حزب الله..خنجر إيران المسموم في الخاصرة العربية

2016-03-07 12:39:24 إعداد/ قسم التحقيقات

باتت تدخلات حزب الله اللبناني اليوم، كما هو واضح في سياسات دول عربية وشرق أوسطية، مثيراً لكثير من التكهنات والمخاوف والقلق لدول كاد خطر المد الشيعي الإيراني يهددها وهو يقترب من رويداً نحوها، عبر هذا الحزب الذي يمثل أداة المشروع الإيراني التوسعي في المنطقة..

ولأنه لم يعد خافياً على أحد خفايا وأسرار تدخلات حزب الله اللبناني في الشأن اليمني والسوري وقبله اللبناني وتورطه في حروب وأزمات هذه الدول.. بما تعكسه من مخاطر على بلدان أخرى في المنطقة.. كان لابد من اتخاذ خطوات نحو إيقاف تروس هذا الحزب، الذي تدير مقوده وتضغط على فرامله المعطلة بجنون طهرن، قبل أن يصل في طريقه التدميري إلى مكة المكرمة..

صفعات موجعة وجهتها دول عربية لحزب الله اللبناني علها توقف جنون هذا الحزب، وهو يدوس بعبثية واهية على ملايين الجماجم، كي يهديها لسيده في طهران التي تستخدمه أداة في تنفيذ مشروعها الشيعي التوسعي في المنطقة، وجعلت منه خنجرها المسموم في الخاصرة العربية..

حقيقة حزب الله
حزب الله اللبناني هو في الواقع أكثر من مجرد حزب، فهو أحد الأحزاب الرئيسية في لبنان، وهو حركة اجتماعية ودينية منظمة ترعى مصالح الطائفة الشيعية في لبنان بشكل أساسي (وإن لم يكن حصرياً) وهو أكبر ميليشيا مسلحة في لبنان تمكنت من الاحتفاظ بتسليحها بعد أن تسمّت باسم "المقاومة الإسلامية" تماشياً مع اتفاق الطائف الذي أنهى الحرب الأهلية اللبنانية وقضى بأن تسلم كل الميليشيات أسلحتها.
وفي حين أن الهدف من تعدد أجنحة الحزب هو تكامل بعضها مع البعض الآخر، إلا أن الواقع أكثر عبثية. فأحد الأسباب لهذا التعدد هو تجزئة النشاط السري للحزب بالإضافة إلى إعطائه هويات متعددة فهو لبناني، وشيعي، وموالٍ لإيران. وترتبط أهداف الحزب المختلفة والمتناقضة أحياناً بتلك الهويات المختلفة.

ورغم أن الحزب يصر على أنه لبناني بالدرجة الأولى، لكنه في الواقع منظمة تتصرف بما تقتضيه مصالحها الخاصة التي تقدّمها على مصالح لبنان. ويمتلك الحزب حسب وزارة الخزينة الأمريكية شبكة عالمية واسعة ترسل الأموال والعملاء السريين لتنفيذ أعمال إرهابية في مختلف أنحاء العالم.

وقد كشفت مجموعة من الأحداث خلال السنوات القليلة الماضية بعض النشاطات السرية التي يقوم بها الحزب على مستوى المنطقة والعالم، الأمر الذي زعزع مكانة الحزب داخل لبنان وخارجه. فقد أدانت المحكمة الدولية الخاصة بلبنان ناشطين من حزب الله باغتيال رئيس الوزراء اللبناني الأسبق رفيق الحريري. كما اعتقل بعضهم لاتهامهم بالتخطيط لهجمات في نيجيريا وأدين حزب الله كذلك بأعمال مشابهة في تايلاند وقبرص. وشملت نشاطات حزب الله الإجرامية تجارة المخدرات وتبييض الأموال في شبكة تمتد من أمريكا الجنوبية إلى إفريقيا والشرق الأوسط.

