بعد مائة عام من إنشاء أول محطة توليد كهرباء في منطقة حجيف عدن ( البارهوص) ، ها هي عدن في ظلام دامس، بعد أن أسقطوا مشروع العاصمة المؤقتة للجمهورية ودولة المواطنة، بسقوط ابنها البار ومحافظها الأمين الشهيد جعفر محمد سعد في عملية غدر لاستهداف عدن، وسلمت لمن لا يعرف مقدارها، جوهرة بيد فحام، سقطت حينما غزتها القروية، وسلمت لريفي قروي يعتقد أن المسؤولية تملك، و حق سلالي يعززه بتدعيم أركان حكمه من ذوي القربى والقرية.
كان الشهيد جعفر مهموما بعدن، يبكي حالها، يعمل بين أوساط الناس، يطبب جراحها بمهارة، ينتزع فتيل الفخاخ التي أحيطت بعدن، لم يسمح للعنف أن يسود على الحكمة والعقل والموعظة، تحمل الكثير من الشباب من أجل أن يلملم شتاتهم ويلم عدن، محاولا استعادة ألقها، لتعود منارة ثقافية وحضارية تشع نورا يضيء محيطها بكل جديد ومفيد.
اغتالوا جعفر واغتالوا معه الحكمة والصواب لما فيه خير عدن والوطن والأمة، ومن حينها لم نشهد في عدن غير العنف، وخطاب التخوين والاتهام، والإقصاء والتهميش لكل عقل مدني وكل فكر مغاير.
كان الشهيد جعفر يدرك أهمية التنوع والتعايش، التسامح والسلام، أهمية الأخر المختلف، وكانوا يرونها ضعفا، والضعف في العقلية التي استباحت عدن أرضا وإنسانا، نهب وبسط، نفير وعفير، حول عدن لفوضى عارمة، وتقاطرت القرية لتقاسم عدن لمربعات، ومعسكرات ونقاط وسجون سرية، أجادوا حراسة أجندات الإقليم، أكثر من إجادتهم حراسة الوطن ومصالح الناس، قضوا معظم حكمهم سارحين مروحين وعلى أبواب القصور، وتحت إمرة الملوك والأمراء.
لا وجه للمقارنة بين الشهيد جعفر محمد سعد، وبين شلة القرية، يسير بين الناس بلا حراسة، وهم استولوا على أملاك الدولة والأملاك الخاصة، وحولوها لحصون تحميهم من الناس، عاش في شوارع عدن يتلمس هموم ومعاناة الناس، وعاشوا بين جبال وأودية عدن برعب القدر والمحتوم.
استشهد موظفا لا يملك غير راتبه، بجسم هزيل وروح متعبة بالهموم، وهم اليوم يعيشون عيشة كبار القوم والملاك والمستثمرين في الداخل والخارج، ترك الجنسية الأوروبية وعاد للوطن والجنسية الوطنية، وهم تركوا جنسيتهم وعاشوا جنسية العقال والدشداشة، قدم نفسه فداء للوطن وعدن، وهم قدموا عدن والوطن لأعدائها التاريخيين.
رحم الله جعفر محمد سعد شهيدا في جنة الخلد، ولا نامت أعين الجبناء والبياعين.
ها هي عدن تدفع الثمن
وثورة ثورة حتى النصر