"يهودية" إسرائيل.. الصهيونية الدينية والأمنية (4ـ4) 1-2

2010-02-13 04:25:08

إبراهيم غالي

مع وصول حكومة بنيامين نتنياهو للسلطة في عام 2009، تسعى إسرائيل إلى تكريس نفسها فعليا كدولة "يهودية"، في تعبير واضح عن روح صهيونية مسيطرة على الإسرائيليين؛ فتحت هذا المصطلح الأوسع يقبع ما بقي من أهداف إسرائيلية متعددة تعد الوجه المماثل ل "يهودية" الدولة.

ومن أبرز هذه الأهداف: استكمال تزييف التاريخ الفلسطيني، وتديين الصراع من جديد بحيث يتم الاحتماء بشعار "مكافحة العنف والإرهاب" للقضاء على ما بقي من مقاومة فلسطينية، وأيضا للتخلص -ولو التدريجي- من عبء الوجود الفلسطيني داخل الخط الأخضر، والتمسك بالقدس موحدة للأبد تحت سيادة إسرائيل، وضم أكبر كتلة ممكنة من أراضي الضفة الغربية إلى إسرائيل، بحيث يكون للفلسطينيين فقط ما يشبه الحكم الذاتي في هذه الأرض، فيما تكون السيادة الفعلية لإسرائيل ما بين نهر الأردن والبحر، وبحيث يتم كذلك الفصل والانعزال عن الفلسطينيين تجنبا لخوض الصراع الديموجرافي المستقبلي، إن داخل إسرائيل، أو على أرض فلسطين التاريخية كلها.

رابعاً: تكريس "يهودية" إسرائيل. . الأهداف والتداعيات

ويمكن الجزم بأن تصعيد لغة الإسرائيليين بمختلف أطيافهم لجهة طرح "يهودية" الدولة العبرية مع مطلع الألفية الثالثة كان، ولا يزال، له عدد من الأسباب والأهداف التي يجري تنفيذها على أرض الواقع، ويمكن حصرها في ثلاث مساحات أساسية:

أولا: إعادة تديين الصراع والحرب على المقاومة:

لا يخفى أن جذوة الحديث الإسرائيلي حول الاعتراف ب "يهودية" الدولة، إنما جاء في أعقاب إعلان الحرب الأمريكية على ما يسمى "الإرهاب"، وبالتوازي مع صعود اليمين في إسرائيل وصعود اليمين الديني المحافظ في الولايات المتحدة؛ وهو ما أدى لاحقا إلى محاولة إعادة تشكيل الشرق الأوسط وفق رؤية صهيو - أمريكية، هدفها الأول القضاء على أي مشروع للمقاومة في المنطقة، حيث استطاعت إسرائيل أن توغل في وصف كافة حركات المقاومة بالتنظيمات "الإرهابية"، وضاع الفارق بين حركة تحرر وطني وبين تنظيم إرهابي، ومعه باتت مقاومة الاحتلال الإسرائيلي نوعا من الإرهاب.

على هذه الخلفية عاد التفسير التوراتي الميثيولوجي للصراع مع العرب ليصبح أشد وطأة وتحكما مقارنة بالمراحل السابقة. وفي هذا الصدد يذهب العديد من المحللين الإسرائيليين إلى القول بأن فشل إسرائيل في القضاء على تنظيمات "المقاومة" مرده أن خلفية الصراع الدائر بين إسرائيل وهذه التنظيمات ليس صراعا سياسيا بل أيديولوجي وديني، فهي تنظيمات تهدف إلى تدمير إسرائيل، سواء أكانت تنظيمات علمانية مثل حركة فتح، أو دينية كحركة حماس ذات الامتداد الإخواني في مصر والسعودية والأردن والعديد من الدول العربية، أو كحزب الله الذي تلعب إيران دورا مهما في التأثير على سياساته وفقا لمرجعية الولي الفقيه عند الشيعة.

إن طرح "يهودية" الدولة من هذا المنظور يأتي لسببين، أولهما: مناهضة المتطرفين الإسرائيليين لتيار ما بعد الصهيونية بتوجهاته المختلفة، وهو التيار الذي برز داخل إسرائيل وخارجها مع توقيع اتفاق أوسلو؛ فأفكار هذا التيار بشكل إجمالي لا تتناسب مع رؤية غلاة اليمين، الديني والسياسي، كما أنها لا تضع وزنا فاعلا لأمن إسرائيل السرمدي المطلق.

والسب الثاني أن إسرائيل، وهي تستمر في خلق وقائع على الأرض الفلسطينية المحتلة، وفي ضوء الاعتبارات الإقليمية والدولية لاسيما الخطط الأمريكية لتغيير شكل الشرق الأوسط، حاولت إقناع العالم بأن جل مشكلات المنطقة وعدم استقرارها بل وحتى صراعها مع أطراف معينة بالمنطقة لا يعود بالضرورة إلى الصراع العربي - الإسرائيلي ذاته، أو أن هذا الصراع يسهم في تفسير ظواهر أخرى سلبية بالمنطقة، وإنما بات قادة إسرائيل يروجون لفكرة أن هذا الصراع ليس عربيا/إسرائيليا خالصا، بل هو ضمن صراع أكبر، بين الشرق والغرب. . بين الديانات الأخرى وبين ما تعتبره "الشمولية الإسلامية". . هو صراع حضارات وأيديولوجيات. . صراع بين الخير والشر على حد وصف الإدارة الأمريكية السابقة؛ وهو ما يتطلب ليس من أمريكا فقط، وإنما من الغرب كله، أن يحافظ على مصالح إسرائيل كرأس حربة في هذا الصراع الكوني الجديد حفاظا على القيم والمصالح الغربية.