هزيمة المشروع الشيعي في اليمن
لم يعد خافياً على أحد خفايا وأسرار تدخلات حزب الله اللبناني في الشأن اليمني وتورطه في الحرب الدائرة في اليمن.. وأن هناك مشروعاً إيرانياً في البلد كان يتولى ملفه مباشرة هذا الحزب، وكشفته ضربات عاصفة الحزم وانبلجت على إثرها حقائق، ظل كثير ينكرها، كما عكسه خطاب حسن نصر الله الأخير.. بما حمله من اعتراف صريح بهزيمة هذا المشروع تحت وقع ضربات التحالف العربي..
الحكومة اليمنية الشرعية لأول مرة تظهر بتلك الصراحة التي تعلن فيها أن حزب الله متورط مع الحوثي وبصورة مباشرة في الحرب الدائرة في البلد.. حكومة الرئيس عبد ربه منصور هادي اتهمت "حزب الله" اللبناني بالتورط بصورة مباشرة في الحرب الدائرة في اليمن، من خلال المشاركة الفعلية على الأرض وتدريب الحوثيين.

وأعلنت الحكومة اليمنية أن حزب الله في لبنان تورَّط بشكل مباشر بالقتال مع الميليشيات الحوثية في اليمن وبـ التواجد في ساحات القتال على الحدود اليمنية- السعودية.. وفيما اعتبرت ذلك تدخُّلاً سافراً في شؤون دولة مستقلة.. كشف الناطق باسم الحكومة راجح بادي نيّتها إحالة ملف كامل على مجلس الأمن وجامعة الدول العربية، تُثْبِت فيه التدخُّلات والممارسات الإرهابية لحزب الله في اليمن، وتطالب بإجراءات قانونية دولية في حقه.
بادي، في تصريح نقلته وكالة الأنباء اليمنية (سبأ)، قال أن الحكومة لديها العديد من الوثائق والأدلة المادية التي توضح مدى تورط أفراد ينتمون إلى حزب الله في الحرب التي تشنها الميليشيا الحوثية على الشعب اليمني.. وأضاف:" تعددت مشاركة الحزب وأفراده في طبيعة المهمات التي يقومون بها في اليمن على أكثر من صعيد، ولم تقتصر على الدعم المعنوي المعلن عنه رسمياً، بل تعدت ذلك إلى المشاركة الفعلية على الأرض، بتدريب أفراد الميليشيا الانقلابية (الحوثية) على القتال ووجودها في ساحات القتال على الحدود اليمنية- السعودية، والتخطيط للمعارك، وترتيب عمليات التسلُّل والتخريب داخل الأراضي السعودية".

وذكر بادي أن حزب الله لا يمكنه في وجود الأدلة الموثّقة أن ينفي دوره في الخراب الذي يشارك فيه، سواء بالدعم المعنوي أم اللوجيستي الواضحين، وأنه أحد المسؤولين في صورة مباشرة عن إطالة أمد الحرب، وجلب الخراب لليمن وشعبه ومقدّراته في مخالفة واضحة للقرار الأممي ٢٢١٦، وتحدٍّ سافر لإرادة المجتمع الدولي.. اعتبار ناطق الحكومة اليمنية تدخل حزب الله بهذه الصورة بأنه يعدُّ تدخُّلاً سافراً في شؤون دولة مستقلة، أكد أن قيامه بهذه الأعمال العدائية تجاه الشرعية وقوات التحالف العربي، من شأنه أن يفاقم الأزمة ويساعد المنشقّين عن الشرعية في التمادي في أعمالهم العدوانية تجاه اليمنيين.

وكشفت عاصفة الحزم مشروع حزب الله في اليمن.. تبيّن بكلّ بساطة، من خلال الخطاب الأخير لحسن نصرالله، أن الحزب متورّط في اليمن أكثر بكثير ممّا يعتقد، وعلى كلّ صعيد. هذا التورّط يفسّر إلى حدّ كبير مدى تضايق حزب الله من عاصفة الحزم التي، وإن جاءت متأخّرة، إنّما قضت على المشروع الإيراني في اليمن. هذا المشروع الذي لم يكن من هدف له سوى استكمال تطويق إيران للمملكة العربية السعودية والدول العربية الأخرى في الخليج.

