أولى ( بركات ) مؤتـمـر لندن من أجل اليمن!!

2010-02-10 04:29:33

محمد راوح الشيباني

كان الزميل (( الشيباني )) قد أشار الأربعاء قبل الماضي يوم انعقاد مؤتمر ( لندن ) إلى أن هذا المؤتمر بالذات هو الفصل الأول من المسرحية ( الأنجلو سكسونية ) لعودة بريطانيا إلى خليج عدن يقابله احتلال أمريكي لكامل الساحل الصومالي. . وبما أن الصحيفة قد نوهت أنها ستقوم بإعادة نشر المقال بسبب الأخطاء الفنية التي ظهرت فيه ، نعيد نشر المقال بعد التصحيح خصوصا مع التطورات الجديدة التي أعلنها تنظيم القاعدة أمس الأول انه سيحتل (( باب المندب )) لملاقاة الغرب على حد زعمهم وهي الذريعة التي كان قد تطرق إليها المقال بالتفصيل. . فإلى المقال :

التاريخ لا يكرر نفسه وإذا فعل فانه في الأولى صانع دراما كبيرة وفي الثانية صانع مهزلة والمهازل لا تحتاج إلى أوصاف لقياس حجمها. . ( كارل ماركس ).

من قصة السفينة الهندية (( داريا دولت )) التي جنحت في سواحل عدن عام 1837 وتم نهبها من قبل (( العبادل )) لتكون ذريعة لاحتلال (عدن ) في 1839 م. . إلى مؤتمر لندن 2010م. . ومن الكابتن ( هينس ) إلى جوردن براون. . هذه هي بريطانيا كانت وما زالت وستظل ، تتغير الأسماء والوسائل والأعذار لكن تبقى سياساتها وغاياتها وروحها الاستعمارية ثابتة. . بريطانيا عبر التاريخ صانعة مؤامرات كبرى وفتن سياسية طويلة الأمد مع ضمانة الجودة والصيانة وقطع الغيار ، وما وعد ( بلفور وسايكس بيكو ) عنا ببعيد ، ولا يعجزها خلق الذرائع والمبررات في أي زمان ومكان لكنها اليوم استبدلت نظرية ( الأسطول والمدفع ) الشهيرة التي اعتمدت عليها في حروبها في القرن التاسع عشر إلى سياسة المؤتمرات لتمرير المؤامرات كوسيلة حديثة لتحقيق مآربها التي لا تتقاطع مطلقاً مع مصلحة الشعوب وذلك ما ستتقنه بدقة تفوق دقة ساعتها الشهيرة ( بيج بن ) في وسط لندن. . ماضيها الاستعماري الطويل راكم لديها خبرات ومواهب متعددة ومتنوعة في معرفة عقليات وثقافات وحتى الأساطير الخرافية والحكاوى الشعبية والألغاز للشعوب التي استعمرتها. . لكنها توظف الأساطير لتسطر تاريخها على تلك الشعوب المتخلفة. . وتوظف الحكاوى لتفرض حكاياتها المؤلمة ، وتستغل الفوازير لتترك ألغازها جروحا غائرة غير قابلة للحل بعد خروجها ( كشمير) نموذجا. . كل ما تقدم ليس بجديد على المتتبعين لتاريخ بريطانيا وأساليبها في تحقيق مآربها في أي بقعة من العالم. . فالمطلوب حاليا هو إعادة احتلال (عدن ) للسيطرة على الملاحة الدولية في خليجها. . لذلك تم افتعال عمليات القرصنة في خليج عدن وتدريب القراصنة ودعمهم وحمايتهم وتصعيد الظاهرة باستمرار للوصول بها إلى أوجها بحيث تبدو الملاحة العالمية فيه مهددة وخطرة - وهذا ما حدث - وعندها كان المخطط يقضي باحتلال أمريكا عبر قاعدتها العسكرية في جيبوتي لكامل الشريط الصومالي الجنوبي حتى الحدود مع كينيا وبمساعدة دبلوماسية بريطانية في مجلس الأمن تحت مظلة قوة متعددة الجنسيات ويدعمه تواجد أمريكي في جزيرة (( سقطرى )) من خلال اتفاقية إيجار للجزيرة مع الحكومة اليمنية مدتها مائة سنة. . بمبرر حماية الملاحة الدولية في خليج عدن من أعمال القرصنة المعززة بدعم لوجستي أمريكي بريطاني إسرائيلي ، وكذلك - زعموا - لمراقبة نشاط القاعدة - المصنوعة صناعة أمريكية خالصة - على البر الصومالي ومنع تهريب السلاح إلى غزة. . لكن الذي أربك الخطة هو الدخول القوي لبعض القوى الإقليمية والدولية كلاعبين أساسيين يطلبون نصيبهم من الكعكة وبنفس المبررات وهم روسيا والصين وفرنسا والهند وتركيا وإيران. . هذا الدخول المفاجئ أدى إلى الإبقاء على الغاية الأصلية والتغيير في الآلية فقط لأن روسيا تطالب بإعادة استئجار جزيرة سقطرى كقاعدة عسكرية لحماية الملاحة الدولية أيضا ، بحجة أنها كانت هناك في العهد السوفييتي ناهيك عن أن العلاقة اليمنية الروسية هي أكثر نظافة من العلاقة مع أمريكا التي تعطيك ( الدجاجة ) لتأخذ منك الجمل والثور والبقرة. . ناهيك أن تجهيزات وآليات الجيش اليمني العسكرية روسية الصنع وبالذات في سلاحي الجو والبر وبقروض ميسرة ومساعدات لا صفقات مشبوهة ، كما أن معظم قادة الجيش اليمني الرئيسيين تخرجوا من الكليات الحربية الروسية ولا يحسنون استخدام الأسلحة الأخرى بنفس المهارة والكفاءة والصيانة مع السلاح الروسي ولهم تجارب محبطة مع السلاح الأمريكي في نهاية السبعينيات أدت إلى هزائم عسكرية على الجبهات وما فضائح السيارات( الهمر ) في حرب صعدة عنا ببعيد ، فالسلاح الأمريكي مرتفع الثمن وشديد التعقيد وكثير الأعطال والصيانة وقليل الفاعلية وعبء كبير على مستخدميه في المعركة وغير مناسب مطلقا لظروف وتضاريس البيئة اليمنية وصفقاته قذرة. . وبالإضافة إلى وجود الصين والهند وفرنسا كلاعبين دوليين كبار لهم أجندتهم الخاصة ثم دخول تركيا وإيران كأطراف إقليمية وقوى صاعدة لها مصالحها الحيوية في المنطقة ، اقتضى الأمر إجراء بعض التعديلات على الذريعة والوسيلة معا ، فتم استدعاء ( البيض ) من عُمان لاستئناف نشاطه السياسي من أوروبا وفتحت له قنوات تواصل مع أجهزة استخبارات غربية ووسائل إعلام ناطقة بالعربية ، وطلب منه ترأس ما يسمى بالحراك الجنوبي الذي تحول أعضاؤه فجأة من مطالبين بحقوق مشروعة تحت سقف الوحدة إلى قطاع طرق وقتلة ولصوص يطالبون بالانفصال والعودة إلى ما قبل 22 / مايو 1990م. . بريطانيا أحيت البيض من برزخه السياسي وأعادت الروح الانفصالية إليه ليترأس ما يسمى الحراك الجنوبي ويقوم بتهييجه ورفع درجة سُعاره بخطابات تلفزيونية عبر الفضاء لتوريطه أكثر تمهيدا للمطالبة بعرض قضية ( شعب الجنوب) على مجلس الأمن على غرار ما حدث في العام 1961م ضد بريطانيا ذاتها ، وذلك للمطالبة بإرسال قوات أجنبية للحماية من جيش ( الجمهورية العربية اليمنية المحتل !! ) وحتى لا تبدو العملية بهذه الوقاحة رغم أن شواهدها ملموسة على الأرض ، رأت بريطانيا بدهائها السياسي العريق وبضوء أخضر أمريكي أن تقوم أولا بعقد مؤتمر ( لندن ) تدعو في ظاهره لمساعدة اليمن ضد ( القاعدة ) بينما هو يدين اليمن سلفاً ويؤكد أن الدولة عاجزة عن مواجهته بمفردها ويتطلب تدخل عسكري دولي لاحقا لمكافحته ك(أفغانستان) تماما. . وهو ما تريده بريطانيا على وجه الخصوص لأن حماية خليج عدن ستكون من اختصاصها كقوة عظمى وبالتالي حماية إسرائيل من خلال اعتراض وتفتيش أي سفينة يشتبه بها وهو ما سيفقد اليمن سيادته نهائياً على مضيق باب المندب بحجة عجزه عن حماية الملاحة الدولية فيه. . وبذلك تكون عودة بريطانيا لاحتلال عدن مرة أخرى و- ما أدراك ما عدن في الذاكرة البريطانية - أشبه بالقدر المحتوم - لا قدر الله - مع الفارق أنها في هذه المرة ليست دولة معتدية بل صديقة ومفوضة باسم ( الشرعية الدولية ) والأمر على حد قول الشاعر ( والليالي من الزمان حبالى مثقلات يلدن كل عجيب ) بينما فرقاء العمل السياسي في الوطن حالهم أشبه ما يكون بالمثل القائل ( تنور يُسجر وسكين تشحذ وكبش يعتلف ) حالهم كحال الكبش الذي يعتلف ولا يدري أن التنور والسكين يحضّران له ، وهم يعتقدون أن ذلك لن يصيب سوى النظام وحده !! وهذا لعمرك قصر نظر سياسي خطير جداً وصدق عز من قائل (( واتقوا فتنة لا تصيبن الذين ظلموا منكم خاصة )).