بكلمات أخرى رسالة "يهودية" إسرائيل واضحة، فوجود تنظيمات مثل حزب الله وحماس، ونظام ديني في إيران يسعى لامتلاك القدرات النووية، وشبكات للقاعدة تنتشر في أنحاء العالم، وعودة قوة تنظيم التيارات السياسية ذات الإسناد الإسلامي في العديد من الدول العربية. . كلها ظواهر دينية بالأساس تتمحور حول حرب ثقافية ذات بعد ديني وصراع للقيم بين الشرق والغرب وبين الإسلام والمسيحية، وبالتالي فالصراع العربي - الإسرائيلي فقط هو أحد تداعيات هذا الصدام الأيديولوجي والثقافي والقيمي والحضاري بين منظومتين، شرقية "إسلامية" وغربية "مسيحية ويهودية".

مغزى ذلك أن "اليهودية" هي نظير "الإسلامية" مثلما أن "العبرية" هي مقابل "العربية"، لذلك فإن استخدام "يهودية" الدولة -في نظر غلاة اليهود وما أكثرهم- هو رغبة في وضع عقبة كبرى أمام التسوية واستدعاء لقوى التطرف على الجانبين، حتى أن بعض الفتحاويين اعتبروا أن إقحام تعبير "يهودية" الدولة في هذه المرحلة هو رد إسرائيلي على أيديولوجية حماس الإسلامية، وإن صح هذا النمط من التفكير أو كان خطأً؛ فإن الأمر الذي لا جدال فيه ولا خلاف عليه هو أن "تديين" الصراع العربي الإسرائيلي قد استدعى مثل هذه المسميات المتطرفة.

ولذا تؤجج إسرائيل منذ حربها على لبنان مقولة ضرورة مواجهة الخطر الثيوقراطي الإسلامي باختلاق معتدلين عرب وآخرين متشددين، وذلك في انفصال واضح عن حقيقة الصراع السياسي حول الأرض والسلام، والذي لا تختلف الأطراف العربية الفاعلة على الحدود الدنيا المطلوبة سياسيا في أية تسوية مستقبلية، وهذا كله ليس إلا استخداما للدين لرفض مبادرة السلام العربية، وزج الطرف العربي في التصارع حول المواصفات والمسميات، ودفع الطرف الدولي إلى قبول حقيقة أن حل الصراع لن يثمن في تلاشي أو تخفيض حدة الصراع الثقافي والحضاري الإسلامي مع الآخر الديني؛ وبالتالي فإن حل الصراع لا يسهم في مجال الحرب على الإرهاب.

إسرائيل تطرح إذن "يهودية" دولتها كأنها توهم العرب بكل بساطة، إضافة إلى جوارهم "الإيرانيين"، بأن الهوية الأولية في منطقة الشرق الأوسط هي دينية بالأساس وليست وطنية أو حتى عرقية، وهو ما يجوز معه بالتالي وجود صورة بقدر ما هي متنافرة بقدر ما تخدم أهداف إسرائيل، فثمة تناحر شيعي سني من جانب هو في جوهره تنافس على الآخر الديني، وثمة قيام تحالفات بين الأصولية الإسلامية السنية "الفكر الوهابي والقاعدي" وبين الملالي "الشيعة" الإرهابيين في إيران وحزب الله من جانب آخر.

ولا بأس في ضوء هذا أن يعيد الإسرائيليون سياسة دولتهم وفقا لمعايير صهيونية أيديولوجية تجعل الدين "اليهودي" في أشد تفسيراته المحرفة ركيزةً لسياساتهم، واستدعاءً للفظائع العسكرية التاريخية وتبنيها وممارستها من خلال إستراتيجية عدوانية متوحشة.

ومن أمثلة هذا الاستدعاء: "وهكذا هاجم يوشع كل أرض الجبل والمناطق السهلية والسفح ودمرها وقتل ملوكها، ولم يفلت منهم ناج، بل قضى على كل حي كما أمر الرب إله إسرائيل" (سفر يوشع). كما تكرر مرات كثيرة في التوراة الأمر الإلهي المزعوم لقادة الشعب المختار بإبادة السكان الأصليين لفلسطين، إلى حد الإبادة الشاملة، حتى تصفو لهم الأرض الموعودة.

وربما يفسر هذا الاستدعاء للتفسير الديني انفلات جيش إسرائيل في حربه الأخيرة على قطاع غزة من كل رادع أخلاقي وخروج فتاوى حاخاماتية تجيز قتل المدنيين من الفلسطينيين؛ ما يشير إلى تعمق الموروثات التلمودية والتوراتية المؤسسة للكيان الإسرائيلي المبنية على خوض حروب للإبادة مستلهمة من فلسفات حلولية، حيث يحل الرب في شعب بني إسرائيل المدلل، بما يبيح لهم اجتراح أي شيء ويشير كذلك إلى مخاطر تقنين مفهوم إسرائيل كدولة "يهودية".

