موازين القوى المحلية والإقليمية والدولية ماذا يعني لها تفكيك اليمن؟! .. الحلقة الرابعة

2009-07-28 04:24:24

* من الأخطاء الإعلان عن تنظيم فعاليات شعبية مرتبطة بمناسبات شطرية!.

 

* من تمرد الحوثي إلى صراع القوى والمراكز النافذة وصولاً إلى حراك انفصالي مناطقي 100%.

 

* الشعبي العام يتحمل وزر التأزيم والمشترك الإصرار على الخطأ يولد أزمة.

 

* تورط حركة الاحتجاجات بإعلان بعض قيادتها لمطالب سياسية لا تحظى بإجماع المنتمين إليها.


أعدها للنشر/ عبدالباسط الشميري

في الدراسة التي أعدها الباحث ناصر يحيى نائب رئيس تحرير التقرير الاستراتيجي اليمني 2008م. والذي صدر عن المركز اليمني للدراسات الإستراتيجية تناول فيها الكاتب مسألة الحراك في الجنوب وبطريقة سلسة وعميقة وبجرأة غير مسبوقة وبحيادية ووضوح لم يسبقه إليه أحد لهذا رأينا أن تكون القراءات واضحة وصادقة وكما وردت والحقيقة إن الباحث أطلق عليها في البدء بالظاهرة التي شهدت تطورات مفاجئة في حجمها وانعكاساتها حتى صارت تشكل تحدياً للدولة اليمنية وقسم التقرير الظاهرة على النحو التالي - إشكاليات المصطلحات -اليمن والوحدة - جذور الحراك الجنوبي - الأسباب - خصائص الظاهرة - المواقف المحلية والإقليمية والدولية وأخيراً استشراف المستقبل.

يبدو أن التساهل والرعونة التي لا مبرر لها والتي استخدمتها الحكومة والنظام بشكل عام مع تمرد الحوثي في صعدة ولفترة تجاوزت خمسة حروب في كل مرة كانت تنتهي الحرب وتتجدد وبين كل فترة وأخرى كانت عناصر التمرد الحوثية تعيد بناء تحصيناتها وتصر على المواجهة وعودة الحرب والأمور إلى نقطة البداية في وقت تقف الدولة وبكل هيلمانها موقف المتفرج حتى تبدأ المواجهة من جديد، أقول يبدو أن هذا قد أغرى كل الأطراف التي فقدت مصالحها سواء كانت تتبع السلطنات والمشائخ وقيادات مرتبطة بهذه الجهة أو تلك التي كانت تمسك بزمام الأمور في المحافظات الجنوبية في عهود سابقة بل إن ترك الحبل على القارب لبعض الفئات لتمارس العهد والقهر والتسلط ممن لا هم لها إلا المال وإذلال المواطن وإشاعة الفوضى وقطع الطريق وإخافة عابر السبيل "السائح" والمسافر والتاجر و. . . إلخ.

كل ذلك قد ولد مزيداً من الإحباط وأستوطن نفوس البشر في الشمال والجنوب والشرق والغرب لا فرق بين من نهب أرضية في عدن أو في صنعاء أو في تعز أو في حضرموت الكل سواسية ويفترض أن تتعامل الأجهزة الأمنية على هذا الأساس وبهذا المستوى لا هوادة مع الخارجين على الدستور والقانون وأزعم أن غياب مبدأ الحساب والعقاب والثواب وإيقاف العابثين بالأمن من نافذين وغير نافذين وصل إلى حالة الفلتان غير المسبوق ووصلنا إلى مربع إن لم يتدارك الجميع الموقف فلن تعم السيئات بل ستغرق السفينة وبمن فيها ولن تقوم لهذا البلد قائمة بعد ذلك "لا سمح الله"، إننا لا نخوف ولا تثير الرعب في قلوب الناس لكن هي حقائق ماثلة وشواهد لا ينكرها إلا مجافٍ أو من يعيشون في البروج العاجية لذلك أقول واستكمالاً لما بدأناه من التقرير الذي شمل مختلف جوانب الحراك الشعبي في المحافظات الجنوبية وحقيقة لقد أوردنا ربما أو نعتقد هكذا لمحة وعرضاً تسلسلياً لهذا الحراك ووصلنا إلى موقف الأحزاب السياسية والحاكم والتقرير وإن كان قد أورد الكثير من الفرضيات والحقائق وتناول المحطات الهامة للحراك لم يغفل جانباً دون آخر.

