ردفان الثورة تتقهقر أمام الدخلاء عليها وتستغيث بالدولة.. فهل من مجيب؟

2010-04-10 06:09:47


رصد/ نزيه عبدالله

تعيش رباعيات ردفان التابعة لمحافظة لحج منذ قرابة ثلاث سنوات اضطرابات متواصلة، من أعمال فوضى وشغب ونهب وقطع الطرقات، ووجود بعض الدخلاء على مديريات ردفان الذين يشوهون نضال وتاريخ لها.

ردفان الثورة:

منذ نعومة أظافرنا ترسخ اسم ردفان في ذهننا وأصبح يلازمنا في جميع المراحل الدراسية وحتى اليوم، كون ردفان وأبنائها الشرفاء قد كانوا الأوائل المدافعين عن ثورتي سبتمبر وأكتوبر من قمم جبالها الشامخة وردفان الذي انطلقت منها أولى شرارة النصر العظيم لثورة 14 أكتوبر 1963م المجيدة ليسقط أول شهيد للثورة راجح بن غالب لبوزة ويتقاطر بعده المئات من الشهداء والذين سجلوا أسطع مراحل النضال، حتى استطاع مناضلو ثورة أكتوبر ان يطردوا المستعمر البريطاني من أرض اليمن الطاهرة دون رجعة بعد أن مكث مستعمراً لبلادنا 129 عاماً في 30 نوفمبر 1967م.

لم يكن أبناء ردفان فقط هم المناضلون عن ثورة أكتوبر بل إن أبناء شعبنا اليمني كانوا قد خاضوا نضالاً مريراً في قمم ردفان وسهوله وأوديتها، أمثال المناضلين الشهداء سالم ربيع علي الرئيس الأسبق ورفيقه في درب النضال الشهيد/ علي عنتر وعبدالله مطلق واحد ذئابها الحمر المناضل الفقيد العم سعيد صالح وغيرهم من المناضلين من شبوة، حضرموت، أبين، لحج، الضالع وطورالباحة الذين أنبتتهم هذه الأرض الطيبة.

وظلت ردفان بعد الثورة وحتى تحقيق الوحدة اليمنية في 22 مايو 1990م تفتقر للكثير من الخدمات الأساسية كالطرقات والكهرباء والمياه والصحة والتعليم.

ردفان اليوم:

لقد كان الأمل يحذو أبناء ردفان ومناضليها في أن تحظى عاصمة ردفان - الحبيلين باهتمام كبير من قيادة الدولة كونها قد حرمت الماضي من الكثير من المشاريع، ولكن الوضع لم يتغير، كما يتطلع له أبناء رباعيات ردفان الحبيلين الملاح، حبيل جبر وحالمين.

قد شهدت عاصمة المديرية - الحبيلين بعض التطور الملفت من خلال شق الطرق العام، وانتعشت فيها الحركة التجارية ولكن ظلت كثير من الخدمات مفقودة فهناك مناطق نائية في حالمين تفتقر للصحة والمياه وتعيش حالة جفاف دائم بالإضافة إلى فقدان مناطق عديدة للكهرباء ومنها منطقة العسكرية في مديرية حبيل جبر، ومعظم سكان رباعيات ردفان مصابون بمرض الكلى الناتج عن تلوث المياه وغياب التوعية الصحية بشكل عام.

وفقدان تلك المناطق لتلك الخدمات يعود بدرجة أساسية إلى القيادات التي تولت قيادة محافظة لحج منذ عام 90م وحتى يومنا هذا، والتي أثبتت فشلها الذريع في تقديم الخدمات أو زيارة تلك المديريات وتلمس هموم مواطنيها، بل ظلت تتقوقع في حوطة لحج وكأن رباعيات ردفان والمديريات الأخرى خارج محافظة لحج، وكأن لا شيء يعنيها.. والحكومة أيضاً من جانبها عالجت الداء بالداء فبدلاً من نصب عينها على تلك المناطق المحرومة من المشاريع وتقديم يد العون والمساعدة لما ظلت تعين وكيلاً تلو وكيل غير مؤهلين حتى وصل عدد الوكلاء في محافظة لحج إلى نحو "17" وكيلاً محطمين الرقم القياسي في "22" محافظة.

ولقد أفرز ذلك غياب قيادة السلطة المركزية بالمحافظة والسلطة المحلية عن تلك المديريات ،وغياب الأمن الذي أدى إلى انتشار العناصر المسلحة وأعمال التقطع والنهب للمسافرين واختطاف قاطرات وغيرها من الأعمال الإجرامية وأصبحت ردفان الثورة والنضال اليوم تتقهقهر أمام العناصر الوافدة من المحافظات الأخرى للقيام بأعمال مخلة بالأمن والتي حتى اللحظة لم تستطع الأجهزة الأمنية في رباعيات ردفان القبض على أحدٍ من العناصر المطلوبة.