علاوة على ذلك، تصبح القدس من باب الصراع الديني ملك إسرائيلي غير قابل للمقايضة، بل قد تصبح رهانا رمزيا للمواجهة بين العالم الإسلامي والغرب المسيحي، وأن ما يجري بها من تهويد ليس استعمارا منظما من جانب إسرائيل، إنما هو الطريق الخلاصي كما يعتقده اليهود المتشددون والمسيحيون المتصهيونيون.

ثانيا: استهداف عرب 48

لم يستقر الإسرائيليون بعد على معنى "يهودية" الدولة، أهي دولة "يهودية" خالصة لا مكان فيها لغير اليهود؟، أم دولة ثنائية القومية؟، أم دولة لكل مواطنيها؟. . بعض الإسرائيليين يعتقدون أن الاعتراف بيهودية الدولة معناه قبول الفلسطينيين بحل لقضية اللاجئين في الدولة الفلسطينية أو في دول أخرى غير إسرائيل. وبعضهم الآخر يرى في ذلك مقدمة لتنفيذ عملية ترانسفير كبرى يتم في إطارها ترحيل الفلسطينيين الموجودين في إسرائيل إلى الدولة الفلسطينية، أو القيام بعملية تبادل للأراضي تؤدي إلى ضم أرض مع سكانها الفلسطينيين في إسرائيل مقابل احتفاظ إسرائيل بالمستوطنات في الضفة الغربية وضمها لإسرائيل.

من جانب آخر، يحتدم جدل آخر منذ العام 2000 حول السجال الديموجرافي، والذي أصبح يشمل الفلسطينيين داخل إسرائيل -وليس فقط مجموع الفلسطينيين في الضفة وغزة والقدس الشرقية- بعد أن كان قد توقف منذ أوائل الستينات، وهو ما أدى إلى أن يأخذ صناع القرار في إسرائيل أهمية هذا الجانب لدى صنع سياسات الداخل بحيث أضحت المشكلة الديموجرافية بالنسبة لفلسطيني الداخل لا تختلف كثيرا عن ذات المشكلة مع الفلسطينيين في بقية الأراضي المحتلة؛ إذ تبنت إسرائيل سياسة الجدران العازلة التي تفصلها عن الفلسطينيين، وداخليا تقوقعت جغرافيا ورمزيا للدفاع عن خطر فقدان الدولة لصبغتها، وبدأ الإسرائيليون في تطبيق نفس الطريقة مع عرب الداخل كما حدث في مدن اللد والرملة والعزل بين مدينة قيسارية وقرية جسر الزرقاء، كما أن التشديد على "يهودية" الدولة بدأ يشغل حيزا كبيرا في الخطاب اليومي، السياسي والأكاديمي والإعلامي، وفي النقاش حول دستور الدولة وقوانينها.

ودون الخوض تفصيلا في هذا الجدل (حول شكل "يهودية" الدولة) أو ذاك (المشكلة الديموجرافية)؛ فلا شك أنهما سجالان يطالان بالأساس فلسطيني 48، والبالغ عددهم 1. 2 مليون نسمة (حوالي 20% من سكان إسرائيل)، وتتركز غالبيتهم العظمى في مناطق المثلث (وسط) والجليل (شمال) والنقب (جنوب)، واستغل غلاة اليمين الإسرائيلي ذلك لتقوية خطابه العنصري ضدهم من جانب، ولتعزيز موقعه السياسي في الداخل من جانب آخر.

وعلى سبيل المثال مثل استعداء عرب 48 القفزة السياسية لحزب إسرائيل بيتنا بزعامة المتطرف ليبرمان، والذي يدعو علنا إلى إجراء عملية "ترانسفير" للعرب من خلال إعطاء مدينة أم الفحم والقرى العربية في وادي عارة ومثلث الجليل إلى السلطة الفلسطينية، مقابل ضم الكتل الاستيطانية الكبرى في الضفة الغربية، وتهجير عرب 48 من إسرائيل بشكل شبه قسري.

ولعل ما كتبه حلعاد، نجل رئيس الوزراء الأسبق أرييل شارون، هو خير تعبير عن مغزى "يهودية" إسرائيل التي تعني إلغاء العرب تحديدا من تلك الدولة، يقول : "لا ينبغي أن يعلو صوت على صوت يهودية إسرائيل. . إن حقيقة كون العرب في إسرائيل مواطنين في الدولة اليهودية وليسوا مواطنين في دولة عربية هي خطأ تاريخي. . إن الهدف الأسمى لإسرائيل ينبغي أن يظل تكريس غالبية يهودية بين مواطني إسرائيل إلى الأبد، بينما يتوجب على الأقليات أن تكون موالية بصورة مطلقة للدولة اليهودية، بحيث تؤدي جميع الواجبات وتهنأ بجميع الحقوق مثل الدروز وقسم من البدو والشركس. . . "

الحاصل من ذلك أن الاعتراف بإسرائيل كدولة "يهودية" إنما يعني، في حال قيام دولة فلسطينية أيا كان شكلها، وجود كيانين على أرض فلسطين التاريخية، أحدهما يهودي يخص جميع اليهود في أنحاء العالم، والآخر فلسطيني يخص الفلسطينيين، في أنحاء العالم أيضاً.

وبموجب هذا الفصل التعسفي، تضرب إسرائيل عصفورين بحجر واحد؛ فمن جانب تصبح قضية حق العودة مسألة تخص الدولة الفلسطينية المنتظرة وليس لإسرائيل شأن بها، ومن جانب آخر يصبح من حق كل دولة سن القوانين والتشريعات على أرضها دونما تدخل من أي طرف آخر.

