شهدت محافظة حجة منذ بداية الانقلاب المشؤوم جملة من الانتهاكات طالت المواطنين والمؤسسات العامة والخاصة نتيجة سياسات المتمردين الهمجية وممارساتهم الإرهابية، تنوعت ما بين قتل واختطاف ونهب وتشريد، أغرقت المحافظة في وحل الجوع والمرض ودمّرت مقومات الحياة فيها .

ائتلاف المنظمات الحقوقية بالمحافظة- وفي تقرير له حصلت "أخبار اليوم" على نسخة منه- كشف عن ارتكاب الميليشيات الانقلابية (18 ألفاً و667 انتهاكاً) بحق الأهالي خلال العام الجاري 2016م، بصورة وحشية كشفت عن وجههم الإرهابي الحقيقي .

قتل واختطاف وتعذيب

وبين التقرير بأن ضحايا القتل بلغت 13 حالة نتيجة التعذيب وزراعة العبوات الناسفة بين التجمعات السكانية، فيما سجل الائتلاف 618 حالة اختطاف وإخفاء قسري غالبيتهم من الناشطين السياسيين والحقوقيين والتربويين والأكاديميين والعمال، بالإضافة إلى عشرات الحالات من الأطفال والنساء .

وأوضح التقرير بأن 432 مختطفاً تعرضوا للتعذيب في سجون المتمردين، أودت بحياة أحدهم وشلل آخر، نتيجة استخدام أساليب وحشية في التعذيب وصل حد صب مادة الأسيت على أجسام بعضهم.. فيما أكد تعرض كافة المختطفين للتعذيب النفسي ..

تهجير.. ونزوح جماعي/

وفي هذا الشأن سجل التقرير (9150 حالة انتهاك) توزعت ما بين النزوح والتهجير القسري والتشريد والملاحقة، تضرر منها ما يقرب من نصف مليون نسمة من سكان المحافظة يقاسون الجوع والمرض والتشرد ..

مداهمات.. وزرع الطائفية/

لم تسلم من همجية الميليشيات القرى والمحلات والممتلكات الخاصة قبل العامة، حيث سجل الائتلاف 87 حالة مداهمة للقرى والمنازل والمحلات التجارية ونهبها روعت خلالها الساكنين خاصة الأطفال والنساء.

وفي إطار توجهاتهم لزرع الطائفية وتقويض النسيج الاجتماعي عمدت الميليشيات إلى تغيير خطباء عشرات المساجد واقتحام دور للقرآن الكريم، واستغلال المنابر في التحريض وزرع الطائفية المقيتة بين المواطنين، وفي هذا الشأن سجل 104 انتهاكا طالت بيوت الله ومحاضن تحفيظ القرآن الكريم .

الأطفال.. حرمان التعليم ووقود حرب/

وفي جريمة بالغة الخطورة تهدد الحاضر والمستقبل، أشار الائتلاف بأن المتمردين عمدوا إلى تجنيد 3161 طفلاً، والزج بهم في حروبهم العبثية معظمهم عادوا إلى أسرهم جثثاً هامدة، بالمقابل فقد حرم هؤلاء الأطفال من حقهم في التعليم، إلى جانب تسبب الميليشيات في حرمان آلاف الأطفال بين النازحين من التعليم نتيجة تحويل مديرياتهم لساحة حرب ..

وتضمن التقرير قيام المليشيات بارتكاب 3619 انتهاكا أخرى تنوعت بين استحداث نقاط تفتيش، واستحداث معسكرات لتدريب المليشيات، وتنفيذ حملات عسكرية و زراعة ألغام .

نهب.. ومصادرة عامة وخاصة/

ولتموين جبهات القتالية وميليشياتهم عمد المتمردون إلى استنزاف خزينة الدولة العامة، لتنتقل إلى نهب المواطنين، فقد سجل التقرير ألفاً و169 حالة انتهاك بهذا الشأن توزعت بين مصادرة الحقوق ونهب مرتبات موظفين مدنيين وعسكريين تحت ما يسمى بدعم المجهود الحربي .

ويضيف الائتلاف بأن الميليشيات صادرت المساعدات الإغاثة المقدمة من المنظمات الدولية إلى جانب نهب مرتبات الأيتام في المحافظة، بعد أن أوقفت صرف مستحقات الضمان الاجتماعي لأكثر من 140 ألف حالة، يعانون أوضاعاً إنسانية غاية في الصعوبة .

