نصف عام على سقوط أول شهيد في الثورة اليمنية

2011-08-24 00:45:09 تقرير - خاص

الشهيد محمد علي شاعن العلواني

انقضى نصف عام تقريباً من عمر الثورة الشبابية اليمنية التي اندلعت يوم إسقاط نظام الرئيس المصري السابق حسني مبارك في 11 فبراير الماضي.
في مدينة عدن كان الوضع مختلف وهي التي تعودت على المظاهرات الاحتجاجية منذ أكثر من أربعة أعوام مع اندلاع الثورة السلمية الجنوبية، فشهدت عدداً من المظاهرات التي كانت اعتيادية في 11 فبراير أسوة بباقي المحافظات اليمنية، إلا أن التحول المفصلي في احتجاجات المدينة كان يوم الأربعاء السادس عشر من فبراير.

صبيحة الأربعاء الموافق 16 فبراير 2011 اجتمع المئات من أبناء المديرية في المنطقة التي كانت تعرف سابقاً بساحة الرويشان وأطلق عليها شباب الثورة فيما بعد «ساحة الشهداء».. احتل المتظاهرون موقع فرزة المنصورة لسيارات الأجرة ورددوا شعارات مناوئة للنظام وداعية إلى التغيير منها: «لا حزبية ولا أحزاب ثورتنا ثورة شباب», كما رددت عبر مكبرات الصوت أبيات الشاعر التونسي أبو القاسم الشابي: «إذا الشعب يوماً أراد الحياة فلا بد أن يستجيب القدر»، في حين علقت يافطات تدعو الرئيس /علي عبدالله صالح إلى الرحيل عن سدة الحكم.

مع ظهيرة ذلك اليوم والشباب المعتصمون يتناولون طعام الغذاء هاجمت قوات الأمن المركزي المتظاهرين باستخدام الرصاص الحي على مستوى منخفض، كما تم إلقاء القنابل المسيلة للدموع بكثافة واعتقال عدد من المتظاهرين.. ويومها كانت عدن تقدم أول شهيد على مستوى الجمهورية في ثورة الشباب لإسقاط النظام, وهو الشهيد «محمد علي شاعن العلواني - 16 عاماً» الذي توفي متأثراً بجراحه لدى إصابته برصاص اخترق ظهره.
كان يوماً دامياً في منصورة عدن سقط خمسة جرحى وفي مساء اليوم نفسه توفي جريح آخر متأثرا بإصاباته وهو الشهيد "ياسين علي أحمد".
أطلقت قوات الأمن الرصاص الحي بكثافة على آلاف المتظاهرين الذين قدموا بصورة جماعية منظمة من مديريات الشيخ عثمان ودار سعد لتطويق مقر شرطة المنصورة بمدينة عدن, جنوب اليمن, ما أدى إلى تراجع الشبان إلى حارات مديرية المنصورة وطافوا الشوارع مرددين هتافات تدعو إلى رحيل النظام.
وحاصر مئات من المواطنين مبنى شرطة المنصورة عصر ذاك اليوم وتم تفريقهم بالقوة بعد المغرب بالرصاص الحي والقنابل المسيلة للدموع في حين ظل أزيز الرصاص يدوي في حارات مديرية المنصورة حتى المساء.
لم تثن الأحداث الدامية التي جرت في 16 فبراير ثوار المنصورة عن الاستمرار في مسيرتهم، ففي اليوم التالي قتل شخصان وجرح 10 آخرين في تفريق قوات الأمن المركزي لتجمع ضمّ الآلاف في فرزة الرويشان بمديرية المنصورة محافظة عدن كانوا يرددون هتافات عبر مكبرات الصوت تطالب بإسقاط النظام ومحاسبة المسؤولين الأمنيين على سقوط ضحايا قتلى وجرحى في مظاهرة الأمس.
وانسحب الأمن من المنصورة ليسلم المدينة للمحتجين مخلفاً وراءه فراغاً أمنياً كان مخططاً لتعميمه في كافة مديريات المحافظة.