معنى ذلك أن قضية يهودية "إسرائيل" ستصبح مسألة داخلية، كما أشار إلى ذلك رئيس السلطة الفلسطينية، أبو مازن، وكبير مفاوضي الفريق الفلسطيني الدكتور صائب عريقات، وسيصبح الفلسطينيون الذين تمسكوا بأرضهم، في حيفا ويافا والناصرة وبقية المدن الفلسطينية التي تشكل الآن جغرافية إسرائيل، ضمن الرؤية الجديدة، مجرد جالية فلسطينية مقيمة في دولة "إسرائيل" يخضعون كمقيمين، وليس كمواطنين، لأنظمتها وقوانينها، وتملك حق تهجيرهم في أي وقت تختاره. وتصبح الأراضي التي احتلها اليهود، بموجب هذه التصورات، هي لليهود فقط.

وإذا ما تم تقنين "إسرائيل" بهذه الصفة "اليهودية" وأخذت أبعادها القانونية والسياسية وجرى الاعتراف بها على الصعيد الدولي، فإن ذلك يعني إسقاط كل الحقوق الفلسطينية في تلك الأراضي، بما في ذلك حق العودة وتقرير المصير، وهي فوق ذلك كله، محاولة خطيرة من أجل خلق مناخ دولي وإقليمي مناسب لطرد بقية الفلسطينيين الصامدين من ديارهم. وهذه حقوق بقيت حتى اليوم رغم غطرسة إسرائيل مضمونة بموجب القانون الدولي وميثاق الأمم المتحدة والعديد من القرارات الدولية الخاصة بالصراع بين العرب وإسرائيل.

وفي ميدان الممارسة، يلاحظ تزايد الإجراءات والقوانين والأفعال العنصرية الإسرائيلية ضد عرب 48 مذ بدأ الحديث عن "يهودية" الدولة. واللافت أن الخلاف النظري بين أطروحات اليمين واليسار في إسرائيل لا ينعكس على أرض الواقع سوى في الاتفاق على استهداف ومضايقة عرب الداخل، لتنتقل محاولات إسرائيل منذ نشأتها لحصارهم سياسيا وثقافيا ودينيا إلى تزايد الدعوات لطردهم خارج إسرائيل وممارسة نوع من حصار جديد، جغرافي وديموجرافي في آن واحد.

وكانت بداية هذا الحصار في مايو 2002 عندما قرر وزير الداخلية حينذاك، إيلي يشاي، تجميد كافة معاملات جمع الشمل بين فلسطيني 48 وسكان المناطق المحتلة في الضفة الغربية وقطاع غزة. بل إن الترابط بين مسعى "يهودية" الدولة وبين تضييق الخناق على فلسطيني 48 يتضح في ذاك التزامن بين صدور قرار الكنيست بتعميق فكرة يهودية الدولة وتعميمها على دول العالم في يوليو 2003، وبين صدور قانون تعديل الجنسية في نفس الشهر، وهو القانون الذي يمنع فلسطيني المناطق المحتلة من الحصول على الجنسية الإسرائيلية من خلال إجراء جمع الشمل، والذي جعلته إسرائيل قانونا "مؤقتا" هربا من الاتهامات الدولية بالعنصرية.

وتثبت مجموعة القرارات التي أقرها الكنيست السابق، السابع عشر في تاريخ إسرائيل، والذي كانت أغلبيته البرلمانية تتشكل من الوسط واليسار، عن أنه لا توجد فروق كبيرة بين اليمين وسواه في كيفية التعامل مع الفلسطينيين في الداخل الإسرائيلي، حيث تبنى هذا الكنيست العدد الأكبر من القوانين العنصرية المعادية للمواطنين العرب منذ نشأة الدولة، وهي قوانين تؤكد على أن إسرائيل نموذج للديمقراطية العرقية.

ومن بين هذه القوانين العنصرية التي أقرت في دورة الكنيست السابقة منذ مارس 2006 ، قانون يمنح السلطات المحلية الإسرائيلية الحق في منع العرب من العيش في مناطق نفوذها، وقانون يسمح بمحاكمة كل من يقوم بزيارة دولة في حالة عداء مع إسرائيل، وقانون يسمح بتقديم كل نائب للمحاكمة في حال قام بمهاجمة إسرائيل وطابعها اليهودي أثناء تواجده في الخارج (يقصد بذلك النواب من عرب 48).

أيضا تم تجديد قانون "المواطنة" الذي يحظر على فلسطينيي 48 العيش مع زوجاتهم أو أزواجهم في حال تزوجوا من الضفة الغربية وقطاع غزة، بل إن القانون نزع بأثر رجعي الحقوق التي تمنح لفلسطينيي 48 الذين تزوجوا من الضفة وغزة. كما تم إقرار قانون يسمح بخفض مخصصات الضمان الاجتماعي الممنوحة للعائلات كثيرة الأولاد حيث برر النواب الذين تقدموا بمشروع هذا القانون بالقول إنه "جاء لدفع فلسطينيي 48 لتقليص أعداد مواليدهم حيث تعتبر أسر فلسطينيي 48 كثيرة الإنجاب مقارنة بالأسر الإسرائيلية".

