أثر التعليم الجامعي والحريات الأكاديمية على التنمية الشاملة .. أكاديميون: الحريات الأكـاديمية مـدخــل أساسي للنهوض بالتعليم الجامعي

2010-02-20 03:48:43

تحقيق /

لا يختلف اثنان على أهمية التعليم الجامعي ودوره في التنمية الشاملة ، وكذا النهوض بالأمم والشعوب ذلك أنّ الدول المتقدمة لم تحز قصب السبق والتطور في مختلف المجالات إلا لأنها أولت هذا النوع من التعليم اهتماماً بالغاً، ولذلك حققت لمجتمعاتها قدراً عالياً من الرفاهية والتنمية، واليمن واحدة من الدول التي تسعى لتحقيق ذلك من خلال اهتمامها بالتعليم الجامعي ومستلزماته الإدارية والأكاديمية والعلمية والعمل على ربط مخرجات هذا التعليم بسوق العمل بما من شأنه تلبية احتياجات التنمية ، وبناء وطن آمن مزدهر، وفي هذا التحقيق نحاول التعرف على التعليم الجامعي والحريات الأكاديمية ودورهما في تحقيق التنمية الشاملة :

بدايةً تحدث الدكتور /بدر سعيد الاغبري أستاذ الإدارة التربوية والدراسات المقارنة بكلية التربية- صنعاء - عن واقع التعليم الجامعي في اليمن الذي تعود بدايته الفعلية إلى إنشاء جامعة صنعاء عام 1970م لاستيعاب خريجي الثانوية العامة ، كما أنه وفي العام ذاته تم افتتاح أول كلية جامعية في عدن تلاها فيما بعد افتتاح جامعة عدن 1975م.

وتعد تجربة اليمن في مجال التعليم الجامعي قصيرة مقارنة بالعديد في الدول العربية حيث لايزيد عمر مؤسسات التعليم العالي في بلادنا عن ثلاثة عقود من الزمن ، إلا أنه ورغم ذلك فقد شهد تطور وتوسع كبيرين من حيث الكم والنوع والنطاق الجغرافي على مستوى التعليم العالي ، وهذا يدل على اهتمام الدولة بهذا القطاع الهام ،باعتباره الرافد الأساسي للمجتمع ومده بالكفاءات العلمية القادرة على الدفع بعجلة التنمية في مختلف المجالات الاقتصادية والاجتماعية والثقافية ، ذلك أنّ الدولة الناجحة هي التي تولي التعليم الجامعي اهتماماً ورعاية في برامجها وتخرّج كفاءات قادرة على التعامل مع المتغيرات الدولية ومعطيات التكنولوجية الحديثة والاستفادة من كل المستجدات.

وأضاف: ولذلك فإنّ المكانة الرفيعة والمتميزة التي تحتلها الجامعات اليمنية في المجتمع تأتي من عظمة الرسالة التي تؤديها تلك الجامعات ، وما تقوم به من دور في إعداد الأكاديميين والباحثين.

مشيراً إلى ازدياد عدد الجامعات التي بلغ عددها (6) جامعات حكومية إلى جانب جامعتي صنعاء وعدن ، كما وصل عدد الكليات (95) كلية تطبيقية وإنسانية ، كما صاحب ذلك التطور تطوراً مماثلاً في التعليم الجامعي الخاص ، حيث بلغ عدد الجامعات الخاصة ( 15) جامعة أهلية تضم (55) كلية تحوي مختلف التخصصات النظرية والعلمية.

أهداف التعليم الجامعي

ويأتي التعليم الجامعي بأقسامه المختلفة وتخصصاته المتنوعة لتحقيق جملة من الأهداف العلمية والمعرفية والإسهام في عملية التنمية التي تنشدها البلدان حيث يذكر الأغبري أن كل تلك الجامعات قامت كي تحقق مجموعة من الأهداف ، وفي مقدمتها تلبية احتياجات البلاد من التخصصات والفنيين والخبراء ، وكذا تطوير المعرفة من خلال البحوث العلمية في مختلف المجالات والاهتمام بتنمية التقنية وإكساب المعارف والمهارات العالمية والتطبيقية اللازمة لخريجي الجامعات ، وهو ما يعزز توجه الدولة لجعل الجامعات مكاناً وحقلاً أساسياً لتكوين وعي لدى المواطن العامل المنتج ورفع كفاءته وبما يلبي متطلبات سوق العمل واحتياجاته من الكوادر المؤهلة ، وكذلك ربط مخرجات التعليم الجامعي بعملية التنمية الشاملة ، وأن تقوم تلك الجامعات كمؤسسات بتقديم الدراسات والاستشارات الفنية والمتخصصة لمختلف أجهزة الدولة مؤسساتها العامة والمختلطة ، والإسهام في تطوير السياسات وأساليب العمل في مؤسسات وأجهزة الدولة والقطاعين العام والخاص ، وتقديم النماذج والتجارب المبتكرة لحل المشاكل المختلفة ، ورفع كفاءة العاملين في تلك المؤسسات، كما أن من أهداف التعليم الجامعي إعداد كوادر بشرية لخدمة التنمية.

