علماء وتربويون وأكاديميون يطالبون بوقفة جماعية ضد المفسدين .. الـتلاحــــم الوطــنـي.. طريقنا نحــــو وطن خــالي من العـنف

2010-02-01 04:03:59

تحقيق/


دعا عدد من العلماء والتربويين والأكاديميين
وأولياء الأمور إلى تكاتف المجتمع للتصدي للانحراف الفكري الذي دفع ويدفع بالعديد
من الشباب إلى الوقوع في براثن الفكر الضال والفئة المنحرفة وممارسة الإقصاء
والتمييز والتكفير والتنفير والتفرقة والعنف والنعرات الطائفية والمذهبية
وغيرها.
وقالوا في أحاديثهم ل (أخبار اليوم) إنه لابد من وقفة سريعة وعاجلة
للقضاء على هذه
المشكلة الخطيرة التي
لا يحلها شجب أو استنكار أو قذف المسؤوليات وتبادل الاتهامات، مؤكدين على أهمية
الاصطفاف الوطني وأن يكون المجتمع اليمني يدا واحدة متحدا متكاتفا لقطع دابر القوم
المفسدين ليعيش الجميع في وطن بلا دماء أو إرهاب أو صراع وخالي من العنف السياسي
.
موضحين أن الجهل سينتهي عندما تقدم الأشياء على حقيقتها في مواجهة الفكر
المنحرف وقالوا أن الاندفاع والتعبئة الخاطئة من أهم أسباب هذا الانحراف ، وطالبوا
بترابط المؤسسات التربوية والثقافية والإعلامية ومنظمات المجتمع المدني وزيادة
الرقابة الأسرية على الأبناء حتى لا يصبح الشباب اليمني فريسة سهلة للانحراف
والأفكار الملوثة.
وقبل أن نورد آراء هم ونصائحهم نستعرض بعض التصرفات الشاذة
والممارسات أللاإنسانية التي أنتجها الفكر المنحرف والتعبئة الخاطئة التي حُشيت بها
عقول أولئك الشباب حيث طفت على السطح ممارسات خطيرة لا تقل في خطورتها إذا ما سكت
عنها عن التفجيرات الدموية التي شهدتها بلادنا في الفترات الماضية ومن هذه
الممارسات ما أقدم عليه بعض الشبان من المغرر بهم في بعض المحافظات الجنوبية من
استهداف للمواطنين على خلفية مناطقهم كما حصل في منطقة العسكرية في محافظة لحج من
قتل ثلاثة مواطنين أبرياء من أسرة واحدة ، وكذلك استهداف رجال الأمن حيث عثر على
ثلاثة منهم مقتولين في منطقة أبين ، كما تعرض نهاية الشهر الماضي احد المواطنين من
أبناء العدين وأفراد عائلته للاعتداء بدوافع مناطقية أثناء عودتهم من قضاء إجازة
العيد في مدينة عدن في الشارع العام بمدينة الحبيلين محافظة لحج من قبل ما يسمى
بعناصر الحراك ويعد ذلك تصرفا إجرامياً بقدر ما يتطلب الإدانة والاستنكار فإنه يوجب
عقوبة الذين يقفون وراء ذلك لكي لا تتكرر تلك الأعمال الإجرامية.
وقال العديني:
إن حافلة صغيرة (باص) وبداخلها ثلاثة شبان اعترضت طريق حافلته التي كانت تقل عائلته
ونساء إخوته وابن أخيه في الشارع العام بالحبيلين ورفضت الإفساح لهم عن الطريق وحين
حاولوا ترجيهم لإفساح الطريق كي يمروا، قاموا بشتمهم ووصفهم بأقذع السباب والشتائم
دون مراعاة لوجود العائلات ودون مراعاة أيضا لقيم وأخلاق وعادات وتقاليد الشعب
اليمني.
وقال العديني: إن أولئك الشباب أطلقوا النار على الإطارات الأمامية
لسيارته مما أدى إلى انفجارها والتوقف عن السير ، ثم قاموا بالتشاجر مع ابن أخيه
والاشتباك معه ، فيما كان يقوم بفض الاشتباك بينهم قاموا بضربه هو الآخر بالأحجار
في الرأس حتى سالت الدماء من رأسه ووجهه بصورة أفزعت الأطفال والنساء وأصابتهم
بالهلع والخوف ولم يخجلوا حتى من النساء الباكيات والمستغيثات.
وقد تلا هذا
العدوان اعتداءات أخرى حيث أنه وفي يوم الجمعة 16/10/2009م أقدم مجموعة من الشبان
على قطع طريق (صنعاء - الضالع - عدن ) ومنع السيارات التي كانت تقل مسافرين من
النساء والأطفال والمسنون والمرضى من المرور من الضالع. .
وهكذا تحولت هذه
الطريق مسرحا يتخضب بالدماء والدموع والانتهاكات والاهانات التي تطال المسافرين دون
