انتقد الإصلاحات السعرية التي يتحمل عبئها المواطن بدلاً من مكافحة الفساد المشتري في كافة المرافق.. تقرير برلماني: فساد وتهريب النفط ومشتقاته وضعف سياسات المركزي النقدية وراء تدهور العملة الوطنية

2010-04-14 03:27:37

تقرير/ إياد البحيري

بعد التدهور الكبير للريال اليمني أمام الدولار وبشكل مستمر شكل البرلمان لجنة للتحقيق في أسباب هذا التدهور والبحث عن الحلول والمعالجات التي توقف هذا التدهور، حيث أكدت اللجنة البرلمانية أن هناك أسباب عديدة وراء تدهور سعر صرف العملة المحلية أمام الدولار ومنها التوسع الكبير في الإنفاق العام وخاصة في جانب الإنفاق الجاري والذي ترتب عليه تحقيق عجز قياسي في الموازنة العامة للدولة للعام المالي 2009م وصل إلى 541 مليار ريال مقابل عجز 220 مليار ريال في العام 2008م من خلال البنك المركزي وعبر الإصدار النقدي الأمر الذي أدى إلى زيادة الكتلة النقدية من العملة المحلية وزيادة الطلب الكلي على السلع والخدمات وبالتالي ارتفاع الطلب على الدولار.

التقرير الذي قدمته اللجنة البرلمانية ونوقش في مجلس النواب أرجع أيضاً تدهور العملة الوطنية إلى عدم سلامة وملائمة بعض السياسات والإجراءات النقدية التي تبعها البنك المركزي في الفترة الأخيرة والتي منها خفض سعر الفائدة التأشيرية إلى مستوى أدنى من معدل التضخم وبصورة عشوائية وغير مدروسة رغم تناسي عجز الموازنة العامة وميزان المدفوعات الأمر الذي جعل المودعين في الجهاز المصرفي يقومون بكسر ودائعهم بالريال والتوجه إلى سوق الصرف لشراء الدولار وكذلك عدم توفير احتياجات البنوك التجارية من النقد الأجنبي وعدم تغطية اعتماداتها بالدولار من قبل البنك المركزي.

ومن الإجراءات النقدية التي لجأ إليها البنك المركزي وكانت سبباً في تدهور العملة الوطنية أمام الدولار ضعف آلية تدخل البنك في سوق الصرف حيث كان يتدخل متأخراً وبعد تحرك أسعار الصرف.

وأشار تقرير اللجنة إلى أن تناسي عجز ميزان المدفوعات في السنوات الأخيرة أنعكس سلباً على تناقص حجم الاحتياطيات الخارجية للبلاد من العملة الأجنبية وبالتالي كان سبباً في تدهور العملة المحلية.

وأضاف التقرير في حديثه عن أسباب تدهور الريال أمام الدولار أن من هذه الأسباب تراجع عائدات الدولة من موارد النفط الخام المصدر بصورة مادة إلى "2" مليار دولار عام 2009م مقارنة ب"4. 4" مليار دولار في العام 2008م وذلك بسبب ارتفاع أسعار النفط عالمياً بنهاية 2008م وبداية 2009م، ومن أسباب التدهور أيضاً بحسب ما أورده تقرير اللجنة ضعف الهيكل الإنتاجي للاقتصاد الوطني والاعتماد بدرجة شبه كلية على الاستيراد من الخارج في ظل عدم قدرة قطاع الإنتاج الوطني في توفير الاحتياج من السلع والخدمات.

ومن الأسباب التي أوردها التقرير والتي تقف وراء تدهور الريال هو عدم قيام الحكومة باستكمال تنفيذ برنامج الإصلاح الاقتصادي والمالي واعتمادها سياسة انتقائية وقاصرة تجاه تنفيذه.

الحكومة قالت للجنة البرلمانية أنها بدأت بإجراءات لحل هذه المشكلة وخاصة فيما يتعلق بالسياسة المالية وقالت أنها قامت منذ بداية 2010م من خلال وزارة المالية بالعمل على ترشيد النفقات العامة وخصوصاً غير الحتمية وذلك من خلال الحد من الحوافز والمكافئات التي تصرف للوزراء ورؤساء الهيئات والمؤسسات العامة وعدد من موظفي الدولة، ووقف شراء السيارات والأثاث وإيقاف المشاركات الخارجية في المؤتمرات والندوات وورش العمل ما عدا الحالات الضرورية، أيضاً منع صرف العهد والنثريات أثناء المهمات الداخلية والخارجية والعمل على تحويل أرصدة المؤسسات والهيئات العامة من الدولار إلى الريال اليمني.

ومن الحلول التي قالت الحكومة أنها بدأت العمل بها إعادة تشكيل اللجنة الوزارية العليا لمكافحة التهريب.

