اغتيال السلم وابتلاع الشراكة... ايديولوجيا الجماعة لا تؤمن بالسلام

2022-04-19 03:29:19 اخبار اليوم/ تقرير خاص


  


تمكن الحوثيين من اسقاط العاصمة صنعاء بعد أن أحكموا السيطرة من قبلها على محافظة عمران وصعدة، وتفرعت الجماعة في مناطق من محافظة الجوف وتوجهت نحو مأرب، وبعد صنعاء وجدت نفسها وقد نمت اطماعها التوسعية لتطال باقي المحافظات اليمنية حتى وان كان على حساب أرواح اليمنيين ودمائهم من الذين يرفضون تواجدها.

استغلت جماعة الحوثيين خلال مراحل نموها الميداني وتحقيق أهدافها التوسعية، اتفاقيات ابرمتها مع مختلف المكونات والنخب السياسية، ابتداءً بالمعاهدات التي أبرمتها مع الحكومة اليمنية الشرعية حينها، او غيرها من الاتفاقيات المبرمة مع القبائل والأحزاب السياسية.

فبعد مؤتمر الحوار الوطني، سقطت صنعاء، وبعدها جاء اتفاق السلم والشراكة وحوار موفمبيك، وهو الآخر انتهى به المطاف كضحية من ضحايا الإجرام الحوثي الذي أحاله الى أداة سياسية وعسكرية لتمرير مراوغات الجماعة وشرعنة حربها.


يكشف مركز أبعاد للبحوث والدراسات الإستراتيجية، في دراسة له بعنوان "الاتفاقيات الهشة مع الحوثيين وفشل مبادرات السلام في اليمن" التاريخ الأسود للجماعة منذ أولى أيامها وحتى بلوغها دار الرئاسة في صنعاء، وهي دراسة معمقة تتناول الطبيعة الغير قابلة للسلام والتي تهدد الهدنة الأممية في الوقت الحالي.

وتشرح دراسة "الاتفاقيات الهشة مع الحوثيين وفشل مبادرات السلام في اليمن" كيف استغلال الحوثيين للاتفاقيات المحلية، كأداة سياسية وعسكرية في سيطرتهم على البلاد، وتقدم نماذج لهذه الاتفاقات ودوافع نقضها بناء على السياقات المحلية والإقليمية.

السلم والشراكة

في السياق، أشار ابعاد الى أنه "بعد سقوط مدينة عمران عزز الحوثيون من تواجدهم في محيط العاصمة صنعاء، وقاموا بتحييد القبائل بالاتفاقات، وبرز ذلك بوضوح عقب قيام "حكومة الوفاق" برفع الدعم عن المشتقات النفطية في 30 يوليو / تموز 2014.

وتعتقد الدراسة أن الحوثيون استغلوا هذا القرار لمحاصرة العاصمة بالطريقة نفسها التي تمت في عمران، ووفقا لذلك تم إنشاء مخيمات للمسلحين الحوثيين على معظم مداخل العاصمة صنعاء، والتجمع والاعتصام داخلها.

وأوضحت الدراسة الى أنه "بدلا من أن تكون لغة الأمم المتحدة والمجتمع الدولي أكثر حزما، قاد "جمال بن عمر" وساطة بين الرئيس الانتقالي عبدربه منصور هادي والحوثيين لإزالة الاحتقان واستمرت حتى بداية شهر سبتمبر / أيلول 2014 وفتحت العديد من المفاوضات مع الحوثيين التي تنتهي دائما برفض أي اتفاق".

وذكرت "استمر الحوثيون بحشد مقاتليهم إلى تخوم العاصمة، فيما كان يبدو واضحاً أنه استعداد لمعركة أوسع، وسقطت صنعاء بالفعل بعد مقاومة ضعيفة في أطرافها من قبل قوات الفرقة الأولى مدرع بقيادة مستشار الرئيس في ذلك الوقت "علي محسن الأحمر "ورجال القبائل الموالين لحزب التجمع اليمني للإصلاح".

 

"وفيما كانت المعارك تدور كان المبعوث الأممي يقوم بجهود لإنجاز اتفاق، التقى "جمال بن عمر" بزعيم الحوثيين في صعدة لبحث الاتفاق وقال إن مباحثاته مع زعيم الجماعة كانت "إيجابية وبناءة".

