وفاة 9 حالات من إجمالي 180 حالة اشتباه وبحيرات الصرف الصحي أهم المسببات

عدن..معركة جديدة مع الكوليرا

2016-10-23 12:01:03 تقرير خاص/ أدهم فهد

ما إن لاح في الأفق شعاع الأمل بانتهاء الحرب التي قادتها مليشيا الحوثي والمخلوع صالح ودحر شبح الموت عن مدينة عدن، جنوبي اليمن، بتحريرها من تلك العصابات، حتى عاد الخطر مجددا من زاوية لاتقل قبحا عن المليشيا تتهدد حياة المواطن وتختطف أرواحهم.
إنه خطر وباء الكوليرا الذي بات يقض مضاجع الجميع في عاصمة اليمن المؤقتة، كواحدة من أخطر الأمراض المهددة حياة الإنسان العدني..
وحتى مساء أمس السبت الثاني والعشرين من أكتوبر/ تشرين أول بلغ عدد الحالات المشتبه بها من بداية المرض 180 حالة، منها 9 وفيات، والموجبة بالفحص الزراعي 10.. في حين تأكد إصابة 3 حالات..


ينتشر وباء الكوليرا في محافظة عدن، بشكل مخيف، مسجلا العديد من حالات الوفاة والإصابة في أوساط السكان.
أوساط طبية حذرت من خطورة توطن مرض الكوليرا في عدن، وطالبت بسرعة التحرك وتقديم العلاجات الإسعافية اللازمة لمواجهة الوباء الذي اجتاح المحافظة، في ظل استمرار أزمات غياب الخدمات الرئيسة وانقطاعات الكهرباء والمياه تصريف المجاري والقمامة، التي تشكل عوامل رئيسة لانتشار الوباء.
السكان في عدن وكثير منهم موظفون حكوميون وبعضهم متقاعدون يواجهون صعوبة شديدة في إنقاذ أنفسهم وأهاليهم من الكوليرا التي صارت كابوسا مقلقا لهم، فلم يتسلموا مرتباتهم منذ شهرين وبعضهم منذ 4 أشهر، وأمام انتشار المرض وفتكه بهم يقفون موقف المتفرج فقد أصبحت كواهلهم مثقلة بالدين.
ويعد باء الكوليرا أحد أخطر أمراض الجهاز الهضمي وأسرعها انتشارا وعدوى، و تظهر أعراضه بعد فترة الحضانة والتي تتراوح بين يومين إلى 3 والتي من أهمها الإسهال المائي الحاد والقيء الشديد، وغالبا ما تتوفى الحالات التي لم تلقى العناية اللازمة.
وكان ممثّل منظمة الصحة العالمية في اليمن، أحمد شادول، قد أعلن في وقت سابق أن "الوضع الحالي ينذر بخطر جديد يضاف إلى الصراع المتصاعد في اليمن".
وأشار إلى أنه "ينبغي تنبيه المجتمع الدولي بهدف دعم نظام الصحة العامة في البلاد، وتمويل الشركاء في هذا المجال، من أجل ضمان منع انتقال الوبائيات، ومنها الكوليرا، إلى المناطق الأخرى الأكثر عرضة للخطر".

بحيرات المجاري
تعد بحيرات الصرف الصحي والمنتشرة بأغلب شوارع وأحياء العاصمة المؤقتة للبلاد أحد أهم أسباب انتشار الأمراض، وفي مقدمتها وباء الكوليرا الذي بات شبحا يؤرق مضاجع المواطنين في عدن.
وقد ضاعفت أزمة انعدام مادة الديزل ونفاده من مخازن مصافي عدن من أزمة طفح مياه الصرف الصحي وجعلها تستفحل أكثر من ذي قبل، وذلك نتيجة توقف مضخات الضخ العاملة بمادة الديزل..
مما جعل مياه الصرف الصحي تفيض للشوارع والأحياء لتحاصر المنازل والمشافي وكذا المدارس، متسببة في عرقلة حركة السير إضافة إلى أضرارها الصحية.
وبحسب مصدر مسئول بمؤسسة المياه والصرف الصحي " فإن عددا من مضخات الضخ توقفت عن العمل نتيجة نفاد مخزون مادة الديزل، مما تسبب في طفح مياه الصرف الصحي و إغراقها للأحياء السكنية.
وأشار المصدر في حديثه لـ"أخبار اليوم" أن بقية المضخات مهددة بالتوقف خلال الفترة القصيرة القادمة نتيجة نفاد ما تبقى من مادة الديزل لدى المؤسسة.
وذكر أن المؤسسة تعمل بكل جهدها للحد من طفح مياه الصرف الصحي، وهي بحاجة ماسة لدعم المنظمات الدولية، وذلك للحيلولة دون انتشار وباء الكوليرا.

