رفع التعرفة الجمركية والضريبية للعديد من السلع خارج نطاق القانون .. الاقتصاد اليمني .. بين ضخ المركزي للدولار وأعباء جديدة لا يقوى عليها الريال

2010-04-15 04:27:36

 

تقرير / هاني أحمد علي

ما ينفك المواطن اليمني الخروج من أزمة اقتصادية حتى يدخل أزمة أخرى وذلك بفضل السياسات الاقتصادية والنقدية التي تقرأ بطريقة خاطئة من قبل المعنيين في البلاد ولكون القوانين التي تضبط هذه الأمور في علم الغيب ويتم التلاعب بها حسب الطلب وعند زيادة العرض.

لقد شكل ارتفاع أسعار صرف الدولار الذي وصل إلى أعلى مستوياته أمام الريال اليمني الشهر الماضي عبئاً كبيراً على كاهل المواطن بعد أن وصل سعر الدولار إلى أكثر من (230) ريالاً يمنياً.

الدولة من جهتها واجهت هذه الأزمة باتخاذ قرارات وصفها العديد من السياسيين والاقتصاديين بالكارثية كونها تأتي بأعباء جديدة لا يقوى على تحملها المواطن.

التلاعب بالقانون :  

أثار قرار الحكومة نهاية الشهر المنصرم رفع التعرفه الجمركية والضريبية على (71) سلعة شملت منتجات زراعية وغذائية ومواد استهلاكية ومواد بناء ووسائط نقل إضافة إلى إقرار زيادة تعرفه النقل والمواصلات بنسب تتراوح ما بين 5 - 15 % العديد من التساؤلات وعلامات الاستفهام للتلاعب بالقوانين من قبل الحكومة باتخاذ مثل هكذا قرار.

ووصف مراقبين اقتصاديين أن هذه الخطوة تمثل خطورة كبيرة وعبئاً جديداً يضاف إلى كاهل المواطن.

مضيفين إلى عدم وجود قانون دستوري ينص باتخاذ إجراءات رفع التعرفه الجمركية والضريبية على العديد من السلع كون هذه الزيادة تعتبر كبيرة ومؤثرة على الفرد بالنظر لمستوى الدخل الضعيف وكذا الأوضاع المعيشية الناتجة عن تطبيق الإصلاحات الاقتصادية وتحرير أسعار السلع والخدمات الأساسية التي شرعت فيها الحكومات السابقة.

وأرجعت الحكومة أسباب ارتفاع الأسعار إلى الحد من تدهور العملة الوطنية الريال أمام الدولار وتوفير مبلغ مليار و800 مليون دولار من النقد الأجنبي كانت تنفق على استيراد هذه السلع والمنتجات من الأسواق الخارجية.

وأرجع عبد الحافظ السمة أمين عام مجلس الوزراء اليمني فرض رسوم إضافية على (71 ) سلعة إلى أنها ضمن إجراءات حكومية عديدة للحيلولة دون ارتفاع سعر الدولار نتيجة استيراد هذه المواد والكماليات بالعملة الأجنبية في ظل إنتاجها محلياً في اليمن وبأسعار منخفضة.

وقال إن الحكومة قامت بدراسات عاجلة لأسباب ارتفاع سعر الدولار مقابل العملة الوطنية واتضح أن هناك عشوائية في عملية استيراد مواد ومنتجات غير وطنية من خارج اعتمادات البنوك وبمبلغ (مليار وثمانمائة مليون دولار) يتم ترحيلها لشراء تلك المواد فيما هي متواجدة بكثرة من خلال صناعات يمنية، مؤكداً أن تلك المواد المحددة من قبل مجلس الوزراء ب(71) سلعة أضرت بالمنتج الوطني وأدى استيرادها بالدولار إلى ارتفاع سعره مقابل الريال اليمني.

وأضاف ان اليمن كانت تقوم باستيراد بعض السلع مثل الزبيب من إيران مثلاً والثوم من الصين البطاط والزبادي والملح والاسمنت والبن والبصل والعنب وغيرها من دول إقليمية عديدة وبالعملة الصعبة الأمرالذي اضر بالمنتج الوطني الذي سعره أقل بالنسبة للمواطن مقابل أسعار تلك المواد المستورة واستنزاف العملة الأجنبية إلى خارج اليمن.

وقال إن القرار شمل كذلك منع دخول المنتوجات والمصنعات وأي سلعة من غير بلد المنشأ في ظل توجه بعض التجار لشراء سيارات ومواد كهربائية واليكترونيات مجهولة الهوية وكذلك الشركة المصنعة والعلامة التجارية مما يؤدي إلى عدم ضمان خدمات ما بعد البيع للمواطن جراء عدم وجود وكالات لإصلاح هذه السيارات والمواد وقطع غيار وبالتالي يقوم المواطن بالاستغناء عنها خلال فترة وجيزة ، حيث تم استيرادها بالدولار وبالتالي تنجم عنها أضرار تصيب الاقتصاد الوطني باختلالات في ميزان المدفوعات والميزان التجاري.

