ما بين وعود الأشقاء وتنصلهم ثمة اقتصاد يموت...!

2022-07-04 07:30:01 اخبار اليوم/تقرير خاص

  

انقضت أكثر من ثمانية أشهر منذ إعلان المملكة العربية السعودية دولة الإمات الشريكتان في حرب اليمن، عن تقديم ما أسموه بالودائع المالية الضخمة لدعم الحكومة اليمنية وإنقاذ الاقتصاد الوطني، بعد أن شهدت العملة المحلية انهيار غير مسبوق في قيمتها أمام العملات الأجنبية.

منذ أشهر والحديث يتداول بين اليمنيين عن وديعة سعودية- إماراتية مرتقبة للبنك المركزي لإنقاذ الاقتصاد اليمني من الانهيار، لكن ذلك لم يحدث حتى اليوم.

رئيس الوزراء معين عبدالملك تحدث، في أكثر من مناسبة، عن هذه الوديعة وقرب وصولها، غير أن السعودية والإمارات تبدو غير معنيتين بأمر الوديعة، رغم أنهما المسؤولتان عمّا وصل إليه الاقتصاد اليمني اليوم.

تردد في السابق أن الوديعة السعودية- الإماراتية مشروطة بإزاحة محافظ شبوة، محمد صالح بن عديو، وتعيين إدارة جديدة للبنك المركزي، والقيام بإصلاحات اقتصادية، وقد حدث كل ذلك حتى وصل بهم الأمر الى إزاحة الرئيس السابق عبدربه منصور هادي ونائبه الفريق على محسن الأحمر، ومع ذلك يبدو أن هناك أسبابا سياسية أخرى تحول دون وصول هذه الوديعة.

الوديعة الغائبة الا عن الوعود والخطب السياسية، تغير حالها وباتت اسمه تمويلات سعودية إماراتية مخصصة لدعم حزمة من المشايع الإنمائية، وهي بحسب بيان صادر عن مجلس القيادة الرئاسي مشاريع تنموية وخدمة لم يرد بينها اسم البنك المركزي بأي حال من الأحوال.

مغالطات.

تقف المملكة العربية السعودية ودولة الإمارات العربية المتحدة وراء كل ما تعرض له الاقتصاد المحلي من تدهور وانحطاط في قيمة العملة الوطنية، غير أن ذلك لا يهمهم في شيء، وعلى الرغم من كون الدولتين قد اعلنتا في وقت سابق عن ودائع تقدر بنحو 3 مليارات دولار، الا أن شيء من ذلك لم يحدث.

وبعد شهور طويلة من الانتظار، تحول اسم ودائع الرياض وابو ظبي، المخصصة لدعم البنك المركزي اليمني، وإنقاذ العملة المحلية، وتدارك الانهيار الاقتصادي في البلاد، الى تمويلات انمائية.

وفي السياق، أعلن مجلس القيادة الرئاسي الخميس، عن موافقة الرياض، على مسار عاجل لاستيعاب التمويلات السعودية الإماراتية المقدرة بنحو ثلاثة مليارات و 300 مليون دولار يحسب بيان، صادر عن المجلس الرئاسي، نشرته وكالة الأنباء اليمنية (سبأ).

وأوضح البيان، أنه "بموجب الخطة العاجلة، تم الموافقة على دعم حزمة من المشاريع الانمائية بقيمة 400 مليون دولار أمريكي. إضافة إلى 200 مليون دولار لتوفير المشتقات النفطية لمحطات الكهرباء الحكومية في المحافظات المحررة".

وأفاد البيان، أن اعتماد مقترح المشاريع التنموية العاجلة، تضمن إطلاق البرنامج السعودي لتنمية وإعمار اليمن حزمة من المشاريع الحيوية التي تخدم كافة المحافظات مع إعطاء الاولوية للعاصمة المؤقتة عدن، وتشمل ستة قطاعات هي: (الطاقة، النقل، التعليم، المياه، الصحة، و بناء مؤسسات الدولة) بحيث يتم البدء الفوري بتنفيذ المشروعات التي قد تم استيفاء جميع متطلباتها.

بعد أن خسرت اليمن اقتصادها في حرب الرياض وطهران، وفقد اليمنيين بلده وأرواحهم، أنهك الاقتصاد وتهالكت الدولة، ومعها انهار الاقتصاد الوطني وجاع الناس، ومع ذلك تأتي الرياض لتدفع بالمبالغ المخصصة لإنقاذ الاقتصاد الوطني في مشاريع إعادة الاعمار الذي تتحمل مسؤوليته الرياض.

من جهة أخرى، أشار بيان مجلس القيادة الرئاسي، إلى توجيه وزارة الكهرباء والطاقة والمؤسسة العامة للكهرباء وكافة فروعها بالاستفادة العاجلة من شحنة المشتقات النفطية التي وفرها البرنامج السعودي لتنمية وإعمار اليمن بمبلغ (30) مليون دولار لتأمين تشغيل محطات الكهرباء، من أصل (200) مليون دولار أمريكي لنفس الغرض خلال الفترة المقبلة.