وليلة سقوط العاصمة (21 سبتمبر / أيلول 2014) أعلن عن اتفاق السلم والشراكة، الذي شرع بالفعل للحوثيين وجودهم برضى الأطراف اليمنية التي وقعت الاتفاق، وحجب سيطرة الحوثيين على مؤسسات الدولة في الأسابيع اللاحقة وتمددهـم في باقي المحافظات".

وأشارت الدراسة إلى أن "تمدد الحوثيين واتفاقاتهم بعد سيطرتهم على العاصمة، وكيف نقضت لخدمة تحرك مسلحيهم وإسقاط المديريات اليمنية اتباعاً".

وقالت" على الرغم من أن اتفاق السلم والشراكة يخدم الحوثيين وقد شرعنة لسلوكهم خلال السنوات السابقة، وقدمهم كطرف سياسي معترف به على الرغم من أنهم جماعة مسلحة، إلا أنهم نقضوا -تقريباً- كل بند من بنود الاتفاق في الأسابيع اللاحقة بما في ذلك حوار موفمبيك".

ذلك "في وقت كان الحوثيون يوسعون سيطرتهم على باقي محافظات البلاد، ومن الواضح أن المكونات السياسية كانت تحت الضغط والتوتر الشديدين". بحسب أبعاد.

بنود الاتفاق

في سياق متصل، أوضح "أبعاد" أنه من بنود اتفاق السلم والشركة، وهو أن "يجري الرئيس اليمني مشاورات شاملة وشفافة مع جميع المكونات الممثلة في مؤتمر الحوار الوطني الشامل فور توقيع هذا الاتفاق، بهدف تشكيل حكومة كفاءات في مدة أقصاها شهر".

فيما "تشارك المكونات في هذه المشاورات بشكل فعال، ويتم تمثيلها في الهيئات التنفيذية على المستوى المركزي وفي المحافظات لضمان الفاعلية والشراكة الوطنية". بحسب الدراسة

كما أشارت الى بند ثالث يقضي بأنه "خلال ثلاثة أيام من توقيع اتفاق السلم والشراكة يعين رئيس الجمهورية مستشارين سياسيين من الحوثيين والحراك الجنوبي السلمي، وكذلك تراجع عضوية الهيئة الوطنية خلال فترة لا تتجاوز 15 يومًا لضمان تمثيل عادل للمكونات".

وتضمن الدراسة في بنود الاتفاق أن "يضع المستشارون السياسيون لرئيس الجمهورية معايير المرشحين للمناصب في الحكومة الجديدة".

وأضافت "تتعهد الأطراف إزالة جميع عناصر التوتر السياسي والأمني من أجل حل أي نزاع عبر الحوار وتمكين الدولة من ممارسة سلطاتها، ويجب وقف جميع أعمال العنف فورا بالعاصمة صنعاء ومحيطها من جميع الأطراف" وكذلك "ضرورة بسط سلطة الدولة واستعادة سيطرتها على أراضيها كافة وفق مخرجات مؤتمر الحوار الوطني".

وبالإضافة الى ذلك فقد تضمن الإتفاق ايضًا بحسب أبعاد "وقف جميع أعمال القتال ووقف إطلاق النار في الجوف ومأرب فورا. وكذلك تلتزم الدولة بحماية المواطنين في محافظة البيضاء من خطر القاعدة وتقدم لهم الدعم اللازم وتقف إلى جانبهم في مواجهة خطر القاعدة والإرهاب".

سلوك النقض

وفي سياق متصل، أشارت دراسة أبعاد الى سلوك جماعة الحوثيين التي مارستها لنقض الاتفاق، حيث أشارت الى "قيام الحوثيون بإدارة هذه المشاورات والتي تعرف بمشاورات موفمبيك (أكتوبر/ تشرين" الأول 2014 حتى 21 مارس /آذار 2015) مع إعلان جمال بن عمر فشلها وغادر صنعاء".

وتابعت "قام الحوثيون باعتقال مفاوضين يمثلون أطرافاً في المشاورات، وإسكات أخرين، فيما ظل المشرفون الحوثيون يسيطرون على الأمور خارج قاعة الاجتماعات".