وشدد الأغبري على أهمية تطوير وظائف التعليم الجامعي الأساسية والمختصة في التدريس والبحث العلمي وخدمة المجتمع واستشراف المستقبل.

معوقات وتحديات

ولكي يتم النهوض بالتعليم الجامعي حتى يؤدي دوره في خدمة وتحقيق التنمية الشاملة لابد من إزالة مجموعة من المعوقات والتحديات التي تواجه التعليم الجامعي ومنها بحسب الأغبري غياب الشفافية والمساءلة في معظم مؤسسات التعليم العالي مطالبا بمراجعة التشريعات لتجاوز ما هو سائد من أنظمة إدارية تقليدية وإجراءات معقّدة ، وتنسيق سيء ومركزية شديدة وتدخلات في اتخاذ القرار ، كما انه وفي سبيل النهوض بالتعليم الجامعي لابد من الارتقاء بقدرات وزارة التعليم العالي والبحث العلمي ، كي تقوم بوظائفها على أكمل وجه ، ومن التحديات غياب التخطيط الإستراتيجي والرؤية الواضحة لدى الجامعات ، وكذا قلة الموارد المالية وعدم استقلالها ، إضافة إلى ضعف المباني والمرافق ، وغياب أنظمة ضبط الجودة والاعتماد الأكاديمي ، وكذلك ضعف الخدمات الاجتماعية والتوجيه والإرشاد ، ومن التحديات ضعف ثقافة البحث العلمي حيث تُجرى أكثر البحوث - على حد الاغبري - بهدف الترقية العلمية وليس لتلك الأبحاث أثر في التنمية الاقتصادية للبلاد ، ومن التحديات عدم التوازن بين مخرجات التعليم العالي واحتياجات المجتمع وسوق العمل ، وكذا انعزال الجامعات عن العالم الخارجي وعدم ارتباطها بالجامعات الأجنبية والعربية الأخرى ، وكذلك ضعف علاقة الجامعات اليمنية مع القطاع الخاص والقطاعات الإنتاجية.

وطالب الأغبري بإعادة النظر في سياسة التعليم الجامعي والعمل على تطويره وتقويمه في سبيل ماقال إنه تحسيناً لمخرجاته إلى سوق العمل.

وسائل تطوير التعليم الجامعي

ثم يطرح الأغبري مجموعة من المقترحات من شأنها النهوض بالتعليم الجامعي والعمل على تطويره وتحسين أدائه حيث تأتي إجراء دراسة ميدانية لتحديد احتياجات سوق العمل وتصنيفها حسب القطاع والمهن والمستوى التعليمي والنوع وغير ذلك من المؤشرات التي تعين الطالب والباحث على التعرف على فرص العمل المتاحة،وذلك بحسب الوحدات الإدارية ونشرها وتعميمها في مقدمة هذه المقترحات وكذلك تنظيم الالتحاق بالتعليم الجامعي وترشيده وفق سياسة تعزز مبدأ تكافؤ الفرص دون الإخلال بالحاجات التنموية ومتطلبات سوق العمل من ناحية ،وميول الطلاب وقدراتهم من ناحية أخري واعتماد معايير موضوعية لقبول الطلاب وتوزيعهم على الكليات والتخصصات في ضوء الطاقة الاستيعابية للجامعات والكليات،وبما يتناسب واحتياجات التنمية وسوق العمل من القوى العاملة.

وحتى يتم الارتقاء بالتعليم الجامعي لابد من تحسين الكفاية الخارجية لمؤسسات التعليم الجامعي من حيث ملائمة مخرجاتها مع متطلبات خطط التنمية، وتزويدها بمعارف ومهارات واتجاهات مطابقة لمواصفات أداء الوظائف والمهن واحتياجات سوق العمل.

