سرقات ونهب وبيع لعقارات الدولة وتزايد أعداد المتسولين

صنعاء..صندوق كبير للجبايات الحوثية

2016-10-31 11:47:58 تقرير/ خاص

تبدو الأوضاع في صنعاء مقلقة للغاية، رغم تصنيفها وزارة التخطيط بأنها لم تدخل مرحلة "المجاعة"، بل ما تزال في مرحلة الأزمة، وهي المرحلة الثالثة لانعدام الأمن الغذائي..

الرواتب والجوع بات حديث الشارع في العاصمة صنعاء، حيث لا حديث يعلو على حديث الحصول عن الرواتب ومقاومة الجوع..

خاصة بعد أن بدأت مظاهر هذه الأزمة أكثر وقعاً، وظهرت معها الكثير من الجرائم والقصص المأساوية والمروعة أيضاً التي يرويها ويتناقلها الناس.

بعد وصول الخزينة العامة إلى الإفلاس بدأت سلطات الانقلاب بصنعاء ببيع عقارات الدولة بالمزاد العلني وفرض جبايات وتبرعات..

محولة حياة سكان العاصمة إلى جحيم.. في حين تتزايد حالات الجوع وتنتشر ظاهرة التسول بصورة ملفتة في الشوارع والمساجد والأسواق.

جرائم وسرقات وسطو

قصص السرقة والنهب والسطو مظاهر تعكس الوضع الذي وصلت إليه العاصمة صنعاء الواقعة تحت سلطة الانقلابيين، وهذه الجرائم باتت تثير الرعب أوساط الناس..

وظهرت في العاصمة صنعاء التي كان يراها الكثير من سكانها بأنها الأكثر أمناً، وبدافع الانتصار على الجوع بدأت هذه الجرائم تطفو على السطح، وتزيد من تردي الوضع الأمني الهش.

ومنذ نقلت حكومة الرئيس عبد ربه منصور هادي، المعترف بها دولياً، البنك المركزي اليمني إلى عدن، حولت سلطات تحالف الانقلاب، العاصمة صنعاء إلى صندوق كبير لجباية الأموال من أجل تمويل الحرب الداخلية، محولة حياة المواطنين إلى جحيم.

وتشن سلطات الحوثيين حملة ترهيب واسعة وتهديد بالسجن للتجار والمواطنين وملاك العقارات في وسط العاصمة، وفقاً لما نشره موقع يمن مونتيور..

إضافة إلى ظهور عناوين جديدة إلى جانب المجهود الحربي والضرائب والزكاة ورسوم عقارات، كالبلديات وغيرها، ضمن حملة دشنها الحوثيون بدءاً من الأسبوع المنصرم..

مزادات علنية

في حين تزايدت حدة الهجمات الحوثية على أملاك المواطنين اليمنيين في المحافظات الخاضعة لسيطرتهم للحصول على أموال تمول الحرب التي يخوضونها ضد الحكومة اليمنية..

وتأتي هذه الممارسات غير القانونية، بعد نقل البنك المركزي من العاصمة صنعاء إلى عدن، الذي تسبب بإفلاس سلطة الانقلابيين.

ودفع الإفلاس المالي للحوثيين إلى إظهار عنوان جديد للحصول على الأموال تحت نافذة "بلديات". كما شرعت جماعة الحوثي ببيع أراضي وعقارات مملوكة للدولة في المناطق التي تسيطر عليها.

وكشفت وثيقة رسمية موجهة من القائم بأعمال رئيس الهيئة العامة لأراضي وعقارات الدولة المعين من قبل جماعة الحوثيين للقائم بأعمال رئيس الوزراء، عن إجراءات بدأتها السلطات الانقلابية في صنعاء لعرض أراضي وعقارات مملوكة للدولة للبيع بالمزاد العلني.

وتشير الوثيقة إلى أن رئيس الهيئة يطالب بالسماح له بعرض أراضي وعقارات الدولة في أمانة العاصمة ومختلف المحافظات للتخطيط كمدن سكنية وأراضي استثمارية وعرضها للبيع في المزاد العلني وتوريد ٧٠٪ من عائدات البيع للخزينة العامة و٣٠٪ لصالح تمويل أنشطة الهيئة.

ويأتي الإجراء كمحاولة من سلطات جماعة الحوثيين في صنعاء لتوفير موارد للسيولة المالية، بعد أن وصلت الخزينة إلى حالة إفلاس وعجز عن دفع مرتبات موظفي الدولة وبعد أن تم نقل البنك المركزي اليمني من صنعاء إلى العاصمة المؤقتة عدن.