هذا علاوة على الحملات التي شنتها إسرائيل على الحركة الإسلامية وعلى النائب العربي عزمي بشارة وغيره من النواب العرب بالكنيست، واستهداف المدن العربية من قبل اليمين المتطرف لمحاولة طرد الفلسطينيين، ليس من المدن المختلطة مثل عكا ويافا فحسب، بل حتى في المدن التي يشكل فيها العرب نسبة 100%، ومنها مدينة أم الفحم، ثاني أكبر تجمع سكاني عربي داخل إسرائيل بعد مدينة الناصرة.

ومع وصول الثنائي المتطرف "نتنياهو - ليبرمان" للسلطة بعد انتخابات 2009، انتقلت إسرائيل فعليا من مرحلة رفع شعار "يهودية" الدولة والتخطيط له إلى مرحلة التنفيذ بشكل نهائي لإبعاد العرب داخل الخط الأخضر؛ فقد صادق الكنيست يوم 27 مايو 2009 بالقراءة التمهيدية على قانون تقدم به زفلن أورليف من حزب البيت اليهودي اليميني، ينص على الحبس لمدة عام لأي شخص ينفي الطابع اليهودي لدولة إسرائيل.

والأخطر من ذلك هو إقرار الكنيست يوم 3 أغسطس 2009 لقانون لم تجرؤ إسرائيل على القيام به بشكل قانوني وعلني منذ عام 1948، وهو قانون يسمح بخصخصة واسعة النطاق لما يعرف ب"أراضي الدولة"، حيث يسمح ببيع وتمليك الأراضي التي صودرت من فلسطينيي الداخل عام 1948 لليهود ؛ الأمر الذي وصفه نواب عرب بالكنيست الإسرائيلي بأنه "قرار فاشي" يعبر عن الوجه الحقيقي والعنصري للاحتلال الإسرائيلي، و"يكرس لنهب الأراضي والأملاك الفلسطينية".

وينص القانون على خصخصة الأملاك والأراضي في القرى والمدن الفلسطينية المصادرة، وأملاك اللاجئين الفلسطينيين الذين غادروا أرضهم قسرا في نكبة عام 1948، بما فيها المناطق السكنية والمناطق الصناعية والتجارية وتسويق الأراضي الواقعة في مسطحات المدن والقرى المختلفة على مرحلتين الأولى تنتهي في عام 2014 والثانية بعد ذلك. وهذا يعني صراحة بيع أراضي اللاجئين إلى أفراد وجهات يهودية فقط في أي بلد، وبذلك تنقطع العلاقة بين صاحب الأرض الفلسطيني وأرضه ويسد الطريق تماما أمام حق عودة اللاجئين بعد أن تنقل الأرض إلى ملكيات خاصة.

وستقوم ما تعرف ب"دائرة أراضي إسرائيل" ببيع عشرات آلاف الدونمات للصندوق القومي الإسرائيلي الذي يمتلك مساحات أرض واسعة باسم الشعب اليهودي في العالم، وتقضي ضمنا برفض بيعها أو تأجيرها للعرب. ويغير القانون الواقع القائم، حيث إن 94% من الأراضي هي أراضي دولة يجري تأجيرها لفترات طويلة (49 أو 99 عاما ولليهود فقط) والباقي أراض خاصة (3% لمواطنين عرب و3% لمواطنين يهود).

وقد نجح حزب إسرائيل بيتنا في أن يقر الكنيست أيضا قوانين عنصرية لم يسبق لها مثيل بحق فلسطيني 48، ومنها: إصدار قرار بشطب أسماء المدن والبلدات العربية، والاستعاضة عنها بالأسماء العبرية ليشمل القرار تهويد الأسماء العربية وعبرنة 2500 اسم مدينة وقرية عربية داخل الخط الأخضر، وقانون يحظر قيام دولة إسرائيل بتمويل المنظمات والنشاطات التي ترفض الاعتراف بإسرائيل كدولة للشعب اليهودي.

كما اقترح ليبرمان في مايو 2009 مشروع قانون يطالب المواطنين الإسرائيليين بأن يقسموا بالولاء للدولة اليهودية قبل إصدار وثيقة مواطنة لهم، على أن يتم إعلان الولاء بشكل كتابي يأتي فيه : (أتعهد بالولاء لدولة إسرائيل بصفتها دولة يهودية صهيونية وديمقراطية، ولرموزها وقيمها، وبأن أقوم بخدمة الدولة كما هو متطلب مني خدمة عسكرية أو من أي شكل من أشكال الخدمة كما ينص عليه القانون). وبموجب القانون يجب على جميع المواطنين الإسرائيليين (من يعيش في إسرائيل ويحمل جنسيتها) الذين تتجاوز أعمارهم 16 عاما حمل بطاقات الهوية الخاصة بهم في جميع الأوقات. وتقدم نواب يهود بمشاريع قوانين تفرض على الأقلية العربية أداء قسم الولاء لدولة إسرائيل ولقيمها ورموزها، والخدمة في جيشها.

ولا تزال حكومة نتنياهو - ليبرمان تعكف بشكل دائم على دراسة عدة مقترحات منها:

قانون يجرم إحياء ذكرى النكبة وحبس أي شخص يشارك باحتفالات هذا اليوم،

وقانون يسمى (عبرنة اللغة العربية) يحدد اللغة العبرية "اللغة الرسمية الوحيدة بإسرائيل"، في حين يتم اعتبار اللغات العربية والإنجليزية والروسية كلغات رسمية ثانوية، وإلغاء نص القانون الحالي الذي ينص على أن كلا من العبرية والعربية لغتان رسميتان للدولة،

وقانون للتدريس الإلزامي للنشيد الوطني الإسرائيلي بالمدارس العربية،

وقانون اقترحه وزير الخارجية ليبرمان يدخل تعديلات على قواعد التعيين في وزارة الخارجية بحيث يمنع الغالبية العظمى من فلسطيني 48 من الانخراط في السلك الدبلوماسي.