ويطالب الاغبري بتشكيل لجنة مكونة من الجهات ذات العلاقة بالتنمية البشرية بما فيها ممثلين للقطاع الخاص تتولى تحديد التخصصات المطلوبة وكذا تحديد احتياجات التنمية وسوق العمل من القوى العاملة المؤهلة والمدربة في جميع التخصصات وعلى المستويات كافة لتكون دليلاً يوجه القبول بالكليات والجامعات باليمن.

وأيضاً وضع جملة من المؤشرات والاتجاهات التي تضع أسس التوسع في التخصصات العملية والنظرية في ضوء احتياجات البيئة اليمنية ومتطلبات التنمية وسوق العمل وتفعيل دور المجلس الأعلى للجامعات للقيام بوظائفه وممارسة مهامه من خلال إنشاء أمانة عامة فنية تعينه على أداء وظائفه، وتشرف على أعمال اللجان المتخصصة المكلفة بإعداد الدراسات التي يطلبها المجلس، والسهر على أعمال التنفيذ والمتابعة والتقويم لإستراتيجية تطوير التعليم العالي بمراحلها المختلفة.

وكذا تعزيز استقلال الجامعات إدارياً ومالياً وعدم ربطها باستراتيجية الأجور رقم(43)لعام 2005م ومنحها مزيداً من الحركة الأكاديمية ،وتفعيل مجالس الجامعات لرفع أداء الجامعات لرسالتها المنوطة بها.

معايير لتقويم الأداء

ويقترح أيضاً تشكيل لجنة للمجلس الأعلى للجامعات من المتخصصين في التعليم الجامعي تتولى وضع معايير موضوعية لتقويم أداء الجامعات لوظائفها وممارسة أنشطتها،وتقويم مستواها العملي وكفايتها الداخلية والخارجية بصورة دورية ونشر نتائجها.

وفي ختام حديثه قال لابد أن تسعى الجامعات اليمنية إلى البحث عن مصادر تمويل جديدة تمكنها من التغلب على نقص مواردها المالية. . . وذلك من خلال إقامة دورات تدريبية لأجهزة الدولة ومؤسسات القطاع الخاص والمنظمات الدولية والهيئات غير الحكومية وتقديم البحوث والدراسات الموجهة لحل مشكلات معينة في قطاعات العمل والإنتاج أو تطوير تجارب جديدة أو ابتداع أساليب حديثة وأن تعمل على رفع وتيرة التنسيق بين الجامعات والمصانع والمؤسسات والشركات بحيث تتولى الجامعات وأقسامها المتخصصة الإشراف على إنتاج معين بقصد رفعه وتحسينه أو تصميم منتج معين جديد بتكلفة منخفضة ويمكن تسويقه بسهولة.

تطوير طرق التدريس

الدكتور / فؤاد الصلاحي - أستاذ علم الاجتماع السياسي المشارك في جامعة صنعاء - أوضح أن الجامعات اليمنية تستطيع أن تقوم بدور إيجابي وعقلاني في المجتمع ولكن هذا مرهون بتغيير طرق وأساليب التدريس الجامعي واعتماد منهج الحوار والمحاجة في المنهج الدراسي ، كون المنهج احد وسائل ومصادر نقل المعلومات للطلاب.

وقال الصلاحي إن من واجبات الجامعة تعليم الطلاب منهجاً للتفكير ومنهجاً للحوار ومنهج العقلانية ، وأن تساعد الجامعة طلابها على اكتساب المعلومات والخبرات بحيث يكون بمقدور الطالب التحصل على ذلك دون حاجة إلى أستاذ خاصة في زمن العولمة ، كون مهمة الجامعة تتمثل في مساعدة الطالب على امتلاك مجموعة من القواعد المنهجية ، في التفكير ، والبحث ، والضوئيات ، والنظر إلى الطبيعة ، وإلى الكون ، وإلى حياته ، ومن ثم يستطيع هذا الطالب أن يكون مفيداً لأهله ومجتمعه.

