ماذا بعد مؤتمر لندن؟

2010-01-28 04:08:14



تمر اليمن بعدة أحداث داخلية وخارجية حيث صعدت
عناصر ما يسمى بالحراك ممارساتها الإجرامية من خلال إحراقها لعدد من المحلات
التجارية وقتل الآمنين والتقطع بالطرقات وإشاعة الفوضى وهو ما يظهر مدى التزامن
الواضح بين التصعيد الداخلي والتصعيد الخارجي وكأن هناك قوى متداخلة تدفع بتأزيم
الأوضاع في اليمن سياسياً وأمنياً واقتصادياً، ولم يعد ذلك خافيٍ على أحد فهاهي
وكالة
"رويترز" البريطانية تجري
استطلاعاً ملفقاً في محافظة عدن لدعم الأجندة الخارجية ولعل ما يثير السخرية والعجب
في آن أنها تؤكد في استطلاعها المزعوم أن أبناء المحافظات الجنوبية يحنون لفترة
الاستعمار البريطاني، معللة ذلك القول الإفك بأن الكثير من مدارس ومستشفيات عدن
ومؤسساتها الحديثة أنشئت في زمن الاستعمار وكأن تلك الوكالة تبرر وتدعم ما يقوم به
البعض من اعتداءات على المنشآت التي شيدت في زمن الوحدة غير أن التساؤل المشروع
الذي يطرح نفسه في الظرف الراهن هو ماذا بعد أنتهاء مؤتمر لندن الذي عقد أمس
الماضي؟ وقد كان رئيس الحكومة واضحاً عندما قال أن من محاوره الأساسية تدور حول
تبادل التحليلات الخاصة بالأوضاع السياسية والاقتصادية والأمنية، لذلك قلل كثير من
المتابعين والمتهمين من أهمية النتائج والتوصيات التي تم الإعلان عنها مؤكدين أنه
لن يكون لها أي صدى على أرض الواقع فيما يتعلق بالجانب الاقتصادي وتحسين مستوى
المعيشة للمواطنين وبالتالي فإن ذلك الاجتماع لا يعدوا عن كونه استجواباً واضحاً
للحكومة اليمنية خاصة وقد شكل مؤتمر الأربعاء بلندن امتداداً سلبياً لمؤتمر
المانحين في 2006م مالم يكن له نتيجة سياسية ، لأن مؤتمر المانحين لم يفِ بالتعهدات
المالية كاملة التي سبق وأن وعد بها رغم ما قدمته الحكومة من تصورات خاصة بالطريقة
التي سيتم من خلالها استيعاب جزء من تلك التعهدات والتي اعتبر المانحون عدم قدرة
الحكومة على استيعاب تلك التعهدات أظهرها أمامهم فاشلة.
وكأن المانحين بذلك لم
يكن هدفهم تقديم الدعم بحد ذاته وإنما استقراء الواقع من خلال الحصول على المعلومات
والمسوحات المختلفة بطريقة رسمية.
ولا نستبعد أن يرفع الأوروبيون بعد مؤتمر لندن
وتوسيع حصص التدخل الخارجي يافطة الفشل مرة أخرى لإيجاد ذريعة للتدخل بشكل مباشر
في الشؤون الداخلية في اليمن وجعله مسرحاً لما يسمونه بالفوضى الخلاقة لا سيما وأن
مسؤولين بالإدارة الأمريكية أثناء مباحثاتهم مع مسؤولين في الخارجية اليمنية في
واشنطن أعلنوا عن إستراتيجيتهم إزاء اليمن بشكل مباشر بأن محور التحرك الأوروبي
والأمريكي تجاه الحالة اليمنية يتركز على الجانب الأمني في ظل بقاء المزاعم بأن
اليمن حاضنة للإرهاب وتهدد السلام العالمي، ولو كانت كذلك لما كانت الحكومة موجودة
غير أنها على ما يبدو عجزت عن إقناع صناع السياسة بالغرب بأن اليمن بلد مسالم وأن
مشاكله اقتصادية ولا علاقة له بالإرهاب، لا سيما وقد ارتكب النظام الدولي حماقة
كبرى عندما أقدم على عملية إرهابية مستخدماً لتنفيذها أجهزة استخباراتية عالمية
تمثلت في اعتقال الشيخ/ محمد المؤيد ، وقد تأكد للنظام الدولي رغم حكمه الجائر
براءة الشيخ "المؤيد"، وكذا ما حدث في العراق أيضاً وأكذوبة أسلحة الدمار الشامل
وهو ما يعني بأن الإرهاب بحد ذاته ليس إلا مصطلحاً مطاطياً لتحقيق أغراض ومطامع
استعمارية جديدة عبر عنها بكل وضوح مؤتمر لندن الذي لم يعط الفرصة للحكومة اليمنية
أن تعبر عن المشاكل الحقيقية لليمن بل أظهر القائمون على المؤتمر والمنظمون له مدى
سخريتهم بالعرب والمسلمين وتعاملهم الاستعلائي مع الدول والشعوب الفقيرة والصغيرة
حيث لم يمنح اليمن سوى مدة زمنية قصيرة ناهيك عن المساحة الزمنية المقررة للترجمة
المحتسبة من المدة ولعل هذه السياسة الدولية العدوانية بطابعها العنصري الفج هي
التي أوجدت تنظيم القاعدة في المنطقة العربية وساهمت في توسعه وانتشاره بسبب
تدخلاتها المستمرة في شؤون الدول.
لذلك فإن التحركات الدولية لن تتوقف تجاه
اليمن ولكنها تريد استغلال الحالة الراهنة لرفع ما يسمونه بالقضية الجنوبية، خاصة
وأن سفراء الدولتين أمريكا وبريطانيا كانوا أول من أطلق مصطلح القضية الجنوبية خلال
السنوات الماضية، ولكي نكون أكثر وضوحاً فإن السفيرة البريطانية "فرنسيس جاي" هي
التي اخترعت مصطلح القضية الجنوبية إبان تواجدها في اليمن ونجحت الحفريات الأمريكية
والبريطانية في تعميم ذلك المصطلح داخلياً وخارجياً لذلك ينبغي على الحكومة ولكي
تقطع الطريق أمام أية تدخلات سواءً بحجم مكافحة القرصنة أو محاربة تنظيم القاعدة
أن تعيد النظر في سياستها الداخلية كما ينبغي أيضاً على أطراف المنظومة السياسية
ألا يقفوا موقف المتفرج فقط لتلك السياسات رغم فداحة فشلها ونتائجها لأنها المدخل
الحقيقي للتدخل الخارجي حيث لن يكف المتدخلون في السياسة الداخلية عن تدخلهم إلا
متى ما كانت الدولة قوية وفاعلة والعملية السياسية سليمة والجبهة الداخلية الوطنية
متماسكة وخالية من الأخفاقات والسلبيات القائمة.