وأكد أمين عام مجلس الوزراء اليمني بأن ارتفاع الدولار وتهريبه لاستيراد مواد وسلع مجهولة لا تسمن ولا تغني من جوع يؤدي إلى أضرار كبيرة للاقتصاد وبالتالي فإن هذه الإجراءات تهدف إلى الحد من نزيف العملة خارج الاعتمادات المصرفية في البنوك.

واضاف أن الحكومة تهدف من وراء هذه الإجراءات العملية إيقاف ارتفاع الدولار مقابل العملة الوطنية ، مضيفاً أن الحكومة أقرت رفع سعر الفائدة على الريال اليمني إلى (17%) وهذا الإجراء سيمنح المواطن الأمان للاحتفاظ بودائعه لدى البنك المركزي اليمني وبالتالي تعود بالنفع الكبير على المواطن واستقرار سعر العملة اليمنية أمام الدولار.

البنك المركزي يضخ :

أمام كل هذه التطورات لم يكن أمام البنك المركزي سوى المشاركة في إضعاف حجم الريال اليمني أكثر مما هو عليه من الضعف والهوان أمام الدولار المهيمن وذلك من خلال كميات الضخ لملايين الدولارات من وقت لآخر بصورة عشوائية ودون قوانين تضبط هذه العملية التي تهدد اقتصاد البلد والتي كان آخرها ضخ أكثر من (160) مليون دولار لرفد السوق المحلي بالعملة الأجنبية.

ورغم كل هذا الضخ فقد عجزت الدولة عن إيقاف التدهور الكبير للريال اليمني أمام نظيرة العملاق الأميركي ، كما أن زيادة الضخ الأجنبي من أن يؤدي إلى اضمحلال احتياطي الدولة من النقد الأجنبي وهو ماسيخلق مشكلة كبيرة كون البنك لا يمتلك أدوات فاعلة للمحافظة على أسعار الصرف ،حيث السياسة النقدية للبنك أشبه ما تكون بالمسكنات والإجراءات الآنية ذات الأثر المحدود،خصوصا وأن الاحتياطي من النقد الأجنبي انخفض العام الماضي إلى أكثر من مليار دولار.

من جانبه اعتبر محافظ البنك المركزي اليمني أحمد عبد الرحمن السماوي، أن التطورات في سعر العملة المحلية أخيراً، «نتجت من شائعات وبلبلة حول الاقتصاد اليمني وقدرته على امتصاص التطورات المحلية».

وأوضح في حديث إلى «الحياة» أمس، أن عدداً من رجال الأعمال اشتروا العملة لتغطية مراكزهم والتزاماتهم الخارجية المستحقة مستقبلاً، ما أنتج ضغطاً في الطلب على العملة الأجنبية في السوق، واضطر البنك المركزي إلى التدخل وبيع مبلغ كبير من العملة خلال الشهر الماضي».

وسجل الريال اليمني تراجعاً في مقابل الدولار منذ بداية هذه السنة، من 206 ريالات للدولار إلى 212 ريالاً، وكان وصل إلى 218 ريالاً في بعض الأيام.

ولفت إلى أن البنك المركزي «اتخذ إجراءات، في ضوء هذه التطورات، تهدف إلى استقرار أسعار الصرف وزيادة الثقة في العملة الوطنية. كما ضخ في السوق مبلغاً كبيراً من الدولارات، ورفع سعر الفائدة التأشيرية على الريال كي يكون الادخار بالعملة المحلية أكثر فائدة وجذباً للمدخرين، مقارنة بالعائدات على المدخرات بالعملات الأجنبية».

وذكر أن سوق صرف العملات الأجنبية «استقرت نسبياً خلال السنوات الخمس الماضية، وكان متوسط التغير السنوي في تلك الفترة أقل من 2 في المائة». وأشار إلى أن سعر صرف اليورو أمام الريال اليمني «انخفض في يناير الماضي بنسبة 2 في المائة مقارنة بالشهر السابق».

ولفت إلى أن اليمن «يستورد كل احتياجاته من الخارج، لذا تزداد الحاجة إلى العملة الأجنبية باستمرار خصوصاً أن تصاريح الاستيراد لم تعد متوافرة، وتعتمد صادرات اليمن كلياً على النفط الذي يشكل 90 في المائة من الصادرات الإجمالية».

الاقتصاد والسياسة

الحكومية :

أعتبر الشيخ حميد الأحمر أن الاقتصاد هو المؤشر الحقيقي لنجاح أو فشل الحكومات وان ما يعانيه الاقتصاد اليمني من تدهور هو انعكاس للسياسات الحكومية المتعاقبة.