ذلك أن الجامعات اليمنية - على حد الصلاحي - لاتزال بعيدة عن مفهوم التميز وتسهم إسهاماً بسيطاً ومتخلفاً في التنمية، مع أنها من أهم مؤسسات الخبرة الكبيرة والتي يجب أن تسهم في التنمية إسهاماً فاعلاً وتضطلع بدورها في كل المشاريع الإنمائية. ولكن كليات الجامعات اليمنية تكاد تكون منفصلة عن واقعها فكلية الهندسة مثلا لاتسهم في وضع خطط التنمية ، وكذا بقية الكليات الأخرى لاتساهم في حل المشكلات السياسية والاجتماعية. ولذلك فإن دورهذه الجامعات بكافة أقسامها يكاد يقتصر على التواجد والتخاطب والتلقين ، وربما أقل فاعلية من حيث الأداء العلمي والإنتاجي ، إذ كان يفترض أن تساهم كلية الآداب بأقسامها المختلفة بتقديم الآراء البناءة للحكومة و مختلف المؤسسات الحكومية ، ومن ثم تستطيع أن ترفد المؤسسات الحكومية بالمعلومات والبيانات التي من شأنها الإسهام في صنع القرار السياسي ، ذلك أنه وبالرغم من كثرة الجامعات فإنها لاتزال غير قادرة على الدفع بعجلة التنمية أو المشاركة فيها، على اعتبار أن السياسة التنموية في أيّ مجتمع من المجتمعات لايمكن استغناءها عن تلك البيانات والمعلومات سواء كانت أبحاث أو دراسات.

أندية ثقافية ترفيهية

وتساءل قائلاً: إذا لم تقم الجامعات بوضع الدراسات والأبحاث التي تساعدها على اعتماد السياسات الإنمائية فعلى أي ّ أساس تعتمد الحكومة؟ وما جدوى فتح جامعات واعتماد أكثر من جامعة حكومية ؟فإنها ومالم تقم بهذا الدور الملقى على كاهلها في تحقيق التنمية المستدامة وإشراك التعليم الجامعي في النهوض التنموي فإن تلك الجامعات - بحسب الصلاحي - هي أقرب إلى الأندية الثقافية والشبابية والترفيهية.

مطالبا الجهات المهنية بإيجاد رؤى عقلانية يستطيع من خلالها الفرد أن يستوعب المتغيرات الكونية والدولية المحيطة به والتي فرضتها العولمة وبالتالي يجب أن يحكما نظرتنا أفق المعاصرة الزمنية بأبعاده الفلسفية والاجتماعية.

وعلى هذا الأساس سيكون للجامعة دورها في التنمية وذلك من خلال بناء الإنسان ذلك أنه إذا غاب العقل كهدف إستراتيجي فإن الجامعة ستتحول إلى نادٍ ترفيهي.

رؤية دونية

وأنتقد الصلاحي الدور الذي تقوم به بعض القوى السياسية والاجتماعية والعمل على تغيير العقلانية وإضعاف مناهج التعليم، وذلك من خلال المطالبة بإلغاء بعض التخصصات في أقسام العلوم الإنسانية خاصة الفلسفية والاجتماعية. وطالب نقابة أعضاء هيئة التدريس بتلافي سلبيات الماضي والقيام بدورها في تطوير النشاط الأكاديمي.

كما انتقد الرؤية الدونية للجامعة من قبل فئة المجتمع القبلي والتي لا تزال تنظر إلى الجامعة باستخفاف شديد وأنها مجرد ورقة ، لأن القدوة في المجتمع ليس المتعلم والمثقف والأستاذ ، كون من يملكون الفلوس في المجتمع ليس هؤلاء أيضاً ، وعليه ليس أي من هؤلاء قدوة في نظر هذه الفئة. وفي مجتمع كهذا تتحدد فيه مفهوم القدوة من أعمال الفهلوة والشطارة والكسب غير المشروع ، جعل من الجامعة ومنهجها وتعليمها وأساتذتها تشكل آخر اهتمامات المجتمع ، ومن ثم فإن الجامعة والمدرسة ليست من أولويات القيم التي يربى عليها المجتمع ومختلف المؤسسات.

وتابع قائلا : إن غياب العقلانية في مجتمع يخلقه حادثاً سيكولوجياً ومعرفياً أمام تفاعل اليمن مع الخارج يؤدي إلى شيوع فكرة التصادم مع الثقافة الوافدة والنظر إليهم كمستعمرين مع أن هذا غير صحيح ، لأننا في مجتمع فيه مزيج من التعايش والتكافل والاندماج ونحن نستفيد من ذلك. . لافتا إلى أن بعض النظم العربية تخاف من شيئين هما اتساع الديمقراطية والمساءلة السياسة والعقلانية في المجتمع.