عاصفة الحزم التي يقودها التحالف العربي كانت ضربة موجعة قيل أناه قضت على المشروع الإيراني في اليمن. هذا ما عكسه خطاب حسن نصرالله. وهذا ما جعله يفقد السيطرة على أعصابه والذهاب بعيدا في الحملة على السعودية غير آخذ في الاعتبار مصلحة لبنان واللبنانيين.

لم يكن الخطاب الأخير للأمين العام لـ”حزب الله” السيّد حسن نصرالله هادئا، كما أحبّ الرجل أن يصوّر لمحازبيه من خلال طريقة إلقائه للخطاب. كان الخطاب الذي اتسّم بلهجة تصعيدية خطابا غريبا بكلّ المقاييس، خصوصا لدى المواطنين العرب الذين يعرفون ولو القليل عن اليمن وما يدور فيه، وقبل ذلك عن علاقة “حزب الله” باليمن.

لم يكن الخطاب الأخير يوم الأربعاء الواقع فيه الأول من آذار ـ مارس 2016 المناسبة الأولى التي يتطرّق فيها حسن نصرالله إلى الموضوع اليمني. سبق له أن هاجم المملكة العربية السعودية مرّات عدة بسبب اليمن. خصّص لليمن خطابا ألقاه بعد انطلاق “عاصفة الحزم” في أواخر هذا الشهر من العام الماضي.. كان ذلك الخطاب، الذي ينقص عمره على اثني عشر شهرا بقليل، مناسبة للتصعيد مع المملكة العربية السعودية ودول الخليج العربي التي شاركت في العمليات العسكرية التي استهدفت انتزاع اليمن من الهيمنة الإيرانية.
اتضح الآن بعد أقلّ من سنة على انطلاق "عاصفة الحزم" كم كان ضروريا التصدّي لإيران في اليمن. هذا التصدي الناجح يفسّر ذلك الألم الذي يشعر به حسن نصرالله الذي اعتقد في مرحلة معيّنة أنّه نفّذ المهمة المطلوبة منه بنجاح منقطع النظير يستحقّ عليه مكافأة كبيرة.

يقول محللون: في الواقع، لم يعد لدى "حزب الله" وأمينه العام سوى الصراخ لتبرير الفشل في اليمن. سارع المسؤولون الإيرانيون إلى الإعلان في الأيام التي تلت مباشرة سيطرة “أنصار الله”، أي الحوثيين، على صنعاء، أن طهران باتت تتحكّم تماما بأربع عواصم عربية هي بغداد ودمشق وبيروت وصنعاء.
ويؤكد مراقبون أنه كان واضحا من الخطاب الأخير لحسن نصرالله فشل مشروعه في اليمن، وهو مشروع مكلّف به من إيران. وهذا ما يفسّر إلى حدّ كبير ذلك التوتر والتصعيد اللذين اتّسم بهما الخطاب. لم يكن طبيعيا أن يضع الأمين العام لـ"حزب الله" موقفه من السعودية بعيد انطلاق عاصفة الحزم في مرتبة أعلى من تصدّيه لإسرائيل في جنوب لبنان.

من يستعيد المرحلة التي سبقت عاصفة الحزم، يكتشف أن إيران، مثلها مثل حسن نصرالله، كانت تعتقد أنّ العرب ليسو سوى "تنابل" وذلك على حد تعبير الأمين العام للحزب. على العكس من ذلك تصدّوا للمشرع الإيراني في اليمن الذي كان يستهدف السيطرة على البلد كلّه وتحويله مستعمرة، كما الحال حاليا في لبنان، حيث يقاوم الشعب اللبناني كلّ المحاولات الهادفة إلى القضاء على البلد ونشر البؤس فيه من أجل إخضاعه بشكل نهائي.

