لم تكتفِ المليشيات بتعين رئيس لجامعة صنعاء تابعاً لها، وعزل أكثر من عشرة عمدا كليات من مناصبهم وتعين التابعين لها، واستخدام بعض قاعات الجامعة ثكنات عسكرية لها..
كما لم تتوقف عند القيام باعتقال والاعتداء على العديد من دكاترة الجامعة، مما دفع الكثير من منهم لمغادرة البلاد بعد أن استمرت الممارسات التعسفية من قبل المليشيات..
بل عمدت مليشيا الحوثي وصالح في هذه المرة إلى ممارسة عقاب جماعي لكل الموظفين بعدم صرف رواتبهم ومستحقاتهم..
تعد جامعة صنعاء من أهم واكبر المراكز التعليمية في اليمن، لكنهم اليوم بدون رواتب ومخصصات يعانون كما يعاني غيرهم من الموظفين..
وتظهر على وجوه دكاترة جامعة صنعاء غضب واستياء شديد لعدم تسلمهم رواتبهم، حيث عبر العديد من دكاترة جامعة صنعاء عن امتعاضهم الشديد من تعنت المليشيات في عدم صرف رواتبهم..
راتبي ليس للمجهود
يقول أحد الدكاترة في كلية التجارة لـ"خبار اليوم ": ما الذي تبقى لنا كي نستمر مواطنين صالحين، لقد أخذوا كل شيء، لم نعد نملك سوى الراتب، هل يريدون منا أن نتخلى عن قوت أطفالنا من اجل حربهم العبثية أو من اجل أولئك الذين يختبئون في الكهوف؟".
وتحدث دكتور آخر بقوله:" سبق لنا أن حذرنا أكثر من مرة، وقلنا لهم أنهم إذا استمروا في إنفاق الأموال بالطريقة العشوائية التي يقومون بها فإن البنك بعد فترة سيكون غير قادر على الوفاء بكل الالتزامات"..
وأوضح أن الأموال التي كانت تصرف لما يسمى المجهود الحربي هي ميزانيات العديد من الوزارات، لكنهم استبدوا بقوة السلاح وقاموا بهدر أموال الشعب وممتلكاته..
وأكد أن الكثير من الموظفين والعاملين في الجامعة يشتكون جراء عدم استلامهم رواتبهم والأضرار التي لحقت بهم.
أطفالنا بدون غذاء
وتحدثت إحدى الموظفات في شؤون الطلاب في كلية الإعلام مشددة على أنه يجب أن يفكروا أن الموظفين غير قادرين على العيش..
وتقول:" طيب كيف نعيش؟! أني لا املك أي دخل غير الراتب، زوجي عاطل عن العمل كان يعمل في القطاع الخاص في تعز واليوم هو بدون عمل بسبب حربهم المقدسة"..
وتتساءل: من فين نصرف في البيت ومن فين أجيب حق المواصلات على شان أداوم؟، وإذا لم نحضر اتخذوا ضدنا إجراءات ولفقوا علينا التهم ويصل بهم الأمر إلي حد الفصل..
مضيفة:" أني راتبي يذهب للمجهود الحربي وأطفالنا بدون غذاء وتعليم، كيف نسوي نسكت؟!".
كما تحدثت إحدى الموظفات في الكونترول في كلية الإعلام: ما الذي يريدون منا؟، ألا يكفينا أننا تعرضنا لكل شيء منهم والآن جاء الدور على الراتب، لم نحصل على مستحقاتنا منذ عامين..
وتضيف:" كل عام نعتبر بداية العام الدراسي وقت الدسم، حيث يتقدم الطلاب الجدد لاختبارات القبول ويكون معنا مكافئات وعمل إضافي لكن هذا العام شلوا الراتب"..
وتشير إلى أن الجامعة تحولت إلي مؤسسة إيرادية ربحية، حيث أنها فرضت رسوم على الطلاب المتقدمين عبر البوابة الالكترونية..
وتتساءل: لماذا لا يتم صرف رواتب منتسبي الجامعة من هذه الأموال.. مؤكدة أن الأموال التي جنتها الجامعة من الطلاب المتقدمين لاختبارات القبول في النظام العام كافية لصرف رواتب كل الموظفين في الجامعة بغض النظر إلى مبالغ النفقة..
بداية لثورة جياع
لا توجد فوارق في كلية الهندسة وغيرها فالكل يتذمر ويشتكي، ويعتبر أحد الدكاترة هناك عدم تسليم الرواتب بأنه حرب معلنة على الشعب بالكامل دون استثناء.. مؤكداً أن أي فرد يعيش في هذا المجتمع متضرر من هذا العمل الغير مسئول..
وقال انه لم يتمكن من إخراج سيارته من ورشة الصيانة بسبب تأخر المعاش. وأضاف:" فأنا متضرر وصاحب الورشة متضرر كذلك، وأنا لم اعد اركب تكسي بل أصبحت اركب باصات ومن كان يركب باص يترجل"..
وتساءل:" أليس هذه حرب على الشعب؟! وإذا استمر هذا التصرف بعدم صرف رواتب الموظفين قد يحدث كارثة وتفتح المجال أمام ثورة الجياع".
دكتور آخر قال انه يعمل في كلية الهندسة أكثر من اثني عشر عاما وانه لا يدخر مال على الإطلاق لأنه لم يكن يتوقع أن تصل الحالة في بلادنا إلى قطع رواتب الموظفين..
وقال أن ابنته التي تزوجت احد طلابه الذي سافر إلى روسيا لكي يتم إكمال دراسته للماجستير وأنها هناك هي من تقوم بدعمه بالأموال وانه لم يكن يتوقع يوما أن ابنته ستقوم بالنفقة علية.
واقع ومستقبل مهدد
تختلف المعاناة وتعدد عند الكثير من دكاترة جامعة صنعاء، في كلية الصيدلة تقول الدكتورة (أ.ج) أنها تعاني من وضع سيء للغاية وأنها كانت تعول براتبها أسرتين أسرتها وأسرة والدها الذي نزح من الحرب في تعز وأن أبوها يعتمد عليها اعتماد كليا في متطلبات البيت..
وأشارت إلى أنها لم تكن تشتري سوى الأغراض الأساسية من قبل عام من اجل أن تستطيع توفير وشراء أغراض لوالدها.
في كلية الحاسوب أفاد احد الدكاترة أنهم أصبحوا يفكرون جديا بالخروج من البلاد ليتبعون زملاءهم الذين لم يتحملوا مثل هذه التصرفات وغيرها..
وقال:" نحن فضلنا البقاء في البلاد من اجل خدمة الأجيال، لكنهم جعلونا خدم وعبيد لسيد كهفهم،ومستمرون في حربهم العبثية الغير عادلة"..