المقالات

تحقيقات

dailog-img
كيف تحوّلت مؤسسات صنعاء إلى “فقَّاسة صراع” الأجنحة داخل جماعة الحوثي؟ (تحقيق حصري)

حوّل خلاف موالين لجناحين (متشددين) متعارضين داخل جماعة الحوثي المسلحة “جلسة مقيّل” خاصة- بالعاصمة اليمنية صنعاء خلال عيد الأضحى المبارك- إلى توتر كاد يوصل إلى “اقتتال” في “مجلس” مليء بالأسلحة والقنابل ا مشاهدة المزيد

حوارات

dailog-img
وزير الدفاع يتحدث عن الحرب العسكرية ضد ميليشيا الحوثي ويكشف سر سقوط جبهة نهم والجوف ومحاولة اغتياله في تعز ولقائه بطارق صالح وتخادم الحوثيين والقاعدة وداعش

كشف وزير الدفاع الفريق ركن محسن محمد الداعري، ملف سقوط جبهتي نهم والجوف، بقبضة ميليشيا الحوثي، للمرة الأولى منذ تعيينه في منصبه. وأشاد الداعري، في حوار مع صحيفة "عكاظ" بالدعم بالدور المحوري والرئيسي الذي لعبته السعودية مشاهدة المزيد