عندما سيطر الحوثيون، على صنعاء في الواحد والعشرين من أيلول ـ سبمتبر 2014، وجد من يعلن قيام نظام جديد في البلد. أعلن عبدالملك الحوثي زعيم الجماعة الحوثية، الذي كان يقلّد حسن نصرالله في تفاصيل التفاصيل، بما في ذلك رفع إصبعه لدى إلقاء خطبه، ولادة نظام جديد مستندا إلى ما أسماه "الشرعية الثورية". انطلقت ميليشياته في كلّ الاتجاهات وصولا إلى باب المندب، ذي الأهميّة الإستراتيجية الاستثنائية، وإلى مدينة عدن، ذات الميناء المعروف تاريخيا، والمناطق المحيطة بها.
اليوم يبدو واضحا أنّ نصر الله أدرك أنه لم يعد قادرا على تنفيذ بنود الالتزام الإيراني الذي أخذه على عاتقه. لقد قضت "عاصفة الحزم" على المشروع الإيراني في اليمن. كما عكسه خطاب حسن. وهذا ما جعله يفقد السيطرة على أعصابه والذهاب بعيدا في الحملة على السعودية.

في المستنقع السوري
ليس مفاجئاً أن دخول حزب الله إلى سوريا خطأ كبير.. فنصر الله يرى كل شيء من منظوري المصلحة الخاصة والطاعة المطلقة لإيران.. وقد أثبت حزب الله أنه أداة لا يستغنى عنها بيد إيران ونظام الأسد.
ليس دعم حزب الله لنظام الأسد فقط بسبب شعور رومانسي أخلاقي بالالتزام- كما يصفه محللون سياسيون- بل هو نابع من حرص الحزب على تأمين ممرات جوية وبرية مفتوحة لاستلام المال والسلاح وغيرهما من طهران.
فتدخل حزب الله في سوريا ينطلق من مصالحه الاستراتيجية المرتبطة أساسا بإيران ويعمق الشرخ الطائفي في لبنان حيث يلقى رفضا واسعا لسياسته.. بالمقابل يقول المحللون: بعد أن أذكى نيران الحرب في سوريا بناءً على تقسيمات طائفية بحتة يتحمل حزب الله مسؤولية رئيسية عن العنف الذي عبر الحدود إلى داخل لبنان.
في إحدى خطاباته صرح نصر الله أن المعركة في سوريا هي معركة حزب الله فقال: "سنمضي في الطريق إلى نهايته، وسنتحمل التضحيات. فهذه المعركة معركتنا وأنا أعدكم بالنصر" وبذا انخرط حزب الله في القتال جنباً إلى جنب مع مؤيدي الأسد وقوات الحرس الثوري الإيراني.

وهو تدخل بصفه محللون بأنه من الأهمية بحيث من الصعب أن نحمّله فوق ما يحتمل.. ورغم اعتراف الحزب بمشاركته في الحرب، إلا أنه ظل مصِرّاً على أنها كانت لمجرد حماية الأقليات اللبنانية داخل الحدود السورية، أو حماية المقامات الشيعية وأولها مقام السيدة زينب في دمشق. وقد تذرع حزب الله وحلفاؤه في إيران والعراق بذلك مراراً في وسائل إعلامهم خلال العامين الماضيين.

تدخلات حزب الله المزعزعة للاستقرار في سوريا تعود إلى بداية الانتفاضة السورية في عام 2011.. وكان نصر الله قد وجه نداءً خلال الأسابيع الأولى من الانتفاضة السورية إلى كل السوريين دعاهم فيه إلى الوقوف إلى جانب النظام. وقد أشارت بعض التقارير في أيار 2011 أن قوات فيلق القدس الإيراني كانت تساعد النظام السوري على قمع المظاهرات المناهضة للحكومة، على الرغم من إنكار حزب الله لأي "تدخل عسكري في أيٍّ من الدول العربية". ولكن في الشهر التالي مباشرةً كان المتظاهرون السوريون يهتفون ضد إيران وحزب الله بالإضافة إلى مطالبتهم بإسقاط الأسد. وقد أظهر أحد مقاطع الفيديو متظاهرين سوريين يحرقون صور نصر الله . وقد أشار مسؤول سابق كبير في وزارة الدفاع السورية، انشق عن النظام، أن قوات الأمن السورية لم تكن لديها القدرة على السيطرة على الثورة بمفردها قائلاً بأنهم "كان ينقصهم القناصون المهرة و المعدات القتالية الكافية فأخذوها من إيران وحزب الله."