بداية الظهور
يفيد مدير عام الرعاية الصحية بعدن- الدكتور/ محمد مصطفى راجمناز أن ظهور حالات الإسهال المائي الحاد بدأ في الخامس من أكتوبر الجاري..
ويشير، في حديثه لـ"أخبار اليوم" إلى أن البداية كانت من أماكن متفرقة في المنصورة حاشد والدار الشرقيه..
وقال راجمنار: كانت الحالة الأولى التي أعطت نتيجة برازها موجبة من حاشد بتاريخ 9 أكتوبر، وتلت تلك الحالة حالات أخرى من دار سعد والبساتين والمعلا وكريتر والتواهي والبريقة.
وأضاف:" وصل يوم الجمعة عدد الحالات التي أخذت منها العينات إلى 50 وإجمالي الحالات الموجبة حتى الآن 9 حالات فقط".
مشيرا إلى أن حالات الوفيات الثمانية لم يؤكد أنها مصابة بالكوليرا، لأن نتيجة فحص المخالطين لهم في الأسرة كان مغايرا.
وفي إحصائية جديدة ذكر مدير الرعاية الصحية الأولية بمحافظة عدن أن عدد الحالات من بداية المرض حتى تاريخ 22أكتوبر بلغ 180 الوفيات منها 9، والموجبة بالفحص الزراعي 10..


إعلان الطوارئ
يقول راجمنار أنه عند استلام تقارير الترصد الوبائي باكتشاف الحالة الموجبة تم رفع الجاهزية وإعلان حالة الطوارئ في المشافي العامة والتي استقبلت الحالات..
ويوضح أنه تم عقد اجتماع يضم جميع شركاء الصحة في عدن من ممثلين عن منظمة اليونيسف ومنظمة الصحة العالمية..
وتابع: بعد ذلك تم إخبار الجميع بالوضع الراهن ورفع التقرير للمحافظ والذي بدوره وجه بتشكيل لجنه الطوارئ المركزية لمجابهة الكوليرا..
وصرح مدير الرعاية بأن اللجنة المشكلة ضمت كلا من: رشاد شايع/ وكيل المحافظ- محمد نصر/ وكيل المحافظ قائم بأعمال مؤسسة المياه والصرف الصحي- د. الخضر لصور/ القائم بأعمال مدير عام مكتب الصحة- محمد مصطفى ياسين/ مدير عام الرعاية الصحية.
إلى جانب قائد راشد/ مدير عام صندوق النظافة، ومحمد موسى/ مدير بلدية عدن، ومحمد الرقيبي/ مدير عام التربية.
وبحسب مصطفى عقد الاجتماع لوضع خطه طوارئ لاحتواء هذا التفشي ومعالجة المرضى والوقاية من الوباء وعليه تم التنسيق بين جميع القطاعات.

استعدادات الصحة
في هذا الشأن يقول الدكتور مصطفى أن مكتب الصحة قام بالتواصل مع منظمة الصحة العالمية لتوفير المحاليل الوريدية ومحاليل الإرواء والأدوية اللازمة لعلاج الحالات في مشفى الجمهورية للكبار ومشفى الصداقة للأطفال..
مشيراً إلى أنه تم تزويدها بالمواد كاملة ورفع حالة الطوارئ في جميع المرافق الصحية العامة والخاصة الأخرى، وكذلك تفعيل فريق التدخل السريع الترصد النشط للحالات الجديدة في جميع المديريات.
أما بالنسبة لصندوق لنظافة فقد تم إخبارهم بأماكن الحالات والأحياء، ونزلت فرق التنظيف ورفع المخلفات في المديريات التي تتركز فيها الحالات، حيث ما تزال العملية مستمرة.
وبخصوص المياه لفت الدكتور مصطفى أنه تم تكليف مهندسي خزانات البرزخ بالنزول وأخذ عينات المياه من الآبار الخاصة بجميع المديريات وبالذات المديريات التي ظهرت الحالات الأكثر فيها.
وأضاف:" ومن ثم تحليلها في المختبر المركزي لمعرفة مصدر العدوى وكذلك كلورة خزانات الشبكة الرئيسية بمادة الكلور من بير ناصر حتى البرزخ وشفط أي تجمع لمياه الصرف الصحي من جميع تلك المديريات والأحياء التي ظهرت الحالات منها".

