فيما الأهالي يبحثون عن هوية لحيهم ..الزنوج في تعز .. حياة بدائية بمشاريع تعاونية

2009-06-28 08:10:19


استطلاع / رياض الأديب

" لكل من اسمه نصيب " مثل يضرب به في كثير في المواقف التي تتشابه فيها الأفعال مع الصفات ولكن حينما يجد المثل ذاته على بعد عدة أمتار من عاصمة اليمني الثقافية فتيقن جيدا أنك في حارة الزنوج وإن أطلق عليها مؤخرا ( الخلل ) نسبة إلى اسم المدرسة التي فيها .. حارة الزنوج الدولة غائبة عنها - وحسب الأهالي - فإنهم يعيشون حياة ما قبل الثورة - فالطرق إلى منازلهم وعرة والمياه منعدمة والصحة لا توجد والمدرسة سكن تبرع به فاعل خير والكهرباء التي أوصلت بتعاون الأهالي بدفع مواد إيصالها ضعيفة والتلفون أدخل بشق الأنفس وعلى حساب الأهالي أيضا وفي الأخير امرأة بلغت من العمر عتيا تناشد الرئيس وهي تذكره بمواقف من الصحابي عمر ...

يقول الأستاذ عبدالسلام فرحان الحميري مستشار وزارة التربية والتعليم أن منطقتهم تفتقر إلى أبسط مقومات الدولة الحديثة من المياه والكهرباء والطرق والمجاري والصحة والتعليم ..

يضيف الحميري أن أكثر ما يؤرق أهالي المنطقة هي الطريق الصعبة والوعرة التي يصعب على الجميع تسلقها إلا بشق الأنفس فالمريض يحمل على الحامل بتعاون أهالي الحي حتى يصل إلى نهاية الطريق , أما المياه فالحصول عليها صعب إذ يشترط صاحب سيارة مقابل نقله مبالغ باهظة للنقلة نظير للطريق التي يسلكها ..

يوضح المستشار أن الطريق التي شقت منذ أعوام عديدة بتعاون المواطنين صعب على الجميع استخدامها ومع ذلك لم تحظ باهتمام الدولة رغم متابعتهم المستمرة لمكتب البلدية بالمحافظة .. يستطرد أن متابعتهم بمعية عاقل الحارة أثمرت بالحصول على توجيهات من قبل المحافظ والأمين العام إلا أنها لم تؤت أكلها بالرغم من خروج آلة شق الطرقات ( المجنزرة ) للمنطقة وعملها لمدة ساعات في حدود يومين وجاء أمر البلدية بنقلها إلى مدينة الصالح للعمل في شق طريق وعودتها وبالرغم مضى قرابة نصف شهر إلى اليوم لم تعد رغم كل الجهود التي يبذلها الأهالي في متابعتها ودوامهم الذي أصبح شبه يومي إلى منطقة الحوبان حيث توجد لكن دون جدوى ..

يردف الحميري أن المجنزرة التي كانت بدأت بعمل الشق - وعلى ضوء شقها تخريب بقية الطريق - تكفل الأهالي بكل تكاليفها مع طاقمها بحدود عشرين ألف ريال يوميا من ( ديزل , سائق , مشرف , مهندس ..)

يقول المستشار أن هناك ترصد مقصود من قبل مدير مكتب الإشغال العامة بالمحافظة بعدم نجاح أي مشروع بالمنطقة موضحا أن الأمر وصل في بعض الأحيان إلى شتمهم مع عاقل الحارة من قبل مدير البلدية و أولاده في زيارتهم له ذات مرة إلى منزله لمتابعة مشروعهم ..

يعتبر الرجل أن مشاريع المحافظة أصبحت إقطاعية بأيدي متنفذين يوجهونها كيفما يشاؤون وللجهات التي يرغبون بخدمتها دون التطرق إلى المصالح العامة ومصالح المحافظة مستدلا بذلك على المجنزرة التي تم سحبها في بداية عملها وكأنها الوحيدة في محافظة تعز واليمن بشكل عام ..

ينوه عبدالسلام أن المصالح المتواضعة التي توجد في حيهم كانت بجهود ذاتية فالتلفون تمت متابعته من قبل الأهالي حتى وصل إليهم بعد جهد جهيد أما الكهرباء فقد تم شراء أعمدتها من قبل المواطنين قبل سنوات حينما كان عدد المنازل قليلة أما الآن وقد اتسعت الحارة لتضم قرابة 200 منزل بذات المحول الذي أعطى للحارة قبل أعوام ما جعل خدمة التيار الكهربائي ضعيفة جدا في المنازل الأمر الذي تسبب في إتلاف الكثير من الأدوات الكهربائية ..