«شاعن».. شهيد الثورة الأول
قدمت عدن أول شهيد في ثورتها الشبابية لإسقاط النظام.. كان طالباً في المرحلة الثانوية ومن أوائل الذين خرجوا في المسيرة الاحتجاجية المطالبة بإسقاط النظام، وقد أعطى استشهاده دافعاً للشباب وزخماً للثورة للاستمرار في مسيرتها.
كان «محمد علي شاعن» يتناول مع الشباب طعام الغذاء في الساحة قبل أن تفرقهم قوات الأمن المركزي وأشار تقرير الطبيب الشرعي إلى أن «شاعن» أصيب بثلاث طلقات نارية من مسافات مختلفة اخترقت جميعها جسده من الأمام ونفذت من الخلف.
قال والده علي عبده شاعن للصحفيين - بعد استشهاد نجله محمد - إن مجموعة من قبل السلطة حضرت إليه للمساومة، وعرضوا عليه عشرة ملايين ريال وراتباً شهرياً مقابل التنازل عن القضية أمام المحكمة، غير أنه رفض هذا العرض.. مؤكداً أن أسر الشهداء لن تساوم في دماء أبنائها، ومطلبها واحد هو الحرية والعدالة وإسقاط النظام، وعندما يتحقق هذا المطلب ستكتمل الفرحة وحينها فقط ستكون أمنية الشعب اليمنى بالحرية التي مات في سبيلها محمد وآخرون قد تحققت.
ووري جثمان الشهيد «محمد علي شاعن» الثرى في الـ4 من مارس.

عدن.. أكثر من ثورة
منذ انطلاقة ثورة الشباب في عدن التي احتضنتها ساحة المنصورة ومن ثم تم افتتاح ساحات أخرى للنضال في كل من المعلا وكريتر والشيخ عثمان, إلا أن جميع تلك الساحات أغلقت باستثناء ساحتي المنصورة وكريتر.
ولم تكن شعارات الانفصال أو هتافات الحراك الجنوبي ترفع في أي ساحة من ساحات النضال إلا أن علم الوحدة كان يثير حساسية لدى البعض من أنصار الحراك عند رفعه في ساحة الشهداء بالمنصورة الأمر الذي أدى إلى اتفاق بين الشباب المعتصمين واللجنة المنظمة على حل وسط بإنزال الاأعلام » معا على أن ترفع الأعلام السوداء فقط.
ولأول مرة منذ بدء الاحتجاجات نظمت الحركة عصر الثالث عشر من يونيو مسيرة احتجاجية حاشدة رفع فيها المشاركون أعلام الجنوب ولافتات تطالب بمنح أهالي الجنوب حق تقرير المصير كحل عادل لقضية الجنوب, بحسب ما كتب على عدد من اللافتات.
وفي ساحة الشهداء بالمنصورة تجد العشرات من أنصار الحراك الجنوبي يقيمون فعالياتهم بعد ان استبدلوا شعارات «إسقاط النظام» بـ «تحرير الجنوب» ,في حين انسحب من كان معهم في هدف إسقاط النظام ولم يوافقهم في مطلب الانفصال.
حال ساحة كريتر ليس أفضل من حال أختها المنصورة بعد توقف فعالياتها منذ مدة، في حين بقي شباب الثورة محافظين على مسيرات أسبوعية كل جمعة ووقفات احتجاجية ينفذونها باستمرار علها تحدث أثرا لم تحدثه الساحة طوال ستة أشهر.