وأكد رئيس الهيئة العليا للجنة التشاور الوطني في الحلقة النقاشية التي عقدتها لجنة التشاور الوطني الشهر المنصرم تحت عنوان (الأزمة الاقتصادية - المظاهر والتداعيات) أن الاقتصاد اليمني يعاني من الكثير من الاختلالات الهيكلية الأمر الذي يتطلب جهد صادق وجاد من الدولة من خلال سن التشريعات المناسبة وتفعيل مبدأ الرقابة والمحاسبة وتهيئة مناخات مناسبة للاستثمار.

ودعا الأحمر القطاع الخاص إلى التعاون مع الدولة للارتقاء بمستوي الاقتصاد، وقال أن الهيئة العليا للتشاور الوطني تفتح باب التشاور حول وضع الاقتصاد أمام كل المعنيين والمهتمين للإدلاء برؤاهم ومقترحاتهم للخروج بحلول ومعالجات حقيقية لوضع الاقتصاد الراهن.

من جانبه أشار الدكتور عبد الوهاب محمود - عضو المجلس الأعلى لأحزاب اللقاء المشترك أمين عام حزب البعث العربي الاشتراكي إلى تراجع مستوي الدخل وارتفاع نسبة الفقر والبطالة الى مستويات قياسية.

مؤكداً عدم استفادة الحكومة من المنح الخارجية التي قدمت لليمن في مؤتمر المانحين.

وقال محمود أن نسبة استغلال الحكومة لمنح المانحين لم يتجاوز 1% وهو ما اعتبره أمر مخجل للغاية ولا يشجع الدول المانحة علي تمويل مزيد من المشاريع الاستثمارية ، محذراً من القادم الأسوأ الذي ينتظر الاقتصاد اليمني جراء الأزمة الاقتصادية العالمية.

وقال محمود أن اليمن ستتأثر بالأزمة العالمية رغم عدم ارتباط اقتصادها بأسواق المال العالمية نظرا لهشاشة اقتصادها إلا أن الأزمة العالمية ستطالها من خلال عدم قدرة الدول المانحة علي الوفاء بتعهداتها بشكل كامل، وهو ما سيؤثر سلبا علي حجم التمويل الأجنبي للمشاريع الذي كان متاحا ولم تستغله الحكومة خلال العامين الماضيين، الأمر الذي سؤدي إلى إضعاف الوضع المالي للموازنة العامة وتحقيق عجوزات كبيرة، ما قد يدفع الحكومة إلى ترشيد المرشد بعد أن اتخذت في السابق قرارها بتخفيض الموازنة العامة إلى النصف وهو القرار الذي وصفه محمود بالمشئوم.

من جانبه أكد الدكتور محمد علي جبران أن اليمن تعيش أزمة اقتصادية خطير للغاية لم تعيشها البلاد من قبل، وان جميع المؤشرات الاقتصادية والاستثمارية والتمويلية تؤكد علي خطورة الوضع الاقتصادي في اليمن، والذي قد يؤدي إلى الانهيار الكامل.

وكشف الدكتور جبران بالأرقام عن جملة من المخالفات والفضائح التي ترتكب بحق الاقتصاد من قبل الجهات المعنية والمسؤلين. ونفي صحة المؤشرات الاقتصادية الرسمية وقال أنها لا تمت للواقع بصلة وان ما هو حاصل أكثر بؤسا مما هو علي التقارير الرسمية للحكومة.

ووجه جبران انتقادات لاذعة للنظم المحاسبية في الدولة وقال أن هناك مفارقات وتجاوزات مخيفة في موازنات الدولة وداخل عدد من بنودها. ودعا إلى مزيد من الحوار للخروج من الأزمة الاقتصادية الحادة التي يعيشها اليمن.

الأكثر قراءة

المقالات

تحقيقات

dailog-img
كيف تحوّلت مؤسسات صنعاء إلى “فقَّاسة صراع” الأجنحة داخل جماعة الحوثي؟ (تحقيق حصري)

حوّل خلاف موالين لجناحين (متشددين) متعارضين داخل جماعة الحوثي المسلحة “جلسة مقيّل” خاصة- بالعاصمة اليمنية صنعاء خلال عيد الأضحى المبارك- إلى توتر كاد يوصل إلى “اقتتال” في “مجلس” مليء بالأسلحة والقنابل ا مشاهدة المزيد

حوارات

dailog-img
وزير الدفاع يتحدث عن الحرب العسكرية ضد ميليشيا الحوثي ويكشف سر سقوط جبهة نهم والجوف ومحاولة اغتياله في تعز ولقائه بطارق صالح وتخادم الحوثيين والقاعدة وداعش

كشف وزير الدفاع الفريق ركن محسن محمد الداعري، ملف سقوط جبهتي نهم والجوف، بقبضة ميليشيا الحوثي، للمرة الأولى منذ تعيينه في منصبه. وأشاد الداعري، في حوار مع صحيفة "عكاظ" بالدعم بالدور المحوري والرئيسي الذي لعبته السعودية مشاهدة المزيد