لكن وبين موقف الحزب الحاكم وأحزاب اللقاء المشترك هناك من التناقض والصدام يفترض أن يكشف عنه خاصة وقد غلب على مواقف هذا الطريق أو ذاك النزعة الحزبية أي أن كل حزب بما لديهم فرحون لا الحاكم أتعظ بما يجري وأستيقظ من سباته ولا المشترك تفهم ما تحتاج إليه البلد وتنازل عن كبرياه وظلت التجاذبات والمماحكات وشيوع ثقافة التهديد والوعيد وكيل الاتهامات عبر الإعلام وغير الإعلام هي سيدة الموقف بين كل الأطراف حتى وصلنا إلى هذا المربع والمنزلق الأخطر فصار لزاماً علينا أن نكاشف الجميع بالحقائق خاصة وقد صارت المواقف تقاس بحجم وعلو كعب هذا الطرف أو ذاك وللتدليل على صحة ما نقول إن التمرد الحوثي ورغم أنه تمرد وخروج على الدستور والقانون، رغم هذا ظلت أحزاب المشترك تصر على إشراكهم في الحوار ومن ثاني أو ثالث جولة للقوات الحكومية معهم وها هي الآن تطالب وتشترط بهذا وتصر عليه والحراك ورغم خروجه عن المطالب الحقوقية إلا أن المشترك يطالب بضمه للحوار وعلى المؤتمر الشعبي الحاكم اليوم أن يذعن ولماذا يذعن؟

نقول لأن الحاكم تعامل برعونة وساهم في هذا التأزيم بشكل كامل ومباشر كونه يحكم منذ سنوات ويتحمل زراً أكبر وهذا طبيعي ويفترض أن يكون المبادر وأن يتقبل أعضاء وقيادات المؤتمر مثل هذا القول وبالعودة إلى التقرير بخاتمته سمات وخصائص الحراك واستشراق المستقبل وبدون تدخل منا يقول الباحث وتحت عنوان:

سمات وخصائص

اتسمت حركة الاحتجاجات في المحافظات الجنوبية بخصائص عكست نفسها على مسار الحركة والنتائج التي حققتها ومستقبلها وعلاقة المجتمع اليمني بها:

أولاً: لم تكن حركة الاحتجاجات قائمة على تنظيم دقيق وهيكلية متينة تسمح لها بتطوير فعالياتها تصاعدياً. . فقد تعرضت الحركة لانتكاسة نسبية وانخفضت وتائر نشاطاتها بشكل ملحوظ نتيجة المواجهة العنيفة لها من قبل الأجهزة الأمنية، ونتيجة اعتقال أبرز قياداتها أكثر من مرة، وقيام الحكومة بتلبية الكثير من المطالب الحقوقية. ومن الواضح أن عدم استناد الحركة إلى هيكلية متماسكة حرمها من القدرة على استيعاب الصدمات المضادة التي تعرضت لها، كما أدت إلى افتقادها الوحدة القيادية والقاعدية منطلقاً وأهدافاً!

ثانياً: انحصرت الحركة في مناطق ومدن محدودة وبالذات في عدن والضالع والمكلا بدرجة أساسية، وقد حرمها ذلك من الظهور المعبر عن الإجماع الشعبي في جنوب اليمن كما حرصت قيادتها على التصريح به وتقديم نفسها "قيادة جنوبية" بديلة للمعارضة وخاصة الحزب الاشتراكي اليمني الذي تعرض للانتقاد الشديد وتحميله مسؤولية ما حدث. وقد قلل من الطابع الشامل للحركة حقيقة أن معظم العسكريين المتضررين أو المشاركين في الاحتجاجات ينتمون إلى محافظة واحدة في الأساس هي محافظة الضالع التي كانت تمثل المخزون الأكبر للجيش والأمن في دولة الحزب الاشتراكي اليمني مقارنة بالمحافظات الأخرى التي كان وجودها شبه معدوم أو قليلاً أو غير مؤثر وهو وضع مختل كان نتيجة هيمنة مناطقية -بالتحالف مع آخرين - على الدولة والحزب في الجنوب قبل الوحدة وأثار- وما يزال- حساسية سياسية واجتماعية.

ثالثاً : تورطت حركة الاحتجاجات في بداية مسيرتها بإعلان بعض قياداتها لمطالب سياسية لا تحظى بإجماع المنتمين إليها من قبيل رفض شرعية الوحدة ومقارنتها باحتلال العراق والكويت والمطالبة بإعطاء الجنوب حق تقرير المصير والترويج لصوابية الانفصال! كما أنها تقاطعت بذلك مع المعارضة التي كان يمكن أن يشكل التحامهما معاً ضد السلطة قوة سياسية وشعبية مؤثرة قادرة على تحقيق مكاسب أكبر وأكثر جذرية مما حدث !.

رابعاً: افتقدت الحركة إلى امتلاك إستراتيجية واضحة الأهداف ومتفق عليها، كما أن قادتها الأساسيين غلبت عليهم العصبية والتهور في الأداء وعدم القدرة على إدارة مواجهتهم للحكومة بطريقة ذكية تأخذ في الاعتبار الحقائق التاريخية وتشخيص الأسباب الحقيقية للمعاناة الشعبية. . ومقابل ذلك استسهلت تلك القيادات الحديث عن الانفصال وحق تقرير المصير دون تقدير للعواقب السلبية على التأييد الشعبي معهم، وتجاهلاً لحقائق موازين القوى المحلية والإقليمية والدولية التي ستجد في تفكيك دولة بالأهمية الإستراتيجية والجغرافية كاليمن خطراً على المصالح الدولية وعلى الأمن الإقليمي والعالمي.

