بعد قرابة عام ونصف من سلطة الأمر الواقع الانقلابية

اليمن..حرب ومجاعة وانهيار اقتصادي

2016-02-18 13:37:43 أخبار اليوم/ تقرير

يواجه اليمن اليوم في ظل الحرب تهديدات اقتصادية خطيرة قد تؤدي إلى عواقب إنسانية وخيمة، لعل أبرزها انتشار المجاعة..
فعندما تجاوزت جماعة العاصمة صنعاء استغلت موضوع رفع الدعم عن مشتقات النفط من أجل الحصول على تأييد أكبر ضد ما أسمته بالمظالم الاقتصادية للحكومة ضد الشعب اليمني.
لكن المفارقة العجيبة، انه بعد عام واحد واجهت سلطة الأمر الواقع في المناطق التي تسيطر عليها الجماعة انهياراً اقتصاديا. وأصبحت غير قادرة على توفير الإيرادات المطلوبة للدولة، فأعلنت عن رفع الدعم عن المشتقات النفطية..

أدت الحرب في اليمن إلى توقف النشاط الاقتصادي، كما تواجه البلد مجاعة حقيقية محتملة، إضافة إلى التوقف الكامل للعائدات النفطية التي كانت تغطي 70% من ميزانية الدولة.
وقد أدى ضعف توليد الطاقة الكهربائية والذي تواءم مع شحة الوقود على مستوى البلد إلى إغلاق العديد من المصانع الكبيرة والصغيرة.
مما تسبب في خسارة مئات الآلاف لأعمالهم، وقامت العديد من الشركات الأجنبية والمنظمات الدولية بتعليق أعمالها وسحب موظفيها ورؤوس أموالها إلى الخارج.

انحدار المعيشة
بدأت القوة الشرائية في اليمن بالانحدار بسبب الارتفاع الشديد في تكاليف الاستيراد في بلد يعتمد على الاستيراد بنسبة 90% من متطلبات المواطنين الغذائية..
كما أشار تقرير للبنك الدولي في مارس 2015، إلى أن أكثر من نصف سكان اليمن يعيشون تحت خط الفقر و45% منهم يعانون من تدهور الأمن الغذائي.

وفي ورقة السياسات أعدها مركز صنعاء للدراسات الاستراتيجية بالشراكة مع مؤسسة فريدريش ايبرت إلى التعريف يقول تقرير أنه في الوقت الحالي يعاني اليمن من نقص في جميع السلع الأساسية وأكثر من 6 ملايين يمني يقفون على حافة المجاعة.
الحوثي والاقتصاد
في سبتمبر 2014 سيطر الحوثيون على العاصمة صنعاء وأجبروا الحكومة على الإعادة الجزئية للمشتقات النفطية بتيسير من القوات الموالية للرئيس السابق علي عبدالله صالح.
عندما تجاوزت جماعة الحوثي بقواتها العسكرية العاصمة صنعاء قامت باستغلال موضوع رفع الدعم عن مشتقات النفط من أجل الحصول على تأييد أكبر وكذلك على شرعية من خلال تنظيم المظاهرات ضد ما أسمته بالمظالم الاقتصادية للحكومة ضد الشعب اليمني.

وفي مفارقة عجيبة، حد التقرير، وبعد عام واحد على إعلان حكومة هادي الرفع الجزئي للدعم عن المشتقات النفطية- واجهت لجنة الحوثي (سلطة الأمر الواقع في المناطق التي تسيطر عليها الجماعة) انهياراً اقتصادياً.
و أصبحت غير قادرة على توفير الإيرادات المطلوبة للدولة، فأعلنت اللجنة عن رفع الدعم عن المشتقات النفطية (أي تحرير أسعارها كليا)، مما جعل أسعار النفط أصبحت مرتبطة بالسعر العالمي.
مجاعة وشيكة
يواجه اليمن تهديدات اقتصادية خطيرة والتي قد تؤدي إلى عواقب إنسانية وخيمة، ومن أهم هذه العواقب انتشار المجاعة، خاصة مع استمرار الحصار البري والجوي والبحري الذي يشهده اليمن: قال المركز في ورقته..

حيث يخول قوات التحالف العربي تحت مظلة قرار مجلس الامن 2216 بتفتيش كل السفن القادمة إلى اليمن والتي تقوض آلية الاستيراد للبضائع ووصول المساعدات الإنسانية.
علما بأن اليمن يعتمد على الاستيراد للسلع الغذائية بنسبة 90%. وفي ظل الأوضاع الحالية في اليمن وآلية التفتيش للسفن، يطلب المصدرون للسلع إلى اليمن دفع مبالغ مالية مقدمة، وارتفعت أقساط التأمين بشكل ملحوظ بعد قصف التحالف العربي لميناء الحديدة.