يؤكد مراقبون أن دخول حزب الله في هذه الحرب الطائفية يهدد الاستقرار الهش بين الطوائف المنقسمة أصلا فيما بينها في لبنان. وبتجاهله لسياسة الحكومة اللبنانية القائمة على النأي بالنفس عن الصراع السوري يجرّ حزب الله لبنان إلى حرب طائفية قذرة. وقد أدرك نصر الله ذلك فصرح في أحد خطاباته التي أثارت حفيظة العديد من اللبنانيين بقوله بأنه يمكن للبنانيين أن يتقاتلوا في سوريا كما يشاؤون، لكن ليس في لبنان :
ووفقاً لإيضاحات محللين فإن حزب الله يقاتل في سوريا دعما للمصالح الإيرانية. حيث تقوم العقيدة الدينية لحزب الله على الطاعة المطلقة لقائد الثورة الإسلامية الإيرانية آية الله روح الله الخميني تطبيقا لولاية الفقيه والتي تقوم على أن يكون رجل دين شيعي كبير بمثابة رئيس الحكومة ويدين الجميع له بالولاء. وهو ما يخلق الكثير من التوترات لأن الحزب يحل ولاءات متعددة في نفس الوقت: ولاؤه لقرارات رجال الدين الإيرانيين، وولاؤه للحكومة اللبنانية، وولاؤه لشيعة لبنان، وولاؤه للشيعة في الخارج.

لبنان..منصة الصراع الخلفية
لطالما لعب حزب الله دوراً مسيطراً في لبنان ناشراً أثره من السياسة والنشاط الاجتماعي إلى النشاطات الإرهابية والصراعات السياسية والقوة القتالية. ولكنه طالما أصر على أن كل نشاطاته تعلي المصلحة اللبنانية على أي اعتبار. واليوم لم يعد حزب الله قادراً على المحافظة على ذلك الوهم.

الحقيقة هي أن أفعال حزب الله في سوريا ولبنان تُظهر بجلاء –على العكس من ادّعاءاته المتكررة– أنه يتصرف إعلاءً لمصالحه الخاصة ولمصلحة إيران، وليس لمصلحة الشعب اللبناني.
إن الآثار المترتبة على الشراكة الإستراتيجية المعلنة مع إيران لها عدة أوجه. فكل من إيران وحزب الله متورطان حتى النخاع في القتال دفاعاً عن نظام الأسد في سوريا، وشراكتهما المتوطدة بدأت تظهر في أماكن أخرى..

لقد كان واضحاً وجلياً سياسة حزب الله وهو يُعلي مصالحه على مصالح لبنان.. انتهاك الحزب المتعمد لسياسة النأي بالنفس التي اتبعتها الحكومة اللبنانية، لم يكن المرة الأولى التي يتصرف فيها الحزب ضد المصالح اللبنانية.. بل تعود هذه التصرفات إلى العام 2008.. وزادت حدة الانتقادات بعد سيطرة حزب الله على أجزاء من بيروت الغربية، محولاً بذلك فوهة بندقيته من مقاومة إسرائيل المزعومة إلى مواطنيه اللبنانيين ومؤدياً بذلك إلى زيادة الاحتقان الطائفي.

لم يكن تخبط حزب الله وتدخلاته في سياسات دول الإقليم كأداة إيرانية في المنطقة له انعكاساته على الحياة السياسية اللبنانية.. فالجانب الاقتصادي تأثر سلباً أيضاً.. وكان لتدخلات حزب الله في سوريا أن تتسبب بتراجع الاقتصاد اللبناني  
 