ومن مظاهر الافتقاد للرؤية الإستراتيجية لدى قيادات الحراك ارتكاب أخطاء تكتيكية مثل محاولة بعضهم تقديم أنفسهم كورثة لقيادة الشارع الجنوبي على "أنقاض" قيادات أحزاب المعارضة وخاصة الحزب الاشتراكي اليمني، رغم الدور الكبير والمحوري الذي شارك به أعضاء وقيادات أحزاب المعارضة في الفعاليات الاحتجاجية والدفاع عن حقوق ومطالب المتضررين.

ومن هذه الأخطاء الإعلان عن تنظيم فعاليات شعبية مرتبطة بمناسبات شطرية مثل ذكرى يوم "الجيش" الذي كان معمولاً به قبل الوحدة، أو في يوم السابع من يوليو أو متوازية زمنياً مع تنظيم فعاليات رسمية يحضرها رئيس الجمهورية نفسه. . وكان ذلك يوفر للسلطة مبررات سياسية وأمنية لفض الفعاليات بالقوة وإفشالها مع ما يؤدي ذلك إلى إلحاق الضرر والأذى بالمشاركين ، ومن ثم زيادة مخاوفهم وإحجامهم عن المشاركة في الفعاليات التالية.

استشراف المستقبل

لا يرتبط استشراف مستقبل حركة الاحتجاجات الجنوبية على عوامل خاصة بها فحسب فهناك عوامل أخرى تتعلق بالأطراف الأخرى في السلطة والمعارضة، والقوى الإقليمية والدولية ذات الاهتمام بالشأن اليمني. وفي كل الأحوال قد لا تخرج التوقعات عما يلي:

* أن تواصل الحركة فقدان زخمها بسبب قصورها الذاتي، وتعود قيادة الشارع في المحافظات الجنوبية كلياً إلى المعارضة ووفق برنامجها الذي يجعل من الإصلاح الشامل للنظام السياسي المدخل العملي لإصلاح كل الاختلالات، لكن هذا الأمر مرتبط بقدرة "اللقاء المشترك" على المحافظة على وحدة قراره وتجاوز المصائد السياسية التي تعترض طريقه.

* أن تستعيد الحركة قوتها في الشارع الجنوبي وتنجح في إبراز قيادات جديدة يتمكنون من إعادة الالتفاف الشعبي حولهم ولا سيما إذا فشلت الحكومة في حل المشاكل حلاً جذرياً واستمرت معاناة المواطنين من الأوضاع المعيشية والإدارة السيئة. . لكن هذا السيناريو يبدو بعيد الاحتمال لأسباب عائدة إلى الخصائص السلبية التي اتصفت بها الحركة والمشار إليها في ثنايا الكلام.

* أن تنجح الحكومة في تفكيك المجموعة القائدة للاحتجاجات وحل معظم مشاكل المتقاعدين والمسرحين بطريقة صحيحة فتغلق بذلك أبواب الشكوى ومصادر المعاناة لهذه الشريحة من المواطنين الغاضبين. ويبدو هذا السيناريو صعباً بالنظر إلى خصائص النظام السياسي القائم.

* أن تطور الحركة أساليبها وتعدل من أهدافها وخطابها السياسي والإعلامي بما يتفق مع الإطار العام لبرنامج المعارضة ، ويشكل الطرفان - مع بقاء تمايزها- قوة ضغط شعبية وسياسية للدفع بإجراء إصلاحات شاملة وحقيقية في مختلف المجالات. <

 

المقالات

تحقيقات

dailog-img
كيف تحوّلت مؤسسات صنعاء إلى “فقَّاسة صراع” الأجنحة داخل جماعة الحوثي؟ (تحقيق حصري)

حوّل خلاف موالين لجناحين (متشددين) متعارضين داخل جماعة الحوثي المسلحة “جلسة مقيّل” خاصة- بالعاصمة اليمنية صنعاء خلال عيد الأضحى المبارك- إلى توتر كاد يوصل إلى “اقتتال” في “مجلس” مليء بالأسلحة والقنابل ا مشاهدة المزيد

حوارات

dailog-img
وزير الدفاع يتحدث عن الحرب العسكرية ضد ميليشيا الحوثي ويكشف سر سقوط جبهة نهم والجوف ومحاولة اغتياله في تعز ولقائه بطارق صالح وتخادم الحوثيين والقاعدة وداعش

كشف وزير الدفاع الفريق ركن محسن محمد الداعري، ملف سقوط جبهتي نهم والجوف، بقبضة ميليشيا الحوثي، للمرة الأولى منذ تعيينه في منصبه. وأشاد الداعري، في حوار مع صحيفة "عكاظ" بالدعم بالدور المحوري والرئيسي الذي لعبته السعودية مشاهدة المزيد