الجامعة والمواطنة

ومن القضايا التي يجب على الجامعات اليمنية أن تهتم بها هي فكرة المواطنة إذ لا تستطيع الجامعة أن تنتج مخرجات تخدم التنمية إلا إذا أدرجت ضمن برامجها واهتماماتها قضية المواطنة ، وتغيير النظرة الحالية التي تنظر بها الجامعة إلى المواطن على انه تابع لحزب أو لقبيلة أو لجماعة أو لأسرة ، وبهذا تكون قد أسهمت في تعزيز ثقافة السائد في المجتمع بدلا من نقده ، مع أن مهمة الجامعة تعليم الطالب كيفية التفاعل مع النظام السياسي والاجتماعي ، وتحليل طبيعة البنى الاجتماعية التي يعيش فيه ، وأن يكون بمقدوره إحياء ما هو إيجابي وعقلاني في تاريخنا ورفض القطيعة مع كل ما هو سلبي.

ركب حديدية

وقد انعكس ضعف التعليم الجامعي على الأحزاب والتنظيمات السياسية في بلادنا وعلى مستوى أدائها أيضاً وطريقة تعاملها مع مختلف القضايا والمستجدات ومرد ذلك كله كما يذكر الصلاحي إلى أن الأحزاب السياسية اليمنية لم تكن نتيجة طبيعية للمشروع التعليمي ولكنها أقرب إلى ماتكون إلى ركب حديدية تقود أتباعها وفق مصالح ضيقة ، وكذا بالنسبة للقيادات القبلية منذ الستينيات فإن تلك القيادات جاءت من خارج التعليم الأكاديمي وبالتالي لم تقدم شيئا يخدم المجتمع والمصلحة الوطنية.

إذ أنها ومنذ الستينيات لم تغير معظم قياداتها الحزبية مما أدى إلى ضعف الديمقراطية وأظهرها أنها شكلية.

وحث الصلاحي الهيئات المختصة على إعادة النظر في مفهوم الجامعة ودلالاتها ومعناها في هذا الزمن الذي نعيش فيه ومدى حاجة المجتمع إليها ، وهو ما يتطلب إعادة هيكلة النظام الجامعي بإداراته المختلفة وفقاً لانتخابات تتم لاختيار هذه الإدارة من قبل أقسام وكليات الجامعات ،داعيا إلى عدم تحزب الجامعة أما السياسة فيجب أن يعلمها للطلاب داخل الجامعات كعلم ونظريات ووسائل.

دكاكين فساد

أما الدكتور / جميل عون - أستاذ الفكر العربي في قسم الفلسفة كلية الآداب -جامعة صنعاء - فيشترط لتحقيق الحريات الأكاديمية داخل الجامعات إجراء انتخابات نزيهة لرؤساء الأقسام وعمداء الكليات ورؤساء الجامعات.

وعن دور الجامعات في التنمية الشاملة وإسهاماتها النهضوية أوضح عون بأن معظم الجامعات الحكومية والأهلية ليس لها أي أثر إيجابي في تحقيق التنمية الشاملة ولا تعدو عن كونها دكاكين صغيرة مما جعلها تسهم إسهاما فاعلا في زيادة الفساد وانتشاره.

وبحسب عون فإن المدخل الأساسي للنهوض بالتعليم الجامعي لن يتأتى إلا من خلال اتساع نطاق الحريات الأكاديمية واستقرار الجامعات ، مستشهداً بما قاله الفيلسوف سقراط ( ليس على أي شخص أن يبني على إنسان آخر ).

كما أنه لايمكننا أن ندعو إلى الحرية في الخارج دون أن نؤمن بالحرية داخل أسوار الجامعات اليمنية ، وكذا استقلال الجامعات ماليا وإداريا وفكريا لما من شانه نشر التنوير وإعطاء منهج التفكير العلمي أولوية لدى الطالب ومساعدته على استخدام عقله في خدمة التنمية مع تجنب استمرار ماوصفه - عون - بتزييف وعي الطلاب.

وظيفة معرفية

وفيما يتعلق بربط التعليم الجامعي بسوق العمل لما من شأنه النهوض الاقتصادي والتنموي بالوطن قال عون بأنه لا يوجد سوق عمل في بلادنا وإنما (. . . . . . . . سوق ) على اعتبار أن التجارة في اليمن لاتخرج عن نوعين منها هما : تجارة جملة أو تجزئة أو صيادين، وبالتالي فهذه الحرف لا تحتاج إلى شهادات خلافاً للتعليم الذي هو وظيفة معرفية.

