في الذكرى الأولى لاجتياح مليشيا الانقلاب مدينة السلام والثورة

تعز 20 مارس..حزن المآتم تنتصر لكرامة وطن

2016-03-21 13:55:00 ملف خاص/ وليد عبد الواسع

"مليشيا الحوثي تطلق الرصاص الحي والقنابل المسيلة للدموع على شباب عزل يعتصمون سلميا رافضين اجتياح المدينة".. هكذا كان الزميل عبد الرحمن نصر يتحدث من تعز عبر الهاتف للمحرر في العشرين من مارس العام 2015 بينما لعلعات الرصاص تتعالى.. وبصوته المبحوح الذي عبر به عن الوجع حكى نصر عن سقوط شهداء..
مشهد قاني أرادت مليشيا الحوثي وصالح أن يكون لون تعز الثورة وهي تصوب كلاشنكوفها وقذائفها وصواريخها إلى صدور التعزيين الذين رفضوا تحويل مدينتهم- معقل المدنية ومهبط السلام- إلى بؤرة صراع وساحة حرب بين قوى لا تفهم إلا الحديث من فوهات البنادق..
في الذكرى الأولى لاجتياح المدينة يبدو اليوم المشهد في تعز قد تغير كثيراً والصورة التي رسمها الغزاة لتركيع تعز باتت تقض مضجعهم بعد ماحققته المدينة من انتصارات كسرت بها غرور الانقلابيين.. فتعز اليوم لم تعد تعز الأمس القريب، رغم الثمن الباهظ الذي دفعته لصناعة مستقبل وطن فاتحته الحرية والكرامة..

شمسان: وقفة بين الاجتياح والانتصار
يقول المحلل السياسي، وأستاذ علم الاجتماع السياسي بجامعة صنعاء- الدكتور/ عبد الباقي شمسان أنه علينا أن نتوقف كثيرا عند 20 مارس ذكرى اجتياح تعز من قبل الانقلابين، وذكرى انتصارها الوطني.
وأكد، في حديثه لـ"أخبار اليوم" أن تعز لم تنتصر على الانقلابين عسكريا وإنما أيضا إنسانيا ووطنيا حيث لك أن تكشف بشكل واضح وسريع المشروع ما قبل وطني الانقلابين..
موضحاً أن تعز حافظت على المشروع الجمهوري والديمقراطي من خلال تمسكها بخيار الدولة والجمهورية رغم الحصار والانتهاكات والقصف العشوائي الذي لا يميز بين العسكري والمدني.
وقال: لقد رفعت أعلام ما قبل وطنية في المناطق الجنوبية وما بعد وطنية كما هو حال الحوثيين إلا تلك المدينة التي احتفلت بكل المناسبات الوطنية.
وأشار إلى أنها ذهبت أبعد من ذلك من حيث الاحتفال الدلالي حيث تم طلاء المدرعات التي كانت تقصف المدينة بعد إعطابها بلون العلم الوطني اليمني وهى بذلك طلتها بلون مالكها الأصل الدولة اليمنية..
وأضاف:" لابد أن أشير هنا إلي أن عدة المدينة انتصرت حقوقيا حيث من انتهاكاتها يتوجب أحالت الانقلابين إلي المحاكم الدولية والمحلية ونحن نحتفل في نفس التاريخ بانتصار المدينة على المحتاجين وكذا الحديث عن تحرك مكوكي لمبعوث الأمين العام للأمم المتحدة ولد الشيخ".
ويرى شمسان أن الحديث عن تسوية سياسية دون الالتزام بالمواثيق الدولية وبصفة خاصة آلية العدالة الانتقالية فأن اليمن لن تعرف الاستقرار وإنما سوف ترحل الاحتراب إلي مابعد خمسة سنوات أو أقل.
وقال: نؤكد ذلك ليس من خلال الأدبيات الخاصة بالأمم المتحدة بل من التجربة اليمنية مؤخر التي منحت الحصانة للمخلوع صالح ولم تتبع آلية العدالة الانتقالية مما أدي إلي محاولة استعادة السلطة مرة أخري سوى بشكلها العائلي لدى المخلوع صالح أو السلالي كما هو لدى الحوثيين بتكلفة عالية جدا دمرت شبه الدولة التي خلفها المخلوع.
وطالب النخب والشعب اليمني أن يقطعوا مع كل المشاريع العائلية والسلالية وأن يقفوا كثيرا وعميقا على المستوى الحقوقي والوطني واتخاذ الإجراءات الوطنية والدولية لمحاكمة الانقلابين وبصفة خاصة كل أولئك الذين ارتكبوا جرائم ضد حقوق الإنسان ودمروا النسيج الاجتماعي والاقتصاد الوطني.
وقال: إن تجاوز تعز وتوظيف منسوبها الوطني والانتهاكي إن صح التعبير ليس فقط لإحالة الانقلابين للمحاكم الوطنية والدولية فحسب بل كذلك لتوعية الجماهير بالتكلفة الوطنية لذلك الخروج عن الإجماع الوطني ومحاولة التهام السلطة والدولة حتى لا يتكرر ذلك الفعل.
وحذر من أن القفز على تعز سوف يؤدي حتما على المستوى المتوسط أو البعيد إلى إعادة المشروع ما قبل أو بعد وطني كما هو لدى المشروع السلالي".