أما المدرسة فكادت تنعدم في المنقطة لولا تبرع أحد أبنائها بالمبنى للتدريس بشكل مؤقت بغية أن تبنى الحكومة المدرسة وهو ما لم يتم حتى الآن أما إدارتها فتعامل كما المدارس الحكومية من حيث موافاته بالمنهج المدرسي و رواتب الموظفين ..

مشروع المياه هو الآخر لم يصل إلى المنطقة فالأهالي يعانون من وعورة الطريق التي تقف حجر عثرة أمام سيارات المياه - كما أسلفنا في بداية الحديث - ليبقى أمامهم الحمير خير وسيلة لاقتنائها من الآبار البعيدة أو العمل بجهد لتوفير قيمته من سيارات النقل إذ تبلغ سعر الزفة لأكثر من 5000 ريال .

يواصل المستشار التعليمي بنوع من الأسى أن حارتهم والتي كانوا يأملون فيها خيرا كثيراً لقربها الشديد من قلب المحافظة ولا يفصلها سوى حارة وادي القاضي وشارع الإسفلت تعيش وكأنها في العصور القديمة مشيرا بذات الوقت إلى ( شخطة الوجه ) التي تندرج تحت مسمى الأحكام العرفية حينما وعده بذلك سائق المجنزرة بالعودة بعد يومين من خروجه وكأن المجنزرة والعمل فيها تعود إلى ملك شخص بعينه دون الالتزام بقانون ومعايير العمل في الدولة الذي يتم وفق دراسات جدوى وخطط مسبقة توحي بحداثة الدولة ..

المواطن أحمد علي يشارك الحميري في كل ما جاء به معتبرا أن مكمن المشاكل التي تغلب على حيهم سببها مدير عام مكتب البلدية بالمحافظة الذي أصبح لا يطيق مجرد سماع اسم وادي القاضي لأسباب لا يعلمها إلا الله والراسخون في مكاتب المحافظة والبلدية ..

الرجل يذهب لأبعد من ذلك فيما يكتنف منطقتهم الجديدة التي استحدثت منذ بضع سنين وهي تبحث عن هويتها وأي المديريات تتبع فتارة يرجعونها إلى مديرية المظفر وأخرى إلى القاهرة وأحيانا لمديرية التعزية الأمر الذي جعلهم يعيشون في متاهات أي معاملة للحارة دون أن يبت الأمر من قبل الجهات المختصة في المحافظة بالاعتراف بتبعيتها لأي من المديريات ..

المواطن محمد البيطار ينتقد بشدة المعاملة التي تحدث لهم من قبل المحافظة بالتعامل معهم وكأنهم من خارج المنطقة برغم من قربهم من المدينة والشارع المسفلت الذي لا يقطعهم عنه سوى مسافة 5 دقائق .

يضيف البيطار أن منطقتهم التي أثارت تساءل بعض المسئولين عن كيفية قدرتهم على العيش فيها أثناء زيارتهم لها تعيش وكأنها في فترة التعاونيات من القرن المنصرم كون أعضاء المجالس المحلية لا يعرفون عنهم سوى اسمائهم فقط ..

يوضح البيطار أن اسم قريتهم "الزنوج" فوجئا به أهالي المنطقة عند إظهار عقود شراء الأرض إذ كانوا يضنونها وادي القاضي لقربها منه معتبرا أن لكل شيء من أسمه نصيب غير أنه يستطرد أن الزنوج أصبحون الآن يحكموا العالم في أشارة منه إلى الرئيس الأمريكي أوباما بينما منطقتهم ما تزال خارج اليمن , مازحاً لكل شيء من أسمه نصيب والتسمية هنا كانت وبالاً علينا كوننا لم نعرفها من قبل , ينوه محمد البيطار أن أكثر ما يهدد الأطفال والسكان في المنطقة هذه الأيام - أيام الصيف - هي المجاري المكشوفة وانتشار البعوض فيها الأمر الذي ينعكس سلبيا على قاطني الحي بانتشار الأوبئة والأمراض الفتاكة مطالبا بذات الوقت كافة جهات الاختصاص بسرعة التحرك من أجل المنطقة بضفاف محافظة تعز بأبسط الخدمات المحرومين منها ..

