تناقض الحكومة

2010-02-04 04:57:26

تدعي الحكومة الوضوح والشفافية في تعاملها مع شعبها اليمني لكن الواقع العملي يكذب ادعاءاتها تلك خاصة فيما يتعلق بتداعيات الشأن الاقتصادي في اليمن، تنكر الحكومة بأن البطالة والفقر ليسا نتاجاً طبيعياً لأخطاء متراكمة في سياساتها المتلاحقة ، وفي حديث رئيس الحكومة لصحيفة الشرق الأوسط وراديو لندن قال إنَّ اليمن لا يوجد لديه موارد كافية لتغطية احتياجاته الاقتصادية والتنموية، ولكن الحكومة سرعان ما تتناقض مع نفسها عندما تقول إن اليمن قد دخلت لأول مرة نادي الدول المصدرة للغاز الطبيعي برغم أن السوق المحلية تفتقر لتلك المادة، فكيف يمكن فهم أن اليمن ليس لديها موارد كافية وهي في الوقت ذاته من الدو ل المصدرة للغاز؟، ألا يدل هذا على فداحة التناقض الذي تكرره الحكومة أيضاً بقولها : إن اليمن دخلت مرحلة نضوب النفط وفي الوقت ذاته نسمع وزير النفط يؤكد أن هناك قطاعات نفطية جديدة تم اكتشافها وقطاعات أخرى في طريقها للاكتشاف.

وتمضي الحكومة في تناقضها المغايرة لما تدعيه من الشفافية والوضوح حينما أخفت حقيقة المصفوفة الجديدة التي إلتزمت بإجرائها لصندوق النقد الدولي وأصدقاء اليمن لتحقيق الإصلاح الإقتصادي، ذلك أن ما تم الإعلان عنه طبقاً للنص الدولي هو " التزام اليمن ببدء مناقشة برنامج صندوق النقد الدولي أو ما سمي ببرنامج إصلاح خاص، وإذا كان هذا الوضوح أهم شروط لأي تعهدات دولية فإن هذا النص ليس حمَّال أوجه، ولكن يكتنفه الغموض والالتباس الكبيرين وهو ما يجعلنا نطرح تساؤلات مفادها:كيف يمكن لليمن أن تكون ملتزمة ومناقشة في آن واحد؟ خاصة وأن الشيء الذي يكون موضوع التزام لا يصبح محلاً للنقاش وفي ذلك كما قلنا تناقض واضح بين التعهد والالتزام والنقاش وليس أدل من ذلك رفع أسعار المشتقات النفطية وهو ما يعني أن اليمن ومن خلال حكومتها قد التزمت بشروط محددة بعضها خفية إذ أنه ومن غير المستبعد أن تكون هناك توصيات والتزامات قدمتها الحكومة اليمنية ومن ضمنها مشاركة الجانبين الأمريكي والبريطاني في تدريب وضبط الأمن الإقليمي وتأمين السواحل اليمنية التي تمتد لآلاف الكيلو مترات وتشترك مع العديد من الدول، وأمن الحدود والطيران ، بما في ذلك حماية الحدود البحرية وتعزيز قدرات خفر السواحل ومطاردة تنظيم القاعدة ضمن الاستراتيجية العالمية لمكافحة الإرهاب، وما دامت قد إلتزمت بشروط محددة فبدء المناقشة لا معنى له إلا التنفيذ، لذلك كان يجب على الحكومة أن تعلن لشعبها تلك الشروط والالتزامات التي قطعتها لصندوق النقد الدولي ولأصدقاء اليمن وللمشاركين في مؤتمر لندن ، إلا أن ذلك غير ممكن لأنها ملتزمة من أجل التنفيذ وليس المناقشة، بل إنَّ كلمة بدء مناقشة تنطوي على تضليل لوعي الشعب اليمني واستغفالاً لسلطته التشريعية، الممثلة بالبرلمان كونه المعني الأول بمناقشة تلك المصفوفة الاقتصادية إلا أن هذا لم يحدث ولم يطلع البرلمان على ما تعتزم الحكومة تنفيذه وفاءً بالتزاماتها لذا يصبح في هذه الحالة إقالة الحكومة إجراء مبرراً دستورياً بحسب ما يراه البعض كونها تجاهلت الشعب وممثليه.

