتحدة للطفولة "يونسيف" في اليمن جوليان هارنيس فإن ملايين الأطفال في اليمن محاصرون في الحرب لا يمكنهم الهرب.
وقال: "رأيت في مدينة تعز، التي أعرفها جيداً من قبل، مبانٍ مدمرة، مدارس ومرافق صحية مغلقة وأطفال مصابين والحياة الطبيعية متوقفة".

وأضاف هارنس عقب عودته من زيارة ميدانية لمدينة تعز" رأيت خارج مدينة تعز في مدينتي القاعدة وإب وضعاً صعباً يعيش فيه النازحون. رأيت أربعين شخص يعيشون معاً في فصل دراسي واحد وربما نفس العدد في الفصل المجاور وهكذا. علينا أن نقوم بالمزيد من أجل مساعدة جميع المتضررين".

وأوضح بيان منسوب لـممثل اليونيسف في اليمن أن آثار الحرب على المدنيين الأبرياء تمتد إلى أبعد من ذلك بكثير. فالأطفال يشكلون ما لا يقل عن نصف النازحين الذي بلغ عددهم 2,3 مليون شخص، والنصف أيضاً من 19 مليون شخص يكافحون يومياً للحصول على حصصهم من المياه. كما يتهدد خطر سوء التغذية الحاد والتهابات الجهاز التنفسي حوالي 1,3 مليون طفل دون سن الخامسة. وهناك 2 مليون طفل على الأقل باتوا غير قادرين على الذهاب إلى المدرسة.

وقال: "كما تضررت الخدمات العامة كالصحة والمياه والصرف الصحي وباتت غير قادرة على تلبية الاحتياجات المتزايدة للسكان المنهكين. قليل من الأطفال البالغ عددهم 7,4 مليون طفل ممن هم بحاجة إلى الحماية (بما في ذلك الدعم النفسي لمساعدتهم على التعامل مع آثار العنف الذي تعرضوا له) سيحصلون على تلك الخدمات.
تدهور سريع
الأمم المتحدة باليمن قالت أن ما يقرب من 2.4 مليون نازح في ‫اليمن‬ يحتاجون إلى خدمات صحية ومساعدات إنسانية طارئة. وتعمل منظمة ‫الصحة‬ العالمية على توسيع نطاق خدمات الرعاية الصحية الأولية في المناطق المتضررة من الصراع والأماكن التي يقطنها النازحون.
إذ اضطرت 25% من المرافق الصحية في ‫اليمن‬ إلى إغلاق أبوابها كلياً أو جزئياً بسبب الأضرار التي تعرضت لها ونقص الكوادر الطبية والأدوية والوقود.

وأعرب برنامج الأغذية العالمي عن القلق البالغ إزاء التدهور السريع للوضع الإنساني في مدينة تعز اليمنية حيث يعاني السكان من الجوع لفترة تمتد لأسابيع، فيما يواجه البرنامج صعوبات في الوصول إلى الأسر الضعيفة في المدينة التي مزقتها الحرب.
وناشد مهند هادي المدير الإقليمي للبرنامج جميع أطراف الصراع السماح بالوصول الآمن للغذاء لكل المدنيين المحتاجين في أنحاء تعز.

وأفاد إن الأوضاع الصعبة في تعز عرقلت جهود البرنامج في الوصول إلى السكان الفقراء، وخاصة في الأجزاء المحاصرة في المدينة، الذين لم تتوفر لهم المساعدات الغذائية منذ أسابيع.
وقال: تواجه تعز، مع تسع محافظات يمنية أخرى، سوء التغذية الحاد على مستوى الطوارئ الذي يقل بدرجة واحدة عن المجاعة.
ولا يتوفر لنحو سبعة ملايين وستمئة ألف شخص في اليمن ما يكفيهم من الغذاء، مع فقدان سبل كسب رزقهم فيما يواجهون معدلات خطيرة تهدد الحياة من سوء التغذية. وقد تدهور وضع الأمن الغذائي الصعب في اليمن بسبب الحرب الذي تصاعد في مارس آذار.

فشل دولي
المدير الإقليمي لمنظمة الصحة العالمية لإقليم شرق المتوسط: الدكتور علاء العلوان قال أنه بالرغم من المناشدات المتكررة للسماح بالوصول الفوري للمساعدات الطبية لتلبية الاحتياجات الصحية الملحة في جميع أنحاء ‫اليمن‬، لاتزال منظمة الصحة العالمية غير قادرة على إيصال الأدوية والمستلزمات الطبية المنقذة للحياة في أنحاء كثيرة من البلاد.

وتعتبر قضية تلبية الاحتياجات الصحية للسكان في مدينة ‫تعز‬ أمراً مثيراً للقلق بصورة خاصة. فمنذ 14 كانون الأول/ديسمبر 2015، يستمر منع دخول شاحنات المساعدات التابعة لمنظمة الصحة العالمية والتي تحمل مواداً لازمة لعلاج الإصابات وأدوية لعلاج حالات الإسهال إضافة لمستلزمات طبية أخرى بما فيها 500 أسطوانة أكسجين، حيث تحتاج ستة مستشفيات عامة داخل المدينة لهذه المساعدات بصورة عاجلة.
ويؤثر عدم وصول هذه المساعدات على ما يقرب من 250000 شخص في المدينة. وحاولت منظمة الصحة العالمية إيجاد بدائل أخرى لإيصال المساعدات الطبية من مناطق أخرى مجاورة مثل محافظتي عدن ولحج، غير أن المخاوف والأوضاع الأمنية حالت دون ذلك.

الأكثر قراءة

المقالات

تحقيقات

dailog-img
كيف تحوّلت مؤسسات صنعاء إلى “فقَّاسة صراع” الأجنحة داخل جماعة الحوثي؟ (تحقيق حصري)

حوّل خلاف موالين لجناحين (متشددين) متعارضين داخل جماعة الحوثي المسلحة “جلسة مقيّل” خاصة- بالعاصمة اليمنية صنعاء خلال عيد الأضحى المبارك- إلى توتر كاد يوصل إلى “اقتتال” في “مجلس” مليء بالأسلحة والقنابل ا مشاهدة المزيد

حوارات

dailog-img
وزير الدفاع يتحدث عن الحرب العسكرية ضد ميليشيا الحوثي ويكشف سر سقوط جبهة نهم والجوف ومحاولة اغتياله في تعز ولقائه بطارق صالح وتخادم الحوثيين والقاعدة وداعش

كشف وزير الدفاع الفريق ركن محسن محمد الداعري، ملف سقوط جبهتي نهم والجوف، بقبضة ميليشيا الحوثي، للمرة الأولى منذ تعيينه في منصبه. وأشاد الداعري، في حوار مع صحيفة "عكاظ" بالدعم بالدور المحوري والرئيسي الذي لعبته السعودية مشاهدة المزيد