المستأجر والمؤجر والسمسار.. معادلة "خصام قائم"

2010-02-14 04:43:31

تحقيق / عبدالحافظ الصمدي

في ظل غياب ضوابط الإيجارات وقوانينها تبقى العلاقة بين المستأجر والمؤجر مشكلة قائمة ويظل الأخير كابوساً مزعجاً يفرض غالباً شروطاً مزاجية ليس للمستأجر حيلة حيالها سوى الرضوخ لقبلوها والنتيجة في الأخير تذمر، انتهى بالإشتباك بالأيدي بين الطرفين في أحد أحياء العاصمة.

قلما يعثر المستأجر على مكان يسكنه يلائمه في قيمة سعر الإيجار غير أن سعيد الحظ يفيق من شطارته على حقيقة الوقوع في مكان لا يقطنه ويأويه بقدر انشغال باله بالبحث عن بديل لسكن يفتقر لأدنى الشروط الصحية لحظيرة قطيع من الحيوانات. . تلك هي قصة خالد الوازعي في أحد أحياء العاصمة. . . البحث عن المكان الملائم للسكن أصاب الكثير بهموم أقضت مضاجعهم عشرات الليالي وقلق صار يضاهي الهموم الاقتصادية الأخرى التي تبدأ بقرص الرغيف وليس لنهايتها حدود ، وحكاية وليد الوهباني خير دليل على ذلك الذي كان قد عثر على السكن المناسب وقبوله بسعر الإيجار على مضض إلا أن تصرفات المؤجر التي وصفها وليد بالتطفيشية جعلته يعود مرة أخرى إلى السيناريو المزعج في البحث عن بديل يقطنه.

وفيما يطوف سماسرة الإيجارات في جميع أرجاء المنطقة لحصر مساكن الإيجارات ومحاولة التوفيق بين مستأجر وسكن يلائمه تبقى تصرفات المؤجر وشروطه التعجيزية عقبة قائمة قد يرضخ لجورها المستأجر مؤقتاً على مضض قبل أن تحسم علاقة الأطراف الثلاثة، سلوكيات استفزازية تنتهي قبل الرحيل بكراهية وخ صومة. . هنا تبدو غرابة أحد المستأجرين من ذلك سؤاله: كم نسبة الكراهية بالمجتمع في ظل علاقة المستأجر والمؤجر والسمسار طالما يقع في شراكها الكثير من أفراد المجتمع وغالباً ما تنتهي هذه العلاقة بالخصام.

ستلايت. . ممنووع

لا أخفيكم أمراً أنني وأحد الزملاء وبعد جهد من البحث عن سكن يلائمنا في العاصمة عثرنا عليه ليضيع منا الاستقرار بفعل سلوكيات مالك السكن التي اضطرتنا للمغادرة بعد شهرين من استئجار الغرفة في منطقة القاع حيث تفاجئنا في اليوم الثاني من الإستئجار بمنعنا من وضع ستلايت على السطح حيث كان المؤجر قد صعد غاضباً لإنزاله من الأعلى معتبراً ذلك أمراً لم يتم الاتفاق عليه ومتذرعاً حينها بأن ذلك ممنوع فعلاً ليظل الستلايت مرمياً أمام باب الغرفة حتى تعرض للسطو قبل مغادرتنا السكن بأيام.

أحد المؤجرين والذي يأتيه مستأجرون كثر محليين وأجانب نظراً لموقع عمارته وسط العاصمة يعتقد أن التهاون مع المستأجر يؤدي إلى عواقب وخيمة ويفتح أبواب الإهمال ويجعل المستأجر يشعر بأن ما يدفعه مقابل السكن كبير عليه.

استضافة آخرين تضاعف الإيجار:

وفي حكاية سلمان قائد من أبناء مدينة الحديدة نجد الطرفة أشبه بمقلب ثقيل، حيث مكث معه في الغرفة التي استأجرها ثلاثة من زملائه لأيام معدودة خلال زيارتهم للعاصمة، ليتفاجأ سلمان آخر الشهر أن المؤجر يرفض مبلغ الإيجار طالباً ثلاثة آلاف ريال علاوة على المبلغ المتفق عليه بحجة استضافته لآخرين، الأمر الذي يعد إخلالاً بالإتفاق المبدئي على الإيجار حيث لم يدخل هؤلاء في بنود الاتفاق الشفوي السابق وسلمان الضحية لم يكن حينها يعرف بقدوم الزملاء حتى يخير اليوم بين الدفع أو الرحيل.

وفيما يرى أحد المحامين أن وجود عقد رسمي يوضح العلاقة بين المؤجر والمستأجر يعد حلاً لهذه المشكلة إلا أن الكثير من المستأجرين يصفون بنود العقد بقيود وضعها الإنحياز حيث تلزم الطرف الثاني في كل الجوانب والحالات ولا يوجد بند واحد منها ينظم التصرفات المزاجية للمؤجر ويحدد له ما يتطلب تدخله في هذه العلاقة، معتبرين أن علة المشكلة تكمن في تصرفات المؤجر المتقلبة وطالما غاب في وثيقة العقد ما ينظمها تظل المشكلة قائمة.