وحول صندوق المشتقات النفطية المستدام، لفت البيان، إلى توجيه الحكومة اليمنية وكافة الجهات ذات العلاقة في الجمهورية بسرعة استكمال الإجراءات الخاصة بصندوق المشتقات النفطية بقيمة (900) مليون دولار أمريكي تعهدت منها المملكة العربية السعودية بتقديم (600) مليون دولار، و 300 مليون دولار من دولة الإمارات العربية المتحدة.

وعلى غرار منع الرياض وابو ظبي الحكومة الشرعية من بيع مشتقاتها النفطية، أو حتى الاستفادة منه محليًا، اختلقت الدولتان من خلال اجندتهم في اليمن أزمات نفطية لتعود اليوم للحديث عن شراء المشتقات النفطية ضمن ما أسمته بالتمويلات الإنمائية.

وعود وتنصل.

لا يمكن أن تكون الوديعة السعودية أكثر من كونها حقنة لإنعاش اقتصاد مدمّر فعليا، وتتضاءل قيمتها كلما تباعد الزمن عن دفعها، ففي حين يشهد الريال تعافيًا نسبيًا يعود الى ضعفه مرة أخرى، فيما وعود الأشقاء تبتلعها اعتبارات سياسية كثيرة وغير واضحة.

ففي البداية كان الحديث يدور حول تشكيل حكومة مشتركة وفق اتفاق الرياض تليها الوديعة، إلا أنه، ومنذ أكثر من عامين من تشكيل الحكومة، لم تصل الوديعة، وتلاها تغيير جذري للقيادة السياسية للحكومة الشرعية وتشكيل مجلس رئاسي، ازاح الرئيس السابق ونائبه.

بعد الوعود التي اشترط فيها تشكيل حكومة وفق اتفاق الرياض، قيل إن الوديعة ستصل بعد تغيير إدارة البنك المركزي، إلا أن ذلك لم يحدث رغم تغيير قيادة البنك، وتعيين قيادة جديدة له.

ومع اعلان مجلس القيادة الرئاسي، تكررت الوعود السعودية الاماراتية بمنح اليمن فتات لإخراجها من مأزقها الاقتصادي، شكل المجلس وزاول مهامه من عدن وانتظرت الحكومة أن يفي الأشقاء بوعودهم غير أن شيءً لم يحدث، ليستمر بذلك مسلسل التنصل يلهو بمعيشة اليمنيين ومستقبلهم.


يبدو أن السعودية والإمارات المعنيتان بدفع هذه الوديعة لا يجدون من الضغوط الكافية التي تجعلهم يساهمون بهذه المساهمة البسيطة، مقارنة بالوضع الاقتصادي العام الذي تسببوا هم بوصوله إلى هذه الحالة".

وعلى الرغم من كون السعودية والإمارات المسؤولتان عن هذه الحرب، الا أنهما نفسيها تتمنعان عن ضخ مليارين أو ثلاثة مليارات دولار للاقتصاد اليمني، الذي ساهموا في تدميره منذ بداية الأزمة اليمنية.

تتصرف الرياض وأبو ظبي باستهتار مطلق تجاه اليمن، نتيجة قلة صغيرة من اليمنيين يسبّحون بحمدهم، ولا يهمهم العبث والفقر والمجاعة في اليمن بقدر ما يهمهم مصالحهم الشخصية.


 

الأكثر قراءة

المقالات

تحقيقات

dailog-img
كيف تحوّلت مؤسسات صنعاء إلى “فقَّاسة صراع” الأجنحة داخل جماعة الحوثي؟ (تحقيق حصري)

حوّل خلاف موالين لجناحين (متشددين) متعارضين داخل جماعة الحوثي المسلحة “جلسة مقيّل” خاصة- بالعاصمة اليمنية صنعاء خلال عيد الأضحى المبارك- إلى توتر كاد يوصل إلى “اقتتال” في “مجلس” مليء بالأسلحة والقنابل ا مشاهدة المزيد

حوارات

dailog-img
وزير الدفاع يتحدث عن الحرب العسكرية ضد ميليشيا الحوثي ويكشف سر سقوط جبهة نهم والجوف ومحاولة اغتياله في تعز ولقائه بطارق صالح وتخادم الحوثيين والقاعدة وداعش

كشف وزير الدفاع الفريق ركن محسن محمد الداعري، ملف سقوط جبهتي نهم والجوف، بقبضة ميليشيا الحوثي، للمرة الأولى منذ تعيينه في منصبه. وأشاد الداعري، في حوار مع صحيفة "عكاظ" بالدعم بالدور المحوري والرئيسي الذي لعبته السعودية مشاهدة المزيد