تعسف إداري ../

وتطرق التقرير إلى تعرض المئات من موظفي الدولة لتعسفات إدارية وإقصاء من مناصبهم وتغييرهم بكوادر من عناصرهم، وقد بلغت الحالات المرصودة بهذا الخصوص203 حالة، بما فيها التدخل في صلاحيات إدارة مؤسسات الدولة العسكرية والأمنية والتصرف فيها لصالح الجماعة .

وكشف التقرير عن تدخلات المتمردين في صلاحيات المؤسسة القضائية وتسخيرها لمصلحة مليشياتهم، ما أفقد القضاء هيبته .

فيما بلغت حالات التهديد والتعسف 111 حالة انتهاك شملت ناشطين وسياسيين، والتهديد بالفصل من الوظيفة العامة شملت عسكريين وقضاة وأكاديميين وقيادات مدنية ..

استغاثة إنسانية

وكانت أطلقت لجنة الإغاثة بمحافظة حجة حملة إعلامية تحت شعار "حجة تستغيث"، للتعريف بمأساة المحافظة التي تعيش أكبر موجة نزوح منذ بدء حرب ميليشيات الحوثي والسيطرة على مؤسسات الدولة.

ولم تكن موجة النزوح بالمحافظة وليدة الحرب الأخيرة، وإنما بدأت منذ قدوم هذه العصابات إلى بعض مديرياتها مع نهاية الحرب السادسة حين دخلت قبائل حجور في حرب معهم مطلع 2010م، لتتوالى عمليات النزوح الجماعي، حتى وصل عدد النازحين فيها إلى نصف مليون نسمة، وسط تغييب لدور المنظمات الإنسانية بسبب سياسات المتمردين الهمجية، زادت من معاناتهم بشكل غير مسبوق.

 الحملة التي أطلقتها لجنة الإغاثة تهدف إلى " إبراز معاناة النازحين للرأي العام المحلي والعالمي من حيث أعداد النازحين والوضع المتردي والمأساوي الذي يعيشونه".

 وبحسب بيان اللجنة "فإن الحملة ستعمل على كشف حقيقة المليشيا الانقلابية التي تسببت في معاناة النازحين وعرقلة وصول المساعدات الإنسانية وافتعال العوائق أمام المنظمات والمؤسسات الفاعلة في مجال الإغاثة".

 الصحة خارج نطاق التغطية

وبين هذه المآسي عمدت الميليشيات إلى تعطيل المرافق الصحية في مختلف المديريات، وسط انتشار للأوبئة والأمراض بين ما يقرب من مليوني مواطن هم سكان المحافظة، وفي مقدمة هذه الأوبئة المنتشرة الكوليرا وحمى الضنك وسوء التغذية.

 وبحسب إحصائيات عدد من الجهات الصحية فإن حمى الضنك قد تسببت في وفاة أكثر من 30 حالة بالإضافة إلى إصابة 1369 شخصاً آخرين، فيما توفي ثلاثة أشخاص بالكوليرا وأصيب 362 آخرين، وسط انتشار لأمراض الملاريا والأمراض الجلدية والحميات".

 ويقدر نسبة من يحصلون على مياه نقية 17% من سكان المحافظة فقط والبقية يستخدمون مياه ملوثة بما فيهم النازحين ..

 سوء التغذية يلاحق150 ألف طفل

 وتذكر إحصائيات منظمات دولية بأن سوء التغذية انتشر بين الأطفال الذين بلغ عددهم 150 ألف طفل، مات العشرات منهم بسببها خاصة بين النازحين، كل للأسف الشديد يجري وسط مضايقات تتعرض لها المنظمات الإنسانية الدولية والمحلية من قبل سلطات الأمر الواقع بالمحافظة، التي يمكن أن تساهم في معالجة هذه الظاهرة وإنقاذ الطفولة.

 وفي مشهد يعكس الوحشية التي وصلت إليها الميليشيات عمدت قيادتهم في المحافظة منتصف الشهر الجاري لإيقاف نشاط العيادات المتنقلة الممولة من منظمة دولية، والتي تعمل على معالجة سوء التغذية بين الأطفال دون سن الخامسة وكذا رعاية الأمومة، لتغلق آخر أبواب الأمل لدى أطفال المحافظة في مدهم بالدعم الصحي، الأمر الذي يضاعف من معاناتهم ويزيد من إعداد المتضررين بسوء التغذية مع الأيام القادمة بصورة كارثية.