وأضاف : هناك شعور عام بتدني التعليم الأساسي والثانوي والجامعي ، ذلك إن ازدياد عدد الجامعات الأكاديمية وكثرتها ليس دليلا على تميز هذا التعليم كما أن ضآلة عدد الجامعات لا يعني تدني مستوى التعليم الجامعي ، وفي كلا الحالتين فإن التعليم الجامعي محكوم بمعايير نسبية لا نستطيع أن نقول بفشله كما لا نستطيع أن نجزم بنجاحه بدونها.

ولايفرق - عون - بين الحريات الأكاديمية داخل الجامعات وبين الحريات السياسية في المجتمع ، بل الحرية هي حرية وليس هناك حرية خاصة بالشرق وأخرى بالغرب، ومتى ما تحققت هذه الحرية فإنها سوف تساعد على النهوض بالتعليم الجامعي من خلال الانفتاح على الآخر والتواصل معه والاستفادة من خبراته وتجاربه.

تطور ملحوظ

من جانبه أوضح الدكتور/ حميد علي العواضي - عميد كلية الآداب بجامعة صنعاء -

بأن اليمن قطعت شوطاً كبيراً وخطوات متقدمة في مجال التعليم الجامعي.

كما أنها وفيما يتعلق بالحريات الأكاديمية فإنه لا يمكن لأحد أن ينكر ما وصلت إليه اليمن من مناخ ديمقراطي جسد التوجه الرسمي للدولة ورعايتها لحريات ليس الأكاديمية فحسب وإنما في مختلف المجالات.

وأضاف : وما النقاشات والأطروحات والآراء التي تشهدها الجامعات في مختلف الندوات وورش العمل إلا خير دليل على المناخ الايجابي للديمقراطية التي تعيشها بلادنا.

واعتبر العواضي الحلقة النقاشية التي تقيمها كلية الآداب كل يوم ثلاثاء وما يدور فيها من نقاشات ومداخلات تبرهن على أنها منبر حر وأكاديمي كما أنه يقام في مؤسسة حكومية وترعاها الدولة التي تقوم سياستها على الحرية في إطار المسؤولية.

حرية منضبطة

وفي رده على القائلين بأن الحريات الأكاديمية لاتزال منقوصة ويعتريها الكثير من الممارسات والقيود ولابد من إزالة كل ذلك قال العواضي : لاحرية إلا تحت سقف القانون والدستور وبما يتفق مع القيم والأخلاق والعادات والتقاليد واحترام كل ذلك لاسيما والقوانين المنظمة لأعمال الجامعات اليمنية بصفة عامة إنما تهدف إلى تعزيز الحريات الأكاديمية والنهوض بالتعليم الجامعي وبما يلبي أهداف التنمية الشاملة ، وذلك من خلال أن التعاون القائم بين الجامعات والقطاعين العام والخاص والذي آتى ثماره في انعكاساته الإيجابية على سوق العمل. <

المقالات

تحقيقات

dailog-img
كيف تحوّلت مؤسسات صنعاء إلى “فقَّاسة صراع” الأجنحة داخل جماعة الحوثي؟ (تحقيق حصري)

حوّل خلاف موالين لجناحين (متشددين) متعارضين داخل جماعة الحوثي المسلحة “جلسة مقيّل” خاصة- بالعاصمة اليمنية صنعاء خلال عيد الأضحى المبارك- إلى توتر كاد يوصل إلى “اقتتال” في “مجلس” مليء بالأسلحة والقنابل ا مشاهدة المزيد

حوارات

dailog-img
وزير الدفاع يتحدث عن الحرب العسكرية ضد ميليشيا الحوثي ويكشف سر سقوط جبهة نهم والجوف ومحاولة اغتياله في تعز ولقائه بطارق صالح وتخادم الحوثيين والقاعدة وداعش

كشف وزير الدفاع الفريق ركن محسن محمد الداعري، ملف سقوط جبهتي نهم والجوف، بقبضة ميليشيا الحوثي، للمرة الأولى منذ تعيينه في منصبه. وأشاد الداعري، في حوار مع صحيفة "عكاظ" بالدعم بالدور المحوري والرئيسي الذي لعبته السعودية مشاهدة المزيد