جرم اقترفوه لتصبح التوسلات والرجاءات هي السلاح الوحيد الذي يقابلون به شرور قطعان
المتوحشين من الشباب قطاع الطرق الذين تخلوا عن كل القيم والأعراف متجاوزين كل
الحدود والأخلاقيات.
وليس هذا فحسب بل هناك استهداف لقوات الأمن وإطلاق الرصاص
عليهم وإحراق المحلات التجارية والتنكيل بالبساطين من المحافظات الشمالية وهذا يعد
انحرافا قبيحا ومنزلقا خطرا على السلم والأمن الاجتماعيين أن الاتجاه نحو الطابع
الثأري الدموي والعنف أمور لا يقرها أي مواطن غيور على بلده.
على الجانب الآخر
سبق لمنظمة سياج وأن حذرت المتمردين في صعدة من الزج بالأطفال في المعارك وعرضت عدد
من الصور لأطفال استخدمهم المتمردون في مواجهة قوات الجيش في صعدة.
ناهيك عن
الأحداث الدموية التي يُرشح لتنفيذها شباب في ريعان عمرهم وما ذلك إلا بسبب
الانحراف الفكري الذي يعانيه أولئك الشباب نتيجة للتعبئة الخاطئة من قبل فئات حاقدة
تحمل أجندة تتصادم مع نقاء الدين الإسلامي ووضوح شريعته السمحاء ، تغذيها أفكار
عنصرية ومناهج متطرفة.
فهم خاطئ يقول القاضي / حمود عبد الحميد الهتار - وزير
الأوقاف والإرشاد وعضو المجمع الفقهي بالأزهر الشريف - إن التقطعات والاختطافات
والقتل والتفجير والتدمير ليست من أخلاقنا وكلها أمور دخيلة على ديننا وثقافتنا
وفكرنا ومجتمعاتنا ، وكلها محرمة في الإسلام وينهى عنها ، بل أنها تشوه سمعة بلادنا
لدى المجتمع الدولي وتشوه الدين الإسلامي الحنيف الذي جاء بالسلام والأمن وجاء
ليحفظ للإنسان حقوقه ويصون كرامته.
وأضاف : أن الأفكار التي يحملها بعض الشباب
قد أدت إلى انحرافهم عن جادة الحق والصواب بحاجة إلى تضافر جهود جميع المؤسسات
والعلماء والدعاة وكل أبناء المجتمع ، لتوعية الناس بمخاطرها وآثارها على السلم
والأمن والاستقرار.
وقال الهتار : إنّ مطالب وأهداف المتمردين الحوثيين لا تعدو
عن ونها مطالب سياسية تريد الوصول إلى السلطة بالانقلاب على الثوابت الوطنية ورفض
الطرق السلمية والخروج على الدولة وحمل السلاح في وجهها ، لكنهم يتسترون بعباءة
الزيدية وليسوا منها ولا ينتسبون إليها ، وهذا بعد أن فشلوا في مشروعهم السياسي
والوصول إلى السلطة بالطرق الشرعية فلجؤوا إلى العنف وسفك دماء الأبرياء وبالتالي
كان واجب على الدولة أن تقوم بواجباتها تجاه مواطنيها وإخماد فتنة التمرد وتوفير
الأمن والاستقرار والقضاء على الفتنة التي أشعلها الحوثي في محافظة صعدة.
وأوضح
الهتار أن الحوار مع الشباب الذين يحملون أفكارا منحرفة ومفاهيم متطرفة وإقناعهم
بالحجة والدليل وتصحيح الصورة السيئة لديهم عن حقيقة الإسلام والجهاد وغيره ، كفيل
بإرجاعهم إلى الحق والعدل ، مدللاً على ذلك بجولات الحوار التي كان قد قادها مع
العائدين من أفغانستان من الشباب المغرر بهم وأن جلسات الحوار تلك قد آتت ثمارها
وعاد جميع من تم محاورتهم وتبيين الحقيقة لهم إلى المجتمع أفراداً صالحين ،مشيداً
بتجربة اليمن في هذه القضية.
وأكد وزير الأوقاف والإرشاد على أهمية الحوار مع كل
من يحمل فكراً ضالاً أو دخيلاً على المجتمع لأن في ذلك إقامة الحجة عليه وتصحيح
الصورة المغلوطة التي يحملها ، وقال : إن الحوار يؤدى إلى السلام ، فالسلام ينشئ
سلاما ، والعنف يثمر عنفا مضاداً.
دور المؤسسة التربوية أما الدكتور / محمد
سنان الجلال - أستاذ أصول الفقه وعميد كلية الشريعة الأسبق جامعة صنعاء - إن ما
يحدث من انحراف فكري وحين يكون الانحراف الفكري ظاهرة يعاني منها المجتمع فإنه يفرز
كثيرا من التوجهات الخاطئة و التي قد تكون متضاربة في الأهداف إلا أنها تحكي توافقا