جهود البلدية التربية
تم تشكيل فريق عمل للنزول للمطاعم والباعة المتجولين ومحلات تنقية المياه لجمع عينات وفحصها لمعرفة مصادر الوباء وإغلاقها إذا ثبت ذلك.
وبحسب مصادر، تسلّمت مؤسسة المياه والصرف الصحي بعدن 20 برميلاً من مادة الكلور كمساعدة عاجلة من الهلال الأحمر الإماراتي، لوضعها في خزانات المؤسسة لمكافحة انتشار الكوليرا.
أما بخصوص مكتب التربية والتعليم فقد تم التجهيز لتنشيط الفحص الدوري للطلاب والاشتراك مع التثقيف الصحي بتوعية المدارس والمجتمع بالاشتراك مع المنظمات الدولية العاملة في هذا المجال وتوفير المياه للمدارس المقطوعة فيها المياه.

وأعلنت مكاتب التربية بمحافظات "عدن ولحج وأبين" تعليق الدراسة يوم الخميس، على أن يتم مراجعة الوضع الصحي في المدن الثلاث في الأيام القادمة وتقييم مدى خطورة الوضع، ومدى قدرة السلطات الصحية على احتواء المرض.
وكانت وسائل إعلامية قد نشرت صورة لإعلان يعود لمكتب تربية عدن، يتحدث عن إجازة رسمية للطلاب يوم الخميس، مرجعاً السبب لتفشي الوباء، وخصوصاً في الأماكن المزدحمة، وهو ما أدى إلى وفاة 7 حالات وإصابة أكثر من 70 شخصاً آخرين بالوباء في عدن في الأسبوعين الأخيرين فقط.
تعليق الدراسة

أصدر مكتب التربية والتعليم في مدينة عدن اليمنية، توجيهاً لكافة مدراء المدارس، لاعتماد يوم الخميس، إجازة رسمية للطلاب بعد تسجيل وفيات بمرض الكوليرا.
وأوضح مصدر في مكتب التربية والتعليم في عدن، أن هذه الإجازة المؤقتة لضرورة تدارس الوضع الصحي في المدارس، بعد انتشار وباء الكوليرا، نافياً أن تكون هناك نية لتعليق العام الدراسي.
ويبدي الآباء، قلقهم من انتشار المرض في عدن؛ لاسيما بعد اكتشاف حالات مصابة في المدارس خلال الأسبوع الماضي. وأكدوا أن مدراء المدارس طالبوا مكتب التربية بضرورة التواصل مع مكتب الصحة، للعمل على الحد من انتشار المرض من خلال إجراءات عاجلة ومكثفة.

وقال أولياء أمور أنهم يخشون من انتشار الوباء بين الطلاب بسبب الزحام في المدارس، مشيرين إلى أن الانقطاع الدائم للكهرباء وعدم توفر المياه يزيد من فرص انتشار الوباء ويعيق عملية تنظيف المدارس.
وأكد آباء أنهم حريصون على سلامة أطفالهم، وفي حال لم تتوفر الحماية الكافية، لن يسمحوا بذهاب أطفالهم إلى المدرسة، مطالبين مكتب التربية والتعليم في عدن تحمل مسؤوليته الكاملة وحماية الطلاب من الأوبئة وليس فقط تعليمهم.
وشددوا على وجوب أن يكون هذا المرض وسيلة لدفع كافة أجهزة الدولة والسلطات المحلية، للتعاون ومعالجة بعض الاختلالات التي تزيد من انتشار الأوبئة والأمراض، وبينها تكدس النفايات وتسرب مياه الصرف الصحي في الشوارع.