انعكاسات تأخر الرواتب

مئات الآلاف من الموظفين ينتظرون حلا لمشكلة الراتب الذي يعد أساسا ومتطلبا معيشيا للكثير من الأسر، فيما اضطر البعض إلى الانصراف للعمل في مهام أخرى لم يعتد عليها أو يمارسها من قبل..

تأخير الرواتب تسبب بتعقيد الوضع المعيشي المعقد أصلا، في ظل ما يعيشه البلد من حرب وانعدام لأبسط الخدمات والحقوق من صحة وكهرباء وتعليم وأمن وغيرها..

في ظل تساؤلا كثيرة ومثيرة للقلق تسود الشارع ولا تفارق أذهان الموظفين، لعل أبرزها: من سيدفع لنا الراتب هذا الشهر؟ وآخرون يتعجبون بسخرية وعلامات الحيرة تطغى على ملامحهم: لدينا بنكان مركزيان، والموظفون بلا رواتب!.

تأخير صرف الرواتب لشهرين متواصلين انعكست تداعياته ليس فقط على قطاع الموظفين فقط، بل على مئات الأسر التي يعيلونها..

وتعتمد كثير من الأسر، بشكل كلي، على الراتب الذي يمنحها هامشا من صبر وقدرة على مواجهة متطلبات العيش ومحاولة لاستمرار الحياة في ظل تردي للأوضاع وصلت إلى حد مأساوي.

ويحذر مراقبون من أن قطع رواتب الموظفين الحكوميين، البالغ عددهم أكثر من 8 ملايين شخص، للشهر الثاني على التوالي سيدفع بأفواج أخرى من اليمنيين نحو المجاعة.

ومنذ شهرين، لم يتلق موظفو الدولة في اليمن رواتبهم؛ ما تسبب في أزمة اقتصادية خانقة في السوق، مع الاعتماد الكلي عليها كمصدر للرزق..

كما وجد غالبية موظفي الدولة أنفسهم عاجزين عن تسديد إيجارات مساكنهم والإيفاء بأبسط متطلبات الحياة، بسبب تأخر صرف رواتبهم.

ووفق تصريحات سابقة لمحافظ البنك المركزي السابق، محمد بن همام، فإن الدولة كانت تدفع 75 مليار ريال (300 مليون دولار) شهريًا كمرتبات، من بينها 25 مليار ريال (نحو 100 مليون دولار)، لمنتسبي الجيش والأمن فقط.

ويطالب خبراء اقتصاد بضرورة إيجاد بدائل اقتصادية تديرها الحكومة اليمنية، لصرف مرتبات موظفي الدولة ومساعدة النازحين وإيوائهم.

عصابات تنهب المنازل

قال سكان محليين في العاصمة صنعاء إن ظاهرة دخيلة تفاجئوا بها منذ ما يقارب أسبوعين، تقتحم حياتهم بقوة وتحت صفة موظفين رسميين.

والظاهرة كما ذكروا تمثلت في قيام أشخاص بلباس يوحي إنهم موظفين تابعيين للمؤسسة العامة للكهرباء أو المياه أو التلفون الأرضي، ويطلبون الأذن بدخول المنازل لمعاينة وجود خلل ما استعداد لاعادة الخدمة واخذ الحيطة والحذر.

وأضاف السكان المحليين بأن هؤلاء الأشخاص يبدءون بالنزول من الساعة ال3 أو ال 4 عصرا، ويستهدفون المنازل التي توحي بأن فيها مقتنيات ثمينة، ويدعون إنهم قدموا لتثبيت قبعات الاستحمام لتوفير المياه، أو أنهم من المؤسسة العامة للكهرباء وجاءوا لتغيير المصابيح الكهربائية الموفرة للطاقة مجانا كجزء من برنامج حكومي لتوفير الطاقة.

وما أن يدخلون المنزل يتوزعون وكأنهم يؤدون عمل ما، إلى أن يحصروا ويعرفوا كم في المنزل من المتواجدين، ثم يبدءون بتوجبه أوامر لسكان المنزل، يلي ذلك إغلاق الأبواب وإشهار بعض السلاح في وجه سكان المنزل وقيام الآخرين بدخول الغرف ونهب المحتويات الثمينة، وقبل مغادرتهم يقيدون ويكممون أفواه سكان المنزل ويغادرون طبيعيا دون أن يشعر أحد من الجيران بما حدث.

وختم السكان المحليين بالقول إن هذا صار يمثل لهم كابوسا أخرا غير ما يعانوه.

