تونس: حركة النهضة ترفض تشكيل كتلة نيابية مؤيدة للفخفاخ… وسياسيون يحذرون من «تسميم» أجواء البرلمان

2020-05-15 02:35:05 أخبار اليوم/وكالات

 

أكدت حركة النهضة التونسية رفضها تشكيل كتلة برلمانية مؤيدة لرئيس الحكومة إلياس الفخاخ، ودعت الأخير إلى التصدي لمحاولات تغذية الانشقاقات داخل الكتل النيابية، في وقت حذر فيه سياسيون من تسميم الأجواء البرلمانية نتيجة الخلافات المتصاعدة بين أحزاب الائتلاف الحاكم والانقسامات داخل بعض الكتل البرلمانية.
وأصدرت الحركة الإسلامية بياناً أشارت فيه إلى «أحاديث تدور في أروقة مجلس نواب الشعب عن تحركات بغاية تشكيل كتلة نيابية جديدة، وتغذية الانشقاقات في بعض الكتل النيابية»، مشيرة إلى أنها «تعبر عن رفضها التام لمثل هذه المساعي التي ليس من شأنها غير تغذية المزيد من الاحتقان السياسي والتمزق والشتات بينما البلاد أحوج ما تكون إلى التوافق وجمع الكلمة لتأكيد النجاح في الحرب على الوباء والفقر، وتؤكد أن نجاح الحكومة في هذه الحرب رهين نجاحها في بناء علاقات ثقة مع الجميع والاتجاه إلى توافق حكومي وبرلماني جامع حول برنامج وطني لا يقصي أحداً. كما تؤكد ثقتها في قيام السيد إلياس الفخفاخ رئيس الحكومة وكل من يهمه الأمر بما يتعين للتصدي لهذه التصرفات غير المقبولة».
وأثار بيان «النهضة» ردود فعل متفاوتة داخل الطبقة السياسية، حيث قال الناطق باسم حزب قلب تونس، الصادق جبنون: «كل حزب يقدر الموقف السياسي حسب قراءته للوضع والمعطيات السياسية الموجودة الآن في تونس، وقلب تونس دعا سابقاً إلياس الفخفاخ إلى تنقية المناخات داخل الائتلاف الحاكم وأكدنا أن المرحلة تتطلب وحدة وطنية حقيقية وليست مغشوشة. كما أكدنا أن ظاهرة السياحة البرلمانية وعدم الالتزام بنتائج صناديق الانتخابات هي ظاهرة مضرة بالمشهد السياسي التونسي».
وأضاف: «إلياس الفخفاخ تم تعيينه من قبل رئيس الجمهورية لتشكيل حكومة من أحزاب معينة في تلك الفترة وهذه العملية تقضي وجوباً التقيد بنتائج صندوق الانتخابات وهو المصدر الوحيد للشرعية، وبالتالي نتيجة الانتخابات لا تلغيها إلا انتخابات أخرى ونحن اليوم لسنا في وضع انتخابات جديدة بل في مواجهة وباء كورونا. ونحن لا نريد لحكومة الفخفاخ أن تكون الحكومة الرابعة التي تذهب ضحية السياحة البرلمانية، والأصل اليوم أن تكون المصلحة الوطنية أعلى من المصلحة الحزبية».
وكان أسامة الخليفة، رئيس الكتلة البرلمانية لـ»قلب تونس»، قال إن حكومة الفخفاخ «تبحث عن تكوين كتلة برلمانية، وهناك من ينصح فيها بذلك، وجل المستشارين الذين تم تعيينهم بالقصبة هم من حزب التكتل، رغم أنه حزب خاض الانتخابات وفشلوا، ورغم ذلك فهم يسيرون البلاد، فتعيين المستشارين يكون عادة من داخل الائتلاف الحاكم وليس من خارجه، وهذا نوع من التحايل على إرادة الناخبين».
فيما وصف رئيس كتلة حزب تحيا تونس، مصطفى بن أحمد، بيان حركة النهضة بأنه «خارج السياق وتجاوز لحدودها وصلاحياتها وهي غير وصية على الأشخاص وقراراتهم واختياراتهم، مضيفاً أن الأمور منظمة بالقانون وكل ما يبيحه القانون والدستور فهو مشروع. كما أن الحركة تمارس ازدواجية سياسية، فهي تنتمي إلى التحالف الحكومي، ومن جهة أخرى تقوم بتحالف مواز مع قلب تونس وائتلاف الكرامة، وتحاول أيضاً التدخل في عمل البرلمان».
وجاء بلاغ النهضة بعد لقاء ثلاثي جمع كلاً من رئيس الجمهورية، قيس سعيّد، ورئيس البرلمان، راشد الغنوشي، ورئيس الحكومة، إلياس الفخفاخ، ضمن إفطار رمضاني في قصر قرطاج.
ولقي الاجتماع ترحيباً كبيراً داخل حركة النهضة، حيث دوّن القيادي في الحركة، رفيق عبد السلام «اجتماع الرؤساء الثلاث خطوة في الاتجاه الصحيح باتجاه ضمان التكامل والتعاون بين مؤسسات الدولة والابتعاد عن الخطاب التحريضي والعدمي. إن استراتيجية البناء وتحسين الاداء ضمن النظام الدستوري الذي تم إقراره بعد الثورة، تمثل الخيار الأصوب لتونس، وهي ستنتصر بحول الله على استراتيجية التقويض والهدم التي تسعى إليها أطراف كثيرة في الداخل والخارج. الشعب لا يريد المهاترات والتحريض ضد مؤسسات الدولة، بل يريد تنمية وعدالة واستقراراً سياسياً وحلاً لمشاكله العملية».
وأضاف: «الشرعية الانتخابية في تونس متكافئة ولا أحد يستطيع أن يقول للتونسيين أنا الدولة، أو أنا وحدي من يمثل الشرعية والمشروعة، لأن الشرعية الانتخابية موزعة في تونس بين الرؤساء الثلاث، وهذه مبنية على خلفية تفكيك الحكم الفردي المطلق الذي عانت منه تونس منذ بداية الاستقلال. يجب أن يتوقف الجدل حول النظام الدستوري والتحريض ضد البرلمان والأحزاب ويتجه الجميع للعمل ومراكمة الجهد لمواجهة كورونا وما بعدها».
من جانب آخر، انتقد سياسيون ونشطاء مستوى الخطاب العنيف والتمدني الذي «يسمم» أجواء البرلمان، حيث دوّن سمير عبد الله، القيادي السابق في حزب تحيا تونس: «لم نشهد هذا الكم الهائل من التوتّرات والعنف اللفظي والمادّي تحت قبّة البرلمان في عهدي مصطفى بن جعفر ومحمّد النّاصر. كلّ ملاحظ نزيه يعاين أنّ بؤرة التوتّر تكمن شخصياً في رئاسة المجلس. بن جعفر والنّاصر كان لهما من الحكمة والاتزان في تجاوز كل التوترات. لكن الغنوشي فشل في إدارة الأزمات داخل المجلس وحاد عن دور الحكم ليصطفّ أيديولوجياً وسياسياً مع كتلة حزبه وأنصارها».
وتحت عنوان «تحت القبّة شعوذة سياسيّة وعبث بالتّاريخ»، كتب الباحث سامي براهم: «من أغرب ما استمعت إليه البارحة تحت قبّة البرلمان قول أحد النوّاب «الأشاوس» بمناسبة اتفاقيّة 12 مايو 1881 التي وضعت تونس تحت نظام الحماية أنّ ذلك التّاريخ يمثّل ذكرى تسليم تونس من طرف الاستعمار التّركي إلى الاستعمار الفرنسي. وهو قول غريب لم يسبق لأحد من المؤرخين أو السياسيين العقلاء التّصريح به لما يعلمه الجميع عن وضع البلد والسياقات المحليّة التي أدّت إلى هيمنة المستعمر الفرنسي مثل وضع الهدر المالي ونهب الميزانية والتّداين الخارجي الذي أفضى إلى الكوميسيون المالي كشكل مباشر للتدخل الأجنبي».
وأضاف: «اعتبار الاستعمار الفرنسي هو تسليم تونس للمستعمر من طرف الاستعمار التّركي كلام سخيف وعبث بالتّاريخ وشعوذة سياسيّة لا معنى لها في معيار مباحث التّاريخ ومعطياته خاصّة وأنّ كلّ تفاصيل الانتقال إلى نظام الحماية ومقدّماته وسياقاته وملابساته وخلفيّاته قد وثّق لها بشكل محايث أحد المؤرخين المواكبين من موقع السلطة القائمة نفسها والمقصود المصلح ابن أبي الضّياف في كتابه الاتحاف. اختراع سرديّات مفبركة منافية للتاريخ وللعقل وتزوير تاريخ البلد ليس إلّا إرضاء لنوازع أيديولوجيّة وخدمة لأجندات إقليميّة».