إلى ذلك وجه الدكتور عبدالله لملس، وزير التربية والتعليم اليوم تعميما لمكاتب وزارة التربية والتعليم في محافظات عدن ولحج وأبين وإدارات التربية في المديريات وإدارات المدارس باتخاذ الإجراءات اللازمة للحفاظ على صحة الطلاب.
وأكد لملس على إيقاف الدراسة في جميع المدارس إذا اقتضت الحاجة لذلك بسبب انتشار مرض الكوليرا مؤخراً في بعض مديريات محافظة عدن.
وقال لملس: صحة أبنائنا الطلاب تحتل أهمية قصوى ويجب الحفاظ عليها بمختلف الوسائل والطرق الممكنة حتى نجنبهم ويلات هذا الوباء الفتاك.

مراكز الإرواء
يوضح الدكتور مصطفى في حديثه المطول لـ"أخبار اليوم" أنه تم تجهيز قسمين للرقود في مشفى صلاح الدين العسكري في مديرية البريقة وذلك للحالات المتواجدة في البريقة والشريط الساحلي..
ويضيف:" تم كذلك تجهيز مركز الطوارئ في المعلأ ويلزمنا إضافة 12 سرير لكون المركز يحوي أربعة أسرة فقط، وقد تواصلنا مع الجهات الداعمة من أجل توفير الأسرة الناقصة".
وتابع:" كذلك تم فتح قسم الطوارئ الخارجي في مشفى الجمهورية لكي يكون قسم خاص بحالات الإسهال ويستقبلها من جميع المديريات وتوفير المحاليل الوريدية وأملاح الإرواء والمضادات الحيوية والتي تعطى مجانا لجميع المرضى".

وأفاد أنه تم توزيع ال Aquatabs. لمشفيي الصداقة والجمهورية قسمي الارواء. بحسب السياسة الوقائية من منظمه الصحة العالمية للأشخاص المصابين بالإسهال المائي الحاد لتنقية مياه الشرب في بيوتهم وتم بوقت سابق توزيع نفس الكميات لمركزي المعلأ والمشفى العسكري صلاح الدين.
وذكر أن القرص يوضع في خمسة لترات من الماء، ويترك لمده نصف ساعة وذلك للسماح لغاز الكلور بالخروج ثم يستخدم للشرب، ويستخدم للمياه التي هي ليست من الشبكة العامة والتي تمت كلورتها بالكامل

دور المساجد
لم تقف جهود السلطة المحلية والجهات المعنية بمحافظة عدن عند مستوى الاستعداد والتجهيز لاحتواء وباء الكوليرا، بل امتدت الجهود إلى حملات التوعية والتثقيف والإرشاد التي كان للأوقاف والمساجد دور فيها..
وقد قام مكتب الأوقاف في عدن بتوزيع منشورات للمساجد مطالبة الأئمة بتخصيص جزء من خطب الجمعة لنصح الناس وإرشادهم للابتعاد عن مسببات وباء الكوليرا..
وبحسب إفادات فقد لاقى هذا القرار استحسانا بالغا لدى المواطنين.

الأكثر قراءة

المقالات

تحقيقات

dailog-img
كيف تحوّلت مؤسسات صنعاء إلى “فقَّاسة صراع” الأجنحة داخل جماعة الحوثي؟ (تحقيق حصري)

حوّل خلاف موالين لجناحين (متشددين) متعارضين داخل جماعة الحوثي المسلحة “جلسة مقيّل” خاصة- بالعاصمة اليمنية صنعاء خلال عيد الأضحى المبارك- إلى توتر كاد يوصل إلى “اقتتال” في “مجلس” مليء بالأسلحة والقنابل ا مشاهدة المزيد

حوارات

dailog-img
وزير الدفاع يتحدث عن الحرب العسكرية ضد ميليشيا الحوثي ويكشف سر سقوط جبهة نهم والجوف ومحاولة اغتياله في تعز ولقائه بطارق صالح وتخادم الحوثيين والقاعدة وداعش

كشف وزير الدفاع الفريق ركن محسن محمد الداعري، ملف سقوط جبهتي نهم والجوف، بقبضة ميليشيا الحوثي، للمرة الأولى منذ تعيينه في منصبه. وأشاد الداعري، في حوار مع صحيفة "عكاظ" بالدعم بالدور المحوري والرئيسي الذي لعبته السعودية مشاهدة المزيد