مصادر وأموال طائفية

لا تزال مصادر تمويل جماعة الحوثيين الانقلابية في اليمن تتدفق لتعطيها قوة دفع على الأرض، لتتنوع هذه المصادر بين فرض الجبايات والسيطرة على السوق السوداء التي انتشرت في ربوع البلاد، بجانب الأموال الطائفية من خلال داعميها محليا ومن إيران خارجياً.

وقررت السلطة الشرعية أخيراً نقل البنك المركزي من العاصمة صنعاء إلى العاصمة المؤقتة، عدن (جنوب البلاد)، في مسعى لتجفيف منابع تمويل الانقلابيين. ويقول خبراء في الاقتصاد إن القرار سيفقد الحوثيين مورداً مهماً، لكن لن يؤدي إلى تجفيف مصادرهم المالية المتنوعة.

وقال منصر القعيطي، المحافظ الجديد للبنك المركزي ، في تصريحات صحافية مؤخراً، إن وجود المصرف المركزي بصنعاء مكن الحوثيين من التصرف بالموارد العامة للدولة، وحرمان عدد كبير من موظفي الدولة من تسلم مرتباتهم، موضحا أن السحوبات النقدية غير القانونية من قبل الحوثيين من خزائن المصرف في صنعاء والحديدة بلغت نحو 450 مليار ريال (1.8 مليار دولار) خلال الـ 18 شهراً الماضية.

حملات تمويل الحروب

تعمل جماعة الحوثيين على تمويل حروبها من خلال الجبايات والإتاوات وابتزاز التجار، من خلال طلب تبرعات مباشرة للمجهود الحربي باعتباره "واجباً وطنياً" أو من خلال عرقلة أعمالهم كما يحدث لتجار الوقود من خارج الجماعة، حيث يتم احتجاز سفنهم، ولا يتم الإفراج عنها إلا بمقابل مادي كبير يصل إلى ملايين الريالات، وفق تجار ومستثمرين.

ويكثف الحوثيون حملاتهم على تجار العاصمة اليمنية صنعاء، عقب نقل البنك المركزي ، حيث يتم مطالبتهم بدعم البنك وأيضا بدعم ما يسمى "المجهود الحربي".

ولمواجهة تداعيات قرار نقل البنك على نشاطهم، دعا زعيم جماعة الحوثيين عبدالملك الحوثي في 20 سبتمبر/أيلول، إلى تنفيذ حملة تبرعات "مالية شعبية" لدعم البنك، بحسب قناة "المسيرة" التابعة للجماعة.

ويرى عبدالملك الحوثي أنه بالإمكان التغلب على القرار ضد البنك المركزي بالتحرك الجماعي، داعياً اليمنيين إلى حملة تضامن مع البنك المركزي والتعاون معه بالتبرع للبنك بمبالغ تتراوح بين خمسين ومائة ريال ( بين 0.2 و0.4 دولار)، حيث تم الإعلان نهاية ذلك الشهر عن فتح ثلاثة حسابات شخصية لاستقبال التبرعات عبر مكاتب البريد.

ومثّل البنك المركزي اليمني، محور معركة السيطرة بين الحكومة والحوثيين، وعملت الحكومة المعترف بها دولياً على نقل البنك إلى العاصمة المؤقتة عدن، والبدء في تحصيل إيرادات الموانئ والمنافذ والمطارات الخاضعة لسيطرتها وتمويل برامجها.

الأكثر قراءة

المقالات

تحقيقات

dailog-img
كيف تحوّلت مؤسسات صنعاء إلى “فقَّاسة صراع” الأجنحة داخل جماعة الحوثي؟ (تحقيق حصري)

حوّل خلاف موالين لجناحين (متشددين) متعارضين داخل جماعة الحوثي المسلحة “جلسة مقيّل” خاصة- بالعاصمة اليمنية صنعاء خلال عيد الأضحى المبارك- إلى توتر كاد يوصل إلى “اقتتال” في “مجلس” مليء بالأسلحة والقنابل ا مشاهدة المزيد

حوارات

dailog-img
وزير الدفاع يتحدث عن الحرب العسكرية ضد ميليشيا الحوثي ويكشف سر سقوط جبهة نهم والجوف ومحاولة اغتياله في تعز ولقائه بطارق صالح وتخادم الحوثيين والقاعدة وداعش

كشف وزير الدفاع الفريق ركن محسن محمد الداعري، ملف سقوط جبهتي نهم والجوف، بقبضة ميليشيا الحوثي، للمرة الأولى منذ تعيينه في منصبه. وأشاد الداعري، في حوار مع صحيفة "عكاظ" بالدعم بالدور المحوري والرئيسي الذي لعبته السعودية مشاهدة المزيد