في إفساد المجتمع والإضرار به ولذلك لابد من معالجة ذلك الانحراف بكل ما أوتي أطراف
المجتمع من قوة والوقوف على أسبابه لتعمل الأيدي الدؤوبة نصحا وحرصا على صدها
والمحافظة على المجتمع من مغبتها ولعل من أهم تلك الأسباب المؤدية للانحراف الفكري
. .
هو الجهل والذي هو داء المجتمعات فيصير به المعروف منكراً والمنكر معروفاً
ويزين به سوء العمل فيراه صاحبه حسنا ، ومن الأسباب أيضا الغفلة عن الدعاء بالهداية
إلى الحق والصواب فإن النبي صلى الله عليه وسلم كان كثيرا ما يدعو ربه تعالى أن
يهديه إلى الحق ، ومنها أيضا اخذ بعض النصوص دون بعض وعدم استيعاب جميع الدلائل
للجمع بينها ، ويضاف إلى ذلك غلبة الهوى والاستئثار بالرأي حتى يكون لسان الحال
ينطق بأن لا أريكم إلا ما أرى.
وأضاف فضيلته أن من أبرز الأسباب في ظهور
الانحراف الفكري وتيارات الفساد والدمار هو عدم الرجوع لأهل العلم الراسخين فيه
والذين غاصوا في بحاره فعرفوا خاصة وعامه ومطلقه ومقيده وناسخه ومنسوخه.
وأكد
الجلال على أهمية العمليتين التربوية والثقافية في تغيير الفكر المنحرف والتي يجب
أن يضطلع بها العلماء والخطباء والمعلمون وكل فئات المجتمع ومؤسساته دون استثناء
.
وأوضح أستاذ أصول الفقه أن من يقومون بقتل الأبرياء من النساء والأطفال
والشيوخ واستهداف المنشآت العامرة بالمسلمين والسكان الآمنين بالتفجيرات والقتل
إنما يقتلون أنفسهم ويعرضونها لعذاب الله كونها من الجرائم الشنيعة التي تبعد
مرتكبيها عن الله عز وجل وعن الدين الحنيف.
حذارِ من التباطؤ وحذر الدكتور
الجلال من التواني والتباطؤ في إزالة هذا الفكر المنحرف والمشوّه ، وحث العلماء
والخطباء والدعاة والمصلحين والمربين ، وجميع المؤسسات التربوية والثقافية والعلمية
والإعلامية على مواجهة هذا الفكر الدخيل الذي بدأ يتسرب إلى عقول الناشئة والشباب
ويحدث فيها إشكالات عقيمة.
وحول سبل ووسائل مواجهة هذا الفكر والتصدي له قال
الجلال أن ذلك يكون بإيجاد الفكر البديل للأفكار المتطرفة ، والبديل هنا هو الفكر
الإسلامي والإيماني الذي جاء به النبي عليه الصلاة والسلام ، الذي بيّن فيه كيفية
الوصول إلى الطريق المستقيم والمسار السليم الصحيح ، وهذا يتطلب تعاون كل أبناء
المجتمع وتكاتفهم والمسؤولية - بحسب الجلال - لا تقع على الدولة وحدها ، بل هي
مسؤولية جماعية بدءاً بالأسرة والمدرسة ، والمسجد ، ووسائل الإعلام المختلفة ،
وغيرها من الوسائل والآليات الأخرى لأننا إذا ما ظللنا ننظر إلى هذه الأفكار
المضللة وهي تنخر في عقول الشباب دون أن نتتبع الخيوط المغذية لها واجتثاثها فإنها
ستتطور وتتسع ولن نستطيع اللحاق بها وبالتالي فإن آثارها ستكون مدمرة.
وأضاف :
ويجب ألا يقف دور العلماء تجاه هذه الظواهر والانحرافات عند البيانات والتصريحات
والاستنكارات ، حيث أننا ومع كل حدث يقع ، نخرج فندلي بالفتاوى والتصريحات وينتهي
الأمر عند هذا الحد الذي لم يثبت جدواه ، بل لابد من القيام بعملية الاتصال
والتواصل مع الشباب والجلوس إليهم والحوار معهم وتصحيح ما علق بأذهانهم من أفكار
ومعتقدات غير سوية ، وكل هذا يكون بإتباع الأسلوب التربوي الناجح ، إضافة إلى
الكتابات والمقالات ، والإفتاء والمواعظ ، وغيرها من أساليب الإرشاد إلى الصواب
والتبصير به ، هذا هو الدور الحقيقي الذي يجب أن يقوم به العلماء.
منوها إلى أن
هناك من الناس اليوم من أصبحوا يتخذون من الدين وسيلة من الوسائل التي تبعدهم عن
الدين نفسه ، ولابد أن تبذل الجهود لإيصال الدين الصحيح إلى عقول هؤلاء الشباب ،
أما الاكتفاء بمجرد التصريحات في مثل هذه القضايا الخطيرة فأسلوب غير
مجدي.