البكيري: تعز اليوم عصية على الغزاة وأكثر قوة
يصف رئيس المنتدى العربي للدراسات والتنمية/ نبيل البكيري 20 مارس باليوم المشؤوم في تاريخ تعز باعتبارها يوم الغزو الهمجي المليشاوي لهذه المدينة المدنية والمسالمة.
وأكد، في تصريح لـ" أخبار اليوم"، أن هذا اليوم امتداد للتاريخ الهمجي للإمامة التي غزلت تعز منذ عام 1920م، لكن الفارق اليوم أن ردة الفعل جاءت سريعة و قوية من قبل أبناء تعز الذين لا يمكن أن يقبلوا بحكم هذه المليشيات الطائفية بأي حال من الأحوال.
يقول البكيري: في الذكرى الأولى للغزو تتحرر تعز وهذا هو سر تعز وعنفوانها الذي لا يخبو إلا لتنطلق من جديد بأشد بأس وقوة.
ويضيف:" تعز اليوم عصية على الغزاة وأكثر قوة من أي وقت مضى، تعز اليوم غير تعز الأمس القريب فقد رتبت أمورها ورصت صفوفها وغدت أكثر قدرة على الفعل والتأثير وصناعة المستقبل الذي فاتحته الحرية والكرامة".
وأوضح أن مايؤكد ذلك هو هذه الانتصارات الكبيرة والأسطورية التي حققتها بإمكانياتها الذاتية والمتواضعة أمام جيش بكامل عتاده وعدته فتُهزَم أمام أبطال تعز في واحدة من أندر معارك التاريخ التي ستدرس في أرقى الأكاديميات العسكرية.

الصهيبي: المدينة التي عرفتهم فيزياء الموت
بالنسبة لقائد المدفعية باللواء 35 مدرع/ برهان الصهيبي فأنه يعيش اللحظة الفارقة التي عفرت عبيد السيد وأطعمت لحومهم الكلاب التي لم تقل لنا فارق الطعم بين قنديل وزنبيل.
يقول الصهيبي في حديثه لـ" أخبار اليوم": كانت تعز تبتعد وتهاب أصوات الرصاص وأخطأ الحوثة حين فتحوا على أنفسهم خزان القوة وصار الأطفال يلهون بالمدافع ويصوبون باقتدار.. ويلقنوا الحوثة دروس العزة والكرامة.. سحقناهم كالجرذان..
ويضيف:" في واقع الأمر أنا حزين لسقوط الأبرياء في تعز والأغبياء عبيد السيد الذين ظنوا أن حرب تعز ستكون نزهه فسقطوا في تعز خلال سنه أضعاف بمئات المرات مماسقطوا في حروبهم الست".
ويشير إلى أن تعز التي دخلها عبيد السيد وهو يخطب بهم ويشير بإصبعه بتكبر ولم يعد يستطيع حتى مجرد الظهور على شاشه تلفاز عرفتهم أن معجزات صعده كذب وأن جثث من يظنون أنهم سادة يمكن أن تأكلها الكلاب وتتعفن وعرفت قطيعهم بأن سنن الموت واحدة ولايمكن أن ينز جسد القنديل عطر بل جيفة كالكلاب تماما..
مؤكداً أن تعز عرفتهم فيزياء الموت وأن التمائم والقلائد لا تقي من رصاصات جيش الشرعية وأن مدافع المقاومة لا تردها طلاسم وخرافات صعده.. وقال:" وبالمناسبة فإنني أعيش في هذه اللحظة فرحة النصر وحزن المآتم".