وأشارت اللجنة البرلمانية أيضاً إلى تشكيل الحكومة لجنة فنية من المالية والنفط والكهرباء لإعداد تقرير تفصيلي حول الوضع الراهن والإجراءات اللازمة لترشيد استهلاك المشتقات النفطية، وكذلك دراسة الإجراءات اللازمة لتخفيف فاتورة شراء المشتقات النفطية من الداخل والخارج، وكذلك ترشيد الإنفاق، وأيضاً أخراج 96 ميجاوات من الطاقة المشتراة بدءاً من أبريل 2010م، وتخفيض وقود الديزل للكهرباء بنحو 97 ألف طن متري خلال 2010م نتيجة خروج بعض محطات شراء الطاقة ودخول محطة كهرباء مأرب الغازية.

التقرير أيضاً تحدث عن اتخاذ الحكومة الإجراءات والآليات التنفيذية للتطبيق الشامل والعلمي لقانون الضريبة العامة على المبيعات كجزء من الحل.

وأكدت اللجنة البرلمانية المكلفة بدارسة تطورات سعر صرف العملة الوطنية أن هناك فساد كير وتهريب المشتقات النفطية إلى الخارج، مشيرة إلى أن الكميات المستهلكة محلية من تلك المشتقات غير واقعية، وأن الكميات المستهلكة تزداد كلما تحركت الأسعار العالمية وتنخفض بانخفاضها.

وقالت اللجنة أن ذلك مؤشراً على أن وتيرة التهريب للمشتقات النفطية تزداد مع ارتفاع الأسعار العالمية.

وأتهم التقرير الحكومة بعدم اتخاذ الإجراءات اللازمة لمكافحة التهريب للمشتقات النفطية، مؤكداً أن الحكومة لا تثبت جديتها في مكافحة التهريب.

وانتقدت اللجنة تركزي الحكومة على الإصلاحات السعرية التي يتحمل عبئها المواطن بدلاً من أن تكافح الفساد المستشري في كافة الأجهزة والمؤسسات وكذلك فساد المشتقات النفطية.

وطالبت اللجنة البرلمانية الحكومة بالعمل على تنمية الموارد الذاتية غير النفطية من خلال التطبيق الحازم للقانون الضريبية، والاستفادة من المنح والقروض الخارجية المتاحة لتحقق التنمية الاقتصادية والاجتماعية.

وأوصت بمراجعة السياسة النقدية والائتمانية وإعادة النظر في سياسة البنك المركزي فيما يتعلق بآلية التدخل في سوق الصرف لمنع تدهور الريال.

وطالبت أيضاً بتطوير وتأهيل مصفاة عدن بما يمكنها من التوسع والإنتاج وتشجيع القطاع الخاص لتوجيه استثمارات وإنشاء مصافي لتكرير النفط بهدف سد احتياجات البلاد من المشتقات النفطية، وطالبت أيضاً بترشيد استهلاك المشتقات النفطية وإعادة النظر في مخصصات كافة الجهات الرسمية المدنية والعسكرية والعمل الجاد في مواجهة عمليات التهريب الداخلي والخارجي.

وطالبت اللجنة في توصياتها بتقديم مشروع قانون لفصل وظيفة الخزانة العامة للدولة عن البنك المركزي التي تستحوذ على جزء كبير من نشاطه وتضعيف من دوره في رسم وتنفيذ السياسات النقدية والمراقبة والأشراف على البنوك والمصارف العاملة في البلاد خلال فترة أقصاها نهاية يوليو القادم.

وأكدت على ضرورة تنظيم عمل الصرافة وإعادة النظر في الشروط والمتطلبات الخاصة بمزاولة هذه المهنة، نطالبه بمحاصرة عجز الموازنة العامة والسيطرة على التضخم وتحقيق الاستقرار في سعر الصرف.

وطالب تقرير اللجنة بعدم فرض أي زيادة في رسوم التعريفة الجمركية إلا بعد استكمال الإجراءات الدستورية وتعديل قانون التعريفة الجمركية، وكذلك تقديم مشروع قانون لتخفيض النفقات الجارية من موازنة العام المالي 2010م بما في ذلك نفقات السفارات والبعثات الدبلوماسية في الخارج.

 

الأكثر قراءة

المقالات

تحقيقات

dailog-img
كيف تحوّلت مؤسسات صنعاء إلى “فقَّاسة صراع” الأجنحة داخل جماعة الحوثي؟ (تحقيق حصري)

حوّل خلاف موالين لجناحين (متشددين) متعارضين داخل جماعة الحوثي المسلحة “جلسة مقيّل” خاصة- بالعاصمة اليمنية صنعاء خلال عيد الأضحى المبارك- إلى توتر كاد يوصل إلى “اقتتال” في “مجلس” مليء بالأسلحة والقنابل ا مشاهدة المزيد

حوارات

dailog-img
وزير الدفاع يتحدث عن الحرب العسكرية ضد ميليشيا الحوثي ويكشف سر سقوط جبهة نهم والجوف ومحاولة اغتياله في تعز ولقائه بطارق صالح وتخادم الحوثيين والقاعدة وداعش

كشف وزير الدفاع الفريق ركن محسن محمد الداعري، ملف سقوط جبهتي نهم والجوف، بقبضة ميليشيا الحوثي، للمرة الأولى منذ تعيينه في منصبه. وأشاد الداعري، في حوار مع صحيفة "عكاظ" بالدعم بالدور المحوري والرئيسي الذي لعبته السعودية مشاهدة المزيد