المقالات

تحقيقات

dailog-img
كيف تحوّلت مؤسسات صنعاء إلى “فقَّاسة صراع” الأجنحة داخل جماعة الحوثي؟ (تحقيق حصري)

حوّل خلاف موالين لجناحين (متشددين) متعارضين داخل جماعة الحوثي المسلحة “جلسة مقيّل” خاصة- بالعاصمة اليمنية صنعاء خلال عيد الأضحى المبارك- إلى توتر كاد يوصل إلى “اقتتال” في “مجلس” مليء بالأسلحة والقنابل ا مشاهدة المزيد

حوارات

dailog-img
وزير الدفاع يتحدث عن الحرب العسكرية ضد ميليشيا الحوثي ويكشف سر سقوط جبهة نهم والجوف ومحاولة اغتياله في تعز ولقائه بطارق صالح وتخادم الحوثيين والقاعدة وداعش

كشف وزير الدفاع الفريق ركن محسن محمد الداعري، ملف سقوط جبهتي نهم والجوف، بقبضة ميليشيا الحوثي، للمرة الأولى منذ تعيينه في منصبه. وأشاد الداعري، في حوار مع صحيفة "عكاظ" بالدعم بالدور المحوري والرئيسي الذي لعبته السعودية مشاهدة المزيد