أوجاع إنسانية خلفتها الحرب

2016-02-06 12:09:30 تقرير خاص

"كيف شاكون أروح المدرسة وأني بدون رجل؟؟.. صديقاتي بيدعين لي: ياعرجاء..أني أشتي أدرس".. قالتها طفلة من تعز قبل أن يبتروا رجلها التي قصفتها مليشيا الحوثي وصالح.. وليست قصة هذه الطفلة هي الوجع الوحيد الذي خلفته الحرب في اليمن.. بل هناك الكثير من المواجع الإنسانية، الكافية لأن تحرك ضمائر العالم ومنظماته التي ماتزال حرب اليمن بالنسبة لها منسية..

من وسط روائح البارود ومشاهد الدماء لم تجد الطفلة رؤى مروان ماتكتبه في كراستها المدرسية التي انقطعت في الذهاب إليها سوى كلماتها البريئة:" هذه الحرب لم تترك روحاً فينا.. أريد أن افتح الحنفية وأجد فيها الماء.. أتمنى حين يشتد البرد أن أجد كهرباء كيّ أشعل المدفأة وأتدفأ وأن أجد الغاز كيّ أشرب شاياً يدفئني"..
"أريد أن تنتهي هذه الحرب لأعود لمدرستي الحبيبة.. لماذا لا تنتهي هذه الحرب التي دمرت حياتنا جميعاً؟" أضافت رؤى لتعبر عما يختلج في نفوس الكثير من اليمنيين المدنيين واللذين لا يزالون يدفعون ثمناً غالياً في الصراع الحالي.

حياة قاسية
وبحسب اليونيسيف كان عام 2015 صعباً وقاسياً على ‫‏أطفال اليمن‬.. فيه قتل وأصيب وأختطف وجند المئات من الأطفال ودمرت العشرات من المدارس والمستشفيات والمرافق الصحية والبنى التحتية في كل المحافظات اليمنية التي شهدت مواجهات مسلحة بين أطراف النزاع علاوة على الكوارث الطبيعية..
وفي اليمن يعد البحث عن الماء والطعام كفاح يومي لكل الأسر خصوصاً في ‫‏تعز‬. ولا تنتج ‫‏اليمن‬ إلا نسبة بسيطة من الغذاء وتستورد ٩٠٪ من الغذاء من الخارج. وتتوفر المواد الغذائية بشكل شحيح في تعز وحيثما يوجد باهض السعر خصوصاً أسعار الدقيق والسكر.

"أصبح الغاز غالي جدا وبالكاد يتوفر حالياً، لذلك أقوم بجمع الحطب كبديل. أتمنى أن تتوقف الحرب، ونعود إلى الحياة الطبيعية".. يقول محمد، 13 سنة، الذي أغلقت مدرسته منذ اندلاع الحرب، يبحث عن الحطب في وسط مدينته إب وهي المهمة التي باتت المتنفس بالنسبة له وتعطيه ذريعة للحصول على إذن الخروج من المنزل.
مريم قصة أخرى
بالنسبة لمريم، ذات 37 عاما، يمثل البقاء على قيد الحياة تحديا يوميا، فالأيام تمر بطيئة، ولكن الألم والهلع يصيبها المساء؛ فأطفالها الثلاثة عشر ينظرون إليها، متأملين أن يجدوا لديها ما يأكلونه، ولكن ليس لديها ما تسد به جوعهم. يتمكن زوجها من إحضار بعض بقايا الطعام من المطعم، ولكنها ليست كافية لإطعام 13 طفلا في سن النمو. تختفي الوجبة في أقل من دقيقة، فيما يزدرد الأطفال بسرعة كلما تقع أيديهم عليه، ولا يسع مريم وزوجها سوى أن يراقبوا أطفالهم بأسى.

هربت مريم مع أطفالها من تعز، المدينة التي شهدت المعارك الأشد دموية منذ تصاعد النزاع في آذار الماضي. ولم يكن أمامها خيار سوى الفرار، آخذوا ما استطاعوا حمله من ممتلكات. وبعد بضعة أيام، وجدت مأوى في غرفة صف في مدينة إب.

وبالرغم من مرور عدة شهور على نزوحهم، إلا أن حدة الاقتتال لم تخف، ولم يطرأ أي تغيير على وضعهم كنازحين. فمريم، لا تزال تتشارك هي وأطفالها صفا في مدرسة مع 4 أسر أخرى، أي مع 20 امرأة وطفلا آخر.
تقول والدموع تملأ عينيها: "أتمنى لو أننا نستطيع العودة، ولكنني أخشى على أطفالي من الإصابة والاقتتال"، وتشير بإصبعها إلى زاوية في الغرفة قامت بترتيب ممتلكاتهم القليلة فيها، وتضيف: "أُفضِّل البقاء هنا في هذه الزاوية الصغيرة على العودة إلى تعز".
تعيش أسرة مريم مع 19 أسرة أخرى في صفوف مدرسة صنعاء مهيدلي، وسط مدينة إب. فلقد هجَّر النزاع أكثر من 2.5 مليون شخص في مختلف أنحاء البلاد، التجأ كثير منهم إلى مدارس كهذه المدرسة. لا يوجد لدى مريم مكان تذهب إليه، ولم يعد بوسع أطفالها أن يحيو حياة طبيعية.

متطلبات النازحين
وبحسب الأمم المتحدة يحتاج ما يقرب من 2.4 مليون نازح في ‫اليمن‬ إلى خدمات صحية ومساعدات إنسانية طارئة. وتعمل منظمة ‫الصحة‬ العالمية على توسيع نطاق خدمات الرعاية الصحية الأولية في المناطق المتضررة من الصراع والأماكن التي يقطنها النازحون.
وتلتجئ الأسر التي هجرها النزاع في اليمن لأي مكان يوفر لها المأوى، ويقتاتون بما يجدونه، ويعيشون في خوف دائم من العنف المميت المستمر كل يوم.

الأكثر قراءة

المقالات

تحقيقات

dailog-img
كيف تحوّلت مؤسسات صنعاء إلى “فقَّاسة صراع” الأجنحة داخل جماعة الحوثي؟ (تحقيق حصري)

حوّل خلاف موالين لجناحين (متشددين) متعارضين داخل جماعة الحوثي المسلحة “جلسة مقيّل” خاصة- بالعاصمة اليمنية صنعاء خلال عيد الأضحى المبارك- إلى توتر كاد يوصل إلى “اقتتال” في “مجلس” مليء بالأسلحة والقنابل ا مشاهدة المزيد

حوارات

dailog-img
وزير الدفاع يتحدث عن الحرب العسكرية ضد ميليشيا الحوثي ويكشف سر سقوط جبهة نهم والجوف ومحاولة اغتياله في تعز ولقائه بطارق صالح وتخادم الحوثيين والقاعدة وداعش

كشف وزير الدفاع الفريق ركن محسن محمد الداعري، ملف سقوط جبهتي نهم والجوف، بقبضة ميليشيا الحوثي، للمرة الأولى منذ تعيينه في منصبه. وأشاد الداعري، في حوار مع صحيفة "عكاظ" بالدعم بالدور المحوري والرئيسي الذي لعبته السعودية مشاهدة المزيد