أدت كل هذه العوامل، وفقاً للتقرير، إلى ارتفاع كبير في التكاليف على المستوردين، وذلك بدوره رفع في تكاليف النقل الداخلية بشكل ملحوظ بسبب انعدام المشتقات النفطية وأيضا تخوف العاملين على نقل البضائع من أن يكونوا أهدافا للضربات الجوية.
ويضيف: كل هذه التكاليف تضاف إلى سعر البيع للسلعة والذي يتحملها المستهلك اليمني بالرغم من أن الكثير من المواطنين خسروا وظائفهم ومصادر دخلهم وتلاشت القوة الشرائية مع انهيار الاقتصاد وتوسع كارثة النزوح الداخلي.
أرقام مفجعة
مع الأخذ بعين الاعتبار للصراع القائم، يسير التقرير إلى أن هناك صعوبة في الحصول على إحصائيات موثوقة حول الإيرادات والتضخم، ولكن من الواضح أنها خطيرة جداً.
فقد أشارت تقارير الأمم المتحدة ما بين مارس - يونيو 2015 إلى ارتفاع أسعار الدقيق وغاز الطبخ بنسبة تصل إلى أكثر من 300% وسعر البترول إلى حدود 1400% في ظل انعدام البترول في 7 محافظات بشكل كامل.
كما أوردت تقارير منظمة الأمم المتحدة للغذاء والزراعة وبرنامج الغذاء العالمي تعرض 19 محافظة يمنية لأزمة الغذاء وتعرض 13 مليون مواطن للجوع بشكل يومي. كما أن 6 ملايينن يمني يعيشون على حافة مخاطر المجاعة..

وأدى توقف دخل صادرات النفط وتوقف إيرادات الجمارك والضرائب بسبب توقف الأعمال التجارية إلى عدم توفر عائدات للدولة مما أعاق الاستجابة اللازمة لمتطلبات السوق المحلية.
كما أنفق البنك المركزي اليمني مليار دولار أمريكي في النصف الأول من العام 2015 وذلك لدعم العملة المحلية مع انخفاض الاحتياطي الأجنبي بحدود 2.8 (مليار دولار منها وديعة سعودية) مليار دولار أمريكي حتى أغسطس 2015.
حصار ونهب
وإضافة إلى استخدامهم الحصار كتكتيك حربي في بعض المدن- على وجه التحديد مدينة تعز- سّخر الحوثيون أجزاء من عائدات الدولة المتبقية لصالح ما أسموه المجهود الحربي وبعيدا عن دفع الرواتب لموظفي القطاع العام أو توفير الخدمات العامة.

على سبيل المثال، يورد التقرير حالة المستشفيات في صنعاء التي لم تعد تقدم العديد من الخدمات الصحية الأساسية مثل غسيل الكلى وذلك بسبب النقص في التمويل والأدوية والانقطاع المتواصل للتيار الكهربائي. كما اتُهم الحوثيون بالاستيلاء على مبلغ 100 مليون دولار من خزائن البنك المركزي اليمني..
لقد أدت الحرب والنقص الحاد في المشتقات النفطية إلى ازدهار كافة أنواع السوق السوداء من الدولار إلى الوقود إلى الأسلحة: قال التقرير.. وأضاف" وفي خضم ذلك، مثلت رواتب المقاتلين التي تدفعها كل أطراف النزاع بمثابة حل للبطالة المستشرية للقادرين على القتال، الذين وجدوا في الحرب وسيلة لمنع أسرهم من الموت نتيجة الفاقة الحادة".
استجابة عاجلة

إن المفتاح لتحسين الأوضاع في اليمن، بحسب المركز، هو تأمين اتفاق سلام دائم يمكن عبره تعبيد الطريق نحو نهاية للعنف الذي يقوض البلاد.
وبما أن اليمن على حافة الإفلاس والمجاعة، يشترط التقرير على الجهات الفاعلة المحلية والإقليمية والدولية اتخاذ خطوات عملية من أجل تجنيب اليمن أسوأ السيناريوهات، أو على الأقل تخفيف الكارثة التي تلوح في الأفق.
ويؤكد على ضرورة الإدراك بأن الدمار الذي أحدثته الحرب، قد وصل إلى درجة غير قابلة للإصلاح، سواء كان الحديث عن الأعداد المتزايدة لضحايا الحرب أو حتى تلك الأضرار الناتجة وتدمير جزء كبير من بنية اليمن التحتية.