الأكثر قراءة

المقالات

تحقيقات

dailog-img
كيف تحوّلت مؤسسات صنعاء إلى “فقَّاسة صراع” الأجنحة داخل جماعة الحوثي؟ (تحقيق حصري)

حوّل خلاف موالين لجناحين (متشددين) متعارضين داخل جماعة الحوثي المسلحة “جلسة مقيّل” خاصة- بالعاصمة اليمنية صنعاء خلال عيد الأضحى المبارك- إلى توتر كاد يوصل إلى “اقتتال” في “مجلس” مليء بالأسلحة والقنابل ا مشاهدة المزيد

حوارات

dailog-img
وزير الدفاع يتحدث عن الحرب العسكرية ضد ميليشيا الحوثي ويكشف سر سقوط جبهة نهم والجوف ومحاولة اغتياله في تعز ولقائه بطارق صالح وتخادم الحوثيين والقاعدة وداعش

كشف وزير الدفاع الفريق ركن محسن محمد الداعري، ملف سقوط جبهتي نهم والجوف، بقبضة ميليشيا الحوثي، للمرة الأولى منذ تعيينه في منصبه. وأشاد الداعري، في حوار مع صحيفة "عكاظ" بالدعم بالدور المحوري والرئيسي الذي لعبته السعودية مشاهدة المزيد