المقالات

تحقيقات

dailog-img
كيف تحوّلت مؤسسات صنعاء إلى “فقَّاسة صراع” الأجنحة داخل جماعة الحوثي؟ (تحقيق حصري)

حوّل خلاف موالين لجناحين (متشددين) متعارضين داخل جماعة الحوثي المسلحة “جلسة مقيّل” خاصة- بالعاصمة اليمنية صنعاء خلال عيد الأضحى المبارك- إلى توتر كاد يوصل إلى “اقتتال” في “مجلس” مليء بالأسلحة والقنابل ا مشاهدة المزيد

حوارات

dailog-img
وزير الدفاع يتحدث عن الحرب العسكرية ضد ميليشيا الحوثي ويكشف سر سقوط جبهة نهم والجوف ومحاولة اغتياله في تعز ولقائه بطارق صالح وتخادم الحوثيين والقاعدة وداعش

كشف وزير الدفاع الفريق ركن محسن محمد الداعري، ملف سقوط جبهتي نهم والجوف، بقبضة ميليشيا الحوثي، للمرة الأولى منذ تعيينه في منصبه. وأشاد الداعري، في حوار مع صحيفة "عكاظ" بالدعم بالدور المحوري والرئيسي الذي لعبته السعودية مشاهدة المزيد