شر ثلاثي لابد منه

تصرفات المؤجر والتي يصفها الكثيرون بالممقوته لم تطغَ على كل مؤجري المنازل وليست ناجمة عن فيروس حماقة يعتقد البعض أنها أصابت جميعهم بالعدوى، فالمؤجر "عبدالله غانم" في منطقة السنينة يعتبر المستأجر جاراً يتوجب احسان معاملته وأي تصرفات تضايقه تتنافى مع تعاليم ديننا الحنيف. . ورغم هذه المفارقات إلا أن أقطاب الإيجار، والمؤجر، والسمسار تظل شراً ثلاثياً لابد منه.

ووصل الأمر ببعض المؤجرين إلى حد اشتراط إيقاف النسل بدلاً من تحديده مالم فسيجد المستأجر نفسه على الرصيف حيث يشترط هؤلاء على مكاتب العقارات إيجاد مستأجر دون أطفال، كما أن مستأجرين كثر أكدوا أن المؤجر غالباً ما يلجأ متعمداً إلى قطع خدمات الماء والكهرباء بذريعة تأخر الإيجار وهو الأمر الذي تسبب في شجار بين "سامي البركاني ومالك المنزل" في شارع هائل وصل حد الاشتباك بالأيدي والنتيجة متوقعة سلفاً "طرد المستأجر".

كثير من أماكن السكن التي يرتادها الكثيرون لا تتوفر فيها أدنى الشروط الصحية لحظيرة قطيع من الأغنام ومع ذلك يطلب المؤجر مقابل إيجارها دفع مبالغ أكثر مما يستحقه والمضطر يركب الصعاب. .

تقنين الإيجار حلاً:

إن عدم وجود قوانين وضوابط للإيجارات تعرض المالك والمستأجر إلى مشاكل متعددة. . أحد الملاك قام بتأجير منزل بشكل شخصي لأحد الأشقاء العرب يعمل في إحدى شركات القطاع الخاص فتمت عملية نصب واختلاس في تلك الشركة ليصبح مالك المنزل ضحية إذ أنه بعد هروب مستأجرهُ تعرض للمساءلة الأمنية. . وهنا يؤكد المحامي عمر السيد أن مشاكل الإيجارات تأتي بسبب عدم التزام كثير من أصحاب العين المؤجرة بضوابط الإيجار، وتحدث كثير من التجاوزات جراء التساهل في أمور لها علاقة بأمن المكان وسلامة أصحابه.

يفضلون السماسرة هروباً من الضرائب:

فؤاد صابر صاحب مكتب للعقارات يوضح أن الملاك يفضلون تأجير منشآتهم بطريقة شخصية وليس عن طريق المكاتب هروباً من الضرائب ومن عمل عقد إيجار ساري بين الطرفين، مشيراً إلى أن كثير من المستأجرين يتم أخذهم إلى أكثر من مسكن لتحديد ما يناسبه ويعلن رفضه ليتفاجأ صاحب المكتب أن المستأجر أستأجر أحد تلك المنازل دون علمه ودون دفع الالتزامات التي عليه تجاه المنزل.

ويضيف صابر أن كثيراً من الدلالين ليس لديهم مكاتب خاصة بعمل العقارات وهؤلاء يفضلهم أصحاب المنشآت حتى يتسنى لهم فرض الشروط التعسفية والمجحفة على المستأجر أو رفع الإيجارات وفي حالة الرفض يطالبون بإخلاء المنزل وما يدفع المؤجر إلى فعل ذلك هو عدم وجود عقد واضح بين الطرفين.

قانون المؤجر والمستأجر

المشكلة المتفاقمة بين طرفين غير متكافئين وظلت إلى اليوم دون ضوابط قانونية إلى يومنا هذا بعد أن سقط قانون المؤجر والمستأجر في مجلس النواب ولم يخفف من حدة الأزمة القائمة، حتى التخفيف من حدة أزمة السكن لازال مجرد دراسات لا تزيد عن تصورات غير فعالة، وتصبح الحلول جعجعة بلا طحين، وقانون المؤجر والمستأجر، بدأ متعثراً لعدم الوعي القانوني ووعي المواطن بالإلتزام والتطبيق للقانون وعدم وجود مباني سكنية مخصصة للإيجار. . القانون في بلدنا لا تزال غير مفعّل على أرض الواقع. . فمتى يتحرر قانون الإيجار حتى يتخلص المستأجر من المعاناة.

المقالات

تحقيقات

dailog-img
كيف تحوّلت مؤسسات صنعاء إلى “فقَّاسة صراع” الأجنحة داخل جماعة الحوثي؟ (تحقيق حصري)

حوّل خلاف موالين لجناحين (متشددين) متعارضين داخل جماعة الحوثي المسلحة “جلسة مقيّل” خاصة- بالعاصمة اليمنية صنعاء خلال عيد الأضحى المبارك- إلى توتر كاد يوصل إلى “اقتتال” في “مجلس” مليء بالأسلحة والقنابل ا مشاهدة المزيد

حوارات

dailog-img
وزير الدفاع يتحدث عن الحرب العسكرية ضد ميليشيا الحوثي ويكشف سر سقوط جبهة نهم والجوف ومحاولة اغتياله في تعز ولقائه بطارق صالح وتخادم الحوثيين والقاعدة وداعش

كشف وزير الدفاع الفريق ركن محسن محمد الداعري، ملف سقوط جبهتي نهم والجوف، بقبضة ميليشيا الحوثي، للمرة الأولى منذ تعيينه في منصبه. وأشاد الداعري، في حوار مع صحيفة "عكاظ" بالدعم بالدور المحوري والرئيسي الذي لعبته السعودية مشاهدة المزيد