العقلاني: فاتورة باهظة لمشروع الدولة
يشير ياسين العقلاني- صحفي في موقع صوت المقاومة بتعز إلى أنه في مثل هذه اليوم من العام الماضي حاول طرفي الانقلاب إخضاع تعز لسلطتهم وتكرر سيناريو ما حدث في صنعاء وغيرها واتخاذ منها نقطة عبور إلى عدن التي أصبحت عاصمة مؤقتة.
وقال لـ" أخبار اليوم": حشدوا قواتهم العسكرية والميليشياوية بشكل نازي في محاولة لفرض سلطة الأمر الواقع..
وأضاف:" منهم من توعد باقتحام وإسقاط تعز بالعصي غير مكترثين لخصوصيات تعز التي قارعت الأنظمة الملكية وكان لها حضور كبير في كل الثورات والانتفاضات الشعبية منها والمسلحة وكذلك طبيعة المجتمع التقدمي الرافض للسلطات الرجعية والأنظمة المبنية على اساس طائفي ومناطقي".
وبحسب العقلاني فقد خرج أبناء تعز بمختلف مكوناتهم وطبقاتهم رافضين للميليشيات التي انقلبت على السلطة ومخرجات الحوار الوطني الذي ولد من رحم الثورة التي قدم أبناء تعز نهر من الدماء من أجل بناء دولة ديمقراطية مدنية حديثة يسودها العدل والمساواة بالثروة والحكم.
وأكد أنه منذ ذلك وحتى اللحظة مازال أبناء تعز يدافعون عن مدينتهم ومشروع الدولة التي حلموا بها رغم الفاتورة الباهظة التي يدفعها أبناءها بعد أن اجبروا على حمل السلاح واستكمال المشروع الوطني أبناء تعز اليوم يدافعون عن الجمهورية والوحدة وينشدون دولة مدنية لكل اليمنيين..

القدسي: الاستخفاف بمنطق القوة
يعتبر الصحفي عمار القدسي الـ 20 من مارس بأنه يمثل يوما مفصليا في تاريخ تعز، حاولت فيه المدنية ماقبل هذا التاريخ أن تقاوم مليشيات الموت بالكلمة والحرف وأن تصرخ: لا، في وجه الانقلاب المسلح وأن تقف لتمنع تكرار اجتياح الجنوب مرة أخرى.
يقول عمار: لكن في هذا التاريخ استخفت مليشيات الانقلاب بهذا الصوت وصرحت بكل عجرفة على لسان أحد قادتها: "تعز نقدر ندخلها بطقم "..
ويضيف:" بلغت في هذا اليوم ذروة الاستخفاف بمنطق القوة في مواجهة قوة المنطق، ليمثل هذا اليوم شرارة المقاومة المسلحة التي التهمت مئات الأطقم لمليشيات الانقلاب".
وأوضح أن ضمان السيطرة على تعز كان أمرا ملحا لمليشيات الانقلاب لما تمثله من محورية في الخارطة اليمنية فهي بوابة المرور نحو الجنوب وهي تأمين للسيطرة على الشمال أو كما قال جدهم الأمام أحمد حين سأل لماذا انتقل لها " هنا رأس الحنش "، رأس الحنش وهي أيضا منبت الحنشان كما يراها صالح.
وقال: بالنسبة لي تعز ليست هوية منشأ فقط، بل هي منشأ لك حركات التحرر شمالا وجنوبا وهي منشأ للذات الوطنية اليمنية لأنها تستحيل أن تكون هناك هوية تعزية خاصة بها فلا قيمة لتعز إلا بالكل اليمني.

يوم كارثي أظهر صلابة وتماسك التعزيين
تؤكد وئام عبد الملك- صحفية أن هذا اليوم كان كارثي بالنسبة لمدينة كتعز، لأنه لم يكن يتوقع أحد أن يخلف وراءه كل هذا البؤس والدمار، والتشرد لأكثر سكان المدينة بسبب ماحدث، ويعيشون أوضاعا مأساوية غاية في السوء.
تقول وئام: لو قدر لكل مدني في تعز أن يعود به الزمن إلى ٢٠ مارس ٢٠١٥ فإنهم سيتمنوا لو أن قدم أي حوثي أو قوات تابعة لعلي صالح لم تطأ هذه المدينة، ويتمنوا لو أنهم شكلوا جدارا صلبا بأجسادهم على أبواب مدينتهم حتى لا يمر أولئك، لكن ماحدث جعلنا نرى صلابة وتماسك أبناء تعز، وأظهر الجوانب الجميلة فيهم والتي حاول نظام صالح تشويهها وإهماله لهم ولمدينتهم.
وتضيف:" تعز اليوم تنتصر لكل اليمن أولا ولحريتها وكرامتها وثانيا، وعادت إلى الواجهة بعد عقود من التهميش، وتبدو تعز اليوم كما يصفها الجميع حرة، وتطالب بالدولة المدنية، التي أجبر أبناؤها المثقفين والمتعلمين على حمل السلاح. تعز تؤكد للعالم أجمع أنها بعيدة كل البعد عن حساباتهم جميعا، وهي تنتصر لنفسها باليسير من السلاح".