وتتجلى تناقضات الحكومة بشكل صارخ في قولها إن اليمن يعاني من فقر طبيعي ولا حل لمشاكل التنمية إلا بالمساعدات الخارجية، وهذا غير صحيح لأنَّ ما أنفقته اليمن خلال العقدين الماضيين فقط على مشاريع حزبية ودورات انتخابية يفوق مئات المليارات، إضافة إلى ما تغفله الحكومة من حجم الفساد المالي والإداري والذي شلَّ كل مرافق القطاع الحكومي ثم إن حكومتنا تضلل شعبها بتكريرها للمبرر الذي دائماً ما تسوقه وهو أنَّ اليمن بلد لا يمتلك أي إمكانيات، مع أن الحكومة لم تخصص أقل من 3% مما يلتهمه الفساد المالي وتوجيه ذلك نحو الزراعة.

وإنما نجدها ومعها أيضاً المعارضة في جدل مستمر مع المانحين على معيار السحب والتخصيص ، بينما أثبتت دراسات اقتصادية بأن الدخل السنوي لأولئك المانحين يقدر بملايين الدولارات جراء الاصطياد العشوائي للثروة السمكية أو الاصطياد المنظم.

وهو ما يعني بأن اليمن خلافاً لما تقوله الحكومة فلدينا ثروة سمكية لكنها تتعرض للهدر المنظم وتبريراً لما يتعرض له الاقتصاد الوطني من اجتياح منظم من قبل مافيا الفساد المالي والإداري كما أن تلك المفردات الحكومية أيضاً تشمل المساعدات الخارجية مع أنها عجزت عن استيعاب منحة مؤتمر لندن 2006م.

وانطلاقاً مما تزعمه على نحو من التبرير الخاطئ بأنَّ حل المشكلة الاقتصادية اليمنية لا يمكن أن يكون إلا بالهجرة إلى دول الخليج، أي أن الحكومة وبعد أن التهمت عائدات البلد وعاث المفسدون فيها فساداً بالمال العام تريد إفراغ اليمن من شعبها ما دام وهي من يحث على الهجرة الجماعية للشعب اليمني.

وفي الوقت الذي تتحدث فيه الحكومة عن قلة الموارد وشحة الإمكانيات مبررة ذلك بارتفاع معدلات النمو السكاني فإنها تتجاهل مع سبق الإصرار والترصد حقيقة ما تشير إليه التقارير الاقتصادية والإحصاءات الرسمية بأن أقل دخل اقتصادي لحركة الملاحة الدولية قياساً على بقية الممرات الإقليمية والدولية هي عائدات مضيق باب المندب وخليج عدن وذلك بسبب ما سبق وأن وقعت عليه الحكومة اليمنية من اتفاقيات مع المانحين وأصدقائها أنفسهم ، والتزمت من خلال تلك الاتفاقيات تخفيض رسوم الملاحة الدولية واعتبرت باب المندب ممراً دولياً وليس يمنياً وهو ما يعد انتقاصاً من السيادة الوطنية.

 

المقالات

تحقيقات

dailog-img
كيف تحوّلت مؤسسات صنعاء إلى “فقَّاسة صراع” الأجنحة داخل جماعة الحوثي؟ (تحقيق حصري)

حوّل خلاف موالين لجناحين (متشددين) متعارضين داخل جماعة الحوثي المسلحة “جلسة مقيّل” خاصة- بالعاصمة اليمنية صنعاء خلال عيد الأضحى المبارك- إلى توتر كاد يوصل إلى “اقتتال” في “مجلس” مليء بالأسلحة والقنابل ا مشاهدة المزيد

حوارات

dailog-img
وزير الدفاع يتحدث عن الحرب العسكرية ضد ميليشيا الحوثي ويكشف سر سقوط جبهة نهم والجوف ومحاولة اغتياله في تعز ولقائه بطارق صالح وتخادم الحوثيين والقاعدة وداعش

كشف وزير الدفاع الفريق ركن محسن محمد الداعري، ملف سقوط جبهتي نهم والجوف، بقبضة ميليشيا الحوثي، للمرة الأولى منذ تعيينه في منصبه. وأشاد الداعري، في حوار مع صحيفة "عكاظ" بالدعم بالدور المحوري والرئيسي الذي لعبته السعودية مشاهدة المزيد