ومما لا شك فيه أن كل هذه القوانين والإجراءات "العنصرية" بحق فلسطيني 48، ما أقر منها وما في طريقه للإقرار، والتي إنما تأتي في سياق ما تريده حكومة نتنياهو اليمينية المتطرفة الراهنة بتحقيق "الدولة اليهودية النقية" ومنع أي فرصة لأن تكون إسرائيل دولة ثنائية القومية حتى لمن يحملون جنسيتها من فلسطيني 48.

ثالثا: فرض التسوية بالشروط الإسرائيلية

كما سلف، فإن "يهودية" إسرائيل باتت مطلباً علنياً من لدن قادة الدولة العبرية على اختلاف مشاربهم في أي تسوية مقبلة مع الفلسطينيين، وهو ما يشكل جوهر الصهيونية النيو - أمنية في العقل الإسرائيلي، ويعد من الناحية السياسية -وكذلك الدينية- أمرا تعمل إسرائيل من خلاله إلى تثبيت وقائع جديدة على الأرض وتضع اللمسات الأخيرة للخريطة المأمولة من جانبها للوطن (أو للكيان الذاتي) الفلسطيني، وإلى محاولة انتزاع تنازلات فلسطينية على مائدة التفاوض فيما يخض قضايا الوضع الدائم مثلما حاول أولمرت في مؤتمر أنابوليس، وكما يفعل الثنائي المتطرف نتنياهو - ليبرمان من جانب آخر.

وتهدف إسرائيل من وراء خلق هذا الواقع الذي تسوقه دوليا عبر "يهودية" الدولة، إلى جملة من الأهداف السياسية، أبرزها:

1 إعطاء إسرائيل الحق في البحث عن أمن دولتها وفق منطق "دولة آمنة لليهود"، مما يعني تبرير رفض العودة إلى حدود 1967، باعتبارها حدوداً غير آمنة، وإقامة دولة فلسطينية بالشروط التي وضعها نتنياهو، بل يمكن القول إن ثمة في إسرائيل من يسعى إلى فكرة إحياء نظرية الوطن البديل من جديد، خاصة مع طرح فكرة الحكم الذاتي الموسع للفلسطينيين في الضفة الغربية وغزة، أي العودة إلى واقع ما قبل 1967، حيث تعود غزة للإشراف المصري والضفة للإشراف الأردني، ولا مانع من وجود قيادة فلسطينية صورية.

وهذا الطرح يلقى مسوغا له مع هذا الانقسام الفلسطيني السياسي والجغرافي وغياب إستراتيجية فلسطينية موحدة لكيفية إدارة الصراع مع إسرائيل.

2 إن تأصيل دولة "يهودية" معترف بها إنما يعني تحريم عودة اللاجئين الفلسطينيين إلى أرضهم التي طردوا منها بالقوة عام 1948، وبالتالي إلغاء القرار رقم 181 الذي أصدرته الأمم المتحدة عام 1947 والقاضي بتقسيم فلسطين كلها بين الفلسطينيين واليهود. كما يعني إلغاء القرار 194 الصادر عام 1948 والقاضي بحق اللاجئين الفلسطينيين في العودة إلى وطنهم؛ وبالتالي تسهيل مهمة قادة إسرائيل في استجلاب أكبر عدد ممكن من يهود العالم لتحقيق سيناريو دولة "إسرائيل النقية" التي يبلغ عدد سكانها اليهود نحو 14 مليونا بحلول عام 2020.

أكثر من ذلك، فإن إسرائيل تطرح فكرة تعويض اليهود عن ممتلكاتهم في البلدان العربية مقابل طرح فكرة تعويض اللاجئين الفلسطينيين، وإلحاق فلسطينيي 48 بالدولة الفلسطينية مقابل بقاء المستوطنات في الضفة الغربية.

3 التنازل عن الحقوق الفلسطينية في القدس، وإعطاء إسرائيل الحق التام في المدينة، طالما تم الاعتراف بها كدولة "يهودية"، مما ينقض أي حق للفلسطينيين، مسلمين ومسيحيين.

4 حق إسرائيل في البحث عن تحقيق الأمن المطلق، وهو ما يستلزم معه تكثيف الاستيطان في الضفة الغربية وتهويد القدس وتعديل مسار الجدار العازل ليقضم أكبر قدر ممكن من الأراضي الفلسطينية، علاوة على توسيع الاستيطان في الجولان المحتل؛ فهذا كله يصب في خانة الدولة "الآمنة" لكل مواطنيها "اليهود".