عاقل الحارة ذكر عبده عبادي يؤكد من جانبه أن حارته تفتقر إلى أبسط الخدمات في كافة المجالات فجميع الأهالي يعانون من عدم وصول الدولة إليهم ما جعل المنطقة تعيش في حالة غياب تام عن مقومات الدولة الحديثة ..

عاقل الحارة يسرد " لأخبار اليوم " الكثير من المعاناة التي اكتنفته منذ معامله في مكتب البلدية بتعز حتى اليوم متمنيا في ختام حديثه بسرعة إنجاز طريق حارتهم وذلك لما للأمر من أهمية في حل كثير من المشاكل التي تواجه أبناء المنطقة ..

الشباب كان لهم رأي أيضا في الحارة ومن ذلك يتحدث الشاب إبراهيم عبدالله ليسانس آداب لغة فرنسية من جامعة تعز ويعمل في بيع القات ( مقوت ) منذ تخرجه قبل 3 سنوات يقول نتمنى على قيادات المحافظة النظر بعين الرحمة للحارة الخلل ( الزنوج ) وذلك بتوفير الخدمات التي يحتاجها المواطن بما في ذلك الطريق التي تشكل أكبر مشكلة في المنطقة وخاصة في إسعاف المرضى من الأهالي الذين لا يعلم بحالتهم إلا الله تعالى ..

قبل نهاية حلقتنا الاستطلاعية هذه تطل علينا امرأة تبلغ من العمر عتيا أثر الزهد على محياها وهي تقول قولوا للرئيس الجمهورية ينظر لمثل حالتنا ولا يكن للكبار فقط الذين يجاملونه بأن الدنيا بخير دون أن يعلموا ما يحدث لنا نحن المساكين ..

"الحجة" لول أحمد يحيى تعيش في بحر من الذكريات الأليمة والمواقف الصعبة فزوجها أستشهد أيام حرب الجبهات أما ولديها المجندين فالأول ضابط يجري عملية في صنعاء بتكلفة 50 ألف ريال سلفة من فاعلي الخير رغم أنه ضابط ومرابط في حرب صعده إلا إن معاشة 30 ألف ريال حد قولها والآخر أصيب بحالة نفسية جراء الحرب في صعده وذلك من رؤيته للقتلى والجثث المنتشرة في كل مكان والتي بعضها أكلها الكلاب حسب ماقالت ..

تضيف لول أن مجاملين الرئيس كانوا لا يطفئون الكهرباء أثناء تواجده وعند رحيله يطفئونها وعملوا كل شيء مذكرة إياه بموقف المرأة التي سألها عمر وهي لا تعرفه بقوله : ماذا تقولين عن عمر , قالت : لنا الله من عمر فقال لها ما ذنب عمر قالت : كيف يتولى أمرنا ولا يسأل عنا ,, كلمات مختصرة وجهتها زوجة الشهيد وأم المجاهدين إلى رئيس الجمهورية فهل سيكون لصوتها إذن صاغية ..؟

 

المقالات

تحقيقات

dailog-img
كيف تحوّلت مؤسسات صنعاء إلى “فقَّاسة صراع” الأجنحة داخل جماعة الحوثي؟ (تحقيق حصري)

حوّل خلاف موالين لجناحين (متشددين) متعارضين داخل جماعة الحوثي المسلحة “جلسة مقيّل” خاصة- بالعاصمة اليمنية صنعاء خلال عيد الأضحى المبارك- إلى توتر كاد يوصل إلى “اقتتال” في “مجلس” مليء بالأسلحة والقنابل ا مشاهدة المزيد

حوارات

dailog-img
وزير الدفاع يتحدث عن الحرب العسكرية ضد ميليشيا الحوثي ويكشف سر سقوط جبهة نهم والجوف ومحاولة اغتياله في تعز ولقائه بطارق صالح وتخادم الحوثيين والقاعدة وداعش

كشف وزير الدفاع الفريق ركن محسن محمد الداعري، ملف سقوط جبهتي نهم والجوف، بقبضة ميليشيا الحوثي، للمرة الأولى منذ تعيينه في منصبه. وأشاد الداعري، في حوار مع صحيفة "عكاظ" بالدعم بالدور المحوري والرئيسي الذي لعبته السعودية مشاهدة المزيد