اليمن بين المانحين والفاسدين

2010-02-01 04:04:00

لقد عرف
عن اليمنيين ومنهم الأشاعرة بأنهم أرق قلوباً وألين أفئدة لذلك غالباً ما يتأثر
بعضهم بالإنجرار وراء المنطق المقلوب للسياسة الدولية لاتجاه اليمن بمفرده وإنما
تجاه المنطقة العربية كلها، خاصة وهم يعلمون أن تلك السياسة تظهر غيرما تبطن، لذلك
يفهمونها كحالة رومانسية وكأنها صوت القلب والوجدان، برغم أنه لا إمكان للعاطفة لدى
الفجور العالمي الذي يتطلب من
الجميع
التعاطي مع قضايا الوطن بمسؤولية كاملة بعيداً عن الروح الديموغوجي ممن يسيئون عن
جهل لوطنهم وهم يعتقدون بأن اليمن كانت كما هي في أذهانهم مجرد حالة غائبة ثم عادت
مجدداً بقوة إلى وجهة الضوء من باب اجتماع لندن.
هكذا يعبرون من خلال الوضع
السطحي عن انتمائهم للوطن وكأنهم لم يكتشفووه إلا من خلال ذلك الاجتماع الذي وضعهم
أمام المكانة الهامة والكبيرة والرفيعة لليمن دون أن يبذلوا أدنى جهد أوعناء
لإكتشاف اخطبوط الفساد المالي والإداري برغم علمهم أن ذلك الاخطبوط ينخر في جسد تلك
المكانة الكبيرة لليمن وهي بالتأكيد مكانة استراتيجية ليست محلاًَ للشك أو الجدل
اختارتها الجغرافية وبالتالي لا ينكر أحد تلك المكانة من اليمنيين إلا الفاسدون
لأنهم وكما يعرفهم أبناء شعبنا اليمني لا يقيسون كبر اليمن بتاريخها الحضاري وإنما
يقيسون مكانتها بحجم ما ينهبونه من المال العام حتى أنهم يرون بأن فسادهم ليس إلا
أفضل طريقة بالنسبة لهم لحفظ حجم اليمن وصون مكانتها الكبيرة في المعادلة الإقليمية
والدولية غير مدركين الإنعكاس الطبيعي بين السياستين الداخلية والخارجية لأي دولة
في العالم فالحكومة ا لتي لا تحترم شعبها لا يمكن أن يحترمها العالم، ولو كان أولئك
الفاسدون يدركون حقيقة ذلك الانتماء الوطني لما أوصلوا بلدهم إلى مصاف البلدان
المتأخرة والمتخلفة ناهيك عما تعانيه من أزمات سياسية واقتصادية حتى صار هذا البلد
الغني بثرواته الطبيعية محط سخرية ما دام وهو يحتاج إلى مد يد العون والمساعدة من
دول العالم.
وهو ما يعني أن المكانة الإقليمية والدولية لليمن لا وجود لها إلا
في وعي الفاسدين خاصة والمانحين في اجتماعاتهم المتكررة خرجوا بإلزام اليمن وليس
الحكومة بمواصلة برنامج الإصلاح الاقتصادي وإلزامها أيضاً وفقاً لما تضمنته النقاط
الخمس ببدء مناقشة برنامج صندوق النقد الدولي ومعنى ذلك أن الحكومة في بلادنا لم
تعد معنية بتطبيق ما سبق وتضمنه برنامجها التنفيذي الذي بموجبه نالت ثقة البرلمان
وإنما بكيفية تبرير أخفاقاتها وصورة بعض من يسيؤون لها وللبلد، سيما والمانحون
كثيراً ما يرددون أنهم لا يثقون بتلك الحكومة لا لأن أعضاءها فاسدون فقط وإنما
لكونهم غير قادرين وغير مؤهلين للتعامل مع أعضاء المجتمع الدولي والالما أوكل
المؤتمر الأخير الذي عقد في لندن مهمة إصلاح اقتصاد الوطن لأصدقاء وأشقاء اليمن
وبرعاية وإشراف صندوق النقد الدولي الأمر الذي يظهر الحكومة وكأنها بلا جدوى ما دام
وقد تخلت عن مهمتها لأولئك الأشقاء والأصدقاء وبغض النظر عما إذا كان المانحون
صادقون أم كاذبون فإنه ومما لا شك فيه أن هناك خللاً واضحاً في أداء حكومتنا، مما
يجعلنا نتساءل هل المانحون همهم بناء يمن موحد ومستقر ومزدهر؟ أكثر من الفاسدين
أنفسهم وإن كنا هنا نستثني الفاسدين، فلا يرتقي شعب على أوج العلا مالم يكن بانوه
من أبنائه، لا سيما والإفراط في مدح المانحين يفرض أيضاً تساؤلاً آخر: كيف يمكن
لليمن أن تواصل التزامها ببرنامج الإصلاح الاقتصادي طبقاً لخطة صندوق النقد الدولي
حتى 2012م بينما سبق لبلادنا وتحديداً في العام 1995 1996م بدأت بتطبيق ذلك
البرنامج وبإشراف كامل من قبل البنك الدولي الذي سلم ملف الاقتصاد الوطني لصندوق
النقد الدولي، وقد ثبت خلال تلك الفترة أن الحكومات المتعاقبة أوقفت ذلك البرنامج
لأن نتائجه كانت ذات تأثيرات سلبية على الاقتصاد حيث أدى إلى رفع الدعم عن سلعتي
القمح والدقيق مما أدخل البلاد في دوامة الجرع السعرية المتواصلة.
وأدى أيضاً
إلى جدولة الموازنة العامة للدولة بإشراف البنك الدولي فكيف يمكن لليمن أن تستمر في
تطبيق ذلك البرنامج الاقتصادي وهو ما يعني دخول الاقتصاد الوطني مرحلة المجاعة ولكن
بإشراف دولي.
وعلى ما يبدو أن اليمن لم تخرج بعد من دائرة الأزمة الاقتصادية
بدليل أن الارتفاعات السعرية متواصلة وإلى الآن سواءً في المواد الغذائية أو
النفطية بدليل ارتفاع سعر السكر والزيوت خلال الأسبوعين المنصرمين وارتفاع سعر
المشتقات النفطية خلال هذا الأسبوع وهذا من ثمار مؤتمر لندن.

المقالات

تحقيقات

dailog-img
كيف تحوّلت مؤسسات صنعاء إلى “فقَّاسة صراع” الأجنحة داخل جماعة الحوثي؟ (تحقيق حصري)

حوّل خلاف موالين لجناحين (متشددين) متعارضين داخل جماعة الحوثي المسلحة “جلسة مقيّل” خاصة- بالعاصمة اليمنية صنعاء خلال عيد الأضحى المبارك- إلى توتر كاد يوصل إلى “اقتتال” في “مجلس” مليء بالأسلحة والقنابل ا مشاهدة المزيد

حوارات

dailog-img
وزير الدفاع يتحدث عن الحرب العسكرية ضد ميليشيا الحوثي ويكشف سر سقوط جبهة نهم والجوف ومحاولة اغتياله في تعز ولقائه بطارق صالح وتخادم الحوثيين والقاعدة وداعش

كشف وزير الدفاع الفريق ركن محسن محمد الداعري، ملف سقوط جبهتي نهم والجوف، بقبضة ميليشيا الحوثي، للمرة الأولى منذ تعيينه في منصبه. وأشاد الداعري، في حوار مع صحيفة "عكاظ" بالدعم بالدور المحوري والرئيسي الذي لعبته السعودية مشاهدة المزيد