وقالت "ركز الحوثيون على سيطرتهم في باقي المحافظات والأجهزة التنفيذية لها، وفرض توظيف التابعين للجماعة في الهيئات، كما تمكن الحوثيون من فرض مستشار وهو "صالح الصماد".

فيما تعتقد الدراسة أنه "بدلاً من الدور الاستشاري فرض الحوثيون وجودهم ليديروا السلطة من وراء هادي، مع الضغط على "هادي" لإصدار قرارات جمهورية تتضمن تعيين نائب لرئيس الجمهورية من الجماعة.

واضافت "فرض توظيف التابعين للجماعة في عدد من الوظائف التنفيذية العليا كما فرض الحوثيون إعادة تشكيل الهيئة الوطنية".

"فرض الحوثيون إعادة تشكيل الهيئة الوطنية لمراقبة تنفيذ مخرجات الحوار المعنية، وطالبوا بتعيين 17 عضوا من الجماعة في هذه الهيئة، لكي يتمكنوا من امتلاك الثلث المعطل". بحسب ما أوردته الدراسة.

وقالت "دفع ذلك ، عبدربه منصور هادي ورئيس حكومته للاستقالة، وبدلا من أن يقوم الحوثيون بالتراجع عن قراراتهم وإنقاذ الاتفاق، أصدرت الجماعة الإعلان الدستوري الذي "تضمن حل البرلمان، وتشكيل مجلس وطني انتقالي، ومجلس رئاسي لتنظيم المرحلة الانتقالية. ووضع الحوثيون رئيس البلاد ورئيس الحكومة رهن الإقامة الجبرية".

وأوضحت أنه "فرض الحوثيون الشخصيات في الحكومة، وتوزيع الحقائب الوزارية الجديدة، فيما استمروا بالانتشار في صنعاء ومحيطها ن وإبقاء النقاط الأمنية وقامت الجماعة بشن حملات اعتقالات لمعارضين، واستهدفوا بالرصاص الحي تظاهرات ضد الجماعة صنعاء وبقية المحافظات، وسيطروا على مؤسسات الدولة اليمنية".

وأكدت "في فبراير / شباط 2015 أعلنوا عن قيام اللجنة الثورية العليا التي ابتلعت مؤسسات الدولة وأدارتها، ليتوسع الحوثيون في باقي المحافظات".

وذكرت "أغلقوا محافظة صعدة وشددوا من إجراءات دخول المدنيين إليها، وعلى الرغم من توقف إطلاق النار الا أن الحوثيين شنوا هجمات على مواقع ومناطق للقبائل، بعد تحديد مواقع ومعسكرات للجيش كانت تستعد للمواجهة، لتتمكن الجماعة في نهاية المطاف من استخدام قوات الجيش للسيطرة على معظم مناطق البيضاء بموجب اتفاقيات مع القبائل".

 

الأكثر قراءة

المقالات

تحقيقات

dailog-img
كيف تحوّلت مؤسسات صنعاء إلى “فقَّاسة صراع” الأجنحة داخل جماعة الحوثي؟ (تحقيق حصري)

حوّل خلاف موالين لجناحين (متشددين) متعارضين داخل جماعة الحوثي المسلحة “جلسة مقيّل” خاصة- بالعاصمة اليمنية صنعاء خلال عيد الأضحى المبارك- إلى توتر كاد يوصل إلى “اقتتال” في “مجلس” مليء بالأسلحة والقنابل ا مشاهدة المزيد

حوارات

dailog-img
وزير الدفاع يتحدث عن الحرب العسكرية ضد ميليشيا الحوثي ويكشف سر سقوط جبهة نهم والجوف ومحاولة اغتياله في تعز ولقائه بطارق صالح وتخادم الحوثيين والقاعدة وداعش

كشف وزير الدفاع الفريق ركن محسن محمد الداعري، ملف سقوط جبهتي نهم والجوف، بقبضة ميليشيا الحوثي، للمرة الأولى منذ تعيينه في منصبه. وأشاد الداعري، في حوار مع صحيفة "عكاظ" بالدعم بالدور المحوري والرئيسي الذي لعبته السعودية مشاهدة المزيد