ويطالب المملكة العربية السعودية ودول التحالف توسيع وتسريع عملية إدخال المساعدات الإنسانية إلى اليمن وبالأخص المساعدات الطبية من أجل إتاحة المجال للمستشفيات والمراكز الصحية لإعادة خدماتها الأساسية.
داعياً دول التحالف السماح للبنوك التجارية اليمنية بتحويل ما لديها من فائض العملة السعودية إلى خارج اليمن لاستبدالها بالدولار الأمريكي لتغطية احتياج السوق المحلي من الدولار الأمريكي وكذلك السماح بتسهيل إستئناف التحويلات المالية من اليمنيين المغتربين في الخارج.
مطالب وشروط
وفيما اشترط على المجتمع الدولي وضع نهاية لمشكلة الموانئ اليمنية، وتسهيل استئناف التجارة الخارجية كاستيراد الوقود والسلع الأساسية وذلك من خلال المرور دون التأخير الغير مبرر والمسبب لتكاليف إضافية باهضة، مع ضمان عدم تعرض شبكات التوزيع لهذه السلع للضربات الجوية لقوات التحالف.

طالب لجنة الحوثي التوقف عن استغلال عائدات الدولة ومواردها لتمويل حملة الحوثيين العسكرية. عوضا عن ذلك، يجب إعادة هذه الموارد لتوفير الخدمات الأساسية وكذلك الاستئناف- ولو الجزئي- لدعم المشتقات النفطية حتى يتم إعادة تشكيل شبكات توزيع السلع الأساسية.
مشدداً على وجوب أن يبقى البنك المركزي اليمني محافظاً على استقلاليته، من أجل إعداد السياسات المالية بعيدا عن الضغوطات للعمل على تمويل عجز ميزانية الدولة.

وفي الوقت ذاته على الفاعلين الدوليين توفير الموارد المالية اللازمة للسماح للبنك المركزي اليمني بالعمل على استقرار قيمة الريال اليمني وكذلك توفير الدولار للسوق المحلي (ارتفع الدولار أمام الريال اليمني بنسبة 25% بين يونيو و أكتوبر 2015) لتسهيل عملية استيراد المشتقات النفطية والسلع الأساسية.
وقال أن هذه الخطوات– على المدى القريب- مجرد إجراءات لسد الفجوة قد تساعد في المحافظة على الاقتصاد اليمني من الانهيار الكلي وتجنيب اليمنيين مجاعة شاملة. وأنه طالما الحرب مستمرة، فإن هذه التوصيات مجرد خيارات قد تساعد على تجنب حدوث ماهو أسوأ.

وأضاف" إنما ما يتطلبه الاقتصاد اليمني عقب الحرب، هو الإصلاح الكلي. وهو أمر سيحتاج بالضرورة إلى الدعم والالتزام الدولي الحقيقي، وعلى الأخص دعم الدول الخليجية".

الأكثر قراءة

المقالات

تحقيقات

dailog-img
كيف تحوّلت مؤسسات صنعاء إلى “فقَّاسة صراع” الأجنحة داخل جماعة الحوثي؟ (تحقيق حصري)

حوّل خلاف موالين لجناحين (متشددين) متعارضين داخل جماعة الحوثي المسلحة “جلسة مقيّل” خاصة- بالعاصمة اليمنية صنعاء خلال عيد الأضحى المبارك- إلى توتر كاد يوصل إلى “اقتتال” في “مجلس” مليء بالأسلحة والقنابل ا مشاهدة المزيد

حوارات

dailog-img
وزير الدفاع يتحدث عن الحرب العسكرية ضد ميليشيا الحوثي ويكشف سر سقوط جبهة نهم والجوف ومحاولة اغتياله في تعز ولقائه بطارق صالح وتخادم الحوثيين والقاعدة وداعش

كشف وزير الدفاع الفريق ركن محسن محمد الداعري، ملف سقوط جبهتي نهم والجوف، بقبضة ميليشيا الحوثي، للمرة الأولى منذ تعيينه في منصبه. وأشاد الداعري، في حوار مع صحيفة "عكاظ" بالدعم بالدور المحوري والرئيسي الذي لعبته السعودية مشاهدة المزيد