لا يا أحفاد "دعرة":

قد يقف طويلاً جيل يومنا هذا عند اسم دعرة سعيد ، لن يدرك بأن دعرة هي ابنة عم المناضل والشهيد الأول راجح لبوزة، وهي احدى المناضلات من نساء ردفان الطاهرات والتي ساعدت مع نسوة أخريات من المناضلات في ثوار أكتوبر المجيدة، فقد كانت تخوض معارك مع رفاقها في قمم جبال ردفان الشماء ضد المستعمر وسجلت أنصع البطولات النضالية للمرأة اليمنية، وقد حظيت بتكريم من قيادتنا السياسية وتوفيت وهي تحمل رتبة عسكرية "عقيد".

"دعرة" ناضلت من أجل تربة الوطن ومن أجل أن يقتدي بها الأجيال، من طالبات ردفان وأن يتسلحون بالعلم والمعرفة من أجل خدمة هذا الوطن بشكل عام ونساء ردفان بشكل خاص، حفيدات "دعرة" من طالبات ثانوية لبوزة وجيل الوحدة قد استطاعت جماعة ما يسمى بالحراك التأثير فيه وخرجن أكثر من مرة للمشاركة في تظاهرات الحراك رافعات السلاح.. فيا ترى هل هذا هو العلم الذي تلقيتنه في الكتب المدرسية وكراريسها؟

سيكولوجية الردفانيين:

إن سيكولوجية الإنسان تختلف من مجتمع لآخر وحتى في المحيط الأسري.. والسيكولوجية العامة التي قد يتفق معي البعض من أبناء ردفان تكمن بالطيبة والشهامة وحب الظهور وهم أيضاً أعداء لأنفسهم ولا يتقبلون الآخرين إلا فيما ندر ومناضلون شجعان.

وأن تلك السيكولوجية الخصوصية لأبناء ردفان ناتجة عن قساوة المنطقة التي يعيشون فيها باعتبارها مناطق جبلية قاحلة، وأيضاً حقوقهم التي لم يتحصلوا عليها فهناك المئات يتخرجون من كلية تربية ردفان ولم يجدوا الأعمال، بالإضافة إلى الجنود المنقطعين عن وحداتهم العسكرية دون أن تكون هناك جهة لحل مشكلتهم.

فلجأ البعض من الطلاب للانخراط بصورة عفوية لتنفيس غيضهم للمشاركة في معظم تظاهرات ما تدعو لها قيادات ما يسمى بالحراك ولجأ أيضاً الجنود المنقطعون عن وحداتهم العسكرية في صعدة إلى لفت أنظار اللجان التي قدمت أكثر من مرة إلى ردفان ووعدتهم وعوداً واهية بأن تحل مشاكلهم فكانت كل الوعود عبارة عن سراب، وقام الجنود بالتحفظ على قاطرتين حتى تنفذ مطالبهم والإفراج عن رواتبهم المحتجزة منذ أشهر ولم يستطيعوا إعالة أسرهم وظروفهم المعيشية الصعبة.

ختاماً:

لقد أوجزنا بعض احتياجات رباعيات ردفان وما تعانيه من سوء إدارة القيادات الأمنية وسلطتها المحلية والسلطة المركزية بلحج، وذلك بغرض معالجة أوضاع تلك المديريات المشتعلة بالحراك وغياب الخدمات.

والتساؤلات التي يمكن طرحها هي هل الدولة ستعيد النظر في قيادة محافظة لحج؟ وهل ستعيد تاريخ ونضال ردفان وأبنائها ومناضليها وشهداءها الذين وهبوا أرواحهم لثورتي سبتمبر وأكتوبر والوحدة اليمنية؟.. نأمل ذلك.<

الأكثر قراءة

المقالات

تحقيقات

dailog-img
كيف تحوّلت مؤسسات صنعاء إلى “فقَّاسة صراع” الأجنحة داخل جماعة الحوثي؟ (تحقيق حصري)

حوّل خلاف موالين لجناحين (متشددين) متعارضين داخل جماعة الحوثي المسلحة “جلسة مقيّل” خاصة- بالعاصمة اليمنية صنعاء خلال عيد الأضحى المبارك- إلى توتر كاد يوصل إلى “اقتتال” في “مجلس” مليء بالأسلحة والقنابل ا مشاهدة المزيد

حوارات

dailog-img
وزير الدفاع يتحدث عن الحرب العسكرية ضد ميليشيا الحوثي ويكشف سر سقوط جبهة نهم والجوف ومحاولة اغتياله في تعز ولقائه بطارق صالح وتخادم الحوثيين والقاعدة وداعش

كشف وزير الدفاع الفريق ركن محسن محمد الداعري، ملف سقوط جبهتي نهم والجوف، بقبضة ميليشيا الحوثي، للمرة الأولى منذ تعيينه في منصبه. وأشاد الداعري، في حوار مع صحيفة "عكاظ" بالدعم بالدور المحوري والرئيسي الذي لعبته السعودية مشاهدة المزيد