الضربة القاسية
كانت أقسى ضربة تلقتها ساحة الشهداء بالمنصورة في الثلاثين من أبريل الماضي بعد أن اقتحمتها مدرعات المنطقة العسكرية الجنوبية بحثًاً عن مسلحين, ينفي شباب الثورة علاقتهم بهم, أصابوا دورية عسكرية كانت تتواجد قرب شرطة المنصورة ما أدى إلى مقتل العقيد/ أحمد حسين محمد الضبيات وإصابة ثلاثة جنود آخرين
الحملة العسكرية التي استهدفت مخيم ساحة الشهداء بالمنصورة مدججة بعشرات الدبابات والمصفحات والمدرعات وصلت إلى مخيم ساحة الشهداء وباشرت بإطلاق النار بشكل عشوائي وكثيف على المتواجدين فيه, ما أدى إلى سقوط قتلى وجرحى كما باشر جنود الجيش بإحراق خيام المعتصمين والتمركز فوق البنايات المطلة على الساحة حتى غدت ساحة الاعتصام أشبه بالمعسكر.
وكان لتلك الضربة العسكرية أثر كبير في تدمير ساحة الشهداء حتى كادت تلفظ أنفاسها الأخيرة لولا جهود الشباب ومساعيهم لإعادتها إلى سابق عهدها.. كما كان عاملاً سلبياً في تراجع نجاح تجربة العصيان المدني الذي كان قد شهد نجاحاً منقطع النظير في عدن عن سائر المحافظات الأخرى بعد نجاح تنفيذه أسبوعيًا كل سبت وأربعاء.

فلاشات
• لا يزال شارعا المنصورة والمعلا مغلقين منذ أكثر من ستة أشهر رغم أن هذا الإجراء لم يضر السلطات بشيء وساهم في زيادة معاناة المواطنين بشكل أكبر.
• العصيان المدني كل سبت وأربعاء كان ناجحاً بامتياز ,إلا أن ما ساهم في توقفه شكاوي عدد من الأهالي من بعض المظاهر التي تصاحبه, وفي مقدمتها منع حركة المواصلات والسيارات الخاصة وإشعال الإطارات.
• قام عدد من الشباب العاطلين عن العمل بالبسط على مساحات واسعة في الشوارع والأحياء العامة والجبال وبناء مساكن لهم، مستغلين حالة الفوضى والانفلات الأمني الذي تشهده محافظة عدن في الوقت الحالي , في حين أتم بعض الشباب بناء مساكن لهم في الأراضي التي بسطوا عليها.
وكان أبناء محافظة عدن رفعوا مناشدات عدة لوقف عمليات البسط العشوائي على الأراضي غير أن السلطات الأمنية في المحافظة لم تعر تلك المناشدات أي اهتمام حتى اكتمل البناء على الأراضي التي تم البسط عليها، وبدأت في حملة لإزالة تلك المباني، الأمر الذي تسبب في عدد من الأضرار بالنسبة للمواطنين الذين انتقلوا للسكن في تلك المنازل العشوائية.

 

الأكثر قراءة

المقالات

تحقيقات

dailog-img
كيف تحوّلت مؤسسات صنعاء إلى “فقَّاسة صراع” الأجنحة داخل جماعة الحوثي؟ (تحقيق حصري)

حوّل خلاف موالين لجناحين (متشددين) متعارضين داخل جماعة الحوثي المسلحة “جلسة مقيّل” خاصة- بالعاصمة اليمنية صنعاء خلال عيد الأضحى المبارك- إلى توتر كاد يوصل إلى “اقتتال” في “مجلس” مليء بالأسلحة والقنابل ا مشاهدة المزيد

حوارات

dailog-img
وزير الدفاع يتحدث عن الحرب العسكرية ضد ميليشيا الحوثي ويكشف سر سقوط جبهة نهم والجوف ومحاولة اغتياله في تعز ولقائه بطارق صالح وتخادم الحوثيين والقاعدة وداعش

كشف وزير الدفاع الفريق ركن محسن محمد الداعري، ملف سقوط جبهتي نهم والجوف، بقبضة ميليشيا الحوثي، للمرة الأولى منذ تعيينه في منصبه. وأشاد الداعري، في حوار مع صحيفة "عكاظ" بالدعم بالدور المحوري والرئيسي الذي لعبته السعودية مشاهدة المزيد