وبكل تأكيد لا يستطيع أي مفاوض فلسطيني مهما بلغ "اعتداله" أن يعترف بإسرائيل دولة "يهودية" لأن ذلك لا يضمن فقط تحقيق هذه الأهداف الإسرائيلية، بل إن من شأن "اعتراف" كهذا أن يعيد كتابة تاريخ الصراع، بحيث يصبح عام 1948 نهاية هذا الصراع لا بدايته، بمعنى أنه يكون العام الذي "استعادت" فيه إسرائيل الأرض المستحقة لليهود. وبحسب هذه الرؤية الإسرائيلية يكون الفلسطينيون عام 1948 قد تحولوا إلى "صهاينة"، كما كتب الباحث الفلسطيني أحمد سميح الخالدي في مقال بصحيفة الجارديان البريطانية، كما يكونون قد اعترفوا كذلك بأن الأرض الفلسطينية كانت دائماً أرضاً لليهود، وأن ما حصل في ذلك العام الأليم كان بمثابة "تصحيح" للتشتت اليهودي حول العالم؛ ما يعني موافقة الفلسطينيين على التخلص الإسرائيلي من عقدة الذنب اليهودية بالموافقة على محو تاريخهم ربما إلى الأبد.

ويعد الاستيطان في الضفة والقدس الشرقية التي يجري تهويدها هما حجر الزاوية في تنفيذ مخطط "يهودية" إسرائيل، إلى جوار استهداف عرب 48، ولهذا تزايدت الكتل الاستيطانية منذ العام بشكل مخيف، ولم تكن للضغوطات الدولية، والأمريكية، أثر يذكر بهذا الصدد، بل إن حكومة نتنياهو اليمينية المتطرفة، وفي خلال أشهر قليلة ورغم الضغوطات المختلفة، تسعى بكل كثب لتنفيذ المخططات السابقة والجديدة على أرض الواقع.

وتكشف متابعة بعض ما صادقت عليه حكومة نتنياهو من خطط للتوسع الاستيطاني عن هذه الحقيقة، حيث بدأت هذه الحكومة عهدها بالمصادقة يوم 19 إبريل 2009 على واحد من أكبر المشروعات الاستيطانية في الضفة الغربية والقدس المحتلة، يقضي بإقامة بنية تحتية للمستوطنات وسكة حديدية تربط بينها وإقامة مصانع خاصة لليهود، وتمتد هذه الكتلة الاستيطانية من اللطرون (إلى الجانب الشرقي من القدس) حتى منطقة بيت لحم جنوب الضفة.

كما صادق وزير الداخلية الإسرائيلي يوم 3 مايو على خطة جديدة لتوسيع مستوطنة معاليه أدوميم من خلال قضم 12 ألف دونم من أراضي الفلسطينيين بالضفة وضمها إلى المستوطنة بشكل نهائي، وبناء أكبر تجمع استيطاني بالضفة يشمل 6 آلاف وحدة استيطانية تصل ما بين مستوطنتي كيدار ومعاليه أدوميم. وبالتوازي مع ذلك تمنع سلطات الاحتلال الإسرائيلي الفلسطينيين من بناء مساكن لهم وتهدم منازل مقامة بالفعل في أجزاء مختلفة بالضفة الغربية خدمةً لمشاريعها الاستيطانية، حيث تهدف إسرائيل إلى الاستيلاء على نحو 60% من أراضي الضفة المعروفة بالمنطقة ج عبر هذه الإجراءات.

وواضح أن حكومة نتنياهو تصر عبر المشروعين السابقين على خلق تواصل استيطاني في المنطقة الواقعة بين القسم الشرقي من القدس ومستوطنة معاليه أدوميم والمعروفة باسم (إي 1)، خاصة وأن نتنياهو كان قد وعد في حملته الانتخابية بربط القدس بمعاليه أدوميم عبر حي مبسيرت أدوميم، قائلا: "أريد رؤية أحياء يهودية متلاصقة في كتلة مبنية واحدة". كما يخضع نتنياهو لضغوط من أحزاب وقوى يمينية متطرفة منها ما هو داخل الائتلاف الحكومي الراهن من أجل تنفيذ خطة بناء 3500 وحدة سكنية في هذه المنطقة.

وكانت هذه الخطة أعدت منذ سنوات وخرجت للعلن في عام 2005 على يد أرييل شارون من أجل ترسيخ السيطرة اليهودية على القسم الشرقي من القدس الشرقية والقضاء على أي تواصل بين الضفة الغربية والقدس، وهو ما عارضته الإدارات الأمريكية المتعاقبة حتى إدارة بوش الابن؛ ما اضطر إسرائيل إلى اتباع العديد من الوسائل لإقامة بنى تحتية دون إنشاء وحدات سكنية وتجارية.

ولأن حكومة إيهود أولمرت السابقة ثم حكومة نتنياهو الحالية قد سعيا إلى الالتفاف على هذه المعارضة الأمريكية من خلال سيطرة إسرائيل على 130 ألف دونم تقع على البحر الميت واعتبارها أراضي دولة يمكن البناء الاستيطاني عليها، وبروز مشاريع استيطانية علنية داخل الأحياء العربية في القسم الشرقي من القدس، من جبل المكبر إلى سلوان ورأس العمود والشيخ جراح، لفرض وقائع على الأرض تحول دون تقسيم المدينة؛ فإن إدارة أوباما حذرت إسرائيل بعدم البناء في منطقة (إي 1) لأن التغيير في واقع هذه المنطقة سيكون ذا أثر تدميري لعملية السلام.

وتعود هذه المعارضة الأمريكية والدولية الشديدة للبناء في هذه المنطقة تحديدا، دون غيرها، إلى سبب مركزي مفاده أن خلق تواصل استيطاني في هذه المنطقة ينهي كل إمكانية لأي تواصل جغرافي بين شمالي الضفة الغربية وجنوبها، وهو ما يحول دون قيام دولة فلسطينية متواصلة جغرافيا أو يمكنها القابلية للحياة.