دعوة مقياسها الحكمة
يقول منصور عون- مدرس في كلية التربية عمران: لقد عانى أبناء تعز من الظلم والاستبداد منذ أن تولى نظام صالح الحكم وظلت تعز لعشرات السنين تحلم بدوله النظام والقانون لكن هذا النظام مازال يفتك ويقتل أبناء تعز ويدمر كل شي جميل، ونتمنى من أبناء تعز أن يقفوا ضد كل معتدي والنصر قادم..
ويضيف:" نسأل الله أن يجنب اليمن واليمنيين من كل مكروه لأن الحروب المستمرة دمار على الإنسان وعلى الأرض والحروب لاتصنع إلا شخصيات مريضة وحاقدة وستوثر مستقبلا على الحياة الاجتماعية والنفسية".
ويشير عون إلى أن تعز تعاني أيضاً من القيادات الشرعية للبلاد ومن قيادات التحالف بسب عدم الجدية في تحرير تعز لأهداف سياسية..
ويقول: المشاهد يشاهد كم حجم السلاح والقوات العسكرية التي أنزلت في عدن وكم من الأسلحة التي أرسلت إلى الجوف ومأرب لذلك تحرير تعز بحاجه إلى قرار سياسي أو تحريرها بسواعد أبنائها لكن التكلفة البشرية ستكون باهظة.

المواطنة التعزية وابنة ذبحان/ نجلاء عبد الجبار النعمان تقول: مدينة السلام والثقافة، مدينة التنوير "تعز" دخلتها ميليشيات الظلام والحقد الإمامي بمعية حرس السقيم الجمهوري، فاتحين النار والبؤس والخراب بعنصريتهم المقيتة والمتجذرة في ذواتهم.
مؤكدة أن تعز اليوم تتطهر من بقايا الدنس العنصري السلالي الطائفي المريض، بكل أوبئة النقص.
وتضيف:" إنها تعز مقياس حكمتنا، وتوقنا للحرية والمدنية بعيدا عن كل مريض في ذاته، وعقده.. تعز نحن الأحرار، ونحن تعز الحرة"..

إياد المخلافي- أحد شباب الثورة يقول أنه كان لابد لأي انقلاب على الدولة اليمنية ومكتسبات التاريخ أن يصطدم بتعز، مالم يذهب لإخضاعها وإسكات روح الجمهورية ستأتي هي لتقتلعه وتعيده كهوفه.
واعتبر غزو المدينة الصغيرة الكبيرة بريفها وأبنائها وحيويتها بأنه كان يظنه الماكرين الأسهل أمامهم لإخماد هذا الوطن وجعل شعبه تحت أقدامهم..

وأضاف:" لكنه اليوم الذي انقلب على مكرهم ودشن مشروع الدفاع عن الوطن وهويته وحرية أبنائه، تعز اليوم خرجت من ثوبها البالي الحزين وأعلنت نهاية زمن الانكسار وكسبت التحدي وانتصاراتها إعلان صريح أن المستقبل للحياة وللمواطنة والعدالة ولم يعد من السهل كسر ضلعها".

الأكثر قراءة

المقالات

تحقيقات

dailog-img
كيف تحوّلت مؤسسات صنعاء إلى “فقَّاسة صراع” الأجنحة داخل جماعة الحوثي؟ (تحقيق حصري)

حوّل خلاف موالين لجناحين (متشددين) متعارضين داخل جماعة الحوثي المسلحة “جلسة مقيّل” خاصة- بالعاصمة اليمنية صنعاء خلال عيد الأضحى المبارك- إلى توتر كاد يوصل إلى “اقتتال” في “مجلس” مليء بالأسلحة والقنابل ا مشاهدة المزيد

حوارات

dailog-img
وزير الدفاع يتحدث عن الحرب العسكرية ضد ميليشيا الحوثي ويكشف سر سقوط جبهة نهم والجوف ومحاولة اغتياله في تعز ولقائه بطارق صالح وتخادم الحوثيين والقاعدة وداعش

كشف وزير الدفاع الفريق ركن محسن محمد الداعري، ملف سقوط جبهتي نهم والجوف، بقبضة ميليشيا الحوثي، للمرة الأولى منذ تعيينه في منصبه. وأشاد الداعري، في حوار مع صحيفة "عكاظ" بالدعم بالدور المحوري والرئيسي الذي لعبته السعودية مشاهدة المزيد