مجزرة وحشية مروّعة خلّفتها قوات الاحتلال في مجمّع الشفاء الطبي بقطاع غزة، بعد احتلاله عدة أيام ارتكبت خلاله العديد من الجرائم والانتهاكات، ما قد لا تكفي الكلمات لوصفه، ولكن الصور والمشاهد التي وثّقتها وسائل الإعلام بعد انسحاب الاحتلال من المستشفى وسط إطلاق مكثّف وعشوائي للنار، تسرد بعض فصول المأساة الهمجية والبربرية.

حصيلة يوم جديد من العدوان على القطاع، كشفت عن أكثر الجرائم دموية وعدوانية وإرهابا وتقتيلا، والتي نفّذها جنود الاحتلال بأبشع الطرق وأكثرها تنكيلا، في حق أكثر من 400 شهيد من المدنيين والمرضى والجرحى والطواقم الطبية، وفق الإحصائيات الأولية، فكانت الجثث المتحلّلة، والمحترقة، والملقاة على الطرقات في محيط المكان وردهات المجمّع، بمثابة شهادة حية على حجم الجرائم المقترفة.

الشفاء: “ستالينغراد فلسطينية”

المجمّع الطبي الأكبر في غزة تعرّض لدمار واسع، وغير مسبوق، خلال الاجتياح، حيث عمدت قوات الاحتلال إلى إحراق بناياته، وتكسير كل المعدّات والتجهيزات الطبية بمختلف الأقسام، ما دفع وزارة الصحة في القطاع ومختلف الجهات الطبية إلى إعلان خروجه عن الخدمة بشكل كامل، وهو ما يمثّل كارثة صحية خطيرة، باعتبار أنّ مستشفى الشفاء يوفّر ثلث الخدمات العلاجية في القطاع لأكثر من مليون ونصف مدني.

وصرّح المتحدّث باسم الهلال الأحمر الفلسطيني، أنّ المستشفيات المتبقية في غزة تعاني من نقص الموارد وتكدّس المرضى، متّهما الاحتلال الإسرائيلي باستهداف الكوادر الطبية بشكل ممنهج.

من جهته، أفاد مكتب الإعلام الحكومي بغزة، أنّ الاحتلال قتل واعتقل أكثر من 700 مدني، في الهجوم على مجمّع الشفاء الطبي.

وأضاف أنّ أكثر من 400 مدني استشهدوا بمجمّع الشفاء ومحيطه، وحاول الاحتلال إخفاء الجريمة بتغطيتهم بالرمال.

وكان المدير العام لمكتب الإعلام الحكومي بغزة، قد أدان جريمة تدمير مجمّع الشفاء الطبي محمّلا الاحتلال المسؤولية الكاملة عنها.

وبالتزامن مع ذلك، أطلقت وزارة الصحة في غزة مناشدة عاجلة إلى المجتمع الدولي، للمساعدة على إعادة تشغيل مستشفى ناصر في خان يونس، في ظل الوضع المتدهور للبنية الصحية، جراء العدوان وخروج أكثر من 30 مستشفى من الخدمة.

وطالبت الوزارة المؤسسات الدولية والأممية ببذل الجهود لإعادة تشغيل مستشفى ناصر وحماية المؤسسات الصحية، إزاء تقلّص الخدمات الصحية إلى أدنى مستوياتها.

63 شهيدا في القطاع

وعلى صعيد مستجدات أخرى في القطاع، أعلنت مصادر إعلامية، عن استشهاد 5 فلسطينيين بقصف إسرائيلي استهدف مواطنين شرق رفح جنوبي قطاع غزة.

وفي مخيّم النصيرات، أكّد مراسلون ميدانيون سقوط شهيدين فلسطينيين وإصابة آخرين، جراء قصف إسرائيلي استهدف سيارة كانوا يستقلونها.

كما نقل مراسل الجزيرة استشهاد 4 فلسطينيين في قصف استهدف منطقة الشيخ ناصر وسط مدينة خان يونس.

وارتفعت حصيلة الشهداء والجرحى، وفق الإحصائيات التي أعلنتها مصادر طبية ورسمية الاثنين، إلى 32 ألفا و845 شهيدا، و75 ألفا و392 مصابا منذ السابع من أكتوبر الماضي.

وحسب وزارة الصحة، فقد ارتكب الاحتلال 6 مجازر خلال الساعات الـ24 الماضية، أدت إلى ارتقاء 63 شهيدا وإصابة 94 شخصا.

المقاومة تواصل ضرباتها

إلى ذلك واصلت كتائب المقاومة عملياتها على مختلف الجبهات، حيث قالت سرايا القدس، الجناح العسكري لحركة الجهاد الإسلامي، إنّ عناصرها استهدفت آلية عسكرية من نوع “ميركافا 4″، في محيط مجمّع الشفاء قبيل انسحاب قوات العدو من المكان.

بدورها، كشفت كتائب القسام، الجناح العسكري لحركة المقاومة الإسلامية حماس، عن قيام مقاتليها باستهداف ناقلة جند تابعة لقوات الاحتلال بقذيفة “الياسين 105″، بمنطقة وسط البلد بخان يونس، إلى جانب قصف موقع تمركز 7 جنود كانوا في المكان نفسه بقذيفة أخرى.

وأضافت الكتائب أنّه إثر وصول قوة نجدة لإنقاذ الجنود، تم الاشتباك معها وإيقاع أفرادها بين قتيل وجريح.

على الجانب المقابل، اعترف جيش الاحتلال بإصابة 8 عناصر من قواته في معارك قطاع غزة خلال الساعات الـ24 الماضية.

وكشف مستشفى “سوروكا”، في فلسطين المحتلة، في بيان أنّه استقبل 7 جنود جرحى، “أحدهم حالته خطيرة و5 آخرين إصاباتهم متوسطة”.

وأضافت إدارة المستشفى أنّ أقسامها تقوم في الوقت الحالي بمعالجة 27 جنديا بينهم 6 في حالة خطرة.

وبلغ عدد المصابين من قوات الاحتلال الذين استقبلهم المستشفى منذ بداية الحرب في السابع من أكتوبر الماضي، 2906 جنود “إصاباتهم متفاوتة”، حسب المصدر ذاته.