ورغم هذه المعارضة الأمريكية، أقر الكنيست يوم 15 يوليو موازنة إسرائيل لعامي 2009 و2010، وتم تخصيص قروض بقيمة 250 مليون دولار لبناء مساكن جديدة وتطوير البنى التحتية للمستوطنات في الضفة الغربية، وتخصيص 40 مليون دولار لبناء حي جديد في مستوطنة "معاليه أدوميم"، إحدى أكبر مستوطنات الضفة الغربية شرقي القدس، في حين يخصص مبلغ 125 مليون دولار لتمويل "نفقات أخرى أمنية" خاصة بالمستوطنات، ولم يتم توضيح وجهة باقي مبلغ القروض. كما وافقت الحكومة الإسرائيلية يوم 26 يوليو على صرف ثلث ميزانية المنظمة الصهيونية العالمية (6. 5 ملايين دولار) لتطوير البنى التحتية داخل المستوطنات ومعالجة موضوعات أمنية وعمليات بناء جديدة وفقاً للمخططات التي أقرها وزير الدفاع الإسرائيلي إيهود باراك بالتوافق مع رئيس الحكومة بنيامين نتنياهو. وفي 7 سبتمبر أقر وزير الدفاع الإسرائيلي، إيهود باراك، تصاريح بناء 455 وحدة سكنية جديدة للمستوطنين في الضفة الغربية المحتلة أغلبها في تجمعات الاستيطان الكبرى التي تقول إسرائيل إنها تعتزم الاحتفاظ بها في أي اتفاق سلام يجري التوصل إليه في المستقبل مع الفلسطينيين.

وفي القدس الشرقية يجري الاستيطان وطرد الأسر العربية بشكل مكثف؛ فقد كشف تقرير أصدره مكتب الطلبات الجماهيرية التابع للحكومة الإسرائيلية يوم 20 يوليو عن حجم البناء اليهودي في القدس الشرقية وقيام السلطات الإسرائيلية بتهجير 400 أسرة عربية من شرق القدس إلى غربها وإغلاق 140 مكتب أعمال يمتلكها عرب في القدس الشرقية.

ومنذ الأول من أغسطس يتواتر الحديث عن قرب بدء تحويل فندق "شيبرد" إلى مجموعة شقق فندقية تتكون كمرحلة أولى من 20 شقة ليصل عددها فيما بعد إلى 200، تخصص لإسكان المستوطنين القادمين من الخارج، بتمويل من الملياردير اليهودي الأمريكي، أرفنج موسكوفيتز. وهذا المبنى هو بيت مفتي فلسطين في ثلاثينات القرن الماضي "الشيخ أمين الحسيني".

ويهدف هذا المشروع إلى تسكين جماعة من المستوطنين معروفة باسم "أتريت كوهانيم"، والتي تعني "تاج قسيسي المعبد"، وهي جماعة صهيونية متطرفة اعتادت شراء منازل في المناطق العربية بالبلدة القديمة في القدس وتوزيعها على اليهود. ويقع هذا الفندق في حي الشيخ جراح، أحد أحياء القدس التاريخية التي يسعى الاحتلال الإسرائيلي إلى تهويدها بشكل كامل. وتنبع أهمية هذا الفندق للإسرائيليين كونه يشكل حلقة وصل بين الشارع الذي يربط مجموعات المؤسسات اليهودية في حي الشيخ جراح بالنفق الذي يمتد أسفل جبل الزيتون في المدينة ليربط مستوطنة معاليه أدوميم بالقدس الغربية، وبالتالي يصبح الشريط الاستيطاني متصلا على طول هذه المسافة، وسيعزز ذلك الشريط الاستيطاني المتواصل من تقسيم القدس إلى نصفين، بحيث يكون الشطر الأول هو عبارة عن الشيخ جراح والبلدة القديمة، والشطر الثاني مخيم شعفاط وباقي ضواحي المدينة المحتلة من حرب يونيو 1967.

المقالات

تحقيقات

dailog-img
كيف تحوّلت مؤسسات صنعاء إلى “فقَّاسة صراع” الأجنحة داخل جماعة الحوثي؟ (تحقيق حصري)

حوّل خلاف موالين لجناحين (متشددين) متعارضين داخل جماعة الحوثي المسلحة “جلسة مقيّل” خاصة- بالعاصمة اليمنية صنعاء خلال عيد الأضحى المبارك- إلى توتر كاد يوصل إلى “اقتتال” في “مجلس” مليء بالأسلحة والقنابل ا مشاهدة المزيد

حوارات

dailog-img
وزير الدفاع يتحدث عن الحرب العسكرية ضد ميليشيا الحوثي ويكشف سر سقوط جبهة نهم والجوف ومحاولة اغتياله في تعز ولقائه بطارق صالح وتخادم الحوثيين والقاعدة وداعش

كشف وزير الدفاع الفريق ركن محسن محمد الداعري، ملف سقوط جبهتي نهم والجوف، بقبضة ميليشيا الحوثي، للمرة الأولى منذ تعيينه في منصبه. وأشاد الداعري، في حوار مع صحيفة "عكاظ" بالدعم بالدور المحوري والرئيسي الذي لعبته السعودية مشاهدة المزيد