انخراط حزب الله في الحرب السورية إلى جانب النظام السوري يضغط بشكل متصاعد على الاقتصاد اللبناني، مخلفا آثارا سلبية كبيرة على السياحة والتجارة.. حزب الله الغارق في دم الشعب السوري يعد المسؤول الأول عن تدهور الوضع السياحي فقد أصيب هو الآخر بالشلل كما تراجعت حركة الاستثمارات
منذ بداية الحرب في سوريا طالبت الحكومة اللبنانية حزب الله أن لا يتدخل في الشأن السوري والابتعاد عن الانخراط في الصراع في سوريا لما قد يجنيه لبنان من ويلات هذا التدخل.. ويتحدث خبراء الاقتصاد عن الوضع المتراجع الاقتصادي في لبنان نتيجة تدهور الوضع الأمني و تراجع السياحة إلى لبنان.. خسائر الاقتصاد اللبناني التي تقدر بـ 13 مليار دولار بأواخر العام 2015 يبقى رهينة الوضع الإقليمي وتوافق أهل السياسية لمواجهة التحديات الخطيرة والكبيرة حتى الإفراج عنه.

سياسة حزب الله تأزم العلاقات اللبنانية الخارجية
قرار دول مجلس التعاون الخليجي بإدراج حزب الله اللبناني ضمن قائمة التنظيمات الإرهابية ليس الصفعة الأولى التي توجهها دول عربية وشرق أوسطية لهذا الحزب الذي بات يعبث بأمن المنطقة، وهو رد يعتبره كثيرون بمثابة تأديب للحزب وسياسته في المنطقة التي يديرها لصالح إيران ومشروعها التوسعي الخطير في الإقليم..

قبل ذلك كان قرار المملكة العربية السعودية بوقف مساعدتها للجيش اللبناني وقوات الأمن الداخلي والمقدرة بنحو 4 مليارات دولار. والذي أرجعته المملكة إلى المواقف اللبنانية التي لا تنسجم مع العلاقات الأخوية بين الطرفين، لكنه في حقيقته رداً قاصماً على سياسة حزب الله وتدخلاته في شئون الدولة اللبنانية ودول أخرى، وهي تدخلات باتت تهدد دول المنطقة، من بينها دول خليجية صارت اليوم تستشعر هذا الخطر القادم إليها من طهران عبر حزب الله اللبناني..

مؤخراً أقرت دول مجلس التعاون الخليجي العربي، اعتبار حزب الله اللبناني بجميع قادته وفصائله والتنظيمات التابعة له, منظمة إرهابية.. وصرح الأمين العام لمجلس التعاون عبداللطيف بن راشد الزياني، 2 مارس/آذار، أن دول المجلس اتخذت هذا القرار جراء استمرار الأعمال العدائية التي تقوم بها عناصر تلك الميلشيات لتجنيد شباب دول المجلس للقيام بالأعمال الإرهابية، وتهريب الأسلحة والمتفجرات، وإثارة الفتن، والتحريض على الفوضى والعنف في انتهاك صارخ لسيادتها وأمنها واستقرارها.
وقال الزياني إن دول مجلس التعاون تعتبر ممارسات حزب الله في دول المجلس، والأعمال الاٍرهابية والتحريضية التي يقوم بها في كل من سوريا واليمن والعراق تتنافى مع القيم والمبادئ الأخلاقية والإنسانية والقوانين الدولية، وتشكل تهديداً للأمن القومي العربي.

المواجهة السعودية مع حزب الله في لبنان.. غموض في الرياض وارتباك في بيروت.. هكذا يصف محللون أزمة العلاقات السعودية- اللبنانية بعد قرار الرياض وقف مساعداتها لتسليح الجيش والقوى الأمنية اللبنانية، والتي أثارت مخاوف كبيرة في لبنان لا سيما عند حلفاء السعودية من أن تتخلى عنهم. وفي الوقت نفسه أثارت مأزقا عندهم جعلهم في حالة إرباك حقيقي.

تكثر التكهنات والتفسيرات حول القرار السعودي وقف المساعدات العسكرية للجيش اللبناني وقوى الأمن الداخلي وخلفياته، والذي سبب صدمة للوسط السياسي، إلا أن التفسير الذي يتفق عليه غير مصدر سياسي قيادي هو أن المملكة لم تعد تحتمل استمرار استخدام حزب الله القرار السياسي اللبناني ضدها في المواجهة التي تخوضها مع التدخلات الايرانية على امتداد المنطقة، بسبب ضغوط الحزب على مركز القرار اللبناني.
في الرياض يتحدثون عن أن الهدف من وراء قرارهم "مراجعة" علاقاتهم مع لبنان هو وضع حد لـ"دولة" حزب الله في لبنان. وهذه الدولة "غير الشرعية" التي هيمنت على الأوضاع السياسية والأمنية اللبنانية أصبحت مخلبا من مخالب إيران في المنطقة، فهي ترسل بمسلحيها إلى سوريا لتشارك النظام السوري في حربه على شعبه، وترسل الأسلحة والمرتزقة إلى اليمن لمساعدة الحوثيين والرئيس المخلوع صالح في تصديهم لمشروع عودة الحكومة الشرعية إلى صنعاء.

وفي الرياض يتحدثون أيضا عن أن علاقات المملكة مع الآخرين ستحددها المصالح الوطنية العليا للمملكة، وحزب الله يهدد هذه المصالح، لذا ليست لنا مصلحة في تقديم المساعدات للبنان وجيشه وقواه الأمنية.
القرار السعودي والخليجي من لبنان العديد من الرسائل، بحسب محللين سياسيين له رسائل وأهداف تبرز في التصحيح وفك اختطاف الدولة اللبنانية، إذ لا تسمح طبيعة العلاقات السعودية مع لبنان بالابتعاد عنه لفترة طويلة، أو تركه تمامًا لإيران، ولذا فإن القرار يستهدف تصحيح الأوضاع وعودة لبنان كعازل عن إيران وليس كأيدٍ للنفوذ الإيراني، وإعادة حزب الله إلى حجمه الطبيعي في سياق الدولة اللبنانية، وإنهاء اختطافه للدولة.
رسالة أخرى للقرار تبدو أقوى وأكبر ومن الأولى وهي إظهار إفلاس البديل الإيراني، فقد استهدفت المملكة بقرارها إظهار محدودية قدرات إيران على الحلول محل المملكة، وإفلاس أنصار البديل الإيراني في لبنان، فالخيار الإيراني في لبنان ليس خيارًا وطنيًّا، وإنما طائفيًّا حزبيًّا بالأساس، وهناك حدود على قدرات إيران على التعاطي مع الرهان الوطني اللبناني، فالمدخل الإيراني في لبنان ليس مدخل الدولة، وإنما هو مدخل استثنائي طائفي، يتجه لخدمة سياسات مذهبية وليست سياسات وطنية، وفي ظل امتداد نفوذ إيران إلى أقصى مدى يمكن الحفاظ عليه في دول كسوريا والعراق ولبنان واليمن.

الأكثر قراءة

المقالات

تحقيقات

dailog-img
كيف تحوّلت مؤسسات صنعاء إلى “فقَّاسة صراع” الأجنحة داخل جماعة الحوثي؟ (تحقيق حصري)

حوّل خلاف موالين لجناحين (متشددين) متعارضين داخل جماعة الحوثي المسلحة “جلسة مقيّل” خاصة- بالعاصمة اليمنية صنعاء خلال عيد الأضحى المبارك- إلى توتر كاد يوصل إلى “اقتتال” في “مجلس” مليء بالأسلحة والقنابل ا مشاهدة المزيد

حوارات

dailog-img
وزير الدفاع يتحدث عن الحرب العسكرية ضد ميليشيا الحوثي ويكشف سر سقوط جبهة نهم والجوف ومحاولة اغتياله في تعز ولقائه بطارق صالح وتخادم الحوثيين والقاعدة وداعش

كشف وزير الدفاع الفريق ركن محسن محمد الداعري، ملف سقوط جبهتي نهم والجوف، بقبضة ميليشيا الحوثي، للمرة الأولى منذ تعيينه في منصبه. وأشاد الداعري، في حوار مع صحيفة "عكاظ" بالدعم بالدور المحوري والرئيسي